‘خطة روسية لشطر الغوطة… وتلويح بـ ‘سيناريو حلب

‘خطة روسية لشطر الغوطة… وتلويح بـ ‘سيناريو حلب

الخطة الروسية للغوطة، هي: تقسيم شرق دمشق إلى شطرين، شمالي وجنوبي، على أن يضم الشطر الشمالي «منطقة خفض التصعيد» مع «جيش الإسلام» بوساطة القاهرة وضمانة موسكو، فيما يجري عزل الشطر الجنوبي الذي يضم «فيلق الرحمن» و«هيئة تحرير الشام» (النصرة سابقا) وبعض الحضور لـ«أحرار الشام» مع تكثيف القصف والعمليات العسكرية لإخراج «النصرة» أو «تكرار نموذج حلب».

اللافت، أن هناك رابطاً ضمنياً بين سير العمليات العسكرية والقصف المدعوم روسيا في الغوطة من جهة وعمليات الجيش التركي وفصائل معارضة صوب عفرين شمال غربي حلب الجارية بضوء أخضر روسي أيضاً من جهة ثانية. كما بدا أن الحديث الجدي عن استئناف مفاوضات السلام في جنيف أو بدء المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا تشكيل لجنة دستورية بموجب مخرجات مؤتمر سوتشي، مؤجلان إلى ما بعد انتهاء العمليات العسكرية.

في التفاصيل، أقر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خطة عسكرية للسيطرة على غوطة دمشق مع توفير كل الإمكانات العسكرية لتحقيق ذلك قبل موعد الانتخابات الرئاسية في 18 الشهر الجاري. ولاعتبارات مختلفة، جرى إقرار خيار تقسيم الغوطة إلى شطرين. وقال دبلوماسي غربي أن الخطة قضت بأن تتقدم قوات العميد سهيل الحسن المعروف بـ«النمر» من الطرف الشرقي من النشابية وأوتايا لتلتقي مع قوات الفرقة الرابعة التابعة للحرس الجمهوري التي بدأت العمليات من طرف حرستا وإدارة المركبات. لكن الذي كان مفاجئا، هو سرعة تقدم قوات «النمر» التي اتبعت أسلوب «الأرض المحروقة» بدعم روسي وبطء تقدم القوات الأخرى من الجبهة الأخرى وقيام مقاتلي «أحرار الشام» بعمليات عكسية. وتحدث الناطق باسم قاعدة حميميم أليكسندر إيفانوف أمس عن «تعثر تقدم القوات البرية من الفرق العسكرية القتالية من الجهة الغربية من الغوطة الشرقية. وأصبح لدينا تفاؤل متزايد بإمكانية تحقيق ذلك بوقت قريب بعد أن تم إرسال قوات الفرقة السابعة».

وأسفرت الحملة العسكرية خلال أسبوعين عن مقتل 900 مدني بينهم 91 يوم الأربعاء، بحسب «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، علما بأن الغوطة تضم 400 ألف شخص. ودعا مجلس الأمن الدولي أول من أمس إلى تنفيذ قراره الصادر في 24 الشهر الماضي الذي يطالب بوقف إطلاق النار في عموم سوريا لمدة 30 يوما وإدخال المساعدات، لكن للمرة الثانية لم يسمح بدخول المساعدات يوم أمس.

وتستند الخطة الروسية إلى القرار 2401 وإشارته إلى أن وقف النار لا يشمل «داعش» و«القاعدة»، إضافة إلى «كل الأفراد والمجموعات المرتبطة بالقاعدة والتنظيمات الإرهابية الأخرى بحسب تصنيف الأمم المتحدة»، إذ إن الجانب الروسي يعمل مع ضباط مصريين لتحييد دوما عن العمليات العسكرية عبر تجديد التزام اتفاق «خفض التصعيد» الذي أنجز في القاهرة في صيف العام الماضي. إذ يضم «جيش الإسلام» 7 – 8 آلاف مقاتل، ويعتبر القوة الرئيسية في الغوطة.

في المقابل، ترمي موسكو من خلال دعم تقسيم الغوطة إلى شطرين إلى التعاطي مع القسم الجنوبي بطريقة مختلقة. وأوضح الدبلوماسي أنه بعد تحقيق التقسيم سيكون التركيز على مناطق «فيلق الرحمن» و«النصرة» و«أحرار الشام» في القسم الجنوبي من الغوطة. وتجري محاولات لإخراج عناصر «النصرة» على أمل تجديد اتفاق «خفض التصعيد» الذي عقد أيضا مع «فيلق الرحمن» في جنيف نهاية العام الماضي.

وأدى رفض «النصرة» الخروج من شرق حلب نهاية العام 2016 إلى استمرار العمليات العسكرية إلى حين سيطرة قوات النظام وحلفائها على المنطقة. وأبلغ دي ميستورا مجلس الأمن مساء أول من أمس أن في جنوب الغوطة هناك 270 عنصرا من «النصرة» وموسكو تقول إن عددهم 350 عنصرا و«هذا العدد لا يشكل إلا نسبة قليلة من 8 – 9 آلاف مقاتل معارض في الغوطة». وقال: «لن أنسى عدم النجاح في الحد من عذابات سكان شرق حلب».

وأشار المسؤول الغربي إلى وجود رابط بين تطورات غوطة دمشق وعملية «غضن الزيتون» قرب عفرين و«كأن هناك مقايضة لغوطة دمشق مقابل عفرين كما حصل عندما جرت مقايضة شرق حلب بمناطق درع الفرات بين حلب وجرابلس على حدود تركيا». ولاحظ «بطئاً في المفاوضات الجارية لإخراج النصرة من القسم الجنوبي للغوطة».

بالتزامن مع قرب تقسيم الغوطة الشرقية لدمشق، سيطرت القوات التركية وفصائل سورية موالية أمس على بلدة جنديرس الاستراتيجية جنوب غربي عفرين بعد أسابيع من المعارك العنيفة. ورفع عناصر «فيلق الشام» الفصيل الأساسي في «غصن الزيتون» رايتهم على مركز الإدارة الذاتية داخل جنديرس.

