بواسطة Rania Mostapha | أغسطس 15, 2018 | Cost of War, غير مصنف
مع بداية الانتفاضة السورية، حمل المتظاهرون العلم السوري “الأحمر”، وكفّنوا به شهداءَهم؛ وفي اعتصام حماه رفعوا علماً طويلاً ملأ الساحة، وقد استَهلكت خياطتُه آلافاً من أمتار القماش الذي جلبَه الناشطون خصيصاً من حلب لهذه الغاية. حينها كان للعلم السوري الأحمر رمزيةٌ وطنيةٌ، ولم يكن في ذهن عموم المتظاهرين والناشطين لا العسكرة ولا التدخل الخارجي.
في تلك الفترة خرج بعض المعارضين على شاشات الإعلام بأفكار تقول بضرورة حمل السلاح منذ البداية، وألا فائدة من الحراك السلمي، وأن الإطاحة بالنظام تحتاج تدخلاً عسكرياً. وهم بتلك المواقف، يقصدون محاكاة التجربة الليبية بتشكيل جيش معارض يدعمه جوّياً حلف الناتو، والذي أطاح بالقذافي لتستلم المعارضة الحكم مكانه.
وعلى غرار ليبيا، حيث غيّر المعارضون العلَم من الأخضر إلى “الملوّن”، رفع المعارضون السورين المشاركون في مؤتمر أنطاليا، وأغلبهم إسلاميون، في ١ حزيران ٢٠١١، العلمَ السوري القديم، علم الاستقلال “الأخضر”. قال هؤلاء المعارضون إن العلم الأخضر يرمز إلى الاستقلال عن النظام والقطع مع كل رموزه. وصمم المعارضون صفحة على مواقع التواصل الإجتماعي تدعو إلى استخدام العلم القديم، وأطلقت صفحة الثورة السورية، المعروفة بنفَسها الإخواني، حملة “أربعاء علم الاستقلال.”
لقيت هذه الطروحات استغراباً، وربما صدمة، في أوساط المتظاهرين والناشطين، فهي لم تكن تدور في بالهم، إذ اعتادوا على العلم الأحمر كرمز وطني يعبّر عن وحدة السوريين. وكانت توجهات أغلب ناشطي التنسيقيات الأولى تحذّر من العسكرة ومن التطييف، ومن لعنة محاكاة تجربة الحرب الليبية المدمِّرة، وبالتالي لم يكن مطروحاً تغيير العلم في البداية، لكن الفكرة لاقت قبولاً لاحقاً.
تم حمل السلاح مبكراً، بعد الأشهر الأولى، لحماية التظاهرات من هجوم متوقّع للنظام؛ ولا يمكن اعتبار ذلك عسكرة، لا من حيث الوظيفة ولا التنظيم. وحتى المواجهات المحدودة مع قوات النظام، في بعض المناطق التي فيها سلاح مسبقاً -المناطق الحدودية التي تعمل بالتهريب كما في درعا وتلكلخ والرستن ـ فقد كان ردود فعلهم تتسم بالعفوية على محاولات النظام اقتحام بلداتهم وخوفاً من التنكيل بالأهالي.
“حركة الضباط الأحرار” وهي أول تشكيل عسكري من منشقين أسسه حسين الهرموش، الضابط المنشق في بداية حزيران ٢٠١١ اعتمدت على نفس العلم الأحمر الذي كان الوحيد المستخدم حينها. وكان أول عمل عسكري للهرموش دفاعياً ضد قوات النظام التي كانت تتقدم في جسر الشغور في نفس الشهر، قبل أن يختفي في تركيا، ويتم تسليمه إلى النظام السوري.
توالى ظهور الكتائب المسلحة في كل المناطق السورية المنتفضة، بعد أن باتت سورية تعيش في دوامة من القتل المجاني من النظام، دون أن تقود التظاهرات السلمية لتقدُّمٍ ملموس على الأرض، مع استمرار النظام باعتقال وتهجير النشطاء وقيادات التنسيقيات الأولى.
النظام دفع تلك المناطق إلى اتخاذ العسكرة، إلى جانب استمرار النضال السلمي، كشكل إجباري للنضال. ومع تزايد تلك الكتائب، بدأت تبحث عن الدعم الخارجي، ولقيت فكرة إنشاء جيش حرّ معارض قبولاً عاماً، حيث اعتمد “الجيش الحرّ” العلم الذي ارتآه المطالبون الأوائل بالعسكرة والتدخل، أي علم الثورة “الأخضر”. ومنذ بداية تشكُّله، اتبع الجيش الحر سياسة تحرير المدن والبلدات، واحتاجوا رفع علمهم المختلف عن علم النظام، في المناطق “المحررة”، بعكس المنشقين الأوائل الذي بدؤوا الهجوم على مواقع النظام دون فكرة التحرير.
المتظاهرون ظلّوا يحملون العلم الأحمر، لكنَّهم أضافوا إليه الأخضر في نفس التظاهرات كتعبير عن مناصرتهم للجيش الحر قبل أن يتلاشى ظهور العلم الأحمر في التظاهرات. ومع اشتداد المعارك بات هذا العلم بالنسبة للمتظاهرين يمثّل النظام، بكلّ إجرامه.
في بداية ٢٠١٣، كانت هناك حاجة للدعم العسكري والمادي، والذي كانت تقدّمُه دول الخليج وتركيا، بوساطة شخصيات معارضة إسلامية، في غرفة عمليات خُصّصت لذلك، واشترط الداعمون مظاهر الأسلمة على الكتائب، كأسمائِها، وأسماء عملياتها، ورُفعت أعلامٌ إسلامية في التظاهرات، منها بيضاء ومنها سوداء. وتدريجياً تلاشى ظهور علم الثورة “الأخضر” أيضاً، خاصة مع اشتداد عود الكتائب الإسلامية، وملاحقتها للجيش الحر، الذي يفتقد إلى الدعم.
ومن حينها إلى اليوم، أصبح للعلم الأخضر رمزية مزدوجة، في أغلب أوساط الثورة والناشطين في الداخل والخارج، فهو يرمز إلى معارضة النظام، وبالضد من علمه الأحمر، وإلى وطنية الثورة ومعارضتها للأسلمة والتطييف، وبالضد من الرايات البيض والسود.
في تلك الفترة فرض النظام على أصحاب المحال في دمشق وريفها طلاء “غلقات” محالهم بالعلم الأحمر، كرد فعل على انتشار العلم الأخضر ضمن أوساط الثورة؛ تلكأ البعض، من ذوي التوجهات المؤيدة للثورة، باعتبار أن دهن محالهم بعلم النظام يمثل عاراً عليهم، قبل أن يُجبروا على تنفيذ الأمر.
في أوروبا وأمريكا تخرج تظاهرات ينظِّمُها نشطاء، بعضها مؤيد للنظام وبعضها معارض، المؤيدة تحمل العلم الأحمر، والمعارضة تحمل الأخضر. وبالتالي أصبح العلم الأحمر يخصّ تأييد النظام، ويعبّر رفعُه عن نوع من “التشبيح”؛ وهنا يحتار غالبية النشطاء والوسط المعارض حول موقفهم تجاه رفع العلم الأحمر وتكفين الشهداء به في تظاهرات السنة الأولى للثورة.
بعد هجوم داعش الأخير على قرى السويداء، وارتكابهم المجزرة البشعة، اتفق العديد من المثقفين والنشطاء، في الداخل والخارج، على أن الهجوم تم بدفع من النظام كرسالة لأهالي السويداء، للخضوع إلى أوامر السلطة بما تمثله من تجاذب مصالح روسي إيراني، وتقديم أبنائهم للخدمة العسكرية، وإنهاء حركة “رجال الكرامة”. وهناك رأي عُمّم في أوساط الثورة يصنّف أهالي السويداء بالمحايدين، لأنهم رفضوا بغالبيتهم الالتحاق بالخدمة العسكرية والمشاركة في قتل الشعب السوري بينما ذهب البعض بالرأي إلى اعتبار السويداء معارضة للنظام، وستنتفض ضده إذا ما استمر بالضغط على أهلها.
تضامَنَ الجميع مع ضحايا المجزرة، سواء اعتبروهم محايدين أو معارضين؛ لكن الصدمةً واجهت المتضامِنين لدى مشاهدتهم العلم الأحمر في تشييع ضحايا المجزرة، رغم تفهّمِهم أنه لن يتم رفع علم آخر، ورغم طرد المشيِّعين لممثلي النظام في المحافظة ومنعهم من إلقاء الخطابات. حالة التحرّج من علم النظام منعت غالبية النشطاء من مشاركة صور التشييع على صفحاتهم؛ لكنّ هذه الظاهرة تستدعي نقاشاً حول علم سوريا: أهو أحمر أم أخضر؟
لم تعرف الدولة السورية الحديثة، منذ نشوئِها قبل أقلَّ من مئة عام، الاستقرارَ؛ وعاشت قرناً من الاحتلالات والصراعات والحروب والتحالفات والانقلابات، وفي كلّ مرحلة من مراحلها كان المنتصرون يفرضون أعلاماً تعبِّر عنهم(1). وبالتالي يمكن القول أنَّ لكلِّ فترة من تاريخ سورية المعاصر علَمها الذي يعبر عن التغيير شكلاً ومضموناً.
