ورشة تدريب صالون سوريا

ورشة تدريب صالون سوريا

أجرى فريق #صالون_سوريا، دورة تدريبية عن الانواع الاعلامية والصحافة الحساسة للنزاعات والنوع الاجتماعي، خصصت للصحفيين/ات السوريين/ات المقيمين/ات داخل سوريا وخارجها.

شارك في الورشة صحافيون/يات من دمشق، ادلب، القامشلي ومدن اخرى وخارج سوريا. وساهم في التدريب صحافيون/يات واكاديميون/يات، من دمشق وخارج سوريا.

بسبب الظروف الصحية الراهنة، عقدت الدورة التدريبية أونلاين عبر تطبيق “زوم”، قسمت على ست جلسات خلال ثلاثة أيام، بين 11 و13 آذار/مارس 2022

تناولت الجلسات اساسيات الصحافة، التعامل مع المصادر أثناء النزاعات، الفرق بين الصحافة المكتوبة والمرئية، وحساسيات النزاعات، إضافة لجلسات حول الموضوعية والحساسية للنوع الاجتماعي وطرح قضاياه.

ادار هذه الجلسات مجموعة من الصحفيين/ات السوريين/ات المتخصصين/ات بهذه القضايا، وستتاح الفرصة للصحفيين/ات بعد التدريب للنشر مع موقع “صالون سوريا” كصحفيين/ات، وهناك فرصة المتابعة مع المدربين/ات لتطوير مهاراتهم/ن الصحفية.

ورشة تدريب صالون سوريا

ورشة تدريب صالون سوريا

يعلن فريق #صالون_سوريا، التحضير لدورة تدريبية عن الانواع الاعلامية والصحافة الحساسة للنزاعات والنوع الاجتماعي، مُخصصة للصحفيين/ات السوريين/ات المقيمين/ات داخل سوريا وخارجها.

بسبب الظروف الصحية الراهنة، ستُعقد الدورة التدريبية أونلاين عبر تطبيق “زوم”، وهي مقسمة على ست جلسات خلال ثلاثة أيام، بين 11 و13 آذار/مارس 2022

ستتناول الجلسات اساسيات الصحافة، التعامل مع المصادر أثناء النزاعات، الفرق بين الصحافة المكتوبة والمرئية، وحساسيات النزاعات، إضافة لجلسات حول الموضوعية والحساسية للنوع الاجتماعي وطرح قضاياه.

يدير هذه الجلسات مجموعة من الصحفيين/ات السوريين/ات المتخصصين/ات بهذه القضايا، وستتاح الفرصة للصحفيين/ات بعد نهاية التدريب للنشر مع موقع “صالون سوريا” كصحفيين/ات، وخلالها سيحصلن/ون على فرصة المتابعة مع المدربين/ات لتطوير مهاراتهم/ن الصحفية.

اذا كنت مهتما/ة بالتقديم على التدريب يرجى ملئ الاستمارة التالية خلال موعد أقصاه الأربعاء 7 آذار/مارس 2022

https://forms.gle/R1BRJwnSC9CYVfGU6

كيف يدير السوريون نفقاتهم اليومية

كيف يدير السوريون نفقاتهم اليومية

كشفتْ دراسة نشرتْها مُؤخَّراً صحيفة “قاسيون” التّابعة لـ “حزب الإرادة الشعبية في سورية” أنَّه مع انقضاءالعام 2021، وصل وسطي تكاليف المعيشة لأسرة مكونة من خمسة أفراد إلى أكثر من مليوني ليرة ، أي مايعادل600 دولار أميركي، وهو مايزيد عمق الفجوة بين التكاليف المعيشيَّة والحد الأدنى لأجر العامل الذي “ارتفع ” بموجب المرسوم الأخير ليصل إلى مايقارب /93/ ألف ليرة ، أي أقل من 30 دولاراً.
أمام هذه الوقائع يتبادر إلى الذّهن سؤال عن الطريقة التي يدير فيها المواطن السوري نفقاته لردم هذه الفجوة ، الإجابة على هذا السؤال تكشف الحالة المزرية من الجوع والفقر والحرمان التي وصل إليها السواد الأعظم من الناس.