وأعطت موسكو أنقرة ضوءاً أخضر للقيام بعملية «غضن الزيتون» في 20 يناير (كانون الثاني) بالتزامن مع معارك شرق دمشق كما حصل لدى مباركة عملية «درع الفرات» نهاية 2016 بالتزامن مع معارك شرق حلب. وتشارك روسيا وتركيا مع إيران في رعاية عملية آستانة. ومن المقرر أن يجتمع كبار الموظفين في الدول الثلاث في آستانة في منتصف الشهر قبل لقاء وزراء الخارجية في الدول الثلاث للتمهيد لقمة ثلاثية روسية – تركية – إيرانية الشهر المقبل تضع تصورا للحل السياسي السوري.

وفي موازاة محاولات مسؤولين عسكريين واستخباراتيين أتراك وأميركيين للبحث عن حل لـ«عقدة» منبج وتدفق مقاتلين من «وحدات حماية الشعب» الكردية من شرق سوريا حيث يقيم الجيش الأميركي إلى عفرين، ينتقل مسؤولون أتراك إلى موسكو في الأيام المقبلة لوضع لمسات أخيرة على تفاهمات تتعلق بـتسوية في غوطة دمشق لتحييد المدنيين وإدخال المساعدات من جهة وبترتيبات الوجود التركي و«الجيش الحر» في عفرين، بحسب معلومات.

عليه، لن يأخذ الحديث عن تشكيل اللجنة الدستورية بموجب بيان سوتشي، صفة جدية قبل الانتهاء من ترتيبات الغوطة – عفرين – منبج والانتخابات الرئاسية الروسية والقمة الثلاثية للدول الضامنة. وكان لافتا أن اجتماع ممثلي الدول الضامنة الثلاث مع دي ميستورا في جنيف قبل أيام لم يتضمن حماسة ثلاثية لتحريك اللجنة الدستورية مع أن العواصم الثلاث تبادلت قوائم لسوريين مرشحين لبحث الإصلاح الدستوري السوري.

تم نشر هذا المقال في «الشرق الأوسط»

بخجلي وبوتين وصورة صدام في عفرين

بخجلي وبوتين وصورة صدام في عفرين

لازالت محركات الحروب الخارجية في المنطقة الشرق الأوسطية الساخنة والأوراسية القلقة متمحورة على عامل الداخل، وبالتحديد عامل الثبات في السلطة أكثر مما هي متمحورة على عوامل لحماية الحدود الخارجية للبلد، وإن بنسب متفاوتة تحسب للدول الكبرى فيها رجحان نسبي للعامل الخارجي على الداخلي. الضجيج الذي يتبع العمليات العسكرية التركية في عفرين ضد مقاتلي قوات سورية الديمقراطية يزداد، والتحليل المتبع لذلك الضجيج يقفز على حقائق مهمة وقادمة من ما قبل العملية العسكرية التركية رجحت خيار الحرب لدى أنقرة على خيارات أخرى في منطقة “كانت حتى الآن مستقرة نسبياً من سوريا” بحسب وصف جيمس ماتيس. تلك الحقائق القادمة من مسارات الحكم والسلطة هي لب قضية الهجوم على عفرين والمحرك الرئيس لها، وتعتبر باقي التحليلات رتوشاً للحقائق ومكملات تجميلية لا أكثر.

لا تشكل صورة الديكتاتور العراقي صدام حسين المحمولة على يد المقاتلين السنة المنضوين تحت لواء درع الفرات التي تقاتل مع الجيش التركي في عفرين حدثاً عابراً. هي صورة عن الحنين الى سيادة عالم السنة والعروبة في المنطقة التي شهدت تغييرات هائلة ودموية منذ دخول الأمريكان الى بغداد في ٢٠٠٣. هؤلاء الحاملون للصورة هم في جزء من تصورهم للمعركة يقعون تحت تأثير العامل المذهبي الذي يعمل عليه بحرفية الرئيس التركي أردوغان.

يظن هؤلاء بأنهم يتحركون تحت ظلال صدام في الذود عن عالم السنة والعروبة، وإن كان القائد الحالي يتحدث بلغة مختلفة. لا ينسى هؤلاء بأن تركيا لم تسمح لواشنطن بالمرور في أراضيها لدخول العراق في عام ٢٠٠٣ وهم يعتبرونها جزءاً من التعاضد السني الخفي ضد المحتل، وضد تمدد إيران الشيعية. هؤلاء التائهون ينسون أن الرفض التركي حينها لم يكن سوى رفض للتغيير القادم في العراق المتداعي أصلاً، والذي من المتوقع أنه سيجلب للأكراد شيئاً من الحماية والحقوق الدستورية المقلقة لتركيا المريضة بمرض الأكراد في ديارها وفي ديار غيرها من الدول، ولا علاقة لها بالخلاف السياسي للشيعة والسنة الطافح حالياً.

علماً أن إيران الشيعية، ونظام البعث السوري، وتركيا، رفضوا مجتمعين الدخول الأمريكي حينها إلى العراق، ونسقوا فيما بينهم لإضعافه. صورة صدام لا رابط لها بالوقائع سوى بأنها تشترك مع القائد الجديد في التصرف بسلطات الدولة حسب المصلحة الخاصة له، ولعائلته، وتحت مصطلحات ثورية كبرى من نمط حماية الحدود الشرقية عراقياً حينها، والحدود الجنوبية تركياً حالياً. هكذا خطب تأتي من ذهنية واحدة تحاول أن تظهر بمظهر القائد التاريخي في المنطقة.

كان صدام مع كل انتكاسة وقلاقل داخلية يشعل حرباً تحت يافطات كبرى. وحالياً، ورغم أن الوقائع الدولية قد تغيرت يحاول أردوغان الهروب من كل خلخلة داخلية بحرب خارجية، ومعارك حدودية، وخطب رنانة عن الأمن القومي. كلاهما ظلا متمسكاً بقضية القدس وإسلاميتها. وكلاهما قمع الحريات داخل بلديهما. وكلاهما مدجج بالمتطوعين من العالم العربي المقتنعين بحرب الأنصار والأشرار تماماً كما هو الحال في المخيلة التي يعتاش منها المقاتلون الذين يحاربون مع تركيا في عفرين. هؤلاء المقاتلون نفسهم أو أشقاؤهم كانوا قد سموا كتيبة من الكتائب العسكرية للمعارضة في دير الزور قبل سنوات بكتيبة “صدام حسين” دون أي اعتبار لمشاعر الآلاف من ضحايا الرجل على الطرف الشرقي المجاور للحدود في توضيح مباشر عن الحنين المستمر إلى القائد الذي يرقص وهو يرفع البندقية بيده اليمنى.