العلم الرسمي الحالي، الأحمر، اعتُمد أول مرّة في ٢٢ شباط ١٩٥٨، كمعبِّر عن الجمهورية العربية المتحدة، وظل معتمداً حتى الانفصال ١٩٦١. أعيد استخدامه في ١٩٨٠، من قبل النظام كمعبر عن وحدة الصف العربي(2).
علم المعارضة الأخضر، حدّده لأول مرة دستور الانتداب في ١٩٣٠، واعتُمد رسمياً عام ١٩٣٢، وأصبح رمزاً وطنياً للنضال ضد المستعمر الفرنسي. واعتمد كعلم رسمي بعد الجلاء في ١٧ نيسان ١٩٤٦، وظل معتمداً حتى الوحدة مع مصر ١٩٥٨، ثم استُخدِم بعد الانفصال. وترمز ألوان مستطيلاته الثلاثة إلى مراحل دولة الخلافة الإسلامية، الراشدية والأموية والعباسية، ونجومه الحمراء الثلاث ترمز إلى مناطق سورية(3).
سوريا اليوم تحت احتلالات متعددة، يتزعَّمُها الاحتلال الروسي. وهو يريد الإبقاء على النظام بشكله القديم مع تغييرات غير جوهرية في بنيته وفي دستوره، لكنها ستراعي مصالح المتدخلين في التسوية السورية، ومصالح روسيا نفسها.
لا يمكن القول أن التسوية القادمة ستُدخِل سورية في مرحلة استقرار؛ فهي مدمَّرة، ونصف شعبها مهجّر، وتحكمها مافيات فاسدة ومجرمة، ولم تعد السلطة مقبولة من عموم السوريين. ففي سورية احتلالات تريد النهب، وتدمير ما تبقى من الاقتصاد الوطني.
وبالتالي أمام السوريين صراعاتٌ ونضالاتٌ متعددة المستويات، ضد سلطات الأمر الواقع، وحكم الأسد، وضدَّ الاحتلالات: الروسي والإيراني والتركي، والأمريكي إن بقي في الشرق. وأمامَهم كذلك صراعٌ من أجل إقامة دولة سورية بمفاهيم حداثية ووطنية، ودستور يقوم على المواطنة، وحينها يختار السوريون علَماً يمثل مرحلتهم الجديدة.
الهوامش:
- استخدم علم الدولة العثمانية من معركة مرج دابق 1516 حتى انسحاب الحامية العثمانية من دمشق 1918. علم الثورة العربية 1918- 1920. علم المملكة العربية السورية من قدوم الأمير فيصل إلى دمشق في 8 آذار 1920 وحتى معركة ميسلون 24 تموز من العام نفسه. علم الانتداب الفرنسي الأزرق اتخذ في 24 تموز 1920، ثم أعلام التقسيم إلى دويلات طائفية ومناطقية. علم الاستقلال (1932- 1958) و(1961-1963). أعلام البعث: علم البعث ذي الثلاث نجمات خضراء 1963-1972. ثم علم اتحاد الجمهوريات العربية ذي النسر 1972-1980. ثم العلم الحالي الذي كان قد استخدم كجزء من الجمهورية المتحدة (العلم الحالي) 1958-1961، ثم استخدم منذ 1980 حتى الآن.
- بعد الانفصال استخدم علم الاستقلال، والبعث استخدم أعلاماً مختلفة قبل أن يعتمد علم الجمهورية العربية المتحدة. كما وضحنا في البند أعلاه.
- ترمز النجوم الثلاث إلى حلب ودمشق ودير الزور. لكن في عام 1936 تغيرت معاني النجوم الثلاث بعد ضم سنجق اللاذقية، وأصبحت النجمة الأولى ترمز إلى حلب ودمشق ودير الزور، والثانية إلى جبل الدروز، والثالثة إلى سنجق اللاذقية.
بواسطة Syria in a Week Editors | أغسطس 13, 2018 | Media Roundups, Syria in a Week, غير مصنف
ضحايا الشمال
١١ آب/أغسطس
قتل٥٣ مدنياً، بينهم ٢٦ طفلاً، نتيجة القصف الجوي الذي استهدف ليلة أمس، الجمعة، مناطق سيطرة الفصائل المعارضة في شمال سورية، وفق حصيلة جديدة للمرصد السوري لحقوق الإنسان.
وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان “قتل ٤١ مدنياً، بينهم ٢٥ طفلاً نتيجة القصف الجوي ليلاً على بلدة أورم الكبرى في ريف حلب الغربي”، فيما قتل ١٢ آخرين، بينهم طفل في الغارات على محافظة إدلب. وأفاد المرصد بأن “غارات شنتها طائرات روسية وبراميل متفجرة ألقتها مروحيات سورية استهدفت مناطق في جنوب محافظة إدلب.”
ويعد التصعيد الحالي الأخطر منذ إعلان منطقة خفض التوتر في إدلب العام الماضي. (الحياة)
بالمقابل ولليوم الرابع توالياً تسقط الدفعات الجوية الروسية طائرات مسيرة تستهدف قاعدة حميميم ويتزامن هذا التصعيد مع بدء استهداف قوات النظام لمناطق في شمال حماة وجنوب إدلب.
كما قتل ٦٩ شخصاً على الأقل بينهم ٥٢ مدنياً جراء انفجار مستودع أسلحة لم تحدد أسبابه فجر الأحد في بلدة سرمدا بمحافظة إدلب في شمال غرب سوريا، وفق حصيلة جديدة أوردها المرصد السوري لحقوق الإنسان الاثنين.
وقال المرصد “ارتفع إلى ٦٩ على الأقل عدد من قضى جراء الانفجار، هم ٥٢ مدنياً بالإضافة الى ١٧ مقاتلاً من هيئة تحرير الشام” (جبهة النصرة سابقاً).
ومن بين القتلى المدنيين ١٧ طفلاً وفق المرصد الذي أفاد أن غالبية القتلى هم من عائلات مقاتلين في هيئة تحرير الشام نزحوا من محافظة حمص (وسط). ولا تزال عملية الإنقاذ مستمرة منذ فجر الأحد، وفق عبد الرحمن الذي رجح ارتفاع حصيلة القتلى بسبب وجود “عشرات الجرحى بعضهم في حالات خطرة.”
وبحسب المرصد، فإن المستودع كان موجوداً في أحد الأبنية السكنية في بلدة سرمدا بريف إدلب الشمالي، ولا تزال أسباب الانفجار “غير واضحة حتى الآن.”
النزوح من إدلب: إلى أين؟
٨ آب/أغسطس
قد تقود المعركة المرتقبة في إدلب إلى تشريد ٧٠٠ ألف سوري بحسب تقرير لوكالات إغاثة تحت إشراف الأمم المتحدة. وأدت معارك كثيرة سابقة إلى اتفاقات تقضي برحيل مقاتلي المعارضة وأُسرهم إلى إدلب مما ضاعف تقريباً عدد سكان المحافظة ليصل إلى ٢.٥ مليون نسمة. وستؤدي المعركة المحتملة إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية وازدياد الاحتياجات الإغاثية بشكل استثنائي.
وقال بانوس مومسيس منسق الأمم المتحدة الإقليمي للشؤون الإنسانية في يونيو/حزيران إن سكان المحافظة بأكملهم يمكن أن ينزحوا باتجاه الحدود التركية إذا وقع هجوم كبير. وأضاف أن مثل هذه المعركة ستكون أكثر تعقيدا ووحشية بالمقارنة بأي شيء حدث من قبل حتى الآن في الحرب المستمرة منذ سبع سنوات. (رويترز)
وحذرت الأمم المتحدة مراراً من مخاطر شن هجوم على إدلب. وقال الرئيس السوري بشار الأسد في مقابلة مع وسائل إعلام روسية الشهر الماضي إن محافظة إدلب ستحظى بأولوية قواته.
جيش المعارضة الجديد
١٣ آب/أغسطس
عملت المعارضة المسلحة في شمال سوريا على تأسيس “جيش وطني” بمساعدة تركيا مع بدء العد العكسي لمعركة إدلب. وبذلك يكون في الشمال السوري مجموعتان مسلحتان أساسيتان، هما: “الجيش الوطني” و”الجبهة الوطنية للتحرير”، إضافة إلى “هيئة تحرير الشام”.