مشاهداتٌ مؤلمة
من المشاهد التي صادفتنا، امرأة تقف أمام بائع الخضار تتوسّل إليه ليعطيها حبة ليمون واحدة لتكمل طبخة “الملوخية ” لكنَّه يرفض ، بينما “ينتخي ” زبون أخر يقف في نفس المكان مُطالِباً البائع إعطاءها ما تريد وأنَّه سيتكفَّل بالحساب .
وبجانب إحدى الصيدليات، تقف فتاة صغيرة لاتتجاوز 12 عاماً تتوسل إلى رجل كبير أنْ يعطيها مبلغ خمسة الاف ليرة لتشتري لوالدتها المريضة الدواء، وعندما يعطف الشخص على الفتاة ويلبي طلبها يقوم الصيدلاني بتمزيق كرتونة الدواء حتى لاتفكر الفتاة ببيع الدواء لصيدلية أخرى وتقبض ثمنها.
اللافت في الأمر ، أنَّ البعض لا يبدو عليهم هيئة التسوُّل ، وربما لاتكون حرفتهم الأساسية، لكن الحاجة دفعتهم لطلب المساعدة. تقترب امرأة في عقدها الأربعين ثيابها نظيفة ومرتبة وبشرتها مرتاحة على عكس الصورة النمطية لغالبية المتسولات. تهمس في أذن أحد المارَّة تطلب مساعدة مالية لشراء طعام لعائلتها ، والبعض الآخر يستوقفك ليطلب منك ثمن “سندويشة فلافل” أو مبلغ 200 ليرة لأنه لايملك ثمن تذكرة للصعود في النقل الداخلي الذي يشبِّه أغلب السوريين الصعود فيه “بقطرميز المكدوس”، نظراً للكم الهائل من الازدحام في هذه الوسائل .
في دمشق كما في باقي المحافظات، ليس مستغربا ، أن تركب سيارة أجرة وتكتشف أن السائق خرّيج جامعي، أو موظف في جهةٍ حكومية، فرواتب الحكومة لا تكفي لسد نفقاتك ليومين.
“وما حدا عايش على راتبه اليوم”، هذا ما يؤكده طارق خرِّيج علم الاجتماع، فهو يعمل يوميا حوالي8 ساعات بعد الانتهاء من عمله في إحدى المؤسسات الحكومية لتأمين متطلبات عائلته، بينما لارا طالبة الهندسة المدنية ، تعلمت فن الوشم وهي تعمل في مركز تجميل تقول :”هذا العمل يؤمّن لي دخلاً مقبولاً لتغطية نفقات دراستي ومساعدة عائلتي” .
ارتفاع تكاليف المعيشة ، دفعت بعض العائلات لتوجه كامل أفرادها إلى العمل ، كما هو الحال مع عائلة أبو فراس الذي يعمل في أحد المطاعم بدمشق القديمة، بينما وجد عمل لابنه القاصر الذي لايتجاوز 15 عاماً عملاً في ورشة لتصليح السيارات. أما الزوجة فتعمل في تنظيف المنازل ، يقول لـ “صالون سوريا” : نزحتُ مع عائلتي خلال الأحداث من إدلب إلى دمشق واستأجرتُ منزلاً في ضواحي دمشق ، رغم كل ذلك فدخلُنا بالكاد يكفي تغطية نفقات الإيجار والدواء والطعام ،ومع أننا نتبع سياسة التقشّف فهناك الكثير من المواد الغذائية اُلغيَت من قائمة المشتريات كاللحوم والفاكهة وحتى منتجات الحليب والبيض.