في تركيا المنتفخة بالمشاكل السياسية والاجتماعية حراك حكومي من نوعية الهروب إلى الأمام. فبعد انتهاء المفاوضات بين حزب العمال الكردستاني والحكومة بعد تصريحات لرئيس حزب الشعب الديمقراطي الوسيط في العملية بُعيد الانتخابات البرلمانية الأولى، وعقب حصولهم على المرتبة الثالثة في البرلمان عن أنهم “لن يسمحوا لك بأن تصبح رئيساً” وكان يقصد به أردوغان الذي كان يبحث عن تعديل دستوري لتعزيز سلطات رئيس الدولة بعد نفاذ فرص ترشحه لرئاسة الوزراء مجدداً تغير المشهد.

تصريح ديمرتاش كان بمثابة الشرارة التي ألهبت البلاد بالمعارك. المفاوضات التي انتهت كانت عبارة عن وسيلة يبتغي منها حزب العدالة والتنمية المماطلة للحصول على الدعم الكردي في البرلمان، ولم يكن أبداً مشروع سلام كما ظهر فيما بعد من التطورات على الساحة التركية. البحث عن بديل عن رفاق ديمرتاش رسى على رجل من أشهر رجالات التطرف القومي في تركيا، وهو السيد دولت بخجلي الذي فتح ذراعه لأردوغان لينقذه من مشاكله الداخلية في الحزب، والتي كادت أن تطيح به لصالح منافسته اليمينية ميرال أكشنر، إذ سعت ومعها مجموعة من الحزب، إلى عقد مؤتمر عام استهدف الإطاحة بالسياسي “العجوز”، الذي بات يثير التساؤلات بتحوله المفاجئ إلى رجل التوافق والتماهي مع أردوغان وحزبه في جميع الاستحقاقات المؤثرة.

كان التعاضد بين أردوغان وبخجلي هو تعاضد يحمل في طياته تفاصيل محزنة على الأكراد على جانبي الحدود. قمعت الحركة المدنية والسياسية الكردية في تركيا، وزج برؤساء بلديات، واعضاء برلمان، وعلى رأسهم ديمرتاش نفسه في السجون. وظهرت المحاكمات الصورية، ودمرت مدن، وشرد الآلاف من سكان المناطق الكردية من مدنهم. وكانت التقارير الدولية واضحة الاتهام للجيش التركي بالمسؤولية. فتحت المعارك اللا متناهية مع حزب العمال الكردستاني في تركيا، وقمع الطموح الكردستاني في إقليم كردستان العراق، وتغيرت خارطة التحالفات في سورية لردع زيادة قوة وظهور قوات سورية الديمقراطية على الساحة الشمالية والشرقية لسوريا. كل تلك المستجدات، والمتحالفان يبحثان عن انتصارات وهمية كما هو الحاصل في فتح جبهة عفرين حالياً لتجلب لهما الرسوخ في السلطة، واحد في رئاسة الحكم، والثاني في رئاسة الحزب، مع قرب الانتخابات البرلمانية والتي من المفترض أن يشكل الطرفان المذكوران تحالفا رصينا فيها، وذلك من خلال كسب قواعد الجماعات القومية التركية الحاقدة على الأكراد إلى طرفهم.

في حين أن حاملي الصورة يعتقدون بأن قائد المعركة في عفرين السيد أردوغان يقود معركتهم السنية والعروبية ضد الملاحدة، وعملاء الصهاينة والشيعة، تأتي الأخبار عن محاولات تواصل غير مباشر من أنقرة مع نظام دمشق المعادي لحاملي الصورة، وعمليات تسليم مناطق لرفاق اردوغان من الجماعات العسكرية السنية في محافظة إدلب لصالح نظام الأسد وحزب الله. ويرى العالم كيف أن إيران التي تتسيد عالم الشيعة سياسياً تشاهد المعارك بسعادة من بضعة كيلومترات قريبة. بالضبط كما يشاهدها الزعيم الروسي بوتين صاحب السطوة في سورية، وهو يدفع تركيا البطلة في مخيلة حاملي الصورة لتجلب له المعارضة ومسلحيها للقبول بشروطه الاستسلامية للسلم في سورية. موسكو التي كانت تحتاج الى معاقبة الأكراد وحلفائهم العرب الذين أصبحوا أقرب لواشنطن منهم إلى موسكو أعطت الضوء الأخضر لأنقرة للهجوم.

بوتين الذي يحاول أن يرسخ سلطته مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الروسية بانتصار سياسي له في سورية بعد تقدمه العسكري هناك جاء بكل هؤلاء الساسة الباحثين عن السلطة، والقامعين للحريات إلى “سفوح عفرين” ليظهر هو نفسه من خلالهم جميعاً ومن خلال ما يحضره لما بعد المعركة التي فيما يبدو لن تنتهي كما يحلو لأردوغان، وبخجلي، وحاملي صورة صدام بمظهر البطل الذي لا بد أن تظل السلطة في موسكو بين يديه حماية للبلاد ونفوذها في الخارج.

طباخ بوتين زار حميميم ووعد بـ ‘مفاجأة سارة’… فقصفت واشنطن مرتزقته

طباخ بوتين زار حميميم ووعد بـ ‘مفاجأة سارة’… فقصفت واشنطن مرتزقته

عدد «المرتزقة» الروس الذين قتلوا في غارة أميركية في دير الزور قبل أسبوعين تجاوز كثيراً ما أعلن رسمياً في موسكو، وسط أنباء عن مقتل 150 منهم، يعملون ضمن «مجموعة فاغنر» المرتبطة برجل الأعمال يفغيني بريغوجين المقرب من الرئيس فلاديمير بوتين ويعرف بأنه «طباخ بوتين».

