بواسطة رنيم غسان خلوف | أبريل 26, 2021 | News, Reports, غير مصنف
أن تتعلم الركض، التسلق، والسباق، كنوع من أنواع الرياضة هذا أمر طبيعي، وربما هواية تحب تنميتها، لكن في سوريا وفي دمشق بالتحديد يجب أن تستخدم هذه الأنواع من الرياضة للركوب في “السيرفيس، والباص الأخضر.”
فقط في بلاد الحرب تحني ظهرك وتدخل وسيلة النقل البيضاء، وعندما تريد أن تستدير لتجلس، تأتيك ضربة ركنية من اليمين أو اليسار من شريكٍ آخر في الوطن، ليخرجك مرة أخرى إلى الطريق وتعاود رحلة البحث عن مقعدٍ في سرفيس أبيض، لأن التكسي الصفراء رفاهية أول الشهر فقط لموظف أو طالب أراد أن يرفه نفسه بمبلغ من تعبه الشهري!
ربما إن سمع هذا الحديث مواطن أجنبي، يتخيل أنه مشهد من كوميديا سوداء فقط، لتشرح حقبة زمنية من تاريخ ما في البلاد، لكنها الحقيقة المُرة عن أزمات المواصلات وحلم مقعد السيرفيس الكريم حتى إن توفر البينزين.
بين سطور هذا التقرير، أقدم عرضاً عن أحلام شباب وشابات بمقعد سرفيس بكرامة، ومواقف مضحكة حصلت معهم بغية الركوب تحت سقف سرفيس أبيض!
حطَ الوقود الرحال!
لمدة خمسة عشر يوماً، شعرت رشا (الموظفة في شركة خاصة) أن دمشق فارغة وأنها مواطنة معززة مكرمة تحصل يومياً على مقعد سرفيس قرب النافذة، حيث تنبي أحلامها لمدة 10 دقائق حتى تصل لمنزلها في العشوائيات. لم تعش رشا هذه التجربة منذ أن وصلت دمشق، مع أزمة وقود أو بدون أزمة وقود، وتعقب أنها لا تتذكر متى آخر مرة، قبل هذه المرة ركبت فيها السيرفيس بكرامة، ولم تستند على حضن شاب أو فتاة.
في بلاد العالم تختلف أحلام الناس، فهناك من يحلم بسيارة خاصة موديل هذا العام، ومنهم من يحلم بكاميرا حديثة، وآخر بمنزل في منطقة فخمة، لكن كل هذه الأحلام عند غالبية الشباب والشابات السوريين/ات، تتلخص بمقعد في وسيلة نقلٍ عامة. بات الحلم بـ”المقعد الذهبي” أمنية للكثيرين بأن يجلسوا معززين مكرمين بـ100 ليرة سورية تقلهم بين أطراف العاصمة وتشكل جزءاً لا بأس به من دخلهم الشهري. منذ عشرات السنين تعاني دمشق تحديداً مقارنةً ببقية المحافظات السورية ازدحاماً شديداً في وسائط النقل العامة، تضاعفت هذه الأزمة منذ بداية الحرب إلى اليوم، حيث زداد عدد الوافدين من مناطق الصراع إلى العاصمة وضواحيها الآمنة.
هدأت شوارع دمشق قسراً خمسة عشر يوماً، وأعلنت الجهات المعنية تخفيض الدوام في المؤسسات الرسمية، والاستغناء ببعضها عن موظفي الريف، حتى حطت ناقلات النفط رحالها منتصف الأسبوع الماضي، لتعلن الجهات المعنية عودة المدارس والجامعات الحكومية والخاصة، بعد أن أغلقت هي الأخرى خلال عامٍ مرتين، أول مرة بسبب كورونا، والثانية بسبب أزمة الوقود في البلاد.
اليوم الأول!
أكثر من 100 مواطن ينتشرون عند ساحة الهدى في منطقة المزة غرب العاصمة، هي تركض باتجاه سرفيس رفض التوقف، وآخر يصيح بمواطن ينافسه على مقعد، ومن ينظر من بعيد يشعر أن مخرجاً تلفزيوناً يجب أن يصرخ (cut)، لإيقاف هذا الازدحام، إنه اليوم الأول للإعلان عن عودة الحياة إلى مجاريها بعد إيقاف دام خمسة عشر يوماً، ريثما حطت ناقلات النفط القادمة من دول الجوار رحالها في المتوسط. أجبر فجر (25 عاماً، طالب الطب)، أن يركب التكسي ليلحق محاضراته، وبلغت تكلفة 5 دقائق من الركوب في التكسي 3000 آلاف ليرة سورية. وفي التاكسي دار بين فجر وشوفير التكسي حديث يُشابه معضلة من أتى أولاً البيضة أم الدجاجة في وضع لا يتوقف فيه اللوم بين الزبون وسائق التكسي؛ ففجر يعاني من كونه طالباً ومصروفه الشخصي من أهله، بينما يعاني شوفير التكسي من كونه معيلاً لأسرته.
عاد الازدحام إلى شوارع دمشق مجدداً، لكن هذه المرة مع وقود لوسائط النقل وصعوبة رغم ذلك في الحصول على مقعد في المدينة التي حضنت غالبية الوافدين من المحافظات السورية نتيجة فترات الصراع وممن اتخذوا من دمشق مكاناً دائماً للإقامة ما أدى لمضاعفة مشكلات النقل في العاصمة.
مغامرات بالسيرفيس!
قبل أعوام كانت إيلا أحمد 30( عاماً)، تخجل من أن تركب في المقعد بجانب سائق “السيرفيس”، وتنتظر أخاها أو ابن عمها كي تتجرأ على فعل ذلك لأن المجتمع لم يكن يحبذ هكذا تصرف على حد تعبيرها، لكن في زمن صعوبة الركوب حتى في وسائط النقل العامة اليوم، بات كل شيء مباحاً للحصول على مقعد أو على سقف “سيرفيس ينقلها إلى بيتها”. تتحدث إيلا عن موقف حصل معها: “ركضتُ لأجلس بجانب سائق السرفيس كما كل يوم، ودون أن أنتبه جلست بحضن شاب حتى وصلت منتصف الطريق لتدرك ذلك نتيجة تعبها”.