ويظهر التحدي الرئيسي في كيفية توحيد صفوف المعارضة المسلحة بعيداً عن “هيئة تحرير الشام”. ويتلقى “الجيش الوطني” دعمًا ماليًا وعسكريًا من تركيا، والتي تدعم أيضًا “الجبهة الوطنية للتحرير” في إدلب، والتي تشكلت من اندماج خمسة تشكيلات أبرزها “جبهة تحرير سوريا” وفصائل “الجيش الحر”، وفصيل “جيش الأحرار.”
وفي هذا الإطار أشار الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إلى احتمال تنفيذ مزيد من العمليات العسكرية في الشمال السوري لإقامة مناطق آمنة لاستيعاب اللاجئين السوريين ومنع موجات نزوح جديدة إلى بلاده. وقال إردوغان، أمس، إن بلاده استكملت الترتيبات اللازمة لإقامة مزيد من المناطق الآمنة داخل الأراضي السورية، على غرار ما فعلت خلال عمليتي “درع الفرات” و”غصن الزيتون” من قبل. (الشرق الأوسط )
إغلاق معابر حماة
١٢ آب/أغسطس
يعد معبرا قلعة المضيق ومورك أحد أهم المعابر بين مناطق سيطرة النظام ومناطق سيطرة المعارضة ويمثلا رمزاً لاقتصاديات الحرب وتبادل المصالح بين الأطراف المتنازعة عسكرياً. وفي ظل التصعيد المتكرر في إدلب أغلق النظام السوري والشرطة الروسية معبري قلعة المضيق ومورك في ريف حماة وذلك يوم السبت الماضي أمام الحركة التجارية والمدنية.
ويأتي إغلاق المعبرين بالتزامن مع وصول تعزيزات عسكرية لقوات النظام إلى ريف حماة الشمالي، يوم الجمعة. (عنب بلدي)
طرد “داعش” من بادية السويداء
١٢ آب/أغسطس
أعلنت قوات النظام السيطرة الكاملة على الحدود الإدارية لمحافظة السويداء من جهة ريفها الشرقي في حملتها ضد داعش، حيث ذكرت وكالة سانا أن القوات الحكومية حققت تقدماً واسعاً وتمكنت من حصار داعش يوم الأحد في تلول الصفا الواقعة ضمن الحدود الإدارية لمحافظة ريف دمشق.
وكانت قوات النظام قد سيطرت، أمس السبت، على كل من مناطق: رسوم الطثموني، خربة الأمباشي، تلال الهيبرية، رسوم مروش، سوح النعامة، ضهرة راشد، زريبية، خربة الشهرية، وادي الرمليان، وادي شجرة، زملة ناصر، النهيان، تل الضبع، تل الضبيعية، قبر الشيخ حسين.
ولم يعلق تنظيم داعش على مجريات المعارك في ريف السويداء، وغابت إعلاناته بشكل كامل منذ الهجمات الأخيرة التي نفذها في السويداء، والتي قتل إثرها أكثر من ٢٠٠ شخص. وما زال المختطفون من نساء وأطفال السويداء محتجزين لدى تنظيم داعش. (عنب بلدي)
الثقل الروسي لعودة اللاجئين
٨ آب/أغسطس
أعلنت روسيا عن خطتها لعودة اللاجئين السوريين في ١٨ تموز ٢٠١٨ كأول مبادرة دولية جدية في هذا الإطار، وقدمت طلبات للدول المستضيفة لتزويدها بتقديرات أعداد اللاجئين. كما افتتحت ٧٦ مركزاً وخمسة معابر لاستقبال اللاجئين العائدين والتي تستوعب ٣٣٦ ألف لاجئ. وتتركز مهام مراكز الإيواء على مراقبة عودة اللاجئين من الدول الأجنبية إلى سوريا، وتقديم المساعدات اللازمة لهم، ثم فرزهم على مناطق إقامتهم الدائمة، وإبقاء الأشخاص الذين لا مأوى لهم في مراكز الإيواء.
تتحدث روسيا بموجب خطتها عن عودة ١.٧ مليون لاجئ سوري إلى بلدهم في “الوقت القريب”، يتوزعون وفق بيانات الدفاع الروسية على الشكل التالي: نحو ٨٩٠ ألف لاجئ من لبنان، ٣٠٠ ألف لاجئ من تركيا، ٢٠٠ ألف من الدول الأوروبية، ١٥٠ ألفًا من الأردن، ١٠٠ ألف من العراق، و١٠٠ ألف لاجئ من مصر.
وقدمت الحكومة الروسية خطتها بشأن إعادة اللاجئين إلى سوريا، خلال قمة هلسنكي، في ١٦ من تموز الحالي، والتي جمعت الرئيسين، دونالد ترامب وفلاديمير بوتين، لتبدأ بعدها موسكو جولة مكوكية طالت الأردن ولبنان وألمانيا وفرنسا، عبر وفود لمسؤولين كبار من الخارجية والدفاع الروسيتين، تحدثت خلالها عن تضافر الجهود مع الدول لإنجاح الخطة وعودة اللاجئين.
لكن مدى استجابة هذا العدد من اللاجئين للخطة الروسية أثار العديد من إشارات الاستفهام، إذ لم تستطع روسيا بموجب النص الأولي لخطتها أن تبدد مخاوف اللاجئين المطلوبين أمنيًا للنظام السوري، أو أولئك الذين خرجوا من البلد خوفًا من انخراطهم في الخدمة الإلزامية. (عنب بلدي)
وتسود مخاوف لدى المنظمات الحقوقية واللاجئين من خطورة تجاوب الدول المستضيفة التي تشعر بضغط اللاجئين مع المبادرة الروسية بحيث تزيد الضغوط على اللاجئين للعودة بطريقة غير طوعية ضمنياً أو علنياً.
وتتجاهل المبادرة الروسية عدم الوصول إلى حل سياسي للأزمة السورية واستمرار الشروخ المجتمعية والسياسية والاقتصادية دون علاج. فالتعويل على السيطرة العسكرية وحدها لن يوفر مناخاً مناسباً لعودة اللاجئين.
كلفة إعادة الإعمار
٨ آب/أغسطس
قدرت الأمم المتحدة كلفة الحرب في سوريا بحوالي ٤٠٠ مليار دولار، وذلك في اجتماع عقدته اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الاسكوا) يوم الأربعاء ٨ آب، ولا تتضمن هذه الكلفة الخسائر البشرية المتمثلة في القتل والإصابات والتهجير الذي تعرض له الأفراد في سوريا خلا سنوات الحرب الدامية.
وتعكس الخسائر المادية والبشرية العبء الهائل للحرب والتحديات الضخمة لإعادة الإعمار، والتي تتطلب، بالإضافة إلى الموارد المادية والبشرية، مؤسسات موثوقة وكفوءة وتشاركية لتجاوز آثار الحرب وضمان الاستقرار بعدها. (أسكوا، فرانس برس)
وفد أردني في دمشق
لإعادة االتجارة
٨ آب/أغسطس
استقبلت العاصمة دمشق وفدًا تجاريًا أردنيًا، بدعوة من مسؤولين اقتصاديين سوريين، تمهيدًا لإعادة العلاقات التجارية والاقتصادية بين الطرفين.
وذكرت “وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك” أمس، الأربعاء ٨ من آب، أن اجتماعاً عقد في مبنى الوزارة بدمشق لبحث سبل إعادة العلاقات التجارية بين الأردن وسوريا. وأضافت أن الوفد الأردني أبدى رغبته بفتح المعابر الحدودية بين البلدين، وخاصة معبر نصيب، من أجل البدء بعودة التبادل التجاري بما يشمل جميع القطاعات الزراعية والصناعية.
اعتبر الجانب السوري أن الاجتماع يمثل بداية لصفحة جديدة في التعاون التجاري السوري- الأردني. وأضاف أنه اجتماع تحضيري لفتح معبر نصيب الحدودي بين البلدين. ولمعبر نصيب أهمية سياسية واقتصادية بالنسبة للنظام السوري والأردن. وكانت قوات النظام سيطرت على المعبر الحدودي، في ٦ من تموز الماضي، خلال الحملة العسكرية التي شنتها على مناطق سيطرة المعارضة في محافظة درعا جنوبي سوريا. (عنب بلدي)
بواسطة فدوى العبود | أغسطس 13, 2018 | Culture, غير مصنف
تبدو الحياة بحسب هوراس والبول “كوميديا لمن يفكر و تراجيديا لمن يشعر”، والبحث عن سبب منطقي لما يحدث في عالمنا اليوم أشبه برحلة دون كيخوت البائسة، فأن تسأل “لم حدث ذلك؟” هو أشبه بالسؤال الساذج “لماذا أحرق نيرون روما؟”
وإن جواباً مثل: “لا لشيء، أحرقها كي يتسلى”، قد يبدو أكثر إقناعاً من غيره.
عندما قابلت جاري عند مدخل البناء سألني: “لماذا يحدث للسويداء ما يحدث؟ لماذا يموت أبناؤها دون رحمة؟”
كانت عيناه حمراوين، ولم أجبه، خرجت من المبنى وتركته يمسك بقبضة الباب مثل طفل يتعلم المشي، جاري ذاته سألني قبل أشهر: “لماذا هدموا بيتي؟” ولم أجب أيضاً.