وكان لافتا أن بريغوجين أبدى اهتماماً بحقول النفط والغاز شرق نهر الفرات قبل أشهر من سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» الكردية – العربية المدعومة من التحالف الدولي بقيادة أميركا، ذلك بموجب اتفاق وقعته إحدى شركات بريغوجين مع الحكومة السورية لاستعادة حقوق النفط والغاز مقابل الحصول على ربع عائداتها.

وبحسب مسودة الاتفاق وشهادات ووثائق حصلت عليها «الشرق الأوسط»، فإن بريغوجين زار قاعدة حميميم وفاوض مسؤولين في وزارة النفط في دمشق لتوقيع عقد تعاون، حيث أبدى اهتماماً بمصادر الطاقة وخصوصاً النفط والغاز والمصانع والأنابيب والمنشآت المخصصة لذلك.

وبعد الغارة الأميركية ليل 7 – 8 فبراير (شباط) الحالي، نقلت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية عن تقارير استخباراتية أن هجوم «مجموعة فاغنر» جاء بعد حصول بريغوجين على «ضوء أخضر» من مقربين من الكرملين في 24 الشهر الماضي وقوله لمقرب من الرئيس بشار الأسد نهاية الشهر إن «مفاجأة طيبة» ستحصل، ربما في إشارة إلى هجوم كان يعد له «المرتزقة الروس» ضد حلفاء واشنطن شرق سوريا بين6 و 9 الشهر الحالي.

زائر في حميميم

وقال لـ«الشرق الأوسط» رجل أعمال سوري التقى بريغوجين في قاعدة حميميم مرتين على الأقل، إن رجل الأعمال الروسي جاء إلى القاعدة بطائرة خاصة كان يرتدي لباساً مدنياً وسترة عسكرية وأنه بدا وكأنه «يعامل الضباط الروس بفوقية لافتة، فجميعهم كانوا يخافون منه وينفذون تعليماته بدقة عالية». وأشار إلى أن اللقاءين اللذين حصلا قبل أشهر أظهرا «عزمه ونيته السيطرة على حقول النفط والغاز في سوريا وأنه مستعدة للتعاقد لتشغيل حقول النفط والغاز». وقال آخر إن بريغوجين «عرض توقيع اتفاقات تعاون مع فصائل وميلشيات للعمل سوية بغية السيطرة على حقول نفط وغاز وطرد المعارضة أو (داعش) منها». وكانت سوريا تنتج 360 ألف برميل يومياً وانخفض الإنتاج إلى 50 ألف برميل كانت خاضعة لسيطرة «داعش» مع تعاون أمر واقع مع دمشق وأطراف أخرى. لكن صراعاً ظهر مع بعض القوى الخارجية والمحلية للسيطرة على مصادر الثروة بعد طرد «داعش» منها.

وبموجب تفاهم بين واشنطن وموسكو في مايو (أيار) الماضي، ذهبت مناطق شرق نهر الفرات إلى أميركا وحلفائها وغرب النهر إلى روسيا وحلفائها. وباعتبار أن الجانب الروسي كان حذرا من تكرار تجربة أفغانستان قرر عدم إرسال قوات برية واعتمد على ميليشيات تابعة لإيران وقوات الحكومة السورية وشرطة عسكرية من الشيشان، إضافة إلى شركات خاصة من المرترقة.

وهنا برز دور شركة أمنية خاصة تعمل في سوريا بموجب عقد مع وزارة الدفاع الروسية تحمل اسم «فاغنر» شبيهة بشركة «بلاك ووتر» الأميركية التي ذاع صيتها بعد حرب العراق عام 2003. و«فاغنر» تأسست على يد العميد السابق في الجيش الروسي ديمتري أوتكين الذي يخضع لعقوبات أميركية لدور الشركة في تجنيد الجنود الروس السابقين للقتال في شرق أوكرانيا. وقائد «مجموعة فاغنر» من المقاتلين السابقين في الدونباس شرق أوكرانيا، كان يعرف باسم «فاغنر» وكانت أولى مشاركاته في المعارك السورية في 2013. بحسب «رويترز». وسجل مقتل مكسيم كولغانوف في فبراير 2016 خلال معارك قرب حلب وبعدها بفترة قصيرة مات سيرغي موروزوف في المستشفى بعد إصابته خلال المعارك قرب مدينة تدمر. وقالت «رويترز» إنه «تم منح موروزوف وكولغانوف الأوسمة التي يتم منحها لجنود الجيش الروسي وشهادات موقعة من الرئيس بوتين تقديرا لتضحياتهم في سبيل وطنهم».

بعد ذلك، عاد إلى شرق أوكرانيا ليقود مجموعة من المقاتلين الروس، لكن سرعان ما عاد إلى سوريا بعد التدخل العسكري الروسي في سبتمبر (أيلول) 2015، وأصبحت شركة كبيرة وصل عدد عناصرها إلى 1500 عنصر. وهناك من يتحدث بأن عدد المقاتلين فيها بين 2500 و3000 عنصر. وشوهد أوتكين خلال مأدبة عشاء أقامها بوتين في 9 ديسمبر (كانون الأول) 2016 لقدماء و«أبطال» الجنود الروس.

وليس للمجموعة أي وجود قانوني خصوصا أن الشركات الأمنية الخاصة محظورة في روسيا، لكن موقع «فونتانكا» أفاد بأنه حتى صيف 2016 كان معسكر تدريب «فاغنر» يقع في مولكينو قرب كرازنودار جنوب روسيا، في الموقع ذاته حيث تتمركز كتيبة للقوات الخاصة والاستخبارات العسكرية الروسية.وبحسب وسائل إعلام روسية، فإن «مجموعة فاغنر» ممولة من يفغيني بريغوجين وهو رجل أعمال من سان بطرسبورغ ويلقب بـ«طباخ بوتين» بعد أن جمع ثروة من نشاط في المطاعم وحصل على عدة عقود من الجيش الروسي. ونقل رجل أعمال سوري أن بريغوجين أبلغه بأنه يعرف الرئيس بوتين من خلال عمل في الاستخبارات.

وبرز دور «فاغنر» في معركة تحرير تدمر في مارس (آذار) 2016، كما كلفت المجموعة بإسناد القوات النظامية السورية ميدانيا. غير أن أسبوعية «سوفيرشينكو سيكريتنو» (سري جدا) قالت إن مهمة «المرتزقة» تغيرت. وباتت مهمتهم تتمثل في «حراسة المنشآت النفطية». وأسس بريغوجين عام 2016 منظمة أخرى أطلق عليها «يورو بوليس» في منتصف عام 2016، وتتمثل مهمتها في استعادة ومراقبة المنشآت النفطية لحساب السلطات السورية.