تتعدد المواقف التي حصلت مع السيدات السوريات في أزمات الوقود المتكررة وأثناء فترات الازدحام الشديد في أوقات الذروة في العاصمة. فمثلاً حصلت ميريام 27( عاماً) منذ أسبوع على مكان في “السرفيس”، حيث جلست على رجليْ فتاة أخرى، ليأتي القدر ويفاجئ الركاب بحادث بسيط جداً أجبر السائق الضغط على ” الفرام”، لتجد نفسها بحضنٍ عجوز سبعيني. بينما تشير سوسن 40( عاماً) أنها تجلس بأي طريقة لتحصل على مقعد في سيرفيس يقلها إلى “قطنا” في ريف العاصمة البعيد، وكذلك الناس الآخرين، وحصل معها أن رجلاً من عمرها تقريباً، استأذن الجلوس على طرف ساقيها، لتكتشف أنه زميلها في مكان العمل، قبلت بكل صدرٍ رحب، وتتابع في وسائط النقل العامة “كلنا أهلية بمحلية”. بينما لم تكترث رهف (22عاماً) لتنورتها القصيرة وجلست على المقعد الجانبي مع 4 أشخاص ليسند الشاب يده على أرجلها، ويعتذر لها “عفوا أختي!” الحياة في مجتمع “السرافيس” ووسائط النقل الجماعية العامة مليئة بالمغامرات والقصص التي ربما يؤلف أحد عنها يوماً قصة تشبه ألف لية ولية.
ضحايا الوقود!
بعد انتظار دام أكثر من ساعة قرب شارع العابد وسط دمشق، وهو الطريق اليومي للصحفية الثلاثينية خلود التي يئست من الفوز بمقعد في سرفيس في اليوم الأول من عودة العمل الطبيعي لوسائط النقل العامة بدأت توقف “تكاسي الأجرة” التي طلبت أقل واحدةٍ منها بأجرة “3500 ليرة سورية” وأكثر واحدة بأجرة “5000 ليرة سورية” لمسافة لا تتجاوز السبع دقائق في السيارة!
حوار ولوم بين سائق التكسي “العشريني” والصحفية يشبه الحوار الذي دار بين فجر طالب الجامعة وسائق التكسي الآخر، ربما الحديث بات “كليشية” جاهزة بين السوريين في وضع بات الجميع فيه ضحايا للوقود مثلما هم ضحايا للحرب الطويلة. وأشار السائق أنه خرج مسافة 25 كم إلى منطقة الصبورة، حتى استطاع الحصول على لتر بينزين حر بمبلغ “50 ألف ليرة سورية”، وعن صعوبة حاله شرح السائق: “كيف أستطيع العيش إن أخذت ثمن هذه التوصيلة كما كنت أخذ يوم الأحد ليلاً 1500 ليرة سورية!”
وفي المقلب الآخر علا صوت رجل سبعيني في أحد وسائط النقل العامة خط “مزة جبل كراجات”، وذلك بعد أن صاح السائق: “200 ليرة ولي مو عاجبوا ينزل”! كلمة هادئة سقطت من فم الرجل السبعيني: “آخ يابلد”!
وهنا لا بد من الإشارة أن الجهات المعنية وعدت بزيادة كميات الوقود المخصصة للتكاسي العامة بحيث، ستصبح 40 ليتراً من البينزين كل 4 أيام، بدلاً من 20 ليتراً.
مشروع رفاهية!
ماذا تفعل الـ”100 ليرة سورية حالياً؟ وماذا تشكل من دخل الناس؟ ولماذا استنكر الرجل السبعيني؟”، أسئلة دارت بين من يقلهم “السيرفيس”، ليجيب الرجل: “لاتفعل شيئاً له، لكنها جزء من معاشي التقاعدي الذي يبلغ 45000 ليرة سورية!”
الرجل الذي جادل على 100 ليرة سورية، لايمكن له الركوب بتكسي من أواخر عام 2020 حتى هذا اليوم. تدرجت أسعار أجور تكاسي الأجرة ومع كل فقدان للوقود يزيد السعر بشكل عشوائي. وبشكل متوسط يقف سائق تكسي الأجرة على مدى يومين عند محطة الوقود لتعبئة 20 لتراً كل أربعة أيام حسب القرار الأخير لمحافظة دمشق، وهي لاتكفي سوى نصف يوم، والباقي يحصل عليه حراً بـ50 ألف ليرة سورية للـ20 لتر!
لا تصعد ولادة 32( عاماً) والتي تعمل في ورديتين صباحاً ومساءً، في تكسي منذ بداية العام وحدوث أزمة للوقود، وتقول متهكمة: “كنت رفه حالي أول الشهر أعمل شعري عند الحلاق وأركب تكسي، بس خلصت الحكاية!”
سؤال مشروع!
يتساءل السوريون اليوم، متى ستحدث أزمة الوقود التالية؟ أم أن الأزمة الراهنة هي الأخيرة في البلاد؟
متى سيحصل كل مواطن على مقعد كريم؟ دون أن يجلس على جنب السيرفيس؟
كلها أسئلة مشروعة لا إجابات عليها، سوى برسم أقدار هذه البلاد المتعبة!
بواسطة Ibrahim Hamidi | أبريل 24, 2021 | Culture, News, Reports, غير مصنف
أحد ممثلي «معارضة الداخل» محمود مرعي تقدم إلى جانب 12 شخصاً آخرين أحدهم الرئيس بشار الأسد، بطلب الترشح إلى انتخابات الرئاسة السورية، ليكون العدد غير مسبوق منذ أول اقتراع قبل حوالي تسعة عقود.
وينتهي الترشح في 28 الشهر الجاري، على أن تجرى الانتخابات في 26 الشهر المقبل، بموجب دستور العام 2012، الذي ينص على وجوب أن يحصل المرشح على 35 صوتا من أعضاء مجلس الشعب ذي الـ250 مقعداً. وفي انتخاباته العام الماضي، حصلت «الجبهة الوطنية التقدمية» التي تضم تحالف أحزاب مرخصة بقيادة «البعث» على 183 مقعداً (بينهم 166 بعثياً)، ما يعني أن قرار الترشح الرئاسي بأيدي الحزب الحاكم وائتلاف الأحزاب المرخصة. وأعلنت دول غربية بينها أميركا أن الانتخابات «لن تكون حرة ونزيهة وذات مصداقية.