“طوقُ النَّجاة ”
يساهم المغتربون وخاصة مَنْ هاجروا خلال الحرب بإيقاف نزيف أسرهم المالي في الداخل. وبحسب مصدر رسمي فإن نسبة كبيرة من المواطنين يعتمدون على ما يرسله أقاربهم المتواجدين في الخارج لتحسين أوضاعهم المعيشية. ورجَّح المصدر أنَّ مبلغ الحوالات التي تدخل سوريا خلال اليوم الواحد يصل لما يقارب5 ملايين دولار. كما أنَّ الفارق بين سعر صرف الدولار الرسمي الذي يصل لـ2500 ليرة والسوق السوداء الذي تجاوز عتبة الـ/2500 / ليرة شجَّع على تسليم الحوالات خارج القنوات الرسمية ، وتحاول الحكومة باستمرار ضبط هذه الظاهرة وملاحقة المتعاملين بها نظراً لما يضيع على الخزينة العامة من القطع الأجنبي بهذه العملية.
أمَّا حسام، فلديه ابن في أوروبا يرسل له أموالا عن طريق أحد الوسطاء، يرفض استلامها عبر شركة الصرافة بسبب الفارق بين سعر السوداء والسعر الرسمي، مُعتَبِراً أنَّ هذا الفارق يساعده كثيراً في تغطية نفقات المعيشة المرتفعة، وهذه الأموال هو الأحقُّ بها من غيره .
“أم سعيد”، لديها أخٌ مُقيمٌ في بلجيكا يرسل لها بشكل شهري مبلغ/ 300 / دولار يساعدها في تسديد إيجار المنزل الذي تسكنه ونفقات لعلاج ابنها الذي يحتاج إلى غسل كلى. تقول :”أدعو لأخي بالتوفيق ليل نهار. لولاه كنت تبهدلت وعم أشحد بالشوارع وأمام باب الجامع”.

شرعنة الفساد
الهوَّة الكبيرة بين الإيرادات والنفقات شجَّعتْ موظَّفي القطاع العام وخاصة الخدمية على “الرشوة ” فيكفي أن يدفع طالب الخدمة مبلغاً من المال لموظف حكومي ليمُنَح استثناءً ويحصل على الخدمة التي يريدها بزمن قياسي.
أحد الموظفين فضَّل عدم الكشف عن اسمه قال: “الراتب لايكفي، نعمل حوالي 8 ساعات مقابل أجر زهيد ،الزيادة الأخيرة على الرواتب لا تكفي لشراء فروج وصحن بيض ،لذلك أقوم بتسهيل معاملة البعض مِمَّن يطلبون السرعة في الإنجاز ولا يريدون الانتظار لوقت طويل ، ويصل ما أتقاضاه من المتعاملين 5 أضعاف دخلي الشهري ،ربما لاتكون هذه الطريقة سويَّة ومُوافِقة للقوانين والأخلاق ولكن لدي أطفال أريد تربيتهم”.
شهدتْ في الآونة الأخيرة أغلب المناطق السورية ازدياداً في جرائم سرقة المنازل والدَّراجات النارية وإطارات السيارات والأجهزة الخليوية ، إضافة إلى جرائم القتل بدافع السرقة ، إذ أعلنتْ وزارة الداخلية السورية مؤخرا ، تفاصيل جريمة قتل أب على يد ابنه المُدمِن، بدافع سرقة مبلغ زهيد يبلغ أقل من 100 دولار أميركي.
كما سجل قسم الإحصاء في إدارة الأمن الجنائي منذ بداية العام الحالي وحتى شهر آب (اغسطس) الماضي 366 جريمة قتل و3663 حالة سرقة، وبعض الجرائم بقيادة نساء .
بعض السوريات لم يجدن سبيلاً للعيش سوى بيع أجسادهن مقابل المال، وتتحدث وسائل إعلام محلية باستمرار عن تفشّي ظاهرة الدعارة، كما أعلنت وزارة الداخلية أكثر من مرة إلقاء القبض على شبكات دعارة.
باحث اجتماعي أشار أنَّ انخفاض مستوى المعيشة وارتفاع نسبة البطالة دفع البعض للبحث عن مصادر غير مشروعة لتأمين دخلهم، لافتاً أنَّ غياب الرقابة الأسرية والتنشئة الاجتماعية الخاطئة للأبناء والتفكك الأسري وارتفاع حالات الطلاق دفع الأبناء للوقوع فريسة الجريمة والدعارة ، مُشدِّداً على ضرورة تطبيق أحكام القوانين الرادعة تجاه كل فعل جرمي يمس الحق العام للمجتمع وأفراده ومكافحة الفساد وتحسين الوضع الاقتصادي وزرع القيم الأخلاقية والدينية والاجتماعية منذ مرحلة الطفولة المبكرة .
تؤكد الجهات الحكومية أن تداعيات الحرب والحصار الاقتصادي المفروض على البلاد، إضافة إلى سيطرة القوى المدعومة من الخارج على الثروات الزراعية والنفطية في شرقي الفرات وشمال إدلب ساهمت في تدهور الوضع الاقتصادي والمعيشي على حد كبير. وبحسب المعلومات، كانت سورية في تصدِّر القمح الفائض بإنتاج /4 /ملايين طن وتستهلك مليونين ونصف طن، وتنتج زيت الزيتون والخضار والحمضيات ،والتي كانت تمثِّل 10% من صادراتها. أما القطن والصناعة النسيجية فكانت تشكل نسبة 20% من الصادرات. ويشير خبراء الاقتصاد إلى أنَّ تدهور سعر صرف الليرة وارتفاع الأسعار الجنوني ، وهجرة الكوادر العاملة في القطاع الزراعي والصناعي زاد من ارتفاع كلف الإنتاج ،مما ساهم إلى حد كبير بتدني الإنتاج والأجور .