«حصة الأسد» للروس

وفي مطلع العام الماضي، جرت مفاوضات بين وزارة النفط السورية وشركة «يوروبوليس» الروسية. وحصلت «الشرق الأوسط» على مسودة الاتفاق، التي تقع في نحو 45 صفحة بينها 17 مادة تنفيذية، ضمت التعاون لـ«تحرير مناطق تضم آبار نفط ومنشآت وحمايتها» مقابل الحصول على حصة من الإنتاج خلال فترة خمس سنوات. وذكرت المسودة أن «إنتاج النفط والغاز يذهب بنسبة 25 في المائة إلى يوروبوليس و75 في المائة للحكومة ممثلة بوزارة النفط» وأن الأشخاص المخولين من الحكومة «يمكن لهم الدخول لمناطق العقد والتشغيل، على أن يخصص المشغل مبلغ 50 مليون دولار أميركي سنوياً لـ(التدريب الخارجي)». كما نصت على إعفاء «يوروبوليس» من جميع الضرائب بما فيها المتعلقة بالإنتاج والأرباح والضريبة على الدخل. وزادت: «تدفع الحكومة العمولة في نهاية كل شهر آخذين في الاعتبار كلفة الإنتاج»، إضافة إلى إمكانية «تعاون الطرفين» في مناطق خارج تلك المشمولة في العقد «لكن أي اتفاق بين الشركة السورية للنفط ويوروبوليس يجب أن يحظى بموافقة وزير النفط».

وبحسب معلومات متوفرة، فإن مدير الشركة السورية للنفط علي عباس تحفظ على الاتفاق وإن كانت الحكومة سمحت بعد 2011 بالتعاون مع شركات خاصة لحماية مشتقات النفط والغاز. وبعد السيطرة على حقل الشاعر للغاز قرب حمص، طالبت الشركة بحصتها من الإيرادات. كما أنها سعت للسيطرة على حقول الفوسفات قرب حمص، كانت طهران ودمشق وقعتا اتفاقاً للاستثمار فيها ضمن مذكرات تفاهم بين الطرفين تناولت أيضا الهاتف النقال وإقامة ميناء للنفط غرب البلاد. وأكد قيادي ميداني لـ«الشرق الأوسط» تسجيل مواجهات عدة بين عناصر «فاغنر» التي تنفذ اتفاقات «يوروبوليس» من جهة وموالين للنظام سواء كانوا من عناصر الجيش والاستخبارات أو الميلشيات و«أمراء الحرب» من جهة ثانية.

وإذ لعب التحالف الدولي بقيادة أميركا دوراً في طرد «داعش» نهاية العام الماضي من «كونوكو» أهم معمل لمعالجة الغاز في البلاد كانت تبلغ قدرته 13 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي في اليوم الواحد ومن حقل «العمر» الذي وصل إنتاجه إلى ثلاثين ألف برميل يومياً، فإن بريغوجين الذي كان أبدى اهتمامه بهما عبر التفاوض في منتصف 2017 واصل التعبير عن رغبته بالسيطرة عليهما.

وبحسب مسؤولين في «قوات سوريا الديمقراطية» ودبلوماسيين غربيين، فإن قافلة ضمت عربات ونحو 300 عنصر بينهم عشرات «المرتزقة» الروس تقدمت في 6 فبراير نحو موقع «قوات سوريا الديمقراطية» في معمل غاز «كونوكو» الذي يبعد 8 كيلومترات فقط عن خط التماس – نهر الفرات. بين الطرفين. وقال مسؤول رفيع إن ضابط الارتباط في الجيش الأميركي أبلغ نظيره الروسي عبر الخط المفتوح بموجب اتفاق منع الصدام ضرورة وقف تقدم الميلشيات، لكن الجانب الروسي أبلغه بأن لا معلومات لديه عنه. وقتذاك، استهدفت قاذفة أميركية القافلة ودمرت دبابة وعشرات العناصر وقتذاك عاد الضابط الروسي وطلب من الجانب الأميركي إجلاء الجرحى وجثث القتلى.

أعلنت واشنطن عن الغارة وسقوط عشرات القتلى. موسكو نفت حصول ذلك بداية، لكنها أكدت لاحقاً مقتل «خمسة روس»، مؤكدة أنهم لا ينتمون إلى الجيش الروسي. وكان بين القتلى فلاديمير لوغينوف الذي أعلن مقتله في 12 فبراير وكيريل أنانييف الذي ينتمي إلى منظمة «دروغايا روسيا» (روسيا أخرى) التي كان أسسها الكاتب القومي المتشدد إدوار ليمونوف.

يشار إلى أن بريغوجين أدرج على قائمة العقوبات الأميركية لعلاقته بشركة مقرها سان بطرسبرغ متهمة بإعداد «المتصيدين» عبر الإنترنت و«التدخل في النظام السياسي الأميركي». وتحدثت صحف روسية عام 2014 عن «مصنع المتصيدين»، مؤكدة أنه يملك آلاف الحسابات الوهمية على شبكات التواصل التي استحدثت في الأساس للتأثير على السياسة الداخلية ثم وُجهت عام 2015 لاستهداف الرأي العام الأميركي.

وقدرت المجموعة الإعلامية الروسية (آر بي كي) في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي أن نحو تسعين شخصا يعملون في «القسم المكلف الولايات المتحدة» داخل ذاك «المصنع». وشركة «يفرو بوليس» أو «أفرو بوليس» على قائمة العقوبات الأميركية منذ يناير (كانون الثاني). وأكدت واشنطن أنها عاقبت هذه الشركة لأن بريغوجين «يملكها ويسيطر عليها».

وبحسب خبراء، فإن الغارة التي قتل فيه روس هي أول مواجهة مباشرة بين الطرفين منذ عقود. واختلفت تقديرات القتلى الروس، ففي حين قال مصدر روسي إن القتلى بين 150 و160 شخصا، قال قيادي عسكري: «شاهدت الغارة على شاشة مباشرة من غرفة العمليات بين التحالف وقوات السورية الديمقراطية، كان هناك أكثر من 260 قتيلاً يمكن القول إن 90 في المائة منهم كانوا من المرتزقة الروس».