وحسب قرار مجلس الأمن 2254، تتطلب الانتخابات ذات المصداقية في سوريا إشراف الأمم المتحدة وبيئة آمنة تضمن حماية جميع السوريين، بمن في ذلك اللاجئون والنازحون داخلياً، لممارسة حقهم في التصويت». ولن يكون معظم اللاجئين في الخارج (عدا في لبنان)، قادرين على المشاركة بسبب وجود شرط «الخروج الشرعي» من البلاد لتملك الحق بالتصويت، كما أن معظم الدول الغربية أغلقت البعثات الدبلوماسية السورية. في المقابل، اعتبرت روسيا وإيران هذه الانتخابات «استحقاقا دستورياً»، حيث يتوقع أن يفوز الرئيس بشار الأسد بها بولاية رابعة مدتها سبع سنوات.
لكن كيف وصل رؤساء سوريا للحكم؟
تحمل الانتخابات المقبلة الرقم 18 منذ عام 1932 التي جرت تحت الانتداب الفرنسي الذي تسلم البلاد في 1920. تنافس ستة مرشحين، ما كان يمثل أكبر عدد من المتنافسين في انتخابات رئاسية في تاريخ البلاد قبل ارتفاع العدد في الانتخابات الحالية إلى 13 مرشحاً.
قبل تسعة عقود، كان اثنان من المتنافسين حاكمين سابقين للبلاد، هما حقي العظم رئيس «دولة دمشق» ورئيس الدولة السابق صبحي بركات، واثنان أحدهما رئيس الوزراء الحالي والسابق وقتذاك، تاج الدين الحسني ورضا الركابي. أما المرشحان المتبقيان فأصبحا في وقت لاحق أول وثاني رئيس لسوريا: محمد علي العابد وهاشم الأتاسي. الأول، كان سفير السلطنة العثمانية في واشنطن ووزير المال في «الاتحاد السوري الفيدرالي» والثاني، ممثل «الكتلة الوطنية».
في 1936، ترشح الأتاسي وفاز بالتزكية لغياب المنافسين، فيما عين قائد «قوات فرنسا الحرة» شارل ديغول تاج الدين الأتاسي في 1941. وأصبح أحد أركان «الكتلة الوطنية» شكري القوتلي رئيساً بعد فوزه دون منافس في 1943 و1947. وفي 1949، قام حسني الزعيم بأول انقلاب في تاريخ سوريا وأجرى استفتاء ليكون الأول في عهد البلاد. هنا اللافت، أن ممثل «حزب الله» السوري بشير كمال، الذي نشط في حلب بشكل سلمي تحت تأثير أفكار غاندي، رشح نفسه، لكنه «نصح بالانسحاب من السباق» وسرت إشاعة منظمة بأنه «مجنون».
بعد فترة وجيزة، قام سامي الحناوي بانقلاب ضد حسني الزعيم وأصبح رئيسا لأركان الجيش، وطلب من «القائد التاريخي» هاشم الأتاسي «الإشراف على انتخابات مؤتمر تأسيسي». أصبح رئيسا للحكومة وبعد المؤتمر التأسيسي، انتخب الأتاسي رئيساً. وعندما نفذ أديب الشيشكلي انقلابه عين فورا، وزير الدفاع فوزي السلو في الرئاسة. وفي 1953، جرت في «برلمان مصغر» انتخابات الشيشكلي.
بعد خروج الشيشكلي «كي لا تراق دماء» في 1954، عاد هاشم الأتاسي لإكمال ولايته. بعد سنة، جرت أشهر انتخابات في التاريخ المعاصر لسوريا، إذ ترشح خالد العظم، وهو «رئيس دولة» سابق في 1941 خلال الحرب العالمية الثانية ورئيس حكومة في 1948، ضد شكري القوتلي الذي فاز بالقصر.
تخلى القوتلي عن الرئاسة للرئيس المصري جمال عبد الناصر الذي فاز باستفتاء بعد الوحدة السورية – المصرية في 1958. وفي «عهد الانفصال»، فاز ناظم القدسي ضد سعيد الغزي في تصويت تحت قبة البرلمان في 1961 خلفاً لعبد الناصر.
وبعد تسلم حزب «البعث» الحكم في 1963، عين مجلس قيادة الثورة الضابط لؤي الأتاسي رئيس «مجلس قيادة الثورة». وبعد «حركة» يوليو (تموز) أصبح أمين الحافظ «رئيس مجلس الرئاسة» إلى حين قيام صلاح جديد بـ«حركة» فبراير (شباط) في 1966، وتسلم نور الدين الأتاسي منصب «رئيس الدولة». بعد قيام وزير الدفاع حافظ الأسد بـ«الحركة التصحيحية» في 16 نوفمبر (تشرين الثاني) 1970، عين أحمد الخطيب «رئيس دولة» إلى مارس (آذار) 1971، حيث أصبح رئيسا للبرلمان، وفاز الأسد بالرئاسة عبر استفتاء، الأمر الذي تكرر إلى حين رحيله في 2000. وإثر تعديل الدستور، فاز بشار الأسد بالرئاسة في استفتاء. وفي 2012، تمت صياغة دستور جديد بالتحول من «الاستفتاء» إلى «الانتخابات».
وفي 2014، ترشح الأسد واثنان آخران، هما وزير التنمية الإدارية في حسان النوري والنائب ماهر الحجار.
وما هو مصير الرؤساء السابقين ومرشحي الرئاسة؟
في 1936 أجبر محمد علي العابد على الاستقالة كما هو الحال مع هاشم الأتاسي في 1939. الأول توفي في منفاه في مدينة نيس الفرنسية في 1939، وتوفي الثاني لكبر سنه في حمص في 1960.
وكان تاج الدين الحسني الذي عينه الفرنسيون في 1941، الرئيس الوحيد الذي يموت في «فراش القصر» في 17 يناير (كانون الثاني) 1943. وأخرج شكري القوتلي من القصر بانقلاب عسكري في مارس (آذار) 1949 قاده حسني الزعيم الذي خرج أيضاً بانقلاب آخر في أغسطس (آب) قاده سامي الحناوي.