تجار الحرب يخوضون «معركة العقارات» في دمشق

تجار الحرب يخوضون «معركة العقارات» في دمشق

“على فرض أنّ المنزل الفلاني في تراسات مشروع دمر سعره مليار ليرة سورية، وهو كذلك فعلاً. سمعت ورأيت أكثر من عرض قريب من هذا السعر، في المشروع، اوتوستراد المزة، الروضة، المالكي، وأحياء أخرى. لنجري حسبة اقتصادية بسيطة، أنا موظف، راتبي الحكومي تقريباً مئة ألف ليرة سورية شهرياً، في حال أردت شراء هذا المنزل، سأحتاج لتوفير كامل راتبي، دون أن أصرف منه ليرة واحدة، سنوياً أجني مليون، كل عشر سنوات 10 ملايين، إذاَ في مئة عام سأجني مئة مليون، وسينقصني فوقها 900 مليون، وعمري 35 الآن، سأحتاج أن أعيش مئات السنين لأشتريه، تخيل!”، يقول الموظف شامل حنور الذي تحدث لـ “صالون سوريا” عن معاناة السوريين مع السكن، واصفاً الأمر بانه غير المعقول ولا المنطقي.
“حسناً، يسأل سائل لماذا لا تنخفض أسعار العقارات طالما أنّها وصلت أرقاماً غير طبيعية. الجواب بسيط: الزبائن كثر، تجار الحرب لم يتركوا لنا مكاناً لنسكنه، بل ان بيتا بجرمانا صار بـ 500 مليون؟”، يسأل شامل مستغرباً من جديد، ويبدو أنّ مئات وربما ألوف السوريين يشاركونه استغرابه، فعلاً، كيف وصل سعر العقار في جرمانا المدينة الواقعة في ريف دمشق إلى نصف مليار؟.