وربط مراقبون بين قرار الرئيس بوتين إرسال مقاتلين من طراز «إس يو – 57» إحدى طائرات الجيل الخامس إلى قاعدة حميميم الاثنين الماضي والتصعيد الثنائي بعد المواجهة العسكرية المباشرة بين الأميركيين والروس من عقود، إضافة إلى أن القرار الروسي جاء بعد قصف طائرات إسرائيلية مواقع إيرانية وسوريا قرب حمص وسط البلاد.

عقد في المياه الإقليمية

إضافة إلى اهتمام موسكو بالنفط والغاز في وسط سوريا وشرقها، أفيد قبل أيام بتوقيع اتفاق ضخم بين دمشق وشركة «سويوز نفتا غاز» الروسية للتنقيب عن النفط والغاز في المياه الإقليمية غطى مساحة 2190 كيلومترا مربعا. ويمتد العقد، وهو الأول من نوعه للتنقيب عن النفط والغاز في المياه السورية، على مدى 25 عاما حيث إن كلفة التنقيب والاستكشاف تبلغ مائة مليون دولار. وقال مسؤولون في وزارة الدفاع إن الشركة «ستباشر فورا تنفيذ العقد، متجاوزة العقوبات الاقتصادية الجائرة ضد قطاع النفط». وباشرت الشركة الروسية العملاقة للتنقيب عن النفط والغاز بحفر منطقة الآبار مقابل شاطئ اللاذقية، وكانت تركيا تعترض على الأمر سابقا لكن روسيا أقنعت تركيا بالابتعاد وعدم طلب أي شيء من الغاز والنفط في المياه الإقليمية السورية قرب القاعدتين الروسيتين في اللاذقية وطرطوس غرب سوريا.

وستنال الشركات الروسية 20 في المائة من مدخول ربح النفط والغاز فيما ستحصل سوريا على 75 في المائة من أرباح النفط والغاز. وقال خبراء في مجال النفط إن الاستثمار في هذا العقد «له بعد سياسي أكثر من البعد الاقتصادي، وإن الإفادة تتطلب استثمارات كبيرة و10 سنوات».

تم نشر هذا المقال في «الشرق الأوسط»

سوريا في اسبوع، ١٩ شباط

سوريا في اسبوع، ١٩ شباط

“سوريا المفيدة” مع أميركا وحلفائها
١٤ شباط / فبراير

قال وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون في ختام أعمال الاجتماع الوزاري للتحالف الدولي ضد «داعش» في الكويت في ١٣ شباط أن الولايات المتحدة الأميركية وحلفاءها يسيطرون على 30 في المائة من الأراضي السورية وحقول النفط، علماً بأن مساحة سوريا تبلغ 185 ألف كيلومتر مربع.

وقال تيلرسون: «نحن نشطاء تجاه الدفع نحو مفاوضات جنيف، وهناك جهود لتوحيد المعارضة». وأضاف: «نعمل مع روسيا، التي لها النفوذ والتأثير على نظام بشار الأسد لتحضره إلى جنيف من أجل الوصول إلى سوريا موحدة.”

جاء ذلك تزامناً مع عقد نحو ١٥ وزير دفاع، يمثلون دولاً في التحالف الدولي، اجتماعاً في روما ناقشوا خلاله مواصلة تحركهم المشترك. وتحدث وزير الدفاع الأميركي جيم ماتيس عن ضرورة إعادة إطلاق الخدمات العامة في المناطق الواقعة شرق سوريا التي طرد منها تنظيم “داعش” على أيدي “قوات سوريا الديمقراطية” المدعومة من الولايات المتحدة.
في المقابل، حذَّر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف من «خطوات أحادية خطرة» تقوم بها الولايات المتحدة شرق سوريا، قائلاً إن تلك الخطوات “تهدّد بتقويض وحدة البلاد.”

ضجة بسبب “مرتزقة” روس
١٤ شباط/فبراير

ظهرت في موسكو ضجة كبرى بسبب تسريبات عن تعرض وحدات من «المرتزقة الروس» الذين يقاتلون في سوريا إلى جانب قوات النظام السوري، لضربة عنيفة في ليل ٨ فبراير (شباط) الحالي قرب دير الزور من القوات الأميركية أسفرت عن مقتل عدد كبير منهم.
تسربت تسجيلات لمكالمات هاتفية أجراها ناجون من “المجزرة”، تحدثوا فيها عن تفاصيل الهجوم المفاجئ ونتائجه، وانتقدوا فيها بقوة السلطات الروسية “التي تجنبت حتى الإشارة إلى الكارثة وكأننا لسنا بشرا.”

التسجيلات تسربت من أوكرانيا، بحسب وسائل اعلام، حيث ينشط “زملاء” لـ”المرتزقة الروس” في المعارك الدائرة هناك في شرق البلاد، في إطار ما يعرف بـ”جيش فاغنر”، وهو يضم تشكيلات مسلحة غير نظامية تدفع رواتب مجزية للمتعاقدين معها في مقابل تنفيذ عمليات عسكرية خاصة.

ونشرت على نطاق واسع تفاصيل عن مشاركة هذ الجيش إلى جانب قوات النظام في معارك استهدفت السيطرة على مواقع نفطية في سوريا. ونشط بقوة قبل ذلك في الحرب الدائرة في أوكرانيا إلى جانب الانفصاليين المدعومين من جانب موسكو، لكن الحكومة الروسية لا تعترف رسميا بوجود “الجيش الخاص” في سوريا ولا تدرج عادة خسائره ضمن الخسائر العسكرية الروسية المعلنة.

وفي ٣ اتصالات هاتفية أجراها ناجون من القصف الأميركي مع أصدقائهم، أوضح المتحدثون تفاصيل ما جرى في تلك الليلة. اللافت أنه قبل تسريب التسجيلات الصوتية مباشرة، آثار متطوعون روس في أوكرانيا ضجة حول “المأساة” التي تعرض لها رفاقهم في سوريا. وأعلن الكرملين أنه لا معلومات لديه عن تقارير بشأن مقتل مرتزقة روس في سوريا، قائلا إنه لا علم لديه سوى عن وجود أفراد من القوات المُسلحة الروسية.