الزعيم قتل بـ176 رصاصة في جسده في انقلاب الحناوي الذي سجن ثم قتله حرشو البرازي في بيروت في 1950. كان أديب الشيشكلي نفذ في ديسمبر (كانون الأول) 1949، انقلابه ووضع الحناوي بالسجن لمدة قبل أن يطلقه تلبية لضغوطات وطلبات. أما الشيشكلي الذي ترك البلاد بعد الحكم، فاغتيل في البرازيل في 1964 بسبب «ممارساته ضد الدروز» جنوب سوريا.
غادر هاشم الأتاسي مقعد الرئاسة في نوفمبر (تشرين الثاني) 1951، بعدما تسلمه مؤقتا في ديسمبر (كانون الأول) 1949. أمام فوزي السلو، فإنه غادر «طوعا» لصالح أديب الشيشكلي في 1953.
في سبتمبر (ايلول) 1955، جرت مراسم التسليم والتسلم الشهيرة بين هاشم الأتاسي وشكري القوتلي، ليكون «الانتقال السلس» الوحيد في تاريخ البلاد، حيث عاد القوتلي واستقال لصالح جمال عبد الناصر في 1958، على عكس لؤي الأتاسي «الذي نصحه العسكر بالاستقالة» بعد أحداث يوليو (تموز) 1963، ثم توفي في حمص في 2003.
أما القوتلي، فإنه توفي في منفاه في بيروت بجلطة في «نكسة» يونيو (حزيران) 1967. أمين الحافظ، الذي «خلعه» صلاح جديد في 1966، سجن. غادر إلى المنفى ثم عاد وتوفي في حلب في 2009.
نور الدين الأتاسي وضع مع صلاح جديد في السجن من الأسد لدى تسلمه الحكم في 1970. توفي الثاني في المعتقل، فيما توفي الأول بمجرد خروجه منه. أما أحمد الخطيب «رئيس الدولة» في أول سنة من حكم الأسد، فأصبح رئيسا للبرلمان لسنة ثم تنحى من العمل السياسي، كما هو الحال مع مرشحي العام 2014، الذي صار أحدهما وزير تنمية، ثم «اعتزل السياسة».
بواسطة طارق انطون | أبريل 15, 2021 | Cost of War, Reports, غير مصنف
لم تعد أحلامنا التخرج من الجامعة والحصول على فرصة عمل لإكمال الطريق في هذه الحياة الموحشة، بل نبحث عن وسيلة نقل لنصل إلى البيت أو الجامعة، هذه كلمات رامي ابن التاسعة عشر عاماً عندما سألناه عن أحلامه بعد عشر سنوات من الحرب في سوريا.
يشير رامي إلى أنه يخرج من منزله قبل ساعتين من أي موعد: “حتى إذا ما لقيت سرفيس ما في حل إلا كمل مشي”. وتشهد مناطق الحكومة السورية وخاصة دمشق نقصاً في المحروقات، ما أثر على وسائل النقل وقلص عددها بشكل كبير جداً، لتعيش العاصمة السورية حالة من الشلل.
حلم ركوب سرفيس سوري
قبل أيام تمكنت من ركوب سرفيس بعد انتظار دام أكثر من ساعة، حيث كان عدد الراكبين قليلاً، قبل أن تتهافت الناس على الركوب في الموقف التالي، وعندما تنظر إلى وجه من يفوز بمقعد بعد معركة من التدافع ترى فرحة وكأنه كسب جائزة يانصيب، أو تذكرة سفر إلى جزر المالديف، حيث يمكنك النظر إلى الوجوه لتكتشف كمية الارتياح وكأنها تقول “حلم وتحقق”.
يصعد الركاب ويقول السائق: “الأجرة 400 ليرة ويلي مو عاجبو ينزل”، صمت يملأ السرفيس ويدفع الجميع المبلغ على الرغم من أن الأجرة هي 75 ليرة سورية. تقول راكبة بجواري: “الكل بدو يستغلك من الصغير للكبير.. المواطن حصالة دهب.. نتفوا ريشنا على الآخر.. صار حلم تركب سرفيس”.
وعندما يصل السرفيس إلى الموقف الأخير ستجد في استقبالك حشداً جماهيرياً لن يسمح لك حتى النزول إلا بعد معاناة كبيرة، والتي قد تفقد خلالها أحد أغراضك الشخصية، فالجميع يريد الفوز بمقعد في السرفيس.
وفي حال لم تتمكن من كسب مقعد في السرفيس، سيكون خيارك الثاني سيارات الأجرة الأغلى سعراً، حيث يأخذ السائق أجرة كما يشاء والتي تصل إلى ضعفين أو ثلاثة عن الأيام السابقة دون حسيب أو رقيب.
ومع قلة وسائل النقل العامة لجأ السوريون إلى سيارات الأجرة مرغمين، والتي تعتمد على تجميع الركاب ونقلهم إلى منطقتهم مقابل مبلغ يرتفع بشكل يومي، أما الراكب فبات الحلقة الأضعف فهو لا يريد سوى الوصول إلى منزله بعد يومٍ من “الشنشطة والتعتير”.
حلول منتهية الصلاحية
ذكرت مصادر من محافظة دمشق أنها تقوم بتسيير العديد من باصات النقل الداخلي ليل -نهار بشكل يومي ، وقال مدير عام الشركة العامة للنقل الداخلي بدمشق وريفها سامر حداد لوسائل إعلام محلية: “أدت مشكلة المحروقات لخروج منظومة السرافيس بشكل شبه دائم، وبدأت تعود تدريجياً، والنقص الحاصل قمنا بتغطيته بباصات النقل الداخلي بنسبة وصلت ما بين 95٪ و96٪”.
وخلال جولة قصيرة في شوارع العاصمة لن تجد على جوانبها إلا أناساً ينتظرون وسيلة نقلٍ، ويركضون كأنهم في سباق ماراتون عندما يظهر سرفيس وسط استقبال يشبه استقبال الفاتحين.