فوائد قوم عند قوم
وسيم الجحا تاجر عقارات في دمشق، يجلس في مكتبه في حي المزرعة الشامي يقلب في دفتره ليعثر على تفاصيل عقار معروض للبيع لديه. كان سجل بياناته سابقاً، وهو بحاجتها الآن ليلبي طلب زبون تواصل معه عبر التلفون، “المنزل المعروض ثمنه 850 مليون ليرة سورية، والزبون موافق على السعر، لكنه يريد معلومات تفصيلية أكثر، عن الاتجاه مثلاً، المساحة الكلية، الإطلالة، مساحة الشرفة، وهكذا، بالعادة هذه الأمور يعاينها المشتري على أرض الواقع، لكن الزبون هذه المرة سيشتري المنزل عبر أخيه الذي يملك وكالة عنه، فهو خارج البلد، ولكن مع ذلك لا أصفه بالزبون المتطلب، فهذا حق طبيعي طالما هو خارج البلد”.
يشرح جحا لـ “صالون سوريا” أن المتعارف عليه أنّ المكتب ينال نسبة واحد بالمئة من ثمن العقار عند إتمام المبيع، النسبة ذاتها من البائع والشاري، أي ثمانية مليون ونصف من كل طرف، في حالة هذا العقار، وبمجموع 16 مليون ليرة سورية من الطرفين، مقابل بيع عقار واحد، “إذا بعت عقاراً مشابهاً مرة واحدة كل شهر سأصير مليونير بسرعة، لكن أحياناً يجمد السوق وتتوقف حركة البيع والشراء، لذا عملنا هو مثل الضربات، والأهم هو المضاربات فيما بين التجار، ولجوء الزبون لعرض عقاره عبر الكثير من المكاتب، وأخيراً صار كثر من الزبائن يعرضون عقاراتهم بأنفسهم على صفحات الفيس بوك، وهو ما يؤدي أحياناً لتراجع نشاط عملنا”.
وبحسب التاجر، فإنّ النصف الثاني من هذا العام هو الأكثر قوةً ونشاطاً قياساً بالفترات السابقة، “وصلت العقارات أسعاراً فلكية وغير مسبوقة، وهذه الفترة هي الأفضل منذ بداية الحرب”. ويعزو جحا السبب إلى “الارتفاع الواضح في نسبة الأمان بصورة عامة”.يضيف، “الناس صارت تتجرأ الآن على الدفع والشراء طالما أنّ الخطر انحسر بصورة شبه كاملة، فضلاً عن التهاوي المستمر في قيمة ليرتنا، لذا يبحث الجميع عن (تركين) أمواله في أشياء ثابتة كالسيارات والعقارات”.
“ليست كل الأسعار تصل إلى مليار وتتخطاه، هناك منازل أسعارها 300 و400 مليون في قلب دمشق”. يقول ثائر حديد وهو تاجر عقارات آخر في دمشق، يضيف لـ “صالون سوريا”، “صحيح أنّ الأرقام كبيرة، ولكن حتى في هذه فليس الجميع سواسية، هناك أناس يملكون أموالاً ويدفعون مئات الملايين دون نقاش لشراء عقار في أبو رمانة أو كفرسوسة مثلاً، وهناك أناس نميزهم جيداً يبحثون عن منزل بمئتي مليون مثلاً، ونعرف من حديثهم أنّ هذا المبلغ هو (تحويشة) عمرهم، هناك طبقات متعددة حولنا، والغالب بينهم إما ساحق أو مسحوق”، لا ينسى حديد الإشارة أنّ ارتفاع الأسعار مرتبط أيضاً بالتكلفة الباهظة لمواد البناء وارتفاعاتها المتتالية خلال الفترات الماضية.