وكأنني أملك جواباً …
على رصيف من أرصفة دمشق، يتمدد رجل فقد عائلته وبيته وأولاده، خلف مجموعة من الأحذية المستعملة، حين اقتربت منه صديقتي أخبرها أنه يبيع أحذية إيطالية وفرنسية، لم تفهم صديقتي فكاهة الرجل. سألته عن موعد قدوم البضاعة فأجاب وهو يشير للأعلى “ستمر الطائرة غداً وترميها لي…”
ابتعدت صديقتي دون أن تنظر للخلف، فقد أفزعتها هذه الفكاهة وأوجعتها، لكن لماذا هربت؟
هل خافت؟
أم شعرت أنها ضحية سخرية؟
لا هذا ولا ذاك، فقد لسعتها الحقيقة.
في عام ٢٠٠٢ قال الممثل الكويتي داوود حسين “نحن نعيش في عصر الضحك.”
ولكن عن أي ضحك يتحدث؟
وإذا كانت الفكاهة رسالة مفادها “أننا نسيطر على المواقف ونعلو عليها” فكيف يمكن أن نعلو على كل هذه المفارقات؟ كيف يمكن ألا يموت جاري بسكتة قلبية عندما رأى ثيابه وأغراض بيته تُباع في الشارع؟ اقترب ليلمسها أمام نظرات البائع الغاضبة.
“لمستها فقط، لكني لن أشتريها” قال لي لاحقاً.
لماذا يموت الأبرياء؟
وأي فكاهة يمكن لها أن تعبر عن منظر الغرقى من النساء والأطفال؟
أي فكاهة والأطفال على الشواطئ مثل دمى سقطت من حقيبة إله؟
في عالم قضى نصف أطفاله وشبانه غرقاً في البحر، فيما يعيش النصف الآخر في الخيام، في عالم يسوده الاتجار بالبشر يصبح التهام الأجنة رفاهية الأثرياء الأخيرة.
عارضات الأزياء اللواتي يتناولن المناديل الورقية لمقاومة الجوع إرضاءً لرغبات الزبائن والسوق، فيمتن.
زيارة الرئيس الفرنسي للبنان لزيارة المثليين وتفقد أحوالهم، بينما خيام اللجوء على بعد أمتار.
المناظرات بين ترامب وكلينتون أليست بحد ذاتها فكاهة!
أن تأتي بعاقل ليناظر مجنوناً فيفوز المجنون؟
وكيف تجتمع أمة على انتخاب أحمق مثل ترامب؟
عالم تُقطع أشجاره ليصنع منها ورق تُؤَرَّخ فيه الترهات.
صور المشعوذين وقارئي الطالع والكف تتصدر المشهد الإعلامي، بينما يقبع كتّاب العالم الثالث وأدباؤه في المعتقلات وزوايا المقاهي وهم يفكرون في فداحة ثمن فنجان القهوة التالي!
فهل يمكن للفكاهة أن تشمل كل المفارقات؟ ولماذا نخاف الفكاهة؟ هل فقدنا مهارة تذوقها؟
تحتاج الفكاهة لروح حرة، وفكر قادر على استيعاب التناقضات، بودلير يرى فيها “علامة على العظمة وكذلك على التعاسة اللا محدودة.”
وهي بحسب أوكتافيو باز “الابتكار العظيم للروح الحديثة، ووسيلة للنفاذ لقلب لامعقولية الواقع.” هي أشبه بالتوليد السقراطي الذي يستخرج الحقيقة من قلب الجهل، وهي تخفف من شقاء الغموض الذي يكتنف هذا العالم، على العقل الذي يبتكرها. الفيلسوف ديمقريطس -الذي لُقب بالفيلسوف الضاحك- قال للطبيب الذي حاول علاجه وظنوه مجنوناً إنه يضحك من حماقات الناس، ووصفه أبقراط أنه “أكثر الناس حكمة.” ساندرز يشبه الأمر بأخذ حبة دواء مرة شديدة المرارة بعد تغطيتها بغلاف من السكر.
كانت الدعابة وسيلة لفهم هذا العالم، وكانت قادرة على وضعه تحت نور شديد السطوع باعتبارها شارة ودلالة على الحقيقة كهذه المزحة التشيكية:
– سيدتي مرت مدحلة فوق ابنتك!
– حسناً، حسناً. إنني أستحم الآن دسها من تحت الباب!
هل يجب اتهام هذه المزحة التشيكية بالقسوة؟
يعتقد كونديرا أن العمل الأدبي العظيم المؤسس لثرفانتس انبعث من روح اللاجد “حيث تتحرر المخيلة من المسؤولية لتعبر عن هذا العالم وعن المأساة في قلب هذا العالم”، فما حدث قد حدث ولا يمكن تغييره لكن يمكننا السخرية منه كما فعل ثرفانتس ١٦٠٥- ١٦١٥ مع التراث الكلي لعصر الفرسان.
وكما فعل بائع الأحذية الإيطالية الذي واجه كابوس الفقدان بالفكاهة، فهي وحدها تثير الرعب لأنها وعي للتناقض، وقدرتها تفوق السلاح في مواجهة السلطة وأدواتها، وهي بحسب أفلاطون “قدرة الضحك على تخريب الوضع الراهن-أياً كان، وقوته الهائلة على تحويل خطوط الدفاع القوية للسلطة إلى مجرد أبنية هشة من القش.”
هل تبقت للإنسان اليوم أية إمكانية؟ أم أن الفكاهة صارت دون معنى، وعجزت عن هضم هذا التناقض؟
باعتقادي أن الروح السائدة الآن هي أقرب للتهكم والعبث والسخرية، وإن كانت الفكاهة بحسب ترجمتها اليونانية “قول الحقيقة تحت ستار الإضحاك”، وإعادة اكتشاف ما هو مألوف بشكل غير اعتيادي ووعي المفارقات (مفارقات الحياة المدهشة)، فإن التهكم يفتقر للوعي والحرية وقد وصف نيتشه صاحبه “بالكلب النهاش”. فهو لا يكتفي بالعض وإنما يتعلم أن يضحك.
لا يعلي هيجل من الموقف الأخلاقي للمتهكم، لأنه ينساق ببساطة مع المستنقع ويغطس فيه وهو يعبر عن سطحية وجفاف روحي وإنساني ووعي مشوه، كما أن “الفكاهة تعكس تحولاً من الشعور بالعجز أو النقص إلى الشعور بالتفوق” بحسب موريل ، وقدرة على التحرر من أسر الأسى.
فهل مازلنا نتمتع بالروح الحرة التي ميزت أسلافنا في وقت ما؟
هل نملك وعياً بالتاريخ الذي يُزيَّف ويُشوَّه كل يوم ؟
وهل مازلنا قادرين على التمييز بين ما يقال لنا و ما تراه أعيننا بينما يتم التلاعب بالصورة وبالمعلومة كل ثانية؟
حين كتب كونديرا وهو في الثمانين “حفلة التفاهة” أراد أن يترك لنا “شهادة حية على عالم بلا روح، عالم غامض وأحمق” لكن كاتب “خفة الكائن” ، و”الحياة في مكان آخر” والذي أراد في أعماله الأولى أن يضع الإنسان تحت إنارة مستمرة وأن يستكشف في عمق المواقف الوجودية والإنسانية ما هو أبعد منها، عن الحقيقة.
من خلال بحثه في جذور العدوانية غير المبررة وغير المفسرة بين البشر، وبكرهه لحفلات الروك وفيها لا يكون المرء موجوداً ليحكم على الموسيقى بل ليستسلم، ليصرخ، ليمتزج، التماهي لا المتعة، الانصهار لا السعادة و تحدث عن حسنات البطء في عالم يسرع دون هوادة نحو الهاوية.
ويروي كاتب “الضحك والنسيان” أن الفكاهة “هي الوميض الإلهي الذي يكشف عن العالم في غموضه الأخلاقي، وعن الإنسان في قصوره العميق عن الحكم على الآخرين وإلا كيف يتوهم دون كيخوت نفسه فارساً؟”
ربما لم يكن دون كيخوت أحمقَ، هو رجل أراد أن يسخر من عالمه بطريقته الخاصة، في حواراته مع صديقه وحامل سلاحه سانشو يضحكنا ضحكاً موجعاً فأمام الفندق يقابل دون كيخوت عاهرتين، يعتبرهما نبيلتين، ويؤدي للقواد تحية النبلاء. يبدو أن في داخل كل منا دون كيخوت يحاول فهم هذا العالم الأحمق بالعقل دون أن يعي أن كل قرارته متجذرة في الحماقة أو العبث.
