سوريا في أسبوع، ١٢ آذار

سوريا في أسبوع، ١٢ آذار

غوطة وموت و “حلب جديدة”
10-9 آذار/ مارس

لم يخفف قرار مجلس الأمن 2401 الذي يطالب بهدنة لمدة ٣٠ يوماً من استعار معركة غوطة دمشق بل ازدادت حدة القصف الجوي والمدفعي مع اتساع الهجوم البري الذي تشنه قوات النظام حيث سيطرت على حوالي ٥٠ في المئة من مساحة الغوطة المحاصرة.

وتمكنت قوات النظام بدعم روسي من شطر الجيب المحاصر إلى نصفين بعد سيطرتها على بلدة مسرابا في عمق الغوطة وحاصرت فعلياً مدينتي دوما وحرستا يوم السبت. (رويترز)

وأودت سياسة “الأرض المحروقة” من ١٨ الشهر الماضي لغاية يوم السبت، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، بحياة ٩٥٧ مدنياً في الغوطة بينهم ١٩٩ طفلاً ١٣١ من النساء مع العجز عن انتشال الجثث من تحت الأنقاض. كما أدت إلى إصابة ٤٣٢٠ مدنياً في ظل النقص الحاد في المواد الغذائية والرعاية الصحية.

وأفادت منظمة أطباء بلا حدود في بيان الجمعة بتعرض ١٥ مرفقاً طبياً للقصف من إجمالي ٢٠ مستشفى وعيادة تقدم لها الدعم في الغوطة الشرقية (فرانس برس). كما قالت منظمة الصحة العالمية يوم الجمعة إنه تم التحقق من نحو ٦٧ هجوماً على منشآت صحية وعاملين في المجال الطبي في سوريا في كانون الثاني وشباط من العام الجاري وهو ما يعادل نصف الهجمات خلال العام الماضي بأكمله، ووصفت تلك الهجمات بأنها “غير مقبولة.” (رويترز)

واستمر خلال هذا الأسبوع إطلاق قذائف الهاون على مدينة دمشق من قبل فيلق الرحمن وجيش الإسلام ما أدى إلى سقوط عدد من القتلى والجرحى بين المدنيين.

وصرح سفير سوريا لدى الأمم المتحدة في جنيف لمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان يوم الخميس إن العمليات العسكرية في الغوطة الشرقية تستهدف “المنظمات الإرهابية بما يتفق مع القانون الإنساني الدولي.”  بالمقابل صرح مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان في كلمة يوم الأربعاء إن استهداف بضع مئات من مقاتلي المعارضة لا يمكن أن يكون مبرراً للهجوم الذي تشنه الحكومة السورية في منطقة الغوطة الشرقية التي تسيطر عليها المعارضة. (رويترز)

ودعت روسيا إلى خروج آمن للمدنيين من الغوطة وفي هذا الإطار تم فتح معبرين في شمال وجنوب الغوطة لخروج المدنيين وسط اتهامات متبادلة عن استهداف هذه المعابر(رويترز).

وفي يوم الجمعة خرج ١٣ مقاتل من هيئة تحرير الشام مع عائلاتهم، من مناطق سيطرة “جيش الإسلام”، فيما يبدو كتكرار لـ “سيناريو حلب” حيث يستمر الضغط العسكري لإجبار مقاتلي المعارضة على الاستسلام أو الترحيل الى ادلب، ولن يكون لدعوات التهدئة صدى في الواقع المأساوي الذي يعيشه مدنيين الغوطة.  واقتصر التجاوب مع الضغط الدولي في إدخال قافلة مساعدات إنسانية إلى دوما يوم الجمعة بعد تأجيل متكرر مع استثناء المواد الطبية منها.  

“غصن الزيتون” يحاصر عفرين
6-9  آذار/ مارس

سيطرت القوات التركية مع فصائل معارضة على عدد من البلدات الهامة في عفرين وآخرها كان بلدة جنديرس. وصرح الرئيس رجب طيب أردوغان أن عفرين أصبحت تحت الحصار ودخولها وشيك. (رويترز)

ونجم عن “غصن الزيتون”، التي بدأت في العشرين من كانون الثاني (يناير) حتى الجمعة، مقتل ٢٠٤ مدنيين بينهم ٣٢ طفلاً ٢٦ من النساء نتيجة القصف الجوي والمدفعي التركي بحسب “المرصد السوري لحقوق الإنسان”، مع تدهور حاد في الوضع الإنساني والمعيشي.