“امبراطورية” المزة 86
“أنا الآن مستأجر لمنزل، اسكنه أنا وزوجتي وطفلي في منطقة المزة 86، أي في عمق مخالفات بلدنا، حتى أنّه لتصل لمنزلي، أنا لا اسميه طريقاً، بل عليك أن تتسلق أدراجاً طلوعاً ونزولاً، بالمختصر بتطلع روحك لتوصل لعندي، وفوق ذلك أجار منزلي 400 ألف شهرياً، وندفع كل ستة أشهر سلف، ومع نهاية كل نصف عام يتوقع المستأجر من صاحب العقار أن يزيد سعر الإيجار، المهم، تخيل أنّك في ال86 تستأجر ب400 ألف، كيف هذا؟، لا أحد يعرف، الطامة ليست هنا، تخيل أنّ أسعار بعض المنازل حولنا لامست حدود مئة مليون ليرة سورية، ومنطقتنا كلها مخالفات، شيء لا يصدق ولا يعقل”، يقول المهندس منصور سليمان في حديثه ل “صالون سوري” مبدياً استغرابه من تركز الأموال بيد فئة محددة من المجتمع.
“تجار الحرب هم من رفعوا أسعار العقارات وقضوا علينا”، يقول سليمان، ويضيف: “ما جمعه أحدهم بعام واحد في الحرب، سأحتاج أن أعيش مئتي عام لأجنيه من وظيفتي”. وعن حلمه بامتلاك عقار، يقول: “ما عدت أفكر بالأمر منذ زمن، قدرنا في بلدنا أن نظل مشردين بين منازله المستأجرة، وأن تشتري أرضاً وتعمر منزلاً عليها، أنا مهندس وأعرف أنّ الأمر جنوني، فمثلاً، سعر طن الحديد أكثر من مليوني ليرة سورية وسعر كيس الإسمنت أكثر من 15 ألف وسعر المتر من البتون المجبول بحدود مئة ألف ليرة، لذا فهذا الخيار مستحيل أيضاً”.

الاقتصاد العجيب
يبدي الاقتصادي كمال حميرا استغرابه الشديد من ارتفاع أسعار المنازل للضعف فجأة، يقول في حديثه مع “صالون سوريا”: “ما يحصل لا يصدق، لم ندرسه بالاقتصاد، الوضع في سوريا جنوني، ترتفع ضرائب البيوع العقارية، تزداد أسعار العقارات، تتوازن الليرة قليلاً، ترتفع أسعار العقارات، تزداد المخاطر الأمنية، تزداد أسعار العقارات، تنخفض المخاطر الأمنية ترتفع الأسعار، العقارات لدينا لا تعرف شيئاً سوى الارتفاع، في الاقتصاد هذا غير مفهوم عموماً، نعم من المفهوم تأثير السوق السوداء وهرب الناس للتملك في محاولة للحفاظ على مدخراتهم بالعملية المحلية، ولكن حين وصل الدولار قبل أشهر حدود 5 آلاف ليرة سورية مقابل الدولار، ارتفعت العقارات، الآن ارتفعت قيمة الليرة ليصبح كل دولار يساوي حوالي 3500 ليرة في السوق السوداء، ارتفعت العقارات من جديد، هذا غريب حقاً!”.

لو كان سعيد عقل حياً
كانت دمشق المدينة الحلم لكل باحث عن فرصة عمل، حياة جديدة، إبداع مختلف، ولاحقاً صارت مقصداً للنازحين والهاربين من ويلات الحرب، ولكن سرعان ما لفظتهم عاصمة بلادهم، عودوا من حيث جئتم، أو ارحلوا لمخيمات في الجوار، وفي أحسن الأحوال افترشوا الأرصفة والحدائق، وحقيقة كل ذلك يحصل، نسبة الفقر والتسول في دمشق وصلت مستويات ما عهدتها البلاد يوماً، البلاد التي كانت مقصداً لمواطني جوارها لانخفاض أسعار كل شيء فيها، ليس بدءاً من الثياب ولا الطبابة ولا وصولاً إلى العقارات، اليوم، تغيّر كل شيء، من يعرف دمشق قبل 2011، لن يعرفها اليوم.
إذن، هي الحرب مرتان: مرة على أرواح السوريين، ومرةً على جيوبهم، وفي المرتين لا ينفك الناس يقدمون الأضاحي والنذور على نية خلاص بلادهم، أو خلاصهم من بلادهم، حدود بولندا تشهد على نظرية الخلاص بأكبر الأثمان، يقول عجوز قارئ نهم لـ “صالون سوري”، “لو كان سعيد عقل حياً، لقال لدمشق: شآم ما الوجع؟، أنت الوجع لم يغب. انت القسوة والقهر”.