في الدودة الهائلة أو “المسخ” حسب الترجمة، يستيقظ ” ك” ليجد أنه تحول إلى خنفساء مقلوبة على ظهرها، هل هناك فكاهة توازي فكاهة كافكا لتكشف عما يتجاوزها عن محنة الإنسان وعن لا معنى وجوده، وفي “مستوطنة العقاب” تبدو عقوبة السحل تحت الشفرات الحادة فكاهة بالنسبة لرجل غفا أثناء نوبة الحراسة أو نسي أن يقف باستعداد، هل هناك فكاهة في الأمر؟
نعم فكاهة العقوبة التي لا جذور لها سوى في قرار أحمق اتخذه من أقر العقوبة .
في “المحاكمة” يبدو بناء المحكمة الرث والمتآكل، حيث تمارس زوجة المستخدم الجنس مع القضاة بين المقاعد، وحيث تجري الحوارات بعبثية دون أن يفهم المتهم ذنبه تعبيراًًً عن عدالة رثة متآكلة تحركها الرغبات والأهواء، فالمحكمة التي هي العالم لا تقام إلا لإفناء المتهم .
كان كونديرا يسعى جاهداً كي يبين أن حرية الإنسان تأتي من فرادته، من كونه صانع فكاهات، لكنه في آخر أعماله يستسلم ويعترف “بصيغة النحن” ربما لخجله من التحدث بصيغة المفرد – يقول “أدركنا منذ زمن طويل أنه لم يعد بالإمكان قلب هذا العالم ولا تغييره إلى الأفضل، ولا إيقاف جريانه البائس إلى الأمام لم يعد هناك سوى مقاومة وحيدة ممكنة، ألا نأخذه على محمل الجد.”
في “حفلة التفاهة” هناك قصة عنوانها “أربعة وعشرون طيراً من الحجل.”
جاء فيها أن ستالين قرر ذات يوم أن يذهب للصيد، ارتدى معطفاً رياضياً قديماً و انتعل حذاء تزلج، حمل على كتفه بندقية صيد طويلة واجتاز ثلاثة عشر كيلو متراً. عندئذ شاهد أمامه طيور حجل جاثمة على شجرة، توقف وعدَّهم فوجدهم أربعة وعشرين طائراً من الحجل لكن يا لسوء الحظ، لم يأخذ معه إلا اثنتي عشرة طلقة. يطلق النار فيقتل منها اثني عشر طيراً، ثم يعود ليقطع ثلاثة عشر كيلو متراً نحو منزله، ويأخذ اثنتي عشرة طلقة ويجتاز الكيلومترات الثلاثة عشر مرة أخرى ليجد نفسه أمام طيور الحجل لم تزل واقفة على الغصن ذاته، يطلق النار عليها، وها هي جميعاً أخيراً.”
حين روى ستالين لمرافقيه ومستمعيه الحاضرين قصة طيور الحجل، لم يضحكوا، نظروا إليه بوجوه متشنجة، “لأن أياً منهم لم يعرف ما هو المزاح.”
ومزحة صغيرة قد يكون الرد عليها برصاصة في العنق!
مزحاتنا فقدت سلطتها، أصبحت الفكاهات خطيرة، وإن مشهد الأربعة وعشرين طائراً هو فاتحة عصر جديد، عصر أفول الفكاهات، عصر ما بعد المزحات.
بواسطة سلوى زكزك | أغسطس 13, 2018 | Cost of War, Reports, غير مصنف
دمشق
يبدو تعبير “الأزمة” تبسيطاً ساذجاً للسمة العامة لأوضاع السوريين الذين عصفت بهم رياح الموت والتهجير والجوع. التبسيط هنا ليس تهمةً بالتحايل اللغوي وحسب، لكنه محاولة للإيحاء بأنّ كل شيء سيكون بخير، وأول الخير يكمن في تحسّن الحالة المعيشية عند توقف القوة النارية.
إنّ التداخل ما بين الهوية العملية للسوريين خلق توازناً اقتصادياً ردم نوعاً ما الهوة ما بين الاحتياج والضرورة، وما بين المتوفر وعملية تأمين الوفرة الغذائية بشكلٍ كاف، فغالبية الموظفين في المدن يملكون أراضٍ زراعية في قراهم، وفي الواقع لم ينقطع الموظفون يوماً عن العمل في أراضيهم، بل إنهم يلجؤون للاستفادة من إجازةٍ طويلةٍ خلال موسم قطاف الزيتون والتفاح مثلاً أو خلال موسم قطاف الجوز أو التوت الشامي أو البازلاء والفول.
إذاً هي هوية عملية مزدوجة: مزارع وموظف! وتعتبر المدينة مركز الإقامة بالنسبة للأغلبية لأنها مركز العمل الوظيفي ذي الدخل الثابت ومكان توفر التعليم الجامعي، وهي المكان الأوفر مادياً للعيش، خاصةً في الشتاء البارد جداً في المناطق الزراعية.
لكنّ حالة العنف الدموية وتهدّم البيوت والبنى التحتية والاحتراب الطائفي والمذهبي المعلن وغير المعلن جعلت القرية فجأةً ملاذاً آمناً للعودة وللسلامة الشخصية، إضافةً إلى تسهيلاتٍ استفاد منها الموظفون (البعض وليس الغالبية طبعاً) وهي إمكانية نقل مكان العمل مؤقتاً إلى مكانٍ جغرافيٍ قريبٍ من القرية.
سامية، سيدة أربعينية تعمل وزوجها في مدينة حمص ويملكون أرضاً واسعةً يزرعون التفاح فيها ويجنون مبالغ تكفيهم لتعويض النقص الناتج عن شح الأجور الشهرية للموظفين، لجأت وزوجها إلى القرية بعد شهرين فقط من اندلاع النزاع في حمص، لم يكن موسم قطاف التفاح قد بدأ وثمة أرض واسعة ملحقة ببيتهم، فكرت سامية فورا بزراعتها بالفول والبازلاء رغبة بتأمين المؤونة السنوية، لكن نجاح الموسم والمنتج الكبير دفعها لبيع ما يزيد عن حاجتها، وتوسع البيع حين زرعت الخضار الصيفية مثل الفاصولياء واللوبياء والباذنجان المخصص للمكدوس والفليفلة.
لا تفكر سامية بالعودة إلى حمص الآن! وتخطط لتطوير زراعتها بضمان مساحات صغيرة من الأرض تملكها قريباتها الرافضات لفكرة الزراعة، مقابل اتفاق استثماري تستأجر فيه الأرض بمبلغ مقطوع سنوي أو شهري أو بنسبة من المحصول.
تقول سامية إنها قد تطلب التقاعد بعد إتمامها السن اللازم لتأمين الراتب التقاعدي، أي قبل سن التقاعد الرسمي، وقد وجهت ابنتها الحاصلة على شهادة الثانوية العامة لهذا العام لدراسة الهندسة الزراعية ليتكامل مشروعها الزراعي ويزداد نجاحاً، عدا عن أنها تؤمل ابنتها بافتتاح صيدلية زراعية خاصة بها مع أفكار إبداعية تتعلق بمنتجات مميزة من الأعشاب العطرية والمطلوبة بكثرة للاستخدامات الطبية والتجميلية.
إن تبدل النظرة نحو الزراعة محدودة المساحة ولأنواع محددة مطلوبة يومياً وآمنة من حيث العناية والظروف المناسبة للنمو ومن حيث التسويق الذي يبدو في ظل انهيار ثوابت الأمن الغذائي وانهيار الأمن المالي الشخصي والعائلي بسبب الحرب وبسبب انزياح عوامل الأمان العامة والشخصية، يبدو ضرورة تفرض نفسها ومبادرة خلاقة سيكون لمن يستغلها أو يبادر تجاهها السبق والربح وقلب المعادلة نحو الاستقرار الذاتي على أقل تقدير…
اعتادت ليلى ومنذ أواخر عام ٢٠١١ على بيع الملوخية والباذنجان المعد للمكدوس وهو الطبق الشعبي الأهم في يوميات العائلة السورية، لكن عودة زوجها من مدينة حماة بعد حصوله على تسريح مرضي بسبب إصابته بالسرطان دفعتها لإضافة خيارات أخرى لعملها الدوري في بيع منتجاتها الزراعية، إذ باتت بعد هذا التاريخ تتعاقد مع سيدتين لسلق الباذنجان وكبسه وتحضير الفليفلة بشكلها الجاهز للمؤونة مقابل أجر يومي محدد وتقوم بعد ذلك ببيع هذه المنتجات المهيأة للتموين وبسعر أعلى طبعاً محققة أرباحاً أكبر، كما أنها تحولت إلى بيع الملوخية المجففة والموضبة الجاهزة للطبخ، وقد أفردت مساحة فارغة في قبو منزلها لتجفيف الملوخية وتخزينها وذلك أيضا بعد الاستعانة بسيدة مهمتها انتقاء أوراق الملوخية وتجفيفها وذلك مقابل أجر يومي محدد.