كما قضى ٤٠٩ من القوات التركية والفصائل السورية بينما قضى ٣٥٩ من “وحدات حماية الشعب” الكردية وقوات الدفاع الذاتي الكردية، بحسب “المرصد”. وكانت عدد من الفصائل العربية المتحالفة مع قوات سوريا الديمقراطية في الرقة قررت الانضمام إلى “وحدات حماية الشعب” في عفرين لمواجهة العدوان التركي.

ولا يظهر ضغط دولي جدي على تركيا لوقف “غصن الزيتون” حيث اقتصرت التصريحات على دعوات لإنهاء الهجوم. كما طالبت فرنسا الثلاثاء الماضي حيث قال وزير خارجية فرنسا جان ايف لودريان “إن التركيز الدولي على سوريا ينصب حالياً على تطبيق وقف النار تدعمه الأمم المتحدة في منطقة الغوطة الشرقية الخاضعة لسيطرة المعارضة لكن لا يمكن أيضاً تجاهل الوضع في منطقة عفرين التي يسيطر عليها الأكراد.” (رويترز).

حرب إلغاء وهدنة
9 آذار/ مارس

أعلنت “هيئة تحرير الشام” (النصرة سابقاً) و “جبهة تحرير سوريا” التي تضم “أحرار الشام” و “نور الدين الزنكي” أنهما توصلتا لاتفاق لوقف النار بين تمهيدا للتوصل إلى حل للخلاف بين الفصيلين بعد اقتتال دام بريفي حلب وإدلب.

وارتفعت حدة الاشتباكات بين الطرفين منذ أسابيع في مناطق سيطرتهما بريفي حلب وإدلب ما أدى إلى مقتل مدنيين وعناصر من الطرفين.

ووقعت أحدث اشتباكات بين “جبهة تحرير الشام” و “تحرير سوريا” في ريف حلب الغربي، واستخدم الطرفان الأسلحة الثقيلة في جل المعارك. وشهدت بلدات عدة مظاهرات نددت بالاقتتال وبممارسات الفصيلين تجاه المدنيين. (الجزيرة)

ويظهر هذا الاقتتال المتجدد التشرذم وانعدام الثقة بين الفصائل كما يشير إلى رغبة تركيا في سيطرة القوى المتحالفة معها على مناطق سيطرة المعارضة كجزء من تفاهمات خفض التصعيد.  

اللاجئون والعودة
6-7-9  آذار/ مارس

قام عدد من أعضاء الحزب البديل من أجل ألمانيا وهو حزب يميني الثلاثاء الماضي بزيارة إلى دمشق سعياً لعودة اللاجئين إلى سوريا عبر التفاهم مع النظام، الأمر الذي أدانته الحكومة الألمانية والذي يعكس حجم التناقض إزاء أزمة اللجوء السوري في أوروبا. (رويترز)   

وقال المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين يوم الجمعة إن من “المبكر جداً” الحديث عن عودة اللاجئين إلى سوريا لأن الوضع هناك ما زال غير آمن ومحفوفاً بالمخاطر.

وأعلن متحدث من وزارة الخارجية التركية أن تركيا ستبني مخيمات تستوعب ١٧٠ ألف من اللاجئين السوريين بالقرب من إدلب.

تحطم طائرة نقل روسية
6  آذار/ مارس

ذكرت وكالة إنترفاكس نقلا عن وزارة الدفاع قولها “وفقا لأحدث المستجدات، فقد كانت طائرة النقل أنتونوف-26، التي سقطت في قاعدة حميميم الجوية، تقل ٣٣ راكباً وطاقماً من ستة أفراد. جميعهم (الركاب) من أفراد القوات المسلحة الروسية.” وقد لقي جميع الركاب حتفهم.