يقول سامر في منطقة البرامكة بدمشق: “صار عمري خمسين سنة ما ضل عندي لا حلم ولاشي.. بدي أوصل على بيتي بعد الشغل وساعة كهربا زيادة وأمن شوية أكل لعيلتي”.
وبالنسبة للحلول الحكومية وتسيير الباصات تشير رؤى (موظفة في شركة خاصة) إلى عدم فائدتها كون عددها قليلاً وتضيف: “إذا في 100 ألف شخص والمحافظة عم تبعت 10 باصات شو الفائدة!.. الزحمة والقتال والتدافع مستمر حتى نركب”.
هذا الوضع دفع الحكومة السورية لتخفيض عدد العاملين في الوزرات والمؤسسات الرسمية، كما تقرر إيقاف الدوام في الجامعات بحدود الأسبوعين بالإضافة إلى بعض الصفوف في المدراس.
انتهت الأحلام
لم يعد هناك أحلام وطموحات في هذا البلد، لا مجال للتفكير سوى بالمواصلات والكهرباء ولقمة العيش، هذا ما يتحدث عنه سمير (25 عاماً)، ويضيف “تخرجت من كلية العلوم ودورت على شغل وما لقيت إلا مطعم فلافل أشتغل فيه ب80 ألف ما بتكفي مواصلات”.
أما رويدة (طالبة جامعية) تذكر أنها من ستة أشهر تركت كلية السياحة واتجهت للعمل في مشغل خياطة حتى تساعد أهلها في المصروف، وتقول: “تخليت عن حلمي بالتخرج والسفر خارج سوريا، لأن المصاريف أصبحت كبيرة على أهلي”، وتذكر أنها تضطر كل يوم للوقوف على دور الخبز كون والديها كباراً بالسن، ثم تذهب إلى العمل مشياً لعدم توفر المواصلات.
في محال بيع المواد الغذائية ستجد أحلاماً صغيرة كبرت ولم يعد الأطفال قادرين على اللحاق بها، يدخل طفل صغير وبيده 200 ليرة يأخذ قطعة حلوى صغيرة يخبره البائع بأنها أصبحت بـ 500 لترتسم على وجهه معالم الحزن والاستغراب، ويبحث عن شيء آخر بالمبلغ الذي يحمله دون أن يجد ليخرج من المحل على الفور.
ولا يمر يوم دون أن تشهد الأسواق السورية ارتفاعاً في أسعارها بالتزامن مع صعود سعر صرف الدولار، وعندما ينخفض تبقى الأسعار كما هي دون أي تراجع وسط غياب أي رقابة حكومية.
أحلام سورية خالصة
عندما تسأل الشعوب عن أحلامها لابد أن تكون الأجوبة تتعلق بالسفر والسياحة أو شراء سيارة أو منزل أو الزواج في الأحوال الطبيعية وغير ذلك من أحلام الإنسان، لكن في سوريا هذه الأحلام تبخرت واختفت من القاموس السوري منذ سنوات.
يقول جاد: “عمري 30 سنة ما بملك أي شي، لا بدي زواج ولا سفر، بدي حس بالاستقرار والأمان، كل يوم بالبلد عذاب، راكضين ورا الكهربا والخبز والمواصلات.. الناس وصلت على القمر ونحن خارج التغطية”.
أما أحمد (26 عاماً) فيتحدث عن أحلامه عندما كان صغيراً وكيف اختلفت بالكامل: “كان الأستاذ بالمدرسة يسأل الطلاب عن أحلامهم، وكنت جاوب بأني أحب أن أصبح مهندساً”، ويضيف: “لقد تخرجت من الجامعة ولم يتمكن أهلي من مساعدتي بسبب ظروف البلاد، وحالياً أعمل في سوق الهال وأنهي عملي مساء، على أمل أن أعود إلى بيتي وأجد وسيلة نقل بشكل سريع وكهرباء في المنزل لأتمكن من الاستحمام”، ويؤكد أحمد أن هذه أقصى طموحاته حالياً.
يبدو أن الأحلام الاعتيادية الخاصة بالحياة والتي يحلم بها أي شخص بالعالم، قد تلاشت وتبخرت في سوريا لتحل مكانها أحلام حياتية تتعلق بالأكل والمواصلات والكهرباء والتي تطغى على أي شيء عندما تظهر، وكما يقول جرير:”نظرت الى الحياة فلم أجدها سوى حلم يمر ولا يعود”.
Picture Source: Ali A Suliman*
بواسطة Mohammad Wawi | أبريل 7, 2021 | Roundtables, غير مصنف
* تُنشر هذه المادة ضمن ملف صالون سوريا “المعاناة اليومية في سوريا“
انشغل العالم لعدة أيام بتعطل حركة الملاحة الدولية في قناة السويس نتيجة جنوح سفينة الحاويات العملاقة “إيفر جيفن”، ورغم تمكن إدارة القناة من تحرير السفينة أخيراً، إلا أن سورية كانت تئن تحت وقع أزمة صامتة بتأثير ما يحصل في مصر.
منذ أكثر من أسبوع تعاني البلاد واحدة من أسوأ أزمات النقل بين المحافظات نتيجة شح شديد في المشتقات النفطية وخاصة مادتي المازوت والبنزين، حيث تقطعت السبل بآلاف المسافرين يومياً مع ارتفاع كبير في أجور النقل سواء باستخدام التكاسي في المحافظة نفسها أو بالسيارات الخاصة المخصصة لنقل المسافرين بين المحافظات، ويتزامن ذلك مع بلوغ موجة انتشار فايروس كورونا ذروتها وإشغال مشافي العاصمة بشكل كلي تقريباً، بحسب وزارة الصحة.
بانتظار ناقلات النفط
قال رئيس مجلس الوزراء حسين عرنوس مؤخراً “كان من المتوقع أن تصل 4 ناقلات نفط في 25 الشهر الفائت لكن بسبب جنوح السفينة في قناة السويس تأخر وصول هذه الناقلات، ومن المتوقع أن نصل إلى انفراج خلال الأسبوع القادم. وبين عرنوس أن تكلفة ليتر البنزين على الحكومة 2100 ل.س و”نقوم ببيعه للمواطن بـ 750 ل.س” على حد تعبيره.