إن اتجاه النساء السوريات لتنويع مصادر دخلهن ومبادراتهن لإدخال أصناف جديدة في إنتاجهن الزراعي أو الغذائي على الأصح، إنما هو تطور إيجابي بالغ الأهمية، مع أنه لا يرصد أبدا إلا في النطاق الأضيق ولا يضاف إلى تفاصيل عملية الإنتاج ولا إلى الدخل الاقتصادي الوارد لمداخيل الأسرة السورية وبالتالي فهو مغيب عن دائرة مصادر ومداخل العملية الاقتصادية في سورية.
يبدو من الضروري الإشارة إلى رد الفعل الاجتماعي وخاصة في البيئة المحلية على هذه الخطوات الجريئة والجديدة، والتي قيّمت عاليا هذه المبادرات واعتبرتها خطوة مميزة نحو النجاح والوفرة، يقول أبو سامر: إن زوجة ابنه ولدت ونشأت في المدينة ولم تطأ قدمها أرضاً زراعية قبل عودتها مع زوجها إلى القرية بعد أن تهدم بيتهما في أحد ضواحي دمشق، لكنها الآن تزرع النعناع والبقدونس والبصل الأخضر والفجل والسبانخ في المساكب الصغيرة في حديقة المنزل وتبيعها تباعاً لزيادة الطلب على محصولها المميز، الذي يُسقى بالماء النظيف وهو خال من الحشرات، ويضيف أبو سامر “علاقتنا تمتنت مع عائلة ابني، لابل إن كنتي صاحبة المشروع تشاركني بغلة منتوجها عندما أقوم بإيصاله على دراجتي النارية إلى بعض البيوت وبعض المحال التجارية حسب توصية مسبقة.”
قد يقول قائل: إن عمل المرأة في الأرض قديم قدم الأرض ذاتها وهذا صحيح تماما، لكنه كان جزءا من أعمالها المنزلية، وقد رفض الكثير من الآباء تزويج بناتهم للحفاظ عليهن كقوة عمل ضمن العائلة، لكن الحالة هنا مختلفة لدرجة يقول الأهالي إنه مشروع فلانة! مع أن ملكية الأرض باسم زوجها.
طبعا لا مجال هنا لذكر كافة المصاعب والمعوقات التي تعيق اكتمال ونجاح هذه المشاريع المهمة والريادية، لكن الإشارة إليها مهمة جدا وضرورية، لتعميم هذا الخيار كأحد الحلول الممكنة للنهوض بالوضع المعيشي والاقتصادي، خاصة في ظل وجود ملكيات واسعة من الأرض متروكة لليباس أو للعبث.
تعمل روضة في زراعة الفليفلة الخضراء والحمراء وتحضّر منها المخللات ودبس الفليفلة بصورة منتظمة وحسب الطلب، وتسعى للحصول على دخل أكبر وزبائن أكثر. اقترحت عليها ابنتها إطلاق صفحة على الفيس بوك للإعلان عن منتجاتها الزراعية وعن سبل توصيلها والتاريخ المحدد لاستلامها، إثر ازدياد الطلب على المنتجات في أوقات محددة وخاصة في أيام العطل والإجازات وهي تتناسب مع قدوم الناس الى القرية مما يحول دون إمكانية التوزيع والبيع في الأوقات الأخرى حيث ينعدم الطلب فيها على تلك المنتجات. وقد لاقت تلك الفكرة رواجاً دفعت بروضة لتنظيم عمليتي السقاية والقطف بناء على الطلبات المحددة مسبقاً وأنقذت محصولها من فترة كساد محتملة في البيع والشراء والتحضير .
إن كان تعبير أزمة هو تعبير وقتي وآني وقابل للتغير أو الترحيل فإن سعي بعض السوريات إلى استقرار مالي وعملي وعائلي واقتصادي هو سعي مبارك ومميز وغير قابل للترحيل أو الإهمال أو التناسي، نتمنى له النجاح والتطور.
بواسطة Ward Maamar | أغسطس 9, 2018 | Cost of War, غير مصنف
منذ بداية الأزمة في سورية لم يلق التواجد الإيراني في سورية ترحيباً دولياً، بعكس التواجد الروسي والذي أخذ شرعية دولية مبطنة.
ومع تصاعد التوترات الدولية تجاه طهران نتيجة برنامجها النووي ومشاريعها الاستراتيجية في منطقة الشرق الأوسط، يبقى لملف تواجدها العسكري في سورية شأنه الخاص من خلال طريقة معالجته الشائكة والصعبة حيث تتعرض طهران لاستهداف مواقعها العسكرية من قبل الكيان الصهيوني بهدف إخراجها من سورية.
خلال سنوات الحرب دفعت إيران ثمن تواجدها في سورية، حيث تعرضت مواقعها العسكرية للقصف من قبل الاحتلال الإسرائيلي عدا عن الخسائر البشرية لعدد من قادتها والمستشارين العسكريين الذين تواجدوا في سورية، ومع تغير الموازين في الحرب السورية واستعادة الدولة السورية قبضتها على العديد من المناطق بدأت ملامح التوترات الدولية تتصاعد وتنكشف وبدأت المطالبات الدولية بخروج القوات الأجنبية من سورية بمن فيها القوات الإيرانية وحزب الله اللبناني.
مطلب خروج إيران والقوات العسكرية التابعة لها بدأ يأخذ حيز التنفيذ من قبل الدول غير الراغبة بتواجدها على الأرض السورية على قائمة هذه الدول “الكيان الصهيوني – إسرائيل” والتي مازالت تعقد الاجتماعات والمباحثات وتشن الهجمات الصاروخية لإخراج إيران من سورية، الأمر الذي يوضح بأن السياسة الغربية تجاه سورية لم تعد تهتم للوضع السياسي الداخلي بقدر اهتمامها بإخراج إيران من سورية، الأمر الذي يجعل مسار الحل السياسي وإنجاح أي مفاوضات مستقبلية رهن خروج إيران من سورية.
بالمقابل يدرك الجميع أن خروج إيران عسكرياً من سورية لن يكون مجانياً وإنما ستقابله مساعي إيرانية للحصول على مشاريع اقتصادية استثمارية في سورية لكن يبدو أن هذه المساعي الاقتصادية بحاجة لموافقة روسية – سورية كي تؤتي ثمارها بالنسبة لطهران.
فمنذ إعلان روسيا ضرورة إخراج القوات الإيرانية من سورية تغيرت طريقة التعاطي السورية مع طهران وقواتها المتواجدة في سورية الأمر الذي دفع بالنظام الإيراني للتصعيد إعلامياً من خلال تصريحات أطلقها علي أكبر ولايتي، مستشار المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران علي خامنئي للشؤون الدولية في المحاضرةِ التي ألقاها خلالَ ملتقى “فالداي” للحوار في موسكو حيث قال: “حكومة (الرئيس) بشار الأسد كانت ستسقُط خلالَ أسابيع لولا مساعدة إيران، ولو لم تكن إيران موجودة لكانت سورية والعراق تحت سيطرة أبو بكر البغدادي.”
هذه التصريحات دفعت بالحكومة السورية للرد عليها عبر مقال نشر في جريدة الوطن السورية “الخاصة” المؤيدة للدولة السورية والتي هاجمت تصريحات ولايتي بالقول “عذراً علي أكبر ولايتي. كان ليَسقط العالم وسورية لن تسقط” بإشارة إلى أن هذه التصريحات لا تليق بالحلفاء الأصدقاء.
يؤكد هذا التصعيد بأن طريقة التعاطي مع إيران في الداخل السوري بدأت تأخذ منحى آخر وبدأ غالبية السوريين يتحدثون بلهجة الرافض للتواجد الإيراني وتفضيل التواجد الروسي عليه لعدة أسباب من ضمنها المشروع الديني الفارسي في المنطقة.
هذه المتغيرات تجعل من مسألة إعادة إعمار سورية مفصلاً هاماً وحرجاً للدولة السورية التي يتوجب عليها الحفاظ على حلفائها لمساعدتها في عملية إعادة الإعمار، خاصة وأن المجتمع الدولي ومعه المساهمين والمانحين والمؤسسات المالية والنقدية الدولية لن يشاركوا في إعادة الإعمار دون الوصول إلى حل سياسي يرضي جميع الأطراف.
وبين الإحجام الغربي، والرغبة السورية الحكومية بالبدء بإعادة الإعمار، متمثلة بدعوة الرئيس الأسد إيران للمشاركة الفاعلة، ورغبة المسؤولين السوريين في مساهمة إيران بمرحلة إعادة الإعمار، تجد إيران الفرصة مواتية للدخول والإعلان عن نيتها المشاركة في إعادة إعمار سورية، لكن يبدو أن هذه المشاركة ستواجه عوائق عديدة منها مسألة الموافقة الروسية على المشاريع الاقتصادية التي يمكن لإيران الاستثمار فيها، إضافة لذلك عدم وجود جدية واضحة من الدولة السورية لتنفيذ أي مشروع استثماري إيراني في سورية خاصة وأنه لغاية اليوم لم تبدأ طهران بتنفيذ أي مشروع اقتصادي لها في سورية وأهم تلك المشاريع التي مازالت عالقة:
مشروع المشغل الخليوي الثالث والذي حصلت عليه إيران قبل نحو ثلاث سنوات باعتباره من أهم المشاريع الضخمة ذات الجدوى الاقتصادية ولكن لم يتم التوصل إلى اتفاق نهائي وصولاً إلى إلغاء الحديث عنه بالكامل.