وكانت طائرة نقل روسية تقل فرقة موسيقية عسكرية روسية تحطمت في البحر الأسود أثناء توجهها إلى سوريا في ديسمبر (كانون الأول) 2016 مما أدى إلى مقتل كل من كانوا على متنها وعددهم ٩٢ شخصاً. (يورونيوز)

Syria in a Week (26 February 2018)

Syria in a Week (26 February 2018)

The following is a selection by our editors of significant weekly developments in Syria. Depending on events, each issue will include anywhere from four to eight briefs. This series is produced in both Arabic and English in partnership between Salon Syria and Jadaliyya. Suggestions and blurbs may be sent to info@salonsyria.com.


It is as if the war is still in its beginning. The destruction, rubble, casualties, all parties of the conflict’s tough stances, and inability of the international community do not indicate a near end of the tragedy, but rather a continuation of it.

2401! – Ghouta Truce

24-25 February

Reuters, AFP, and Lancet

The UN Security Council approved Resolution 2401, which calls for a thirty-day truce in Syria to enable humanitarian-aid delivery and medical evacuations. The resolution excluded ISIS and al-Qaeda, as well as individuals and organizations associated with them.

Russia supported the resolution after last-minute negotiations. During one week of escalation in eastern Ghouta, three thousand people were killed or injured, according to the Syrian Observatory for Human Rights.

The vote came as military air jets bombed eastern Ghouta, the last enclave for the armed opposition, near the Syrian capital of Damascus for the seventh day in a row.

The Security Council session had been planned for Thursday, but it was delayed for two days amid tense negotiations between Russia and the rest of the members. The Syrian American Medical Society (SAMS) reported that during the two days of negotiations in New York one hundred and eighty people were killed, including forty-two children, and five hundred people were injured.

Secretary General of the UN Antonio Guterres called for an immediate end to “war activities.” After the adoption of the resolution, the escalation persisted amid mobilization of government forces to enter eastern Ghouta. The Syrian Observatory for Human Rights said that military air jets bombed eastern Ghouta after the Security Council vote, amid fears that the truce would not be observed. AFP said that government forces launched a ground attack on eastern Ghouta on two fronts.

Russian and French Presidents Vladimir Putin and Emmanuel Macron and German Chancellor Angela Merkel stressed the “importance of continuing common efforts in order to fully implement” the thirty-day truce called for in the Resolution.

Several international and humanitarian organizations condemned the attack on civilians in Ghouta. The UN High Commissioner for Human Rights said that the campaign in eastern Ghouta was a “genocide”. UNICEF also said, “We no longer have words to describe the children’s suffering in Syria.”

In a commentary on 23 February, the Lancet Magazine, which is specialized in public health, reported that “since 4 February 2018, Syrian forces with Russian support have bombarded eastern Ghouta, an enclave out of government control near Damascus.”

This military operation has left hundreds of civilians dead and more than one thousand and five hundred and fifty inured as of 21 February 2018. The PAX movement, an international peace movement, documented in only one day (20 February 2018) one hundred and ten civilians killed, hundreds injured, one hundred and thirty-one air strikes, forty-four barrel bombs, twenty-eight surface-to-surface missiles, five cluster bombs, and countless other artillery and rocket fire. Amnesty International regards this attack as a continuation of “large-scale war crimes.”

SAMS documented the bombardment of twenty-five hospitals and medical centers, some of which were bombed more than once, from 19 to 23 February 2018. Concurrently, armed groups replied by bombarding neighborhoods in Damascus killing and injuring tens of civilians.

 

2401 Does not Include Afrin

21-25 February 2018

AFP and Reuters

The Olive Branch Operation, launched by Turkish forces alongside Syrian opposition armed factions, has continued and advanced in Afrin countryside on more than one front. The Afrin front has witnessed dangerous developments this week with the Syrian government sending “popular” armed forces to support the People’s Protection Units (YPG) in confronting Turkish forces and armed opposition factions. A number of YPG fighters have been transferred from Aleppo to Afrin. Turkey threatened that its forces will target any party that provides support for Kurdish forces, adding that such a step may lead to a “catastrophe.” (AFP)