ومع شبه توقف لحركة البولمانات المخصصة لنقل الركاب، لجأ بعض المسافرين إلى استخدام سيارات خاصة وتختلف من محافظة إلى أخرى أجرة النقل فيها عن كل فرد، إذ تتراوح بين دمشق وحلب، على سبيل المثال، ما بين 30 و40 ألف ل.س.
ويشتكي أحد السائقين من صعوبة تأمين البنزين مع تخفيض المخصصات واضطراره للانتظار في طوابير مكتظة لساعات طويلة أمام عدد محدد من محطات التزود بالوقود. وذكر عامر (سائق سيارة خاصة) ، طالباً عدم ذكر اسمه الحقيقي، بأنه اعتاد على تعبئة البنزين المهرّب والذي يباع على الطرقات الدولية خاصة بين حمص وطرطوس، لكن سعر الليتر الواحد، قفز فجأة منذ أيام إلى أكثر من 2200 ل.س بالتزامن مع تعطل حركة قناة السويس.
وأعلنت “الشركة الأهلية للنقل” في إفصاح طارئ نشره موقع “سوق دمشق للأوراق المالية” أنها أوقفت نشاطها في نقل الركاب بين المحافظات بنسبة 95%، اعتباراً من 3 نيسان لحين استلام مخصصات مادة المازوت اللازمة للتشغيل، وحذّرت أن هذا الإجراء سيوقف الدخل الأساسي للشركة، الأمر الذي يترتب عليه خسائر مادية كبيرة، نتيجة عدم قدرتها على تغطية النفقات اليومية الثابتة والمقدرة بمبلغ 3 ملايين ل.س يومياً.
تخفيض مخصصات السيارات من المحروقات
أما في العاصمة في دمشق، فتعاني مواقف النقل العامة من ازدحام شديد لتوقف أغلب الميكروباصات ووسائل النقل العامة التي تعمل على خطوط دمشق وريف دمشق لتبقى التكاسي ووسائل شخصية أخرى الحل الوحيد المتبقي أمام الناس، يقول عمر “إن أجور التاكسي من البرامكة من قلب العاصمة إلى منطقة جديدة عرطوز بريف دمشق تضاعفت خلال أيام قليلة من 5 آلاف حتى 8 آلاف ليرة”. يضيف عمر “ليس بمقدور الكثير دفع هذا المبلغ، لذلك نعمد إلى استئجار تاكسي تتسع لأربعة ركاب مقابل 2000 إلى 2500 ل.س عن كل فرد”.
وكانت نشرت “وزارة النفط والثروة المعدنية” بياناً في 27 آذار الماضي، ألمحت فيه إلى أن تعطل حركة الملاحة في قناة السويس بسبب جنوح سفينة حاويات عملاقة وسدها للممر المائي الأهم في العالم، انعكس على توريدات النفط الى سورية وتأخر وصول ناقلة كانت تحمل نفط ومشتقات نفطية للبلد”.
وذكرت الوزارة في بيانها “ضماناً لاستمرار تأمين الخدمات الأساسية للسوريين من (أفران ومشافي ومحطات مياه ومراكز اتصالات ومؤسسات حيوية أخرى) فإن وزارة النفط تقوم حالياً بترشيد توزيع الكميات المتوفرة من المشتقات النفطية (مازوت – بنزين) بما يضمن توفرها حيوياً لأطول زمن ممكن”.
وأعلنت “محافظة دمشق” في 29 آذار/مارس الماضي خفض كميات البنزين للسيارات بنسبة 50% لتصبح 20 ليتراً كل 7 أيام. وأوضحت “محافظة دمشق” أن لجنة المحروقات فيها قررت خفض كميات تعبئة مادة البنزين للسيارات السياحية الخاصة والعامة (سيارات الأجرة) “نظراً لانخفاض عدد طلبات المحروقات الواردة إلى المحافظة”. وأصبحت الحصص المسموح للسيارات الخاصة تعبئتها هي 20 ليتراً كل 7 أيام بعد أن كانت 40 ليتراً، بينما يسمح للسيارات العامة بالتعبئة كل 4 أيام. ونقل المكتب الإعلامي للمحافظة عن نائب رئيس المكتب التنفيذي فيها أحمد نابلسي أنه سيتم إيقاف تزويد “الميكروباصات” (السرافيس) بكميات المازوت المخصصة لها كل يوم جمعة حتى إشعار آخر، والاكتفاء بعمل باصات الشركة العامة للنقل الداخلي وشركات النقل الداخلي الخاصة.
وأصدر رئيس مجلس الوزراء حسين عرنوس بداية نيسان (أبريل) الحالي بلاغاً يقضي بتخفيض مخصصات السيارات الحكومية من مادة البنزين لشهر نيسان الحالي بالنسبة للمجموعة الأولى الواردة في القرار رقم 16م. وتاريخ 7-3-2013 م بمقدار 100 ليتر للسيارة الأولى و25 ليتراً للسيارة الثانية و15 ليتراً للسيارة الثالثة حسب الحال. وبحسب البلاغ المنشور على صفحة رئاسة مجلس الوزراء على فيسبوك، تخفض مخصصات شهر نيسان الحالي من مادة البنزين بالنسبة لباقي السيارات الحكومية العاملة على البنزين بمقدار 15 ليتراً. وطبقاً للبلاغ فإن هذا التخفيض “يأتي في إطار استجابة الحكومة للظروف التي يشهدها سوق المشتقات النفطية بسبب الحصار والعقوبات الاقتصادية الجائرة المفروضة على البلد وبسبب الظروف الفنية والتقنية الطارئة التي أخرت وصول توريدات النفط والمشتقات النفطية ولاحقاً للتخفيضات المسبقة على مخصصات الآليات الحكومية من المشتقات النفطية”.
تعبئة البنزين عبر رسائل نصية فقط
وأعلنت “وزارة النفط والثروة المعدنية” في 5 نيسان عن بدء تطبيق الآلية الجديدة لتوزيع مادة البنزين وفق نظام الرسائل النصية القصيرة اعتباراً من يوم الثلاثاء الموافق ٦ نيسان ٢٠٢١، تعتمد الآلية الجديدة على إرسال رسالة نصية قصيرة تتضمن تفاصيل المحطة التي يتوجب التوجه إليها مع مدة صلاحية الرسالة.
إيقاف مؤقت للدوام في المؤسسات التعليمية والحكومية
وقرر “مجلس الوزراء” في4 نيسان توقيف العمل أو تخفيض نسبة العاملين في الوزارات والجهات العامة التي لا يؤثر إيقاف العمل فيها على النشاط الاقتصادي والإنتاجي بشكل مؤقت حتى تاريخ 15 نيسان 2021 وفق أسس محددة.
وأعلنت “وزارة التربية” في 3 نيسان الحالي إنهاء دوام مرحلة رياض الأطفال وصفوف مرحلة التعليم الأساسي من الصف الأول حتى الرابع الأساسي بدءاً من يوم الإثنين، مع اعتماد نتائج الفصل الدراسي الأول مع أعمال الفصل الدراسي الثاني (مذاكرات + الشفهي) معياراً للنجاح أو الرسوب. كما أعلنت تعليق دوام صفوف مرحلة التعليم الأساسي من الصف الخامس حتى الثامن الأساسي على أن تجرى امتحاناتهم خلال الفترة من 25 حتى 29 نيسان /إبريل 2021.
وفيما بخص الصفوف الأخرى قررت الوزارة استمرار دوام طلاب الصف التاسع الأساسي والمرحلة الثانوية بصفوفها كاملة في جميع فروعها وفق الخطة الدراسية على أن تجرى الامتحانات الانتقالية لصفي الأول والثاني الثانوي بمختلف الفروع خلال الفترة من 25 حتى 29 نيسان 2021م.
وعلقت “وزارة التعليم العالي” الدوام في الجامعات لأسبوعين بدءاً من يوم الاثنين، 5 نيسان ولغاية السبت 17 من الشهر ذاته. وأوضحت الوزارة أن القرار يشمل جميع الجامعات، حكومية وخاصة، إضافة إلى المعاهد.
كما علقت “وزارة التربية” دوام المعاهد التابعة لها (الصناعية والتجارية والاقتصاد المنزلي وتقنيات الحاسوب والرياضة والتربية الفنية والموسيقية) لمدة أسبوعين اعتباراً من يوم الاثنين 5 نيسان م ولغاية يوم السبت 17 نيسان عملاً بتعليمات وزارة التعليم العالي والبحث العلمي. بحسب مما نشرته الصفحة الرسمية لوزارة التربية على فيسبوك.
وأثّرت أزمة النقل على القطاع التعليمي، إذ كشف مدير التربية في اللاذقية عمران أبو خليل لتلفزيون الخبر المحلي في 29 آذار الماضي عن “إعفاء مدير مدرسة في البسيط لإيقافه الدوام الرسمي إثر عدم وصول المدرسين بسبب أزمة المواصلات “. وكان مدير مدرسة الدفلة التابعة لمنطقة البسيط في ريف اللاذقية أمر بعودة الطلاب من المدرسة بسبب أزمة المواصلات وصعوبة وصول المعلمين إلى مدرستهم. ورجحت مصادر إعلامية لـ”صالون سورية” أن صدور القرارات الحكومية الأخيرة مرتبط بشكل أكبر بواحدة من أسوأ أزمة نقل تمر بها البلاد وليس بسبب تفشي فايروس كورونا.
وتحدث مدير المشافي في “وزارة الصحة” أحمد ضميرية مؤخراً عن نقل عدد من الحالات المصابة بالفيروس وبحاجة إلى عناية مشددة من دمشق إلى حمص الشهر الماضي “بسبب إشغال أسرة العناية المشددة الخاصة بمرضى كوفيد-١٩ مئة بالمئة”. بحسب ما نقل عنه المكتب الإعلامي في وزارة الصحة على صفحة فيسبوك.
بواسطة سلوى زكزك | مارس 26, 2021 | Roundtables, غير مصنف
* تُنشر هذه المادة ضمن ملف صالون سوريا “المعاناة اليومية في سوريا“
تنهض السخرية من سباتها، تحرك الدم في عروقها، هذا أوانها، والساحة مكشوفة ومتاحة.
السخرية ليست نظرية ولا علماً إجرائياً بقواعد ناظمة، هي حياة موازية، نسق عيش يناور ويداور ويحتكر اللغة ويتحكم بالمشهد، مدعياً أنه الأقوى والأكثر حضوراً ومعرفة ونفاذاً.
جارتي تربي الدجاج على سطح البناية؛ بالأمس وهبتني سبع بيضات بلدية صغيرة الحجم؛ قالت لي: الدجاجات تحب طبخك الذي ترسلينه لهم. أضحك وأتساءل فقط عن الطريقة التي عبرت بها الدجاجات عن إعجابها بطبخي! على باب بيتها تقف جارتنا وتستمع لحديثنا، توجه الكلام لي وليس للجارة مربية الدجاج وتقول: لدي القليل من المجدرة المحمضة، هل يمكن تبديلها بكم بيضة بلدية لأطفالي؟ أُجيبها سنسأل الدجاجات عن رأيهن بطبخك وبعدها نتخذ القرار!
تصرخ سيدة “حرامي حرامي”. يندفع شابان متواجدان في المكان، يمسكان بفتى سرق محفظة صغيرة من حقيبة السيدة، يضربانه بشدة. فجأة، تبدأ السيدة بالصراخ وهي ترجوهم التوقف عن ضربه قائلة: “لقد سرق محفظة الأدوية اليومية ومحفظة النقود مازالت في أمان في زاوية الحقيبة”. يتركانه موجوعاً ومقهوراً، حتى سرقته التي دفع ثمنها ضرباً وركلاً كانت سرقة فاشلة وبلا جدوى.
تغيرت اليوم لغة باعة الخضار، لانت وتلونت بالسخرية المرة أيضاً، يقول البائع للسيدة: “خدي راحتك واختاري أصغر وأطرى خسة”. بات من الصعوبة بمكان شراء كل ما نريده. نصحها قائلاً: “اشتري الضروري فقط!” ضحكت وقالت له: “كله ضروري ويولد الغصات”، فأجابها: “غصة عن غصة تفرق”. اشترت خسة صغيرة وعندما رفضت أن يمنحها البائع كيساً خاصاً للخسة الضئيلة، قال لها: “قلبي أعلمني أن قلبك أطرى من الخس”. يضحكان وفي الوجدان تسري دفقة ساخرة.
توقف الناس عن السؤال عن سعر البضائع اليوم، حمى الأسئلة أفقدتهم وعيهم، لا داعي للسؤال طالما أننا لن نشتري. سألت سيدة البائع عن سعر مسحوق الغسيل، فأجابها: “واوا يا ماما”. قالت له “اتركه في مكانه يتلوى من العزلة.”
دمشق اليوم خالية من وسائل المواصلات، يوم الجمعة يوم عطلة الباصات العامة الكبيرة، لكن على مواقف الحافلات، يبدو الناس مشغولين بمونولوج داخلي، تدير الحوار وهي تكلم نفسها علناً، هل تواصل السير مشيا على الأقدام، هل تعود إلى بيوتها، هل تمشي بعكس مسارها وتعود إلى الخلف أملاً بمقعد فارغ،. يختلف أب وابنته عن أفضل طريقة لتأمين النقل، تصرخ به قائلة: “سأشتري ورقة يانصيب لأتمكن من شراء دراجة هوائية ولن أرافقك أبداً في مشاويرك المفلسة.”
على الزاوية رجال الشرطة يدفعون سيارتهم بأيديهم، يبدو أن البنزين قد نفذ منها أيضاً وعليهم تأمين ركنها على الزاوية تماماً حفاظاً على دورها المطلوب وكحماية ومستقر لهم.
في السوق الطويل وعلى عربات الملابس البالية، تقف النساء وتساوم الباعة على تخفيض الأسعار. يشكو البائع من وجع ظهره ومن السرقات التي تتزايد كل يوم. تشتري سيدة كنزة لوالدة زوجها، ترفض الابنة الفكرة من أساسها، تنصح أمها بأن تمنح الجدة قيمة الكنزة ويكفي. تعلق الأم قائلة: “سبحان الله، ثمة ما يمنعني عن إعطاء جدتك ليرة واحدة”. كانت تسخر من موقفها الدائم على ما يبدو، وأردفت: “عيب على الكنة أن تمنح عيدية نقدية لحماتها”. وتكمل: “على أبيك فك حزامه ودفع عيدية لي ولأمه”. كان رد الفتاة لاذعاً وساخراً حين أعلنت بأن أباها مستعد الآن لنسيان اسم أمه واسم زوجته ليهرب من عيدية عيد الأم لضيق ذات اليد وضآلة قيمة موارده.
على مقعد حجري في إحدى الحدائق الجرداء، يلعب بعض الرجال المتقدمون في العمر دق طاولة زهر، يقترح أحدهم أن يلعبوا على أساس شرط مادي يقتضي أن من يخسر عليه شراء النمورة للمجموع. يرد أحدهم نمورة ودفع مصاري ، معنى ذلك الإسعاف إلى المشفى فوراً جراء ارتفاع نسبة السكر في الدم بسبب النمورة وبسبب خسارة المال. يواصلون اللعب وأحدهم يؤكد لجاره بأن ابن جيرانهم يفكر بدعوة أصدقائه للعب القمار في بيته ليلاً مقابل المال. أحد الرجال المتحلقين حول طاولة الزهر، يقسم بأنه سيخرب لهم البيت على رؤوسهم. أما الجار الآخر فيقول: “الجار أولى بالمعروف، إذا سمح لنا بالمشاركة أو المتابعة مجاناً، سنكون له من الشاكرين.”
يقص شادي أوراقاً من دفتر مدرسي مرمي في الشارع يوزع على أقرانه الأوراق قائلاً: هي مصاري! يتبادلون لعبة الشراء وكأنها عملية حقيقية، الكل يطلب بسكويتاً وكولا، إلا شادي يصر على شراء ظرف ثلاثة بواحد وهو مكون من نسكافيه وسكر ومبيض قهوة وهو مشروب غير صالح للأطفال أصلاً، يبرر رغبته قائلاً: “الثلاثة بواحد دواء لوجع الرأس”. يسأله رامي: “وجع رأس؟” يؤكد شادي كلامه قائلاً: “نعم رأسي يؤلمني من شدة التفكير بقلة النقود.”
على الدكة الحجرية في الزقاق الشعبي، تجلس مرح وآية، فتاتان في الخامسة عشرة والسادسة عشرة من العمر، تعلن آية لمرح ودون مقدمات بأنها رفضت عريساً يحاول أبوها فرضه عليها للزواج، تضحك مرح بخجل وتقول مازلنا أطفالاً، ترد آية: “ناقصنا هموم!”
تنادي أم آية ابنتها طالبة منها الصعود إلى الغرفة التي تعيش فيها عائلة آية المكونة من خمسة أشخاص ضمن منزل متداع تسكنه ست عائلات، ترفض آية دعوة أمها وتصرخ: “ما بدي أتزوج”. يضحك الصبية الصغار ويصرخون: “آية عروس، آية عروس.”
تحاول إحدى الجارات إقناع أم آية بأن تزويجها خطأ كبير وغير مبرر. وتجيب أم آية: “الغرفة تحتاج فراشاً ناقصاً لتتسع لنا والحياة تحتاج فماً مغلقاً وغائباً ليتقلص جوعنا؛ لكن الجارة تؤكد رأيها الرافض لتزويج الطفلة وتقول لجارتها: “غداً ستعود آية وعلى حضنها طفل سيكون لزاماً عليكم تأمين فراش أوسع لهما، وربما سيتوجب عليكم استدانة ثمن الحليب لطفل لا خيار له حتى في التكون والحياة.”
تنهض السخرية من سباتها، تتراشق السباب والشتائم مع الصامتين والمنكرين لحضورها، لم تعد السخرية لغة ولا مجرد طريقة استعراض كلامية، تحولت لنموذج حياة، كفتيل الشمع، يذوب ليمنح بعضاً من ضوء باهت وخادع ويوحي بالقوة، حيث لا قوة تبقت لأحد، تتآكل الوقائع ويفتك الضعيف بالأضعف.