وكذلك قبل مدة قصيرة تداولت وسائل الإعلام خبراً يتحدث عن الاتفاق مع إيران لتنفيذ قطار الضواحي في دمشق، وهو مشروع يعلم الغالبية أنه لا يمكن تنفيذه، نظراً لأن المخطط التنظيمي لمدينة دمشق، لم يلحظ منذ البداية هذا المشروع.
ورغم محاولات طهران الاستفادة من القوانين والمشاريع التي تطرحها الدولة السورية ورغبتها لترسيخ أذرعها الاقتصادية في سورية إلا أن الوقائع مازالت غير واضحة حيث تحاول إيران الاستفادة من المرسوم رقم ١٠ لعام ٢٠١٨ الذي يجيز إحداث منطقة تنظيمية أو أكثر ضمن المخطط التنظيمي العام للوحدات الإدارية، من خلال توظيف البيئة التشريعية والقانونية المتجددة، واستثمار رغبة الدولة السورية في إفساح المجال للإيرانيين للمشاركة في إعادة الإعمار، تحاول إيران مثل أي دولة أن يكون لها مناطق نفوذ، في سورية وموضوع إعادة الإعمار، هو أحد المداخل بالنسبة لها لكي تدخل وتضمن نفوذها لكن يبقى العائق الذي قد يمنع إيران من المشاركة بمشاريع التطوير العقاري العقوبات الأمريكية الأخيرة التي اضرت كثيراً بالاقتصاد الإيراني.
حتى الآن لم تشهد أي منطقة في سورية أخليت من المعارضة عمليات إعادة إعمار، سواء في المناطق الواقعة بريف دمشق، أو حمص، أو شرق مدينة حلب، وما يحدث الآن بعد سيطرة الدولة السورية عليها، هو مرحلة إعداد وتخطيط، وشراء بيوت مدمرة ومتضررة من قبل جمعيات محلية منها إيرانية بدأت تظهر على الساحة بهدف إعادة إعمارها.
فقد افتتحت منظمة “جهاد البناء” الإيرانية التي تقدم مساعدات في مجال إعادة الإعمار في المناطق المدمرة التي يعيد النظام سيطرته عليها، مكتباً في مدينة البوكمال شرق البلاد بعد سيطرة الدولة السورية على المدينة وتسعى المنظمة لشراء المنازل والبدء بمشاريع إعادة إعمارها والقيام بمشاريع أخرى.
على المقلب الآخر تبقى عملية إعادة إعمار سورية بالنسبة لروسيا والصين مختلفة عن آلية التعاطي مع إيران خاصة وأنّ الصين ربما تكون بالمرتبة الأولى كدولة تشارك في إعادة الإعمار، وتبقى روسيا اللاعب الأساسي في عملية إعادة إعمار سورية وتوزيع المشاريع على الدول الراغبة بمشاركتها وفق رغبتها السياسية والاقتصادية ما يجعل الحضور السياسي والعسكري والاقتصادي لطهران في سورية رهن الموافقة الدولية أولاً ومن ثم الموافقة الروسية-السورية ثانياً.
بواسطة Syria in a Week Editors | أغسطس 6, 2018 | Media Roundups, Syria in a Week, غير مصنف
عودة “أندوف” بمظلة روسية
٤ آب/أغسطس
أعلن متحدث باسم الأمم المتحدة الجمعة أن قوات حفظ السلام التابعة للمنظمة الأممية قامت بدورية للمرة الأولى منذ عام ٢٠١٤ في نقطة عبور رئيسية بين مرتفعات الجولان السورية والجزء المحتل بعد التنسيق مع روسيا وإسرائيل وسوريا.
وكانت دورية الخميس في نقطة عبور القنيطرة هي الأولى منذ انسحاب قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك (أندوف) في عام ٢٠١٤ بعد سيطرة مقاتلين مرتبطين بتنظيم القاعدة على المنطقة. واستعادت القوات الحكومية السورية، المدعومة روسياً، في الأسابيع الماضية، الأراضي القريبة من مرتفعات الجولان.
وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة فرحان حق إن “الدورية إلى نقطة عبور القنيطرة هي جزء من الجهود المستمرة التي تبذلها القوة للعودة بشكل متزايد إلى منطقة فض الاشتباك.”
وتابع أن البعثة أجرت اتصالات مع كل من القوات السورية والإسرائيلية قبل انطلاق الدورية. وأكد حق قيام القوات السورية والشرطة العسكرية الروسية بدوريات “متزامنة” في المنطقة.
وبعد إعلان الجيش الروسي الخميس أنه يعتزم إقامة ثمانية مراكز مراقبة عسكرية في الجولان، قال المتحدث باسم الأمم المتحدة إن أي وجود عسكري روسي سيكون “منفصلا ومتميزا عن قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك.” وتسعى الأمم المتحدة إلى إعادة القوة بكامل عددها إلى الجانب السوري.
وفي الوقت الحالي، ينتشر أكثر من نصف عدد قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك وعددها ٩٧٨ جنديا على ما يسمى “برافو” في الجانب السوري.
وقد قامت القوة بأكثر من ٣٠ دورية في الأجزاء الشمالية والوسطى من منطقة فض الاشتباك منذ أن استأنفت أنشطتها على الجانب السوري في فبراير (شباط).
وقد أنشئت “قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك” في عام ١٩٧٤ لمراقبة خط وقف إطلاق النار الذي يفصل الإسرائيليين عن السوريين في مرتفعات الجولان.
مهلة روسية لإدلب
٤ آب/أغسطس
أبلغت مصادر مطلعة “الشرق الأوسط”، أمس، أن موسكو أمهلت أنقرة حتى انعقاد القمة الروسية – التركية – الفرنسية – الألمانية في ٧ سبتمبر (أيلول) المقبل لـ”حسم” ملف إدلب.
وضغطت أنقرة على فصائل معارضة في شمال سوريا للمضي في التوحد وتشكيل “الجبهة الوطنية للتحرير” التي تضم نحو ٧٠ ألف مقاتل، بحسب تقديرات مطلعين، ذلك ضمن خطة ترمي إلى إعطاء مهلة لـ”هيئة تحرير الشام” التي تضم فصائل بينها “فتح الشام” (النصرة سابقاً) كي تحل نفسها بحيث ينضم السوريون من التحالف ضمن الكتلة الجديدة و”إيجاد آلية” للأجانب من المقاتلين لـ”الخروج.”
في المقابل، تواصل قوات النظام الضغط لشن عمل عسكري في إدلب. وقصفت مواقع معارضين، لكنها لا تزال حذرة في الاقتراب من مواقع نقاط المراقبة التركية الـ ١٢ المنتشرة في إدلب بين أرياف حماة واللاذقية وحلب.
وتضم إدلب حوالى ثلاثة ملايين شخص نصفهم من النازحين. واستطاع الجانب التركي الحصول من روسيا خلال اجتماع سوتشي الأسبوع الماضي على مهلة لـ “حسم” ملف إدلب قبل انعقاد القمة الرباعية التركية – الروسية – الفرنسية -الالمانية في ٧ ايلول (سبتمبر).
بندقية كردية للدروز
٤ آب /أغسطس
قال رئيس “وحدات حماية الشعب” الكردية سيبان حمو لـ”الشرق الأوسط” أمس، إن قواته جاهزة للتوجه إلى السويداء لـ”حماية” أهلها الدروز من تنظيم داعش وتحرير ريفها الشرقي من عناصر التنظيم.
وقال حمو: “شن داعش هجمات وحشية على أهلنا في السويداء. وجع أهلنا الدروز هو وجعنا نفسه، كما حصل مع أهلنا في كوباني وعفرين. لا نفرق بين هذه الهجمات والهجمات على أهلنا في السويداء ووحدات الحماية جاهزة لإرسال قوات إلى السويداء لتحريرها من الإرهاب.”
وانهارت مفاوضات بين «داعش» ووجهاء السويداء لإطلاق مخطوفين من نساء وأطفال لدى التنظيم، ورفض حمود الحناوي أحد شيوخ طائفة الموحدين الدروز في سوريا مطالب “داعش”.