نقطة تركية في ادلب
١٦ شباط /فبراير

ذكرت وسائل إعلام حكومية، أمس، أن القوات التركية أقامت “نقطة مراقبة” جديدة في محافظة إدلب. وقالت وكالة أنباء الأناضول الحكومية إن النقطة، وهي مركز ينتشر فيه عدد قليل من الجنود لرصد أي اشتباك، تبعد نحو ٧٠ كلم عن الحدود التركية في المحافظة الواقعة في شمال غربي سوريا.

وأضافت الوكالة أن قافلة عسكرية تركية عبرت الحدود التركية – السورية. وأقيمت النقطة الأخيرة في بلدة معرة النعمان بجنوب شرقي إدلب. وهذه سادس نقطة في المحافظة، بعد اثنتين أقامهما الجيش التركي في وقت سابق هذا الشهر، والنقاط الثلاث الأخرى أقيمت في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر (تشرين الثاني). وتعرضت قوافل عسكرية تركية لهجمات، منها هجوم وقع مطلع فبراير (شباط)، وقتل فيه جندي.

عفرين ومنبج
١٧ شباط /فبراير

بدأت ملامح تفاهمات دولية – إقليمية لتوزيع شمال سوريا، بحيث تنتشر قوات أميركية – تركية في مدينة منبج مقابل “وجود رمزي” لقوات النظام السوري في مدينة عفرين برعاية روسية.

جرت اتصالات بين “وحدات حماية الشعب” الكردية ودمشق لإقرار اتفاق نص على “دخول قوات رمزية للجيش النظامي السوري ومؤسسات أمنية إلى وسط عفرين.” وتزامن ذلك مع سماح النظام للأكراد بالتظاهر في دمشق ضد العملية التركية حاملين صور قائد “حزب العمال الكردستاني” عبد الله أوجلان الذي اعتقل قبل ١٩ سنة بعدما طردته دمشق بموجب تفاهم مع أنقرة، واعتبر “حزب العمال الكردستاني”» منذاك تنظيماً إرهابياً. تزامن ذلك مع تفاهم أنقرة مع وزير الخارجية الاميركي ريكس تيلرسون على نشر قوات تركية – أميركية في منبج وإخراج “وحدات حماية الشعب” الكردية إلى شرق الفرات.

غوطة دمشق: نهاية التهدئة؟
١٨ شباط / فبراير

شهدت الغوطة الشرقية لدمشق سباقاً بين مفاوضات للتوصل إلى اتفاق والحسم العسكري الذي تستعد قوات النظام له عبر حشد قواته بقيادة العميد سهيل الحسن، المعروف بلقب “النمر”. وأفادت مصادر إعلامية مقربة من قوات النظام بوصول تعزيزات عسكرية كبيرة يقودها العميد سهيل حسن المعروف إلى أطراف الغوطة الشرقية على أطراف دمشق. وقالت المصادر لوكالة الأنباء الألمانية إن التعزيزات وصلت من ريف إدلب إلى منطقة تل كردي على الأطراف الشمالية للغوطة، لبدء هجوم واسع على مواقع المعارضة المسلحة في الغوطة الشرقية بغية السيطرة عليها. وكثفت القوات النظامية مدعومة بالطائرات الحربية السورية والروسية قصفها على الغوطة الشرقية الأسبوع الماضي، ما أسفر عن مقتل وإصابة أكثر من ١٥٠٠ شخص.

وأعلن مركز المصالحة الروسي الذي يتخذ من قاعدة حميميم الجوية أن موسكو “ستدعم تحركات القوات الحكومية البرية في منطقة خفض التصعيد في الغوطة الشرقية للقضاء على تنظيم جبهة النصرة في حال لم تفلح الوسائل السلمية في تحقيق ذلك”، وذلك في إشارة إلى العملية البرية المقبلة.

‘حان الوقت لـ ‘دايتون سوري

‘حان الوقت لـ ‘دايتون سوري

من شأن وجود نوع من الاتفاق بين القوى العالمية والإقليمية أن يكون حاسماً بصورة كبيرة، للتوصل لأي حل سلمي في سوريا. وكان ينبغي لذلك أن يكون واضحاً منذ بداية الصراع.

وسواء كان العالم مروعاً، أو متعاطفاً، أو غير عابئ، شهدنا جميعاً انتفاضة الشعب المسالم ضد الديكتاتورية الشرسة. وكان عصيان السخط والغضب فوق كل اعتبار. وأيضاً، كان يجب على المجتمع الدولي ولا يزال يتوجب عليه، التعامل مع التهديدات الإرهابية الفظيعة. لكن، من الصحيح كذلك أن الصراع في سوريا كان يدور دوماً حول مخاوف القوى السنية الإقليمية في المنطقة، وصعود النفوذ الإيراني فيها، والمصالح التركية الخاصة، ومخاوف دولة إسرائيل، واستعداد روسيا لتسجيل النقاط على حساب العالم الغربي، وتردد الولايات المتحدة المزري.

ومن الغريب بدرجة كبيرة تقويض هذا البعد الإقليمي والدولي على أيدي الأمم المتحدة. إذ ركزت الوساطة الأممية بالأساس على السعي اليائس نحو الحوار، وربما بعض أشكال التفاهم بين نظام دمشق وممثلي قوى المعارضة. وفي الأثناء ذاتها، لعب الروس دوراً كبيراً ورائداً في صياغة خريطة الطريق للأمم المتحدة، وكان ذلك في مقامه الأول لأجل استخدامهم المتكرر لحق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن. وفي المقام الثاني، بسبب الاستثمارات العسكرية الخاصة بهم على الأرض. وساد وهم كبير بشأن أن الروس كانوا في موقف يسمح لهم بقيادة الحوار السوري – السوري على مسار الحل النهائي الذي يتفق مع «السلام الروسي» المنشود. وتأييد هذا الوهم بعدد من النتائج الإيجابية النسبية لعملية آستانة، مع مساعدة من تركيا وإيران، والتي بلغت ذروتها في الطريق إلى مؤتمر سوتشي.