سوريات يودعن فساتين الزفاف بالدموع

سوريات يودعن فساتين الزفاف بالدموع

تتسع رقعة الفقر باتساع غياب الموارد المالية الأساسية ومحدودية الدخل، والتي يقابلها غلاء غير منطقي للمعيشة، بما يعكس عجزا ملموسا في القدرة على تلبية متطلبات الحياة بحدودها الدنيا، ينجم عنها اللجوء إلى ابتكار أساليب دفاعية عن لقمة العيش للخروج من دائرة البؤس، وتطوير مهارات تحصيل المال لمحاربة العوز.
وتلجأ العديد من النساء السوريات إلى منصات التواصل الاجتماعي لعرض فساتين زفافهن للبيع أشبه بظاهرة انتشرت كثيراً في الآونة الأخيرة، وذلك كأحد وسائل النجاة من طوق الفقر والوقوع في هُوّة الحاجة، كحالة تاليا (23 عاما) التي دفعتها ظروفها الاقتصادية المتدهورة إلى الاستعانة بالمجموعات الخاصة ذائعة الصيت على “فيسبوك” لبيع فستان زفافها. وتقول لـ “صالون سوريا”:” كنت أعمل في تغليف وتنسيق هدايا المغتربين، لكني تركت العمل بسبب وضعي الصحي المتردي، أعاني من الديسك، فقد أجريت مؤخراً عملية في العامود القطني، إذ وصف لي الطبيب العديد من الأدوية ضمن الخطة العلاجية”.
تتابع تاليا، وهي أم لطفلين أن “زوجها سافر خارج البلاد منذ برهة قصيرة، ولا يستطيع تكبد مصاريف علاجها، لذلك قررت عرض فستان الزفاف بقيمة 80 ألف من أجل تكاليف الأدوية”. تضيف:” زوجي يا دوب يأمن مصاريف عيشتو لان طالع جديد عاسطنبول، عم يبلش من الصفر”.
تعيش الشابة من أجار منزل والديها المتوفيين الذي ورثته عنهما، وتقول:” مستورة ولله الحمد، أعيش حالياً من أجار منزل أهلي، أحصل على حصتي منه كل ثلاثة أشهر مع أخوتي، المهم أن لا أمد يدي للآخرين وأعيش بكرامة”.
أما نور، فعرضت فستان زفافها على مجموعة “فستانك بيعيه” التي استدلت عليها بالصدفة خلال تصفحها الموقع الأزرق، تقول: “أريد أن أسدد أجرة البيت بثمن الفستان. عرضته بسعر 350 ألف، بينما يباع في المحلات بأكثر من 850 ألف، بدي بيعها أحسن ما ضل بوجهي “.
من وجهة نظر نور، لا فائدة مرجوة من “تصميد فستان في الخزانة لسنوات طويلة دون استثماره مالياً”، وتضيف: بحس حرام بدلة مدفوع ليها مبلغ كبير تنحط بالخزانة، لا يعنيني كثيراً أن ترتديه فتاة غيري، لست من المهووسات بالملابس والقطع النادرة، كما ليس لدي مانع من إعارته لإحدى الشابات إذا كانت لا تملك المال لدفع أجرته”.