In the same context, the Turkish army bombed a convoy heading to Afrin. Ankara said that it carried fighters and weapons, whereas Kurdish forces said that it carried civilians bringing food and medicine. (Reuters)

In line with the contradictions of the Syrian tragedy, the Turkish Foreign Ministry welcomed in a statement on Sunday “the resolution adopted by the UN Security Council in response to the deteriorating humanitarian conditions throughout Syria, and especially in eastern Ghouta.” However, the Foreign Ministry added that Turkey “remains determined to combat terrorist organizations that threaten the territorial and political integrity in Syria.” Without directly referring to the Security Council Resolution, Turkish President Recep Tayyip Erdogan emphasized that there will be no truce in the Turkish military operation in Afrin, north of Syria. (AFP)

In a new development, Turkey demanded the extradition of the Syrian Kurdish leader Saleh Muslim who was arrested in Prague, after Turkey put him on the list of terrorists. The Democratic Society Movement, a coalition of mainly Kurdish parties that administers areas controlled by Kurdish fighters in northern Syria, announced the arrest of Muslim in the Czech capital on Saturday night, in a statement published in Beirut, Lebanon. (AFP)

الأتراك الجدد في ألمانيا… لاجئون مرحب بهم

الأتراك الجدد في ألمانيا… لاجئون مرحب بهم

برلين

عندما تتجول في العاصمة الألمانية برلين، وخاصة بمنطقة كأوسلور، قد يصدمك العدد الكبير من الأتراك الذين جاؤوا منذ زمن بعيد إلى ألمانيا، بعد أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها. لكنك قد تتفاجأ أكثر لدى سماعك حديث الألمان عن مجيء عدد كبير من الأتراك مؤخراً إلى ألمانيا هرباً من تركيا، ومن الإجراءات التي اتخذها الرئيس التركي أردوغان ضد من ساهموا في التخطيط لانقلاب ضده.

وتشير مصادر ألمانية ل”صالون سوريا” إلى أن أعداداً كبيرة من الأتراك جاؤوا إلى المدن الألمانية وخاصة برلين، عن طريق فيزا سياحية لثلاثة أشهر، وعليهم بعد هذه الفترة أن يتقدموا بطلب لجوء، بعد أن تم تسريحهم ومضايقتهم من قبل السلطات التركية. وأضافت المصادر:” أن الكثير ممن جاؤوا مؤخرا هم من الأكاديميين والصحافيين، الذين يمكن أن يجدوا فرصة عمل في ألمانيا بسهولة، في حين أن الجالية التركية السابقة عملت سابقاً في البناء وفي قطاع المطاعم.” وعبرت المصادر عن استيائها مما تفعله السلطات التركية بمواطنيها من جهة، ومن تدخل تركيا بمدينة عفرين السورية.

وأكدت المصادر أن:” منصة (الحقوق والعدالة) التركية التي تأسست عام ٢٠١٦ من قبل مدافعين عن حقوق الإنسان، وثقت إغلاق الحكومة التركية لحوالي ألف منظمة مدنية، وحوالي مائتي وسيلة إعلام، تماشياً مع قانون الطوارئ الذي أعلنته السلطات التركية منذ تموز عام ٢٠١٦ كما أعلنت المنصة أن حوالي ١٥٠ ألف تركي قد سرحوا من عملهم من قبل الحكومة، ومنهم من اعتقل بعد اتهامهم بعلاقتهم مع العسكريين مخططي الانقلاب.”

صحافية من صحيفة “سود دوتشه زيتونغ” الألمانية أوضحت ل”صالون سوريا” أن:” الصحافيين الألمان أصبحوا يخشون زيارة تركيا بعد الاعتقالات التي نفذتها السلطات ضد صحافيين أجانب”، مشيرة إلى أن “تركيا أصبحت تعتبر الآن بلداً خطراً بالنسبة للصحافيين، وبدأ فيه الصدام بين القوميات.” وأضافت أن:” ألمانيا استقبلت الكثير من الأتراك، ولا يمكنها أن تردهم خائبين، خاصة وأن الأتراك على علاقة وثيقة مع الألمان، فهناك تزاوج وعلاقات اجتماعية بين سكان البلدين منذ قديم الزمان.”

وقللت الصحافية من أهمية تزايد أعداد الأتراك الجدد في البلاد، وعدم تأثيره على صعود اليمين المتطرف في ألمانيا، مؤكدة أنه “يختلف عن عدد اللاجئين السوريين واللاجئين الأفغان وغيرهم ممن تسببوا بمشاكل داخل ألمانيا.” ورأت أن، “اليمين المتطرف لن يصل بسهولة إلى السلطة.”

ولم تتردد الحكومة الألمانية بدعم من قدموا مؤخراً إليها من تركيا، حيث بادرت الحكومة الألمانية بتشغيل عدد من الأكاديميين، كما قامت بمنح الصحافي التركي الذي يقيم حالياً في ألمانيا ياوز بيدر جائزة “التميز في الصحافة” الألمانية التي تقدمها “مؤسسة جنوب شرق أوروبا” ومقرها ألمانيا.
ويعتبر بيدر أول صحفي أجنبي يفوز بهذه الجائزة، حيث تسلمها في حفل أقيم في جامعة هومبولت في برلين يوم السبت الفائت. وحضر الحفل العديد من الصحفيين من مؤسسات إعلامية ألمانية، وممثلون من بعض دول البلقان، كما حضر ممثلون عن منظمة “مراسلون بلا حدود”، وأكاديميون أتراك، وممثلون عن وزارة الخارجية الألمانية.

هذا وقد شهدت العلاقات التركية الألمانية تصعيدا مؤخراً، ووصف الرئيس التركي الاتحاد الأوروبي بأنه من بقايا النازية والفاشية، وبأنه يدعم الإرهاب. فيما هددت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل خلال انتخابات منصب المستشارية في أيلول سبتمبر الماضي بعدم انضمام تركيا كعضو بالاتحاد الأوروبي، وقالت ميركل إنه “من الواضح أن تركيا لن تنضم إلى الاتحاد”، مضيفة أنها ستتحدث “إلى قادته الآخرين حول إنهاء عملية انضمام تركيا المتعثرة.”

اللهجة السورية تغزو برلين… واللاجئون قلقون من الترحيل

اللهجة السورية تغزو برلين… واللاجئون قلقون من الترحيل

في شوارع برلين الواسعة وفي وسائل نقلها المتعددة، كثيراً ما تسمع لهجة السوريين وأصواتهم العالية، حين تنظر من دون تردد إلى الوجوه، تجد بعضها سعيداً مبتسماً، وأخرى حزينة كئيبة… ما يجعلك تتساءل عن سبب الاختلاف وما يجعل البعض متفائلاً والآخر متشائماً.

عائلة أبو مجد الدمشقية التي جاءت إلى ألمانيا منذ عامين، ترى أن سبب كآبتها يعود إلى عدم حصولها حتى الآن على بطاقة الإقامة التي وعدت بها مراراً وتكراراً. وتوضح أم مجد لـ«الشرق الأوسط» أنه منذ الشهر التاسع عام 2016 وهم ينتظرون قدوم قرار الإقامة ما جعلهم يوكلون محامياً لم يستفيدوا منه شيئاً «بل قام بتأخير تنفيذ الإجراءات والأوراق، خصوصاً ورقة الموافقة على تبادل المعلومات بين ألمانيا وباقي الدول الأوروبية، التي وصلتهم منذ يومين لتوقيعها، وكان يجب أن تصل إليهم قبل أشهر». وتضيف: «إدارة الهجرة الألمانية لديها حجة بأن لديها أعداداً كبيرة من اللاجئين، ولديها ضغط كبير في العمل، ما جعل كثيراً من الإضبارات تضيع ويعاد إنجازها، لكن المشكلة الأساسية كانت بالنسبة للإدارة هي مرور عائلات سورية عبر بلدان أوروبية أخرى، وإيجاد بصمتها في هذه البلدان، الأمر الذي تغاضت عنه ألمانيا في البداية، ولكنها لم تعد تستطع فعل ذلك حالياً مع دخول اتفاقية دبلن حيز التنفيذ».

أما المسؤول عن العائلة حسام فيجد أن «السوريين الذين جاءوا منذ بدء استقبال اللاجئين، أي قبل عام 2015، حصلوا على ميزات أفضل، وتلقوا بطاقات الإقامة بسهولة وسرعة. في حين بدأت التعقيدات بعد أن استغلَّ حزب اليمين المشكلات التي تسبب بها اللاجئون للصعود سياسياً». ويضيف: «سياسة (أهلاً وسهلاً) باللاجئين في ألمانيا قد انتهت في الوقت الحالي، وأصبح اللجوء صعباً خصوصاً مع السياسة التي وضعها الاتحاد المسيحي الألماني أي ائتلاف الحزبين المعارضين للحزب اليميني. بعض العائلات السورية طلبت اللجوء من نحو سنتين حتى ثلاث سنوات، وحتى الآن لم تحصل على بطاقة الإقامة».

ويوضح حسام: «معظم طالبي اللجوء السوريين أصبحوا يفتشون عن أي عمل، كي يكون عقد العمل الذي يحصلون عليه ضامناً لهم ولحصولهم على إقامة، وبقائهم على الأراضي الألمانية. فأصبحنا نرى كثيراً من الشبان السوريين حتى ممن لديهم شهادات جامعية، يعملون في مطاعم تركية مستفيدين من اللغة التي أتقنوها في تركيا قبل مجيئهم لأوروبا. لكن الشبان السوريين الذين يسعون للحصول على أي عمل، أصبحوا يتعرضون لاستغلال ومحاربة باقي الجاليات التي ثبتت أقدامها منذ زمن بعيد في ألمانيا، فأصبح صاحب مطعم قديم يشتكي من مطعم سوري جديد، وهكذا الأمر في باقي القطاعات».

الأكاديمي السوري عمران علوني أشار لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «في قلب ألمانيا هناك دولتان، دولة القطاع الخاص المنظمة والمدارة بشكل جيد، ودولة القطاع الحكومي، التي أصبحنا نعتبرها من أسوأ الحكومات، نظراً لكثرة الروتين. وهذا الأمر لا ينطبق فقط على معاملات اللاجئين، ففي حال أراد ألماني أن يصدر شهادة قيادة سيارة، لن يجد موعداً قبل شهرين، وكذلك لو أراد الحصول على جواز سفر ألماني. البيروقراطية قاتلة، وتدفع الناس للمطالبة بالخصخصة أكثر».

الصحافية الألمانية كريستينا شولزر تقول لـ«الشرق الأوسط» إن «الشعب الألماني عانى مسبقاً من ويلات الحرب خلال الحرب العالمية الثانية، ومن مقتل كثيرين ممن حاولوا اجتياز جدار برلين قبل سقوطه عام 1989. لذا رأى الألمان ضرورة استقبال الكثير من اللاجئين الهاربين من الحرب السورية، لكن بدء جذب حزب (بديل لألمانيا) اليميني لكثير من المريدين الذين يرون في مشكلات اللاجئين تحدياً لهدوء المجتمع الألماني، جعل الحكومة تحد من استقبال اللاجئين، وتتأنى في دراسة ملفات طلبات اللجوء. ومع بدء تطبيق اتفاقية دبلن، لم تعد ألمانيا تقبل باللاجئين القادمين من دول أوروبية أخرى، بل تعيدهم فوراً إلى البلد الذي مروا وبصموا به».

ويتعاطى معظم اللاجئين مع ما يتردد في الإعلام الألماني عن إمكانية إعادة اللاجئين السوريين من ألمانيا بالحذر والخوف، ويترقب معظمهم ما ستفعله الحكومة تجاه من لم يحصل بعد على بطاقة إقامة، ومن حصل على بطاقة لعام واحد، ولم يتمكن من لَمّ شمل عائلته. ويبحثون عن حلول قد يكون بعضها غير شرعي، كالعودة مجدداً إلى تركيا مجتازين طريق التهريب المعاكس.

الجدير بالذكر أن الإحصاءات الرسمية الألمانية تفيد بوجود 650 ألف لاجئ سوري في ألمانيا، بينما تؤكد بعض الجهات والجمعيات أن العدد أكبر بكثير من ذلك.

تم نشر هذا المقال في «الشرق الأوسط»