تبخر هذا الوهم بصورة أو بأخرى مع مرور الوقت. ويظن أحدنا أن الوقت قد حان لصياغة نهج بديل، يستند إلى ضرورة العمل على النظر في إمكانات الاتساق مع مصالح القوى الإقليمية والدولية. وما من شك أن هذا المقترح يبدو أكثر صعوبة من حيث التنفيذ – وقد يقول البعض إنه أقرب إلى المحال – من أي وقت مضى. وهو لا يزال غير صالح للتنفيذ من النهج الحالي بين الأمم المتحدة وروسيا.

دَعُونا في هذا المقام، نؤكد سببين أو ثلاثة تستحق الاعتبار من الزاوية «الإقليمية – الدولية». أولاً، لن يصدق أحد بعد الآن أنه بعد 7 سنوات من الكراهية والفظائع والموت والدمار، أن إجراء حوار بين النظام والمعارضة في سوريا، من دون إطار دولي مناسب، سيسفر عن شيء مثمر. ثانياً، كانت النتيجة الصافية لكل ما حدث حتى الآن هو التقسيم الحقيقي للبلاد إلى مناطق نفوذ متعددة. ولن يمكن لأحد الادعاء بأن هذه الوصفة موثوقة ومؤكدة لإعادة الاستقرار إلى ربوع البلاد. بل على العكس من ذلك، وهذه هي النقطة الثالثة، أننا الآن على مشارف مرحلة خطرة للغاية تكون فيها القوى الإقليمية والعالمية على حافة المواجهات العسكرية المباشرة، كما شهدنا في عفرين، ودير الزور، ويوم السبت الماضي بعد اختراق طائرة إيرانية مسيَّرة (من دون طيار) الأجواء الإسرائيلية.

وإيجازاً للقول، صار الأمر أكثر وضوحاً يوماً عن يوم أن التواصل والتنسيق، ونمط من أنماط التفاهم، هي من الأمور الحاسمة للغاية إن كان الهدف هو تفادي اندلاع حرب إقليمية في المنطقة. إذ إن نزع الصراع أو خفض التصعيد أو المساعي الروسية الحميدة لم تعد كافية بعد الآن.
ولقد أشار أحدهم بالفعل إلى أن الحوار الوثيق بين القوى العالمية والإقليمية قد يكون من المناسب إجراؤه الآن. كما صنع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تماماً. إذ طرح اقتراح «مجموعة الاتصال» حول هذه «الصيغة» الجديدة. ولم يلق هذا المقترح الترحيب المنتظر، وربما ذلك بسبب أن موعده قد تأخر كثيراً؛ فلقد ترسخت بالفعل جملة من الأمور في أرض الواقع، وأصبح من المحال على فرنسا أن تتمكن من تغيير مسار العمليات الدولية الجارية (عملية جنيف، وعملية آستانة، وما سواهما). أو ربما بسبب أن المقترح لم يبلغ حد النضج السياسي بعد.

لكن، والآن، وبعد سقوط المقاتلات الروسية والإسرائيلية، والمروحيات التركية أيضاً، ومع مقتل المرتزقة أو الجنود الروس على ضفاف الفرات وفي غير ذلك من الأماكن، ومع تحطم الطائرة الإيرانية المسيّرة بالنيابة عن الدفاعات الجوية السورية، ينبغي على صناع القرار إدراك أن الوقت قد حان لالتقاط النفس العميق، ومحاولة التفكير في الأمر مرة أخرى. قد تكون هناك خطوة على المسار الصحيح من خلال إنشاء «مجموعة مصغرة» تحت قيادة الولايات المتحدة وتتألف من فرنسا، والمملكة المتحدة، ودول إقليمية أخرى.

فلقد اجتمعت هذه الدول في باريس على المستوى الوزاري يوم 23 يناير (كانون الثاني) الماضي. ولم تكن الغاية من هذه المجموعة المصغرة تشكيل مصدر بديل عن القيادة، ولكن مجرد المساهمة في أي عملية دولية مرتقبة. وإن تُمكّن من العثور على جسر التواصل، تحت ضغط الظروف الراهنة، بين هذه المجموعة وبين روسيا، يمكن التوصل إلى نقطة المنعطف المنشودة في الأحداث الجارية.

وإنْ تم التوصل إلى نقطة المنعطف تلك، فهناك أمران على قدر كبير من الأهمية. أولاً، غير مسموح بارتكاب أي نوع من الأخطاء على جدول الأعمال. والسؤال الأساسي المطروح حالياً يتعلق بمعرفة كيفية تجنب تحول حالة التقسيم الواقعية في سوريا إلى نزاع إقليمي أو على أقل تقدير تحولها إلى خطر إقليمي متصاعد ومستمر. ولا يعني ذلك أنه ينبغي لنظام دمشق أن يظل ثابتاً إلى الأبد من أجل الاستقرار، وأن يتم تجاهل الوصول إلى وقف ثابت للنار، بل يعني أنه يتعين معالجة الجوانب الإقليمية والجوانب المحلية للمأساة السورية معاً.

ثانياً، ينبغي للتقارب بين روسيا والولايات المتحدة والمجموعة المصغرة المذكورة، عند مرحلة من المراحل، أن يسفر عن عقد مؤتمر على غرار «دايتون» بشأن سوريا. وكان اتفاق دايتون قد وضع حد النهاية في عام 1995، للحروب المندلعة في الاتحاد اليوغوسلافي السابق، لكن هذا المؤتمر المقترح، ولجملة من الأسباب، ليس النموذج المثالي لإنهاء حالة الحرب اللانهائية في سوريا. ولكن ما يمكن الاحتفاظ به من عملية دايتون، في الوقت المناسب بالطبع، أي بعد التحضير الدقيق للأمر، هو الأسلوب: أي الاجتماع الذي يجمع كل أصحاب المصالح على مائدة واحدة والمكوث في نفس الغرفة لأطول فترة ممكنة، ما دامت الحاجة دعت إلى إبرام اتفاق. أي اتفاق سلام لسوريا ولمنطقة الشرق الأوسط بأسرها.

– السفير الفرنسي السابق في سوريا
-خاص بـ«الشرق الأوسط»

تم نشر هذا المقال في «الشرق الأوسط»