بواسطة ختام غبش | فبراير 25, 2019 | Cost of War, غير مصنف
حواجزٌ اسمنتية وأخرى حديدية تبتلع ثلاثة أرباع الشارع فيما يشغل عسكري جزءاً من الربع الأخير وهو يؤدي واجب التفييش وعرقلة حركة السير، على مد النظر تنتشر باصاتٌ ضخمة تحمّل أتلالاً من الأفراد، وبأعدادٍ كبيرة تثير تعليقاً متذمراً بين منتظري وسائل النقل العامة: ” من أين تخرج هذه الجموع وأغلب الشعب بين المهجر والشهيد؟”
يمكن لزاوية منعطف تحت جسر الرئيس أو جسر الثورة أن تُجسد مشهد المأساة اليومية، كما لو أنّها لوحة تحمل وجوهاً معلّقة في الفراغ، بملامح ونظرات واحدة، وحركات جسد متأهبة للتدافع والركل عند قدوم وسيلة النقل.
وفي ظل سنوات الحرب المحقونة بضجيجها طفت في الطرقات سُلطة جديدة، تضاف إلى قائمة السُلطات الكثيرة في البلد، مثلتها سُلطة السرفيس والتكسي.
فالكثيرون اليوم لجؤوا إلى مهنة سائقي التكسي، بعد أن قضمت أنياب الحرب العديد من المهن، وأفرزت نسباً كبيرة من العاطلين عن العمل، مما دفع خليطاً هائلاً من كافة شرائح المجتمع للالتفاف حول هذا المقود.
وتكفي القفزات التي شهدتها عدادات التكسي لأن تقتني تكسي جديدة، بسبب الزيادات التي تراكمت خلال السنوات الثمانية الماضية، ففيما كنت تستطيع الذهاب إلى سوق الحميدية أو منطقة الحريقة وتوابعها بـ (35) ل.س قبل الحرب، اليوم يترتب عليك أن تدفع مبلغاً يتراوح بين (600-700) ل.س للمشوار الواحد، إن سوّلت لك نفسك اتخاذ قرارٍ بركوب التكسي، فعملة اليوم لم تعد لها قيمة في هذه البقاع.
في إحدى دوائر الدولة حيث الشعور باللاقيمة واللاعتبارية التي تقابل المراجعين هناك، قال لي أحدهم:” لقد خدمت في الدولة 20 عاماً كمهندس زراعي، وفي اللحظة التي طُلب مني فيها أن أخالف القانون بحفر آبار ارتوازية في دمشق، وذلك من قبل الأكبر مني نفوذاً، تخليت عن وظيفتي، واقتنيت سيارة أعيش فيها مرتاح البال، وأعود لبيتي لأنام نظيفاً” مضيفاً “صدقيني يا ابنتي، غيري سيفعلها، لقد عُرض علي مليونا ليرة سورية، الشام الآن في أحلك أيامها عطشاً والموافقة على هذه الآبار فيه ضرر كبير لها.” منهياً حديثنا بـقوله: “اتركي كل شيء خلفك، ولا تنتظري اصلاح الكون، نحن هنا محكومون، ولا خيار لنا إلا بيع أنفسنا اذا أردنا أن نبقى في هذه المؤسسات، وهذا ما دفعني لإدارة هذه المؤسسة (السيارة) كي أريح نفسي من كل قرفهم”.
ولكن في دمشق لا يمكن الاعتياد على هذه الوسيلة في تنقلاتك، وإن أجبرت على هذا الخيار فهناