القانون 10 وسرقة عقاراتِ السوريين

القانون 10 وسرقة عقاراتِ السوريين

أثار إصدار الرئيس السوري بشار الأسد للقانون 10، المتعلق بإحداث منطقة تنظيمية أو أكثر ضمن المخطط التنظيمي العام للوحدات الإدارية، استهجاناً واسعاً، كونه تزامن مع سيطرة النظام على الغوطة الشرقية، بعد إخلائها من المعارضين. وقبله صدرت عدة مراسيم عقارية تفوقه خطورة، ويمكن اعتباره ناظماً لها، ومكملاً، كونه يشمل كامل الأراضي السورية.

القانون سيوفر إطاراً رسمياً لإحالة ملكية الأراضي إلى الحكومة السورية، التي تتمتع بسلطة منح العقود وإعادة الإعمار والتطوير لشركات أو مستثمرين، مجهولي الجنسية، وتعويض المواطنين على شكل حصص في المناطق التنظيمية.

قد يكون صدور مراسيم بإحداث مناطق تنظيمية أمراً طبيعياً في بلد لا يشهد حرباً ونزوحاً جماعياً، وصراعات بين احتلالات متعددة، لكن النظام السوري يستغل غياب أكثر من ثمانية ملايين من السوريين المهجّرين في الخارج، وأغلبهم في تركيا وألمانيا، وهم من سكان المناطق التي دمّرها النظام، وهي التي ستستهدفها المراسيم التي تحدَّث عنها القانون 10، ومنهم مطلوبون للنظام، ومنهم مغيبون في السجون، وبالتالي هم محرومون من تسيير المعاملات في مؤسسات الدولة؛ حيث أعطى القانون مدة لا تزيد عن الشهرين لتثبيت الملكية، وهي غير كافية للمقيمين في الخارج، حيث تتطلب إجراءات الوكالة وقتاً طويلاً لتصديقها من السفارات والقنصليات، وكلفة مالية أيضاً، وسط تعقيدات مقصودة تفرضها الأجهزة الأمنية على تصديق الوكالات الخارجية.

في تركيا لا يمكن عمل الوكالة دون امتلاك الموكِّل جواز سفر، وتكاليف الوكالة تبلغ 150 ليرة تركية/ 36 دولار لحجز موعد لدى القنصلية السورية، بالإضافة إلى رسومٍ تصل إلى 125 دولاراً. أما استخراج جواز السفر لدى القنصلية فيكلف 425 دولاراً ويحتاج 3 أشهر، وإذا كان مستعجَلاً فيصدر خلال شهر واحد بكلفة 925 دولاراً، هذا لمن تجاوز عمره ال42 سنة! أما إذا كان عمر صاحب العلاقة بين 18-42 سنة فيتطلب منه إحضار دفتر خدمة العلم، أو شهادة تأدية الخدمة في حال إنهائها. وفي حال كان صاحب العلاقة مطلوباً فيمكنه عمل الطلب، لكن لا ضمانات لقبولها لدى الحكومة السورية في دمشق. وإجراء معاملة تسوية الوضع تتطلب موعداً مع القنصلية بقيمة 150 ليرة تركية/ 36 دولاراً، وانتظار الموافقة تتراوح بين 3-6 أشهر(1).

يتوجب على مالك العقارات المقيم في تركيا دفع كل تلك المبالغ لمحاولة تثبيت ملكيته لعقاره، وقد يعود الرد بالرفض. لكن هذه المبالغ بالنظر للعدد الكبير للاجئين، ستشكل مبالغ مهمة ستعود إلى خزينة حكومة النظام، وبالتالي قد تشكل لوحدها هدفاً يسهم في إنقاذ الوضع المتآكل لاقتصاد النظام، والذي باتت العائدات الضريبية المتزايدة باستمرار تشكّل مورده الأساسي. إن أي عملية بيع أو توكيل أو إثبات ملكية أو تسجيل العقار في مديرية المالية يحتاج إلى براءة ذمة مالية للمالك، وهي تشمل كل ما عليه من فواتير أو مخالفات سير أو ضرائب لم يقم بتسديدها.

وفي ألمانيا لا يستطيع اللاجئ السوري دخول السفارة السورية، لأنه سيُعدُّ بنظر الحكومة الألمانية غير مطلوب للنظام، وبالتالي قد يتوجب عليه العودة (2). وحسب المجلس النرويجي للاجئين فإن 70 بالمئة من اللاجئين يفتقرون إلى وثائق التعريف الأساسية.

المشكلة في القانون 10 ليست في توقيته فقط، بل في تفاصيله أيضاً. يمكن وصف القانون بأنه فوقي، فالمخططات التنظيمية تُفرض من السلطات العليا، عبر اقتراح وزارة الإدارة المحلية والبيئة في الحكومة المعينة من قبل الرئيس، حسب المادة الأولى منه (3)، ولا دور للمجالس المحلية فيه أو مديريات الخدمات الفنية وقراراتها المتعلقة بأسس التخطيط العمراني. وهذا بعكس ما كان معمولاً به سابقاً؛ فقد كان المجلس المحلي المنتخب من الأهالي، باعتباره أعلى سلطة، هو من يقوم باقتراح تعديل مخطط تنظيمي للمنطقة، وغالباً بسبب الحاجة إلى توسيعها. وكان يُعرض المخطط على أهالي المنطقة للاطلاع عليه، ويتاح لهم تقديم اعتراضاتهم للجنة مؤلفة من 11 عضواً من عدة وزارات وإدارات لدراسة الطعون؛ والقانون لم يلحظ هذه اللجنة كليةً. وبالتالي هو ليس في مصلحة السكان، وسيتضرر منه المؤيدون أيضاً.

المادة 22/12 من القانون تحوّل المالكين الأصليين المستقلين في السجل العقاري إلى مالكين لحصص سهمية تنظيمية شائعة؛ و حسب المادة 29/17، عليه إما التخصص بمقاسم، أو أن يكون جزءاً من شركة مساهمة بصفة شريك على الشيوع، وفي حال الرفض تقوم الوحدة الإدارية، ببيع أسهمه في المزاد العلني، والمستفيد طبعاً سيكون شركات مختصة اعتبارية، مجهولة حتى الآن.

القانون تعامل مع الملكية على أساس الملكية الثابتة في السجل العقاري (4)، والواقع أن الكثير من الأملاك، تقع في مناطق المخالفات، حيث تراكَمَ تقاعس الحكومة لسنوات عن تنظيمها عقارياً، ولا تتعدى الوثائق الموجودة لدى المالكين عقوداً شخصية أو إيصالات اشتراك بالكهرباء والماء، أو وثيقة “وضع يد”، ما يصعّب عملية إثبات الملكية.

المادة 21/11 من القانون تتيح اقتطاع ملكيات خاصة من أجل المنفعة العامة دون تعويض مالي، وهذا مخالف للدستور السوري الذي ينصّ على تعويض مالي عادل في حال انتزاع ملكيات فردية للمصلحة العامة (5).

المرسوم 66 لعام 2012 كان يستهدف منطقتي بساتين الرازي وتنظيم كفرسوسة، ضمن ما سمّيَ “ماروتا ستي”، وتتحدث الحكومة عن مشروع مشابه في بابا عمرو بحمص، وفي حلب الشرقية. أما داريا، التي لم يُسمح بتاتاً بعودة السكان إليها، فالاقتراحات تقول بمشاريع أبراج، وبضمها إلى محافظة دمشق. في حين أن الترجيحات في مجلس محافظة دمشق  تقترح أنّ عمليات تجهيز مدخل العاصمة ستبدأ بالقابون وحي تشرين (6).

هذا القانون وما سبقه من مراسيم يفتح الأبواب أمام اللصوص، ممن دعموا النظام، لاستملاك عقارات السوريين؛ فهو يتيح دخول شركات تطويرعقاري، وشركات مساهمة مغفلة، دون أي ذكر لطبيعة هذه الشركات المجهولة وجنسياتها، والتي ستملك حصصاً ونسباً ومقاسم عن التنظيم، وتؤسس كيانها داخل هذه المناطق التنفيذية، بحجة تنفيذ المرافق العامة والبنى التحتية.

وقد تشهد الأشهر القادمة صراعات بين الحليفين الروسي والإيراني حول حصص كلّ طرف، مع توقعات بتراجع نصيب الطرف الإيراني بعد القرار الأمريكي الإسرائيلي الأخير بإخراجها من سوريا. فالنظام هدفه الانتقام من معارضيه، وروسيا تريد ضرب التجانس الشعبي في المناطق التي ثارت، حتى لا تتمكن من تجديد الاعتراضات على ما ستفرضه من سياسات تفقيرية مستقبلاً، وإيران تتطلع إلى مخيم اليرموك المحاذي لمنطقة السيدة زينب، بعد السيطرة عليه، لتوسيع السياحة الدينية، وهي تريد زيادة نفوذها في سورية عبر البوابة الطائفية.

الحكومة الألمانية عبّرت عن استيائها من القانون، ووصفته “بالغدر”. فألمانيا أكثر القلقين من تلك الإجراءات التي ستقلل فرص عودة المهاجرين، خاصة أنها تدرس إعادة 200 ألف لاجئ سوري كخطوة أولى.

الأمم المتحدة، التي لم تتخذ أي خطوات لإيقاف المجازر ضد الشعب السوري، مازالت تعترف بالنظام الذي يشغل مقعداً لديها، ويصدر المراسيم والقوانين في مناطق وجوده، وبالتالي هي تعترف بشرعيته. رغم ذلك يرى بعض الحقوقيين المعارضين أنّ أي خطوات يقوم بها مواطنون سوريون، لإثبات ملكيتهم، ستعني الاعتراف بشرعية القانون، وأنّه من الأفضل التحرك والقيام بحملات قانونية ودولية وحقوقية وشعبية ضد هذه القوانين (7). فبموجب القانون الدولي، حق السكان في السكن الملائم خاضع للحماية، وهذا يجب أن يشمل ضمانات الحماية من الإخلاء القسري (8).

الموقف الرسمي للنظام يدافع عن القانون في وجه الحملات والانتقادات التي تشن ضده، وأن هدفه المساعدة في إعادة تنظيم المناطق المدمرة والمناطق العشوائية، وأن ذلك سيكون عبر الإدارة المحلية المنتخبة في تلك المناطق، حسب تصريح الرئيس السوري بشار الأسد في مقابلة مع جريدة “كاثيمرني” اليونانية. في حين أن إعلام النظام ينفي ما يقال عن مصادرة أملاك المعارضين. وهذه المصادرة تمت بالفعل عبر المرسوم التشريعي رقم 63 لعام 2012، والذي يمكن وزارة المالية من الاستيلاء على أصول وممتلكات الأشخاص الخاضعين لقانون مكافحة الإرهاب لعام 2012 ونقلها إلى الحكومة السورية. حيث يقدم قانون مكافحة الإرهاب تفسيراً فضفاضاً للإرهاب، ويجرم عدداً كبيراً من السوريين دون محاكمة عادلة.

والمفارقة أن أحمد الشرع، أبو محمد الجولاني، زعيم تنظيم القاعدة في سورية، ما زال يملك منزلاً في المزة بدمشق، وبقالة والده هناك أيضاً (9). ما يعني أن قانون مكافحة الإرهاب الذي شمل معارضين سلميين ونشطاء رأي، لا يشمله!

المراجع

  1. حسب مقالة للكاتب قصي عبد الباري في موقع اقتصاد.

https://www.eqtsad.net/news/article/19667/

  1. حسب تصريح لأحمد كاظم الهنداوي مسؤول الهجرة واللجوء في أوروبا لدى المنظمة العربية لحقوق الإنسان، لموقع اقتصاد في الرابط السابق.
  2. نص المرسوم حسب ما نشر في وكالة سانا السورية للأنباء.

https://www.sana.sy/?p=733959

  1. حسب تقرير لهيومان رايتس ووتش، فإن 50 بالمئة فقط من العقارات مسجلة رسمياً حتى قبل الحرب.
  2. حسب تحقيق لجريدة عنب بلدي السورية
  3. أعلن وزير الإدارة المحلية التابعة للحكومة السورية، حسين خلوف، عن إعداد دراسات لتنظيم بعض المناطق في المحافظات بموجب القانون الجديد، منها مدخل دمشق من مبنى البانوراما حتى ضاحية حرستا. وتدرس محافظة دمشق إدراج المنطقة الصناعية في القابون إضافة لكل من جوبر والتضامن والمزة 86 لإعادة تنظيمها ضمن القانون 10.
  4. حسب تصريح الهنداوي لموقع اقتصاد المذكور أعلاه: “ضرورة عدم الانجرار وراء القانون الصادر من جانب النظام، ذلك سيعطيه شرعية. بقاء الأسد يعني عدم استرجاع أي من الحقوق المسلوبة”.
  5. حسب التقرير السابق ذكره لهيومن رايتس ووتش.
  6. حسب ما ورد في مقالة لفراس الشوفي في جريدة الأخبار اللبنانية، للبرهان على أن النظام لا يصادر عقارات معارضيه.
Eastern Ghouta x 20

Eastern Ghouta x 20

“After several days of calm, the battle in Eastern Ghouta enclave seems to have picked up again as President Bashar al-Assad’s government launched a new round of air strikes on Douma, the only city still left in insurgent hands. Leaders of the Islam Army, the opposition militia that rules the city, have insisted that they will stay in Douma come what may, but they do not have the military muscle to pull that off if Damascus and Moscow decide otherwise.

Should regime-rebel talks break down and end in a renewed, full-scale offensive, local civilians will be at risk.

UN sources recently estimated that as many as 78,000–150,000 people may remain in Douma alongside the Islamist fighters, though such figure are unreliable and have historically erred on the high side. Whatever the actual number, it is clear that many civilians in Douma have been forcibly prevented from fleeing by Islam Army rebels, who seem to want to exploit their presence as a card in negotiations, and that all are suffering from callous government siege tactics, with loyalist forces refusing to permit the entry of aid workers, medicine, and humanitarian supplies.

It remains to be seen what form Douma’s capitulation will ultimately take, and how much death, destruction, and displacement will accompany it. But when the city folds, as at some point it will, seven years of opposition rule in Eastern Ghouta are going to come to an end.

Other parts of the enclave have already been retaken since the offensive began in February, with rebels from Failaq al-Rahman, Ahrar al-Sham, and Tahrir al-Sham either killed, forced to surrender, or sent to northwestern Syria along with many civilians—according to the most recent UN numbers, as many as 49,000 people. Meanwhile, some 123,000 inhabitants of Eastern Ghouta are thought to have come under government control, either living inside retaken neighborhoods like Erbeen and Harasta or having fled to Damascus and a series overcrowded IDP shelters near the city.

The retaking of Eastern Ghouta seems almost an afterthought to Assad’s December 2016 victory in Eastern Aleppo, but this is in fact the bigger battle. It is being fought over a larger area, on the doorstep of the Syrian capital, with many more fighters involved and more civilians at risk. Whether more people died in Ghouta than in Aleppo, I don’t know—but many, many people have died.

* * *

Over the past few years, I have spent an unholy amount of time trying to understand the politics of Eastern Ghouta’s rebel movement. I have also written a lot about the area. Sifting through my archives the other day, I found that I had penned no less than twenty English-language articles, reports, and blog posts on the topic, for Syria Comment, the Carnegie Endowment, The Century Foundation, IRIN News, and others. The first one was published in February 2013, as pro-Assad forces prepared to put the region under siege, and the last one is less than a week old.

That’s a lot of text. Although in hindsight I can spot plenty of errors and misunderstandings, and there is still very much that I still don’t understand, there’s also a lot of material in there that seems like it could be useful to people trying to follow the crisis now unfolding near Damascus. Therefore, I have compiled all twenty pieces here, with a short introductory comment about each.

The latest publication is first on the page, so read from bottom to top if you want all five years in chronological order. If not, just pick and choose as you please.

– Aron Lund

• Trapped Between Rebels and Air Strikes, Civilians in Eastern Ghouta Face Chaos(IRIN, Mar. 2018)
With only Douma left in rebel hands by late March, I tried to investigate what became of Eastern Ghouta’s civilian population in more than a month of fighting. UN numbers are all over the map, but it’s clear that many ended up in shelters erected around the area while others stayed put despite the fighting, and that they will now come under Assad’s rule once again. Still others have joined the opposition as it was driven off to Idleb and Aleppo, where some will now be resettled in Afrin. Yet civilians also remain trapped inside insurgent-held Douma, as the clock ticks toward either a rebel surrender or a renewed military offensive.

• Assad’s Divide and Conquer Strategy Is Working (Foreign Policy, Mar. 2018)
Brute military force was certainly the main ingredient in Assad’s victory in Eastern Ghouta, but his government also reached its objectives using more sophisticated means, including by exploiting insurgent divisions to punch where their defenses were weakest, negotiating separate deals through well-connected siege merchants, and rallying supporters inside the enclave to work behind rebel lines. Among other things, this piece looks at the curious case of Sheikh Bassam Difdaa, a pro-government Sufi preacher who helped crack Failaq al-Rahman’s defenses in Kafr Batna.

• Aleppo Again? A Plea to Save Lives in in Eastern Ghouta (TCF, Mar. 2018)
As the final, brutal offensive in Eastern Ghouta got under way, it was obvious that loyalist forces were going to win—they were overwhelmingly superior and faced no risk of outside intervention. In other words, the best time to think about what that meant for civilians was before the battle was over. The pro-Assad side had clearly advertised that defeated rebels and activists would either have to submit to government rule (but some would not; some could not) or head to rebel-held northern Syria. But what about the larger civilian population? Varied in their allegiances and circumstances, some civilians would undoubtedly want to follow the opposition to Idleb, while others would just as undoubtedly want to stay in their homes after government forces returned. To my mind, this was a moment for the international community to push for and facilitate individual choice by, among other things, promoting an orderly handover once rebels surrendered and by dispatching monitors to gauge the voluntariness of civilians staying or leaving, in the hope of minimizing the amount of forced displacement and hostage-type situations. Also, regardless of all political dimensions, humanitarian aid needed to be rushed to relief organizations on the ground quickly, before IDP numbers grew unmanageable. In the end, not a lot of that happened, but many of these suggestions remain just as relevant as when I wrote this—now in Douma.

• Understanding Eastern Ghouta in Syria (IRIN, Feb. 2018)
A short but fairly comprehensive pre-battle backgrounder on Eastern Ghouta as it was in spring 2018, in which I attempt to map out who controlled what while also describing the issues at stake as Assad’s government readied itself to retake the enclave.

• The Man-Made Disaster in Syria’s Eastern Ghouta (IRIN, Dec. 2017)
On how the siege on Eastern Ghouta was tightened in September 2017, in preparation for the offensive that would follow early next year. The humanitarian effects of the siege had always been severe, but with smuggling tunnels now blocked, private food sales banned, and UN convoys prevented from entering, what had been a simmering crisis boiled over into full-scale disaster—hurting civilians much more than rebels, who controlled all levers of the economy. It was a war crime right out in the open, a very effective one.

• East Ghouta Turns on Itself, Again (TCF, May 2017)
In April 2017, the Islam Army and Failaq al-Rahman went back to fighting each other, one year to the day after their mini-civil war in 2016. Drivers this time around included the de-escalation deals being rolled out by Russia, the recent loss of the rebel smuggling tunnels, and a whole lot of pent-up anger.

• The Syrian Rebel Who Tried to Build an Islamic Paradise (Politico Magazine, Mar. 2017)
A long feature on Zahran Alloush and his attempts to unite the enclave under his own iron-fisted rule. Though capable and ruthless enough, the Islam Army leader’s grand project was ultimately frustrated by his failure to control the war economy and the resistance of rival factions. This article covers some of the same ground as the “Into the Tunnels” report, but has more storytelling and a tighter focus on Alloush’s role.

• Going South in East Ghouta (Carnegie, Feb. 2017)
By spring 2017, things were looking pretty hopeless for the rebels. The Syrian government had seized a lot of territory after Alloush’s death and it had just pocketed Eastern Aleppo. It looked as if Eastern Ghouta would be next, with Damascus pulling together troops and seizing the smuggling tunnels in Qaboun and Barzeh. But then fighting petered out, possibly because Russian-brokered de-escalation deals clicked into place during exactly this time, which shifted Assad’s attention to the Islamic State. The Russian military then cleverly played Eastern Ghouta’s factions off against each other, in particular by goading the Islam Army to go after Failaq-friendly jihadis. A new round of infighting would begin in April 2017.

• Into the Tunnels: The Rise and Fall of Syria’s Rebel Enclave in the Eastern Ghouta (TCF, Dec. 2016)
A detailed history of the Eastern Ghouta enclave and its political economy, this report attempts to chart the rise of the main rebel groups and their shifting rivalries, up to the point when they finally split the enclave in May 2016. It includes sections on the 2014 joint institutions, the 2015 wars over frontline crossings and smuggling tunnels, and some discussion of the ideology of the major factions. A shortened and slightly updated version of this report was later printed as a chapter in The Century Foundation’s Arab Politics After the Uprisings, an edited volume that I assume you’ve already bought and read many times over, since it is just that good.

• Showdown in East Ghouta (Carnegie, May 2016)
My quick take Eastern Ghouta’s just-beginning internal breakdown. Ending in a Qatari-brokered truce later in May, the infighting ended up splitting the enclave into two or three parts, depending on how you count them. The Islam Army took sole control over the northern and eastern parts stretching from Douma to Nashabiyeh; Failaq al-Rahman seized the Damascus suburbs; and Harasta remained in the Failaq-friendly hands of Fajr al-Umma. Nusra Front and Ahrar al-Sham Islamists were also part of the mix. Nusra had formally joined forces with Fajr to smash the Islam Army, but they were mostly floating around inside Failaq-land. Ghouta’s small Ahrar branch was fragmenting: some members backed the Islam Army, others fought the Islam Army alongside Nusra, still others tried to remain neutral.

• After Zahran: Rising Tension in the East Ghouta (Carnegie, Apr. 2016)
This was written alongside “An Islamist Experiment,” when Eastern Ghouta was on the verge of major internal conflict. After Zahran Alloush’s death, factions outside Douma had merged into two loosely allied blocks that sought to cut his successor down to size. The Islam Army had lashed out in response with preemptive arrests and assassinations, which didn’t improve the mood much. Right after publication, the Ghouta insurgency blew itself apart with a big, nasty bang.

• An Islamist Experiment: Political Order in the East Ghouta (Carnegie, Apr. 2016)
With infighting on the way, this article looks at the cross-factional institutions set up by Eastern Ghouta’s rebels to contain internal conflicts. Starting in 2014, Alloush had pushed for the creation of a joint military command and a sharia-based governance apparatus. At the peak of his power in early 2015, these institutions had seemed like they could potentially transform into a new political order of a sort. But the joint institutions frayed and hollowed quickly, with factional anarchy resurfacing to a greater extent than is clear in this article. I got a somewhat better understanding of the system later, with more detail presented the “Into the Tunnels” report.

• The Death of Zahran Alloush (Syria Comment, Dec. 2015)
On December 25, 2015, Zahran Alloush died in an air strike. Within weeks of his funeral, rival rebels in Failaq al-Rahman, Ajnad al-Sham, Fajr al-Umma, and the Nusra Front were ganging up on a shell-shocked and sullenly aggressive Islam Army in order to claim his mantle, with violence finally erupting on a large scale in late April 2016.

• Is Zahran Alloush in Amman? (Syria Comment, June 2015)
Yes, he was. Having somehow snuck out of besieged Eastern Ghouta, the Islam Army leader was taking a trip around the region, to Turkey and Jordan, where he met with Syrian rebel and religious allies as well as foreign fundraisers, agents, and diplomats, at a sensitive moment in the opposition’s history. But when I wrote this, it wasn’t yet very clear what was going on.

• Damascus Preachers and the Armed Rebellion (Carnegie, Mar. 2014)
This one takes a brief peak at the capital’s Ashaarite-traditionalist and Sufi networks, which had long dominated Syria’s state-approved Sunni Islamic establishment and would play a huge but under-studied role in the opposition after 2011. Today, their influence remains keenly felt through the Turkey-based Syrian Islamic Council. It is a companion piece to the article about Ajnad al-Sham, which grew out of exactly this clerical milieu and had visible ties to Damascene Sufism and less visible ones to exiled Ikhwani networks.

• The Ajnad al-Sham Islamic Union (Carnegie, Mar. 2014)
I look at the creation of Ajnad al-Sham, a group backed by local Sufi clerics and Muslim Brotherhood members. Later bolstering its ranks by absorbing aggrieved former Umma Army members, Ajnad al-Sham operated as one of Eastern Ghouta’s top three factions for nearly two years. In spring 2016, it merged into the other second-tier faction, Failaq al-Rahman, and launched a devastating attack on the Islam Army.

• The Greater Damascus Operations Room, part 1 (Carnegie, Nov. 2013)
• The Greater Damascus Operations Room, part 2 (Carnegie, Nov. 2013)
This two-parter is for the real nerds. With limited success, I tried to read the tea leaves of a major, foreign-funded rebel unity project in the wider Ghouta region. In particular, I was looking for clues about how it related to Brig. Gen. Salim Idriss’s hapless Free Syrian Army HQ in Turkey, to Ghouta’s Nusra and Islamic State jihadis, and to the unending internecine feuds in Douma, where Zahran Alloush was still struggling to establish himself as capo di tutti capi. I didn’t reach much clarity on any of these issues at the time, but some additional details had seeped out by the time I wrote the “Into the Tunnels” report.

• A Dispute in Douma (Carnegie, Oct. 2013)
In this one, I did my sorry best to make sense of rebel rivalries in Eastern Ghouta, whose internal functioning under a half-year old siege had yet to be hashed out. Though at the time this was only vaguely visible in local coalition politics, Zahran Alloush’s just-created Islam Army was drifting into conflict with a set of pugnacious, Free Syrian Army-flagged commanders and contraband kingpins united by their shared rejection of his dominance and the Islamist rule that came with it. A year later, they made a desperate, last-ditch attempt to kneecap the Islam Army and push it out of the smuggling economy by entering into an alliance known as the Umma Army. Zahran promptly dropped a piano on them. For more about that grim story, check the “Into the Tunnels” report or my piece for Politico.

• The Islamist Mess in Damascus (Syria Comment, Feb. 2013)
This old Syria Comment blog post was written just before Assad’s forces managed to place Eastern Ghouta under siege. It looks at how rebel coalition-building around Damascus had clicked with the major national-level insurgent alliances of the time, and we get an early glimpse of the headstrong ways of a certain Zahran Alloush.”

[This article was originally published by Syria Comment.]

Syria in a Week (16 April 2018)

Syria in a Week (16 April 2018)

The following is a selection by our editors of significant weekly developments in Syria. Depending on events, each issue will include anywhere from four to eight briefs. This series is produced in both Arabic and English in partnership between Salon Syria and Jadaliyya. Suggestions and blurbs may be sent to info@salonsyria.com.

 

“Soft” Strike and “Fatal” Division

9-15 April 2018

This week witnessed the eruption of a new international conflict and the formation of a US-British-French tripartite coalition to “punish” Damascus.

After the claimed “chemical” attack on Douma in eastern Ghouta last week, the United States stepped up its threats to carry out a military strike against the Syrian government as “punishment for crossing the red line,” which was set by former President Barak Obama in 2012.

France and Britain supported President Donald Trump’s approach and expressed their desire to participate in the military action. After a failed session in the UN Security Council on Tuesday, which ended in a Russian veto against a US draft resolution calling for the establishment of an investigation mechanism regarding the use of chemical weapons in Syria, President Trump said on his Twitter account that Russia should get ready for US missiles that will hit Syria.

After that, he retracted his statement through another tweet saying that he did not set a time, and that it could be very soon or not so soon. This was echoed by Russian responses, which included the demand that Trump direct his “missiles towards terrorists instead of directing them towards the Syrian government.”

This strain showed the extent of tensions in the international arena, raised the stakes for a major deterioration among the super powers, and was reflected in currency and commodity markets and global stocks.

In the face of this escalation, Damascus agreed to receive an investigation committee from the Organization for the Prohibition of Chemical Weapons, which arrived on Saturday and is set to visit the site of the attack. (Reuters)

Before the arrival of international inspectors to Douma and before the British Parliament convenes on Monday (due to Prime Minister Theresa May’s concern that she would not get support, just like what happened with her predecessor David Cameron in 2013), the three countries carried out one hundred and five strikes on Saturday that targeted the Scientific Research Center in Barzeh, Damascus, the Scientific Research Center in Hama, and a military depot in Homs.

There were contradicting statements regarding whether the missiles achieved their objectives, as the Russian Defense Ministry said that seventy-one out of one hundred and three missiles were intercepted, while the Pentagon said that no missiles were brought down and that they successfully achieved their objectives. (Reuters)

The strike was not meant to stop the war or “change the regime” instead they were meant to target the Syrian government’s ability to use chemical weapons; it was a limited strike that has achieved its objective, according to several spokesmen from the tripartite coalition. The strike received support from NATO, Canada, Israel, Turkey, Saudi Arabia, and Qatar, and was opposed by Russia, China, Iran, Iraq, Lebanon, and Egypt, illustrating the continuous international and regional contradictions regarding the Syrian issue.

However, the limited scope of the strike and the Syrian government’s readiness for it, which was manifested by the evacuation of the targeted sites, in addition to not targeting any sites of the Syrian government’s allies, rendered the previous threats of a severe strike against the Syrian government meaningless. Some observers considered that the Syrian government was able to overcome the strike with minimal losses and would not change its policies, and that it will strengthen its alliance with Russia and Iran.

Amid all these thorny and contradictory issues, which indicate that the strike was a step in the deteriorating course of the Syrian war, and with the continuation of violence and no international will to stop the violence or find an exit, this strike once again showed the gravity of war for the Syrians. This war is getting increasingly complicated as time passes by, and the fragmentation within the Syrian people was manifested by those who celebrated repelling the aggression and others who celebrated launching the attack. This is one aspect of fragmentation that will be hard to cure.

Just like in Ghouta and Afrin, Syrians have shown a fatal rupture that threatens their identity and social fabric. The contradiction lies in the fact that Syrians have long suffered from the US role that has supported Israel for decades and destroyed Iraq by invading it and crushing its structure. Many people see Trump as a far cry from the demands of freedom and justice that the peoples of the region aspire to. On the other hand, the Syrian government has launched an internal law, violating all that is forbidden internationally and popularly, refusing change by force. Profanation of life has become a friend of Syrians. The more foreign support the Syrian government gets from Russia and Iran, the more intransigent it gets.

Are choices confined to local tyranny or international tyranny?

 

Douma in the Hands of the Government

14 April 2018

The pace of the agreement between Jaish al-Islam and Russian forces accelerated after the claimed chemical attack, which was accompanied by military escalation by the Syrian government and Russian forces last week. Jaish al-Islam agreed to leave for Aleppo countryside and hand over Douma to Russian military police. On Saturday, the Syrian army command announced the restoration of Douma and the entry of Syrian police into the city. Thus, eastern Ghouta is now under the control of the Syrian government and the only enclave remaining outside its control is Yarmouk Camp and al-Hajar al-Aswad, which are partially controlled by ISIS.

The next station is expected to be in southern Damascus and then in Homs countryside, leaving the future of Idlib, Daraa’ countryside, and east of the Euphrates subject to Russian understandings with regional and international powers.

المَوقف من إسرائيل والتشويش المستمرّ

المَوقف من إسرائيل والتشويش المستمرّ

ظَهرت تطورات في الفترة الأخيرة بينها زيارة معارضين لإسرائيل وحصول مقاتلين على اغاثة ومعالجة الجرحى. وقد اسقطُ النظام، ومن خلفه إيران، طائرة اسرائيلية، عقب قصف لمواقع تخصّ إيران ضمن الأراضي السورية. ما أعقب ذلك من ردود فعل، أظهر حجم التشوّش الحاصل على المستوى الشعبي، وعلى مستوى النخب إلى حدّ ما، تجاه الموقف من إسرائيل. هناك من رفضه باعتبار إسرائيل عدوّاً، وعلينا أن نفرح لإسقاط طائرتها، وهو موقف إعلام النظام المأزوم بالضبط، الذي استغلّ الحدث ليؤكد لمؤيديه بأّنه ما يزال متمسكاً بـ “التصدي للمؤامرة الصهيونية” وأنّه في موقع قوّة واستطاع الرّد أخيراً! هذا الموقف، أي الفرح لإسقاط طائرة العدو، لا قيمة له، لأنه يتهرب من واقع أنّ الحادثة هي جزء من مناوشات إيرانية – إسرائيلية على الأرض السورية.  آخرون يعتبرون أن لا شأن لهم بالاعتداءات الإسرائيلية، وأن إسرائيل وإيران عدوّان، بل إيران هي الأكثر خطراَ، بسبب مشاركتها النظام في قتل السوريين.

على كلّ حال، أعتقد أن الموقف السوري الشعبي ما يزال يعتبر إسرائيل عدوّاً استراتيجياً؛ لكنّ خمسين سنة من حكم البعث القمعيّ، ومصادرته كلّ المبادرات الوطنية الممكنة، حوّلت هذا الرفض الشعبي لإسرائيل إلى مجرّد شعار، بعد أن كانت القضية الفلسطينية هي البوصلة لكلّ العرب، وبعد أن كان الشبّان والشابّات يتزاحمون للتطوّع في أجنحة المقاومة، وكانوا فدائيين يضحّون بأرواحهم لأجل فلسطين.

حضور خجول في التظاهرات

اتّسمت الانتفاضة السورية منذ اندلاعها في آذار (مارس) 2011 بكونها شعبية، غير مؤدلجة وغير حزبية، رغم محاولة التيارات المختلفة، الديمقراطية والإسلامية، سرقتَها. الشعار السياسي الوحيد الذي برز هو مطلب إسقاط النظام، ورحيلُ الرئيس وعائلته. ومن هنا كانت الشعارات والأهازيج تتحدث عن مساوئ هذا النظام وعمالته وفساده؛ فحضرت مسألة الجولان من هذا الباب، أي من باب نعت النظام بأنه فرّط بالجولان لمصلحة تثبيت حكمه، وبأنه عاجزٌ عن الردّ على الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة: (باع الجولان، عميل إسرائيل، ممانع بالثرثرة، خود كلابك عالجولان…) والكثير من الشعارات ورسومات الكاريكاتير التي تحمل هذا المضمون.

الانتفاضة السورية لم تكن معنية بتخصيص حيّز لمسألة تحرير الأراضي العربية، كما أنّها لم تخصّص حيّزاً للمسائل الأخرى، كشكل الحكم، وقضايا الفساد، والنمط الاقتصادي الملائم، ومعالجة المسألة الطائفية والمسألة القومية…إلخ، بسبب افتقارها إلى دور فاعل للمثقفين المنخرطين في الثورة. لكن بالتأكيد هناك استثناءات، كتنظيم “الشباب السوري الثائر” الذي كان يتظاهر في ركن الدين والصالحية بدمشق، والذي قام النظام بتصفية جزءٍ من قياداته في المعتقل، وتهجير البقية، وقد رفع شعارات سياسية أكثر وضوحاً: (من أجل تحرير الجولان نريد إسقاط النظام، تعليم مجاني، دولة مدنية علمانية، دولة المواطنة، فرص عمل للجميع…).

دور فلسطينيي سوريا

منذ بداية الثورة السورية، شارك الفلسطينيون السوريون فيها. بالتأكيد القضية الفلسطينية حضرت بقوة في التظاهرات الأولى للتجمعات الفلسطينية الشعبية في مخيم اليرموك، والتي كانت ضدّ احتجاز النظام للرغبة الفلسطينية الشعبية بتحرير الأرض والعودة، وحينها أطلق النظام يد “أحمد جبريل” القيادي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، والموالي للنظام، لقمع تلك الاحتجاجات. وبعدها شارك الفلسطينيون في التظاهرات، كأفراد إلى جانب السوريين، وساهموا في تقديم الدعم والإغاثة، ومنهم من شارك في العمل المسلح ضمن كتائب الجيش الحر.

وبالتالي لم يتمكن الفلسطينيون من المشاركة في الثورة كتجمعات كبيرة، يمكنها ترسيخ المسألة الفلسطينية ضمن شعاراتها، وفضّلوا المشاركة إلى جانب السوريين، لإسقاط النظام بوصفه، كما بقية الديكتاتوريات العربية، معيقاً لحق الفلسطينيين في النضال للعودة إلى أرضهم.

تطبيع وانتهازية

تمّ تصفية الانتفاضة السورية بالعنف والتدمير والتهجير من قبل النظام، خاصة للكوادر الناشطة والمثقفة. أتمّت الفصائل الإسلامية، التي سيطرت على مناطق المعارضة بعد 2013، دور النظام في قمع ومصادرة الثورة. أمّا المعارضة التي في الخارج، أو بالأدق التي تعمل لمصلحة الدول الإقليمية والعظمى، أملاً في أن تعينَهم على إسقاط النظام، فكان دورها في المسألة الوطنية سلبياً، بل يمكن القول أنّ دورَها انتهازياً، حيث ظهر توجّهٌ لدى الكثير منها بقبول التطبيع مع إسرائيل، كما أسلفنا أعلاه، رغم الرفض الشعبي لذلك، بل هي تستغل الضعف الشعبي وحالة التشتت السوري، والإنهاك بسبب كثافة القتل، وكثافة عدد الجرحى والمعطوبين، والعدد الكبير الذي يعيش في ظروفٍ يرثى لها في مخيمات النزوح على الحدود، في الأردن ولبنان وتركيا، تستغل كلّ ذلك لتمرير ثقافة القبول بإسرائيل، وبعلاقات طبيعية معها. فتطمين إسرائيل بات ضرورياً بالنسبة لهؤلاء، أي المعارضين السوريين، حيث المحيط العربي يتوجّه إلى التطبيع معها، على مستوى الحكومات، وليس الشعوب.

في ضوء هذا الزخم من العلاقات المشبوهة مع إسرائيل، لاشك ان جميع كيانات المعارضة السياسية في الخارج، من “الائتلاف الوطني السوري” و”هيئة تنسيق الوطني” و”الهيئة العليا للمفاوضات” ومنصّات وتيّارات معنيّة بمناقشة ما يحدث، وإصدار مواقف نهائية، لا لبث فيها، تجاه قضية التعامل مع إسرائيل. وغير ذلك، قد يحملها البعض مسؤوليّة بعض الاطراف والقوى.

الأيديولوجيا والقضية

منذ إعلان وعد بلفور في 1917، كان الموقف العربي الشعبي الرافض له جلياً، واستمر كذلك مع إعلان قيام “دولة” إسرائيل العنصرية 1948، وإعلانها عن نواياها التوسّعيّة “من الفرات إلى النيل”، وقيامها بقضم الأراضي الفلسطينية، وتهجير أهلها، وتوسعها إلى الجولان السوري وجنوب لبنان والضفة الغربية وسيناء بعد 1967.

بدأت حينها تتشكل بذور مقاومات فلسطينية للاحتلال الإسرائيلي، وتهافت الشبان العرب من أقصى المشرق إلى أقصى المغرب للتطوع دفاعاً عن فلسطين. وتطورت تلك الحركات، وتحولت إلى قوىً سياسية وعسكرية فرضت نفسها وشروطها على الصراع العربي الإسرائيلي.

حينها كان الشعور القومي العربي والشعبي في أقصاه، وصعود الرغبة القومية العربية للتمسك بالهوية الوطنية التي رافقت حركات التحرر العربية ضد الاستعمار الغربي. كانت تلك الرغبة العربية العفوية بتحقيق التحرر والتقدم وطنية النوايا وغير عنصرية، لكنها أيضاً حماسيّة وتفتقد إلى الخبرة السياسية، لذلك دعمت الأحزاب القومية الناشئة، وعلّقت آمالها عليها. هذه الأحزاب أدلجت القومية العربية، أي أطّرتها في وعيها السياسي، الذي بالضرورة يسعى إلى المشاركة في الحكم، أو استلامه.

طرح حزب “البعث” شعارات وطنية وتقدمية، واستفاد من الحماس الشعبي، خاصّة في مؤسسة الجيش، واستلم السلطة، وكان يمتلك كلّ مقوّمات الحفاظ عليها. الطبقة البرجوازية في المدن الكبرى، كانت “رثّة”، بسبب تبعيتها، وهو حالها في كل الدول العربية الكولونيالية، وبالتالي كانت عاجزة عن حمل المشروع الوطني أو القومي وتحرير الأرض وحل المسألة الزراعية وإشادة الثورة الصناعية، وتحقيق الاستقرار. حزب البعث تمكّن من حل بعض القضايا، وزرع في شعاراته القومية والاشتراكية الأمل في نفوس الشعب السوري، ذي الغالبية الريفية، في تحقيق الارتقاء والتقدم الاجتماعي عبر التوظيف والتعليم والطبابة المجانية، وكذلك في رفع شعار تحرير فلسطين، بوصفه حزباً عربياً.

انتهت الصراعات الداخلية ضمن الحزب بتولي الأسد للحكم، وإحكام سيطرته على الجيش وتفريغ شعارات البعث من مضامينها، وجعلها في خدمة بقائه في الحكم. ومن هنا استفاد من الاجتياح الإسرائيلي للجولان عام 1967. وفي 1973 شن “حرب تشرين التحريرية”، التي وضعت تسويةً نهائية للصراع. ليتوقف نشاط السوريين ضد إسرائيل، ويتحول إلى شعارات تتجسّد بإظهار الولاء للنظام باعتباره “المقاوم” و “الممانع”. وبذلك “احتجز” النظام السوريين، والفلسطينيين المقيمين في سوريا، ومنع عنهم أي محاولة للنضال ضدّ إسرائيل، بل وتدخّل في لبنان، وضرب المقاومة الفلسطينية، فيما عرف بمجزرة “تل الزعتر”.

الحركات المتطرفة وإسرائيل

المنطق الجهادي عدميّ، أي لا يفهم الصراع إلا بأنّه إفناء للآخر، الكافر بالضرورة، وبالتالي هو لا يحمل تصوّراً واضحاً لأهداف صراعه مع الكيان الإسرائيلي، سوى بإلغاء أي تواجد لليهود الإسرائيليين عن أرض فلسطين، أي مقابلة العنصرية بمثلها، وإقامة حكمها الخاصّ تحت مسمّى تطبيق الشريعة. حماس أقامت سلطتها الدينية القمعية في غزة، وعزّزتها بحجة أنها تقاوم إسرائيل، وهي إلى جانب مثيلاتها، الجهاد الإسلامي وكتائب عز الدين القسام، لا تفعل غير إطلاق صواريخ عشوائية، قد تقتل مدنيين من دون أن تحقق أهدافاً سياسية كبيرة. حزب الله في لبنان فعل المثل، لكن لمصلحة تعزيز نفوذه في لبنان على الصعيد المحلّي، وهو ليس إلا أداة بيد إيران، تحت مسمّى المرجعية الدينية، تضغط على إسرائيل لتحقيق بعض النفوذ في المنطقة، وإيران غير معنية بحل الصراع العربي الإسرائيلي، بل معنية باستغلاله فقط لتحقيق أطماعها التوسعية الطائفية.

رفض التطبيع

مشكلتنا مع إسرائيل أنها محتلّة للأراضي الفلسطينية، وأنها دولة عنصرية لليهود، ولها أطماع توسعيّة مُعلنة، وهي ماضية في إنشاء المزيد من المستوطنات في الأراضي الفلسطينية؛ هكذا هي الإيديولوجيا التي أُنشِئَت على أساسها، وبالتالي هي لن تعترف بحقوق الفلسطينيين، وتريد من دول المنطقة الاعتراف بها وقبولها، والقبول بتهويد القدس. وما تقوم به الحكومات العربية من سياسات التطبيع معها هو أمر لا يقبله عقل أو منطق.

وبالتالي حرية الشعوب العربية من براثن الديكتاتوريات، هو الخطوة الأولى الممكنة الآن، ولن يتحقق الاستقرار والتقدم في المنطقة دون حلّ مسألة الصراع مع إسرائيل. والحل ليس على طريقة الحكومات او الذين يريدون التطبيع معها، وليس على طريقة الجهاديين الذي يريدون إفناء من فيها. الأمر يحتاج إلى نضال منظم، ومقاومة حقيقية تطرح فكرة حلّ الدولتين أولاً، وفي المرحلة اللاحقة إقامة دولة فلسطينية على أساس المواطنة، تضم العرب واليهود.

بوادر مواجهة عسكرية بين دمشق والأكراد

بوادر مواجهة عسكرية بين دمشق والأكراد

الحسكة

ظهرت في الأيام الاخيرة بوادر مواجهة عسكرية بين دمشق والاكراد شرق سوريا. اذ سجل استنفار أمني في مناطق سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» الكردية – العربية، بعد اتهامها بـ«الخيانة» من قبل الرئيس بشار الأسد واعتبار نائب وزير الخارجية فيصل المقداد هذه القوات مشابهة لـ«داعش»، في وقت بدأ النظام السوري إعادة فتح قنوات مع قادة عشائر شرق سوريا لمواجهة محتملة مع الأكراد الذين سعوا لوساطة من موسكو.

وكثفت الشرطة الكردية (آسايش) و«وحدات حماية الشعب» الكردي دورياتها في مدن منبج وتل أبيض ورأس العين والدرباسية والقامشلي والقحطانية والحسكة دورياتها وعززت نقاطها بعناصر إضافية خوفاً من تحرك أبناء العشائر العربية الذين يرفضون هيمنة الأكراد على مناطقهم بإشارة من النظام.

وقال مصدر في محافظة الحسكة: «تصريح الأسد لم يصف الأكراد بالخيانة، بل وصف كل من يعمل تحت المظلة الأميركية بالخيانة وهذا الأمر ينطبق على الأكراد والعرب والمسيحيين والتركمان باعتبارهم مشاركين في قوات سوريا الديمقراطية التي تعمل تحت المظلمة الأميركية». وأضاف: «رد فعل الأكراد على تصريحات الأسد كان قاسيا ولا يقل عن تصريحه فقد وصفوه بالخيانة باعتباره فتح أبواب سوريا أمام كل الإرهابيين. وغياب أي رد فعل من جميع المكونات الأخرى، يشير إلى أن وحدات الحماية الكردية وباقي الفصائل الكردية المشاركة معها تعمل تحت المظلة الأميركية وهم من ينسقون ويتواصلون مع الأميركيين لأنهم بصراحة لا يثقون بالعرب وغيرهم من قوات سوريا الديمقراطية التنسيق فقط مع الوحدات الكردية، وهذا ما أكده الناطق الرسمي باسم قوات سوريا الديمقراطية طلال سلو بعد انشقاقه منتصف الشهر الجاري».

واتهمت «قوات سوريا الديمقراطية» في بيان الأسد بـ«الخيانة». وقالت: «الأسد وما تبقى من نظام حكمه، هم آخر من يحق لهم الحديث عن الخيانة وتجلياتها، بما أن هذا النظام هو المسؤول مباشرة عن فتح أبواب البلاد على مصراعيها أمام جحافل الإرهاب الأجنبي التي جاءت من كل أصقاع الأرض، كما أنه هو بالذات الذي أطلق كلَّ الإرهابيين من سجونه ليوغلوا في دماء السوريين بمختلف تشعباتهم». وأضافت: «النظام الذي ما زال يراهن على الفتنة الطائفية والعرقية ويتخندق وَفْق هذه المعطيات، هو ذاته أحد تعاريف الخيانة التي إن لم يتصدَّ لها السوريون ستؤدي بالبلاد إلى التقسيم، وهو ما لن تسمح به قواتنا بأي شكل من الأشكال». وكان وزير الخارجية السوري وليد المعلم قال إن «إقامة نظام إدارة ذاتية للأكراد في سوريا أمر قابل للتفاوض والحوار في حال إنشائها في إطار حدود الدولة».

ووصف المجلس التنفيذي لمقاطعة الجزيرة التابع للإدارة الذاتية في بيان تصريحات الأسد بأنها «كانت متوحشة بمثابة إعلان حرب جديدة على كل مناطقنا المحررة التي لم يميز بين مكوناتها، وكأنه بمعنى من المعاني يريد إعادة إنتاج الماضي الأسود القاتم لكل مكونات شعبنا العربية والكردية والسريانية والشيشانية والتركمانية وغيرها عبر اتهامها بالخيانة والتبعية. لا يحق لمن كان السبب في تدمير البلاد والعباد وملأ هذا الوطن بميليشيات الموت المرتزقة من كل أصقاع العالم أن يتهم القوى التي حاربت الإرهاب وحافظت على أمن واستقرار المنطقة بالخيانة».