وقال الشيخ الحناوي لوكالة الأنباء الألمانية: “طلب (داعش) عبر وسطاء نقل عناصر التنظيم من حوض اليرموك في ريف درعا الغربي إلى منطقة البادية في ريف السويداء الشرقي، وتراجع القوات الحكومية السورية عن قرى بادية السويداء مقابل الإفراج عن ١٣ امرأة معتقلة من قرى شريحي والشبكي ورامي” في ريف السويداء.
وأسفرت هجمات وعمليات انتحارية عن مقتل نحو ٢٥٠ من السويداء نهاية الشهر الماضي، ذلك في أعنف عملية لـ”داعش” منذ سنوات على المنطقة ذات الغالبية الدرزية. ومنذ ذلك، وأهالي السويداء في حالة استنفار وتأهب لمواجهة “داعش” وإبعاده عن الحدود الإدارية لمحافظة السويداء، تحسباً لهجمات من طرفين: البادية شرق المدينة وحوض اليرموك غربها.
وبعد إرسالها تعزيزات عسكرية إلى محافظة السويداء، تعد دمشق لهجوم في محورين: الأول باتجاه ريف السويداء الشرقي، والآخر باتجاه منطقة اللجاة في ريف السويداء الغربي، شمال مدينة درعا.
عرض “سوري” من روسيا لأميركا
٤ آب/أغسطس
أكد الجيش الروسي السبت أنه بعث برسالة إلى الولايات المتحدة الشهر الماضي تتضمن اقتراحا للتعاون في إعادة إعمار سوريا وعودة اللاجئين إلى بلادهم، مؤكدا تقارير إعلامية بهذا الشأن.
وبعث رئيس أركان الجيش الروسي الجنرال فاليري غيراسيموف برسالة إلى رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية الجنرال جوزيف دانفورد يبدي فيها استعداد موسكو للتعاون مع واشنطن في إزالة الألغام من البلد الذي مزقته الحرب ومساعدة اللاجئين على العودة إلى ديارهم.
واعتبرت وزارة الدفاع الروسية في بيان أنه “أمر مخيب للآمال أن يكون الجانب الأميركي غير قادر على الامتثال لاتفاق حول عدم نشر محتوى الاتصالات إلا بعد موافقة الجانبين.”
وكانت موسكو حضت مجلس الأمن الدولي الأسبوع الماضي، على المساعدة في انتعاش الاقتصاد السوري وعودة اللاجئين في وقت كانت حليفتها دمشق تشن حملة لاستعادة مناطق في الحرب المستمرة منذ أكثر من سبع سنوات.
في تموز/يوليو، قدمت موسكو أيضاً إلى الولايات المتحدة مقترحات حول عودة اللاجئين من الأردن وتركيا ولبنان ومصر تتضمن تقديم دعم مالي دولي.
إيران عن إسرائيل:٤٠ أم ٨٥ كيلومتراً؟
٣ آب/أغسطس
أعلن مسؤول عسكري كبير في تل أبيب، ما تقوله روسيا من أن إيران سحبت قواتها إلى خط يبعد ٨٥ كيلومتراً عن حدود فض الاشتباك في الجولان المحتل، وقال إن هذه القوات موجودة في محيط دمشق وتبعد حالياً ٤٠ كيلومتراً عن الحدود مع إسرائيل.
ورفض المسؤول الإسرائيلي تأكيد أو نفي الأنباء عن مسؤولية جيشه عن قصف ٣ مواقع إيرانية في منطقة خان الشيخ قطنا غرب دمشق ليل الخميس – الجمعة، لكنه عاد ليوضح موقف حكومته بأن “إيران يجب أن تخلي سوريا كلها وأن توقف نشاطها العسكري فيها، أكان ذلك نشاط قوات الحرس الثوري أو الميليشيات التابعة له.” وقال: “واضح أن مثل هذا الإخلاء يحتاج إلى وقت وسيتم بالتدريج، وأن الإيرانيين بدأوا يظهرون علامات وخطوات جدية للانسحاب، ولكنهم لن يترددوا أيضاً في خداع العالم، بمن في ذلك حلفاؤهم الروس، والالتفاف على الاتفاقات وخرق التعهدات. وهو ما يضطرنا إلى زيادة المراقبة وتقديم الأدلة على خروقاتهم.”
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي السبت، “إننا سوف نخرج من سورية، إذا شعرنا أنها تمكنت من تحقيق استقرار نسبي.”
والخميس، أعلنت اسرائيل التوقف عن تقديم العلاج لجرحى الحرب في سوريا بعد استيلاء الجيش السوري على جنوب سوريا مجدداً.
اختراق متواضع بين دمشق والأكراد
٢ آب/أغسطس
زيارة وفد “مجلس سوريا الديمقراطية” الكردي – العربي إلى دمشق كشفت عمق الفجوة بين الطرفين وانطباعات خاطئة لكل طرف عن الآخر.
بالنسبة لوفد “سوريا الديمقراطية”، جاء إلى دمشق متسلحاً باعتقاده أن التحالف الدولي ضد “داعش” بقيادة واشنطن، باق في شمال شرقي نهر الفرات. لذلك، فإن وفد “سوريا الديمقراطية”، رفع سقف توقعاته: البدء أولاً بعودة الخدمات من كهرباء وصحة ومياه وتعليم في مناطق “قوات سوريا الديمقراطية”، التي تشكل ثلث مساحة سوريا البالغة ١٨٥ ألف كيلومتر مربع، إضافة إلى التوصل إلى صيغة مباشرة تخدم “المصلحة المشتركة” لاستثمار حقول النفط التي تشكل ٩٠ في المائة من الإنتاج السوري، والغاز الذي يشكل نحو نصف الإنتاج الوطني.
بالنسبة إلى الوفد الزائر، فإن النجاح في “إجراءات بناء الثقة” يؤدي إلى الانتقال إلى المرحلة الثانية التي تشمل سيطرة “الدولة السورية” على معابر الحدود مع العراق وتركيا ونشر أجهزة الأمن. أما المرحلة الثالثة، فستتناول طبيعة الحكم – النظام السوري سواء كان اتباع النظام اللامركزي أو الإدارات المحلية.
في المقابل، بدا أن دمشق، ليست في عجلة من أمرها. إذ إن دمشق تتحدث عن “خطوط حمر”؛ هي: السيطرة على جميع المعابر الحدودية بما فيها تلك الخاضعة لسيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” مع العراق وتركيا، ورفع العلم الرسمي على جميع النقاط الحدودية والمؤسسات العامة، وعدم قبول “أي خطوة انفصالية.”
ولم تكن دمشق مستعدة لبحث اللامركزية أو الإدارات الذاتية، بل هناك قناعة بأن القانون رقم “١٠٧” الذي يتحدث عن مجالس محلية تابعة لوزارة الإدارة المحلية، كاف لمعالجة الشواغل الكردية، إضافة إلى بعض “التنازلات” المتعلقة بحقوق الأكراد اللغوية والاحتفالية والخدمة.
الواضح أن دمشق تستند في تشدد موقفها لثلاثة أمور: المكاسب العسكرية الأخيرة قرب دمشق وحمص وجنوب سوريا، والدعم الروسي جواً والإيراني براً، والرهان على أن الأميركيين سيغادرون سوريا وأن الوقت لصالح دمشق.
وأمام هذه الفجوة، كان “الإنجاز” الوحيد للقاءات رفع الحظر في دمشق عن ذهاب فنيين وخبراء لإصلاح عنفات توليد الكهرباء في سد الطبقة على نهر الفرات، وموظفين لمنشآت صحية، مع بطء شديد في تشكيل لجنة مشتركة.
“أيقونة الثورة” في قبر مؤقت
٣ آب/أغسطس
دفنت الفنانة السورية المعارضة مي سكاف، التي عرفت بـ”أيقونة الثورة”، في ضاحية دوردان في باريس الجمعة، بحضور مئات من أصدقائها وأقاربها، والنشطاء السوريين المعارضين.
وقال جود، نجلها، إن قبر والدته في فرنسا مؤقت “حتى نعود جميعا إلى سوريا عقب تحريرها من نظام الأسد”، لافتا إلى أن مي (٤٩ سنة) توفيت فجأة في ٢٣ الشهر الماضي، وأن التقارير الطبية أشارت إلى وفاتها بسبب سكتة دماغية، وتمدد في أحد الشرايين بالدماغ.
وكانت الكاتبة والروائية السورية ديمة ونوس، ابنة خالة الراحلة، ذكرت لـ”العربية. نت” أن مي “كانت محبطة بشكل كبير طوال الأشهر الأربعة الماضية بسبب الأحداث في سوريا، والاحتلال الإيراني الروسي لبلادها، واستمرار نزيف الدم السوري، وازدياد عدد الضحايا الذين يموتون يوميا.”
وكانت مي بين الفنانين القلائل الذين دعموا الثورة السورية منذ بدايتها. وكتبت قبل يوم من وفاتها: “لن أفقد الأمل، لن أفقد الأمل، إنها سوريا العظيمة وليست سوريا الأسد.”