سوق الحمدية الشهير
بحثت زينة مراراً عن محلات تقبل بعرض فستان زفافها، إلى أن وافق أحدهم أخيراً شريطة أخذ نسبة معقولة على مرات التأجير، تقول :” ظللت أبحث عن بائع يقبل بتأجير فستاني دون أن يحتال علي ويبخس بثمنه. لجأت إلى أحدهم في سوق الحمدية بدمشق، لكنه طلب مني شراء الفستان بخمسين ألف ليرة سورية، بينما كلفني حوالي مليونين منذ أربع سنوات”، تتابع: “بعد بحث استمر شهرا كاملا، التقيت ببائع وافق على الحصول على مبلغ 100 ألف لقاء أجار الفستان في كل مرة بقيمة 500ألف، وافقت على الفور”.
تريد زينة تسديد نفقة مدرسة طفلها الخاصة التي وصلت تكاليفها قرابة ثلاثة ملايين، تقول: “لا قيمة لوجود فستان زفافي في الخزانة، سوى أنه يعيد لي شريط الذاكرة إلى الخلف ويذكرني بيوم الزفاف وتفاصيل ذلك اليوم المميز، أحاول الاستفادة منه قليلاً، كأن أسدد أقساط مدرسة ابني ولوازمه المدرسية التي باتت مكلفة جداً”.

الرداء ذاته
أما لانا، فلديها وجهة نظر مغايرة، اذ عرضت فستان سهرة مرصعا بحبات اللؤلؤ على أحد مجموعات بيع الملابس، أرفقته بمنشور مختصر: “فستان ملبوس مرة واحدة فقط، للجادات أرجو التواصل على الخاص”. تقول:” أنا ارتدي الفستان مرة واحدة فقط، ولا أعيد الكرة ثم اعرضه للبيع، اشتري بثمنه فستان آخر، أما في حال لم أوُفق في بيعه، أضعه في الخزانة”، وعن عدم ارتدائها الثوب مرتين، توضح الشابة:” طبع عندي، ما بحب الناس تشوفني لابسة الفستان مرتين بشي مناسبة، كتير بهتم ببرستيجي قدام الناس”.
,قررت هلا عرض فستان خطوبتها بنصف ثمنه هرباً من تكبد مشقة حمله إلى بريطانيا، تقول:” سأسافر الأسبوع المقبل إلى بريطانيا، ولست بحاجة إلى الفستان، اشتريته بمبلغ 600 ألف وأود بيعه بنصف القيمة، انتظر الرد”.
اما ضحى، فتتمتع بحالة مادية ميسورة جداً، لكن بالرغم من عدم حاجتها إلى المال، غير أنها نشطة على مجموعات التواصل الاجتماعي الخاصة ببيع الملابس المستعملة، وعن ذلك توضح الشابة: ” زوجي يعمل في بيع السيارات، وضعي الاقتصادي ممتاز، لكنني أحب بيع ملابسي التي لا أحتاجها، أصرف بثمنها على المكياج أو شراء أشياء غير ضرورية”.
وتتحدث راما، وهي مسؤولة صفحة الترويج لأحد المجموعات على “فيسبوك” عن انتشار ظاهرة بيع فساتين الزفاف والخطوبة والملابس الآخرى على مواقع التواصل الاجتماعي، مبررة أن السبب هو الفقر والعوز المادي. وتقول لـ “صالون سوريا”: “استلم يومياً عشرات المنشورات حول بيع فساتين الزفاف والخطوبة، معظمهن بدافع الحاجة وزيادة الدخل المادي، أشفق عليهن وأرفأ لحالهن، يحز بقلبي أن تبيع إحداهن فستان زفافها التي تعبت لانتقائه، لكن الحاجة أقوى من كل شيء”. وتضيف الشابة: “اتقاضى أجرة بسيطة جدا لتسديد نفقات الإنترنت كما أنني أحرص على الحصول على الإعجابات وانتشار المنشور، لكن في المقابل هناك مجموعات تتقاضى مبالغ تصل إلى 40 ألف لتستغل حاجة الناس”.