ورد المقداد على موقف الأكراد ووصف «قوات سوريا الديمقراطية» بأنها «داعش» جديد في الشمال الشرقي من سوريا. وقال أمس: «هناك داعش آخر قد يسمى قسد، ويحاول الأميركيون دعمها ضد إرادة الشعب السوري». وأضاف: «هي في خدمة أميركا وخدمة المخططات الغربية ضد شعب سوريا وضد الدولة السورية»، معتبراً أنه «من يعمل على تفتيت الدولة السورية، ويضع شروط على إعادة دمج المناطق السورية ببعضها ليس بسوري ولا يمكن الوثوق به».

النظام السوري الذي ما زال يستند إلى قواعد له في شمال شرقي سوريا من عرب وأكراد وتركمان ومسيحيين وغيرهم، باشر ومنذ عدة أشهر إلى التواصل مع شيوخ عشائر العربية والتركمانية والكردية وغيرهم بعد اتخاذ الكثير منهم مواقف ضد النظام بسبب تصرفاته وخاصة في محافظات الحسكة ودير الزور والرقة والتي سيطر عليها تنظيم داعش. وكانت طائراته لا تفرق بين عناصر التنظيم والمدنيين، بل كانت تستهدف المدنيين أكثر وإشارات استفهام حول معارك وهمية بين عناصر التنظيم وقوات النظام التي سيطرة على مواقع عسكرية كان من الصعب السيطرة عليها لولا وجود تفاهمات وجر الثورة السورية إلى التطرف وخلق تنظيمات متطرفة شمال شرقي سوريا، بحسب نشطاء معارضين. وقال أحدهم: «شواهد كثيرة على تحالف النظام مع مسلحي داعش والذي سلم لهم محافظة الرقة وريف دير الزور الشرقي والغربي ونصف محافظة الحسكة».

وكان النظام وجد ضالته في ضغط «الوحدات» على العرب شمال وشرق سوريا ونظرة بعض عناصر إلى العرب للعودة إلى فتح قنوات التواصل مع شيوخ العشائر عبر أقاربهم ومعارفهم في دمشق وبعض المحافظات السورية الأخرى، ووجد الشيوخ عودة التواصل مع النظام فرصة لتخلصهم من «الوحدات» وقيادتها التي تتبع لجبل قنديل مقر حزب العمال الكردستاني وممارساتهم ضد العرب في تلك المناطق وصلت إلى حد المواجهات في مدينة منبج منتصف الشهر الماضي عندما فرضوا التجنيد الإجباري. وقال أحد الشيوخ: «إذا فرض على أبنائنا التجنيد سنرسلهم للخدمة في الجيش السوري الذي سيعود إلى المنطقة عاجلاً وليس آجلاً ولن نرسل أبناءنا للخدمة العسكرية وتقديم التحية لعبد الله أوجلان زعيم حزب العمال الكردستاني».

تواصل النظام مع شيوخ العشائر لم يقتصر على الداخل، فقد أعاد النظام الشيخ نواف راغب البشير شيخ قبيلة البكارة واحدة من أكبر العشائر العربية في شمال وشرق سوريا من صفوف المعارضة إلى دمشق، وأظهره بأنه داعم للنظام عبر مساندة فصيل لواء «محمد الباقر» المكون من أبناء البكارة ونشر صورا له مع قادة الفصيل في مدينة دير الزور إلى جانب العميد عصام زهر الدين الذي قتل منتصف شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وقال أحد أبناء العشيرة: «إيران هي من أعادت الشيخ نواف البشير من تركيا وهو يقيم في حي كفر سوسة بدمشق تحت حراسة إيرانية. ولم يسمح له لقاء أي مسؤول سوري، بل هو شخص منبوذ بالنسبة لهم بل وقصة إعادته استغلت فقط إعلامياً فقط».

تحالف «الوحدات» الكردية مع النظام السوري بني في البداية على مواجهة كل حراك شعبي في مناطق شرق سوريا، واعتبر عدد من المسؤولين السوريين في تصريحات لهم أن «الوحدات الكردية هي جزء من القوى الوطنية». لكن هذا الوصف تلاشى بعد هجوم تنظيم داعش على مدينة الحسكة بتاريخ 25 يونيو (حزيران) 2015، حيث امتنعت «الوحدات» عن المشاركة لصد الهجوم على المدينة لأكثر من 20 يوماً من بدء الهجوم. ووعد قائد «الوحدات» الكردية الملقب بـ«لوند حسكة» بأن يشارك في صد هجوم «داعش» بعد مقابلة محافظة الحسكة السابق محمد زعال العلي، وقد وعد حسكة أن «تكون الوحدات الكردية إلى جانب الجيش والقوات الرديفة له في صد الهجوم»، بحسب مصدر. وأضاف: «قرار الوحدات الكردية ليس بيدهم هناك من يوجههم وهذه مشكلة بالنسبة لتعامل الحكومة السورية معهم، والتي ترفض لقاء أي مسؤول كردي ليس سوريا».

وتابع: «بعد هجوم داعش كانت قيادة الوحدات تنتظر سقوط مدينة الحسكة بيد تنظيم داعش وتقوم باستعادتها من تنظيم داعش وبذلك تفرض سيطرتها عليها بحكم الأمر الواقع، إلا أن صمود الجيش والقوات التي قاتلت معه أضاع الفرصة منهم، ودخلوا لتثبيت نقاط كان الجيش استعادها وبسطوا سيطرتهم عليها».

هذه السيطرة أوجدت حالة من الشك بين الحلفاء ضد تنظيم داعش، بل وصلت إلى حالة المواجهات عندما بدأت «الوحدات» تفرض سيطرتها على أغلب أحياء مدينة الحسكة والسيطرة على مقارها الحكومية وما كان من الصدام بد. وقال قائد إحدى المجموعات المسلحة التي تقاتل إلى جانب الجيش النظامي: «مع تمادي عناصر الوحدات الكردية في التعرض لنقاط الجيش والقوى الأمنية والرديفة لهم كان لا بد من المواجهة مع القوات الكردية، وهذا ما حصل وتدخل سلاح الجو في قصف مقرات الوحدات والآسايش في مدينة الحسكة بداية شهر أغسطس (آب) عام 2016، وعندها أدرك قادة الوحدات أن الحكومة السورية لن تسمح بسيطرتهم على محافظة الحسكة، وكل ما يقومون به هو تحت السيطرة بالنسبة للحكومة السورية».

وتعول الحكومة السورية في تواصلها مع شيوخ العشائر ووجهاء مناطق شمال وشرق سوريا على العنصر العربي، الذي يشكل نحو 70 في المائة من «الوحدات» الكردية، بحسب تصريحات قياداتها التي تنظر إلى هؤلاء كـ«مرتزقة»، كما يقول الشيخ محمد الفارس شيخ عشيرة طي في سوريا. وأضاف: «الوحدات تنظر إلى عناصرها العرب كمرتزقة وهم وقود أي معركة يدخلها الأكراد». وتابع: «عندما يكون الأمر يتعلق بالوطن سيكون العرب وكل شرفاء محافظة الحسكة وكل سوريا يدا واحدة ضد أي مشروع انفصالي أو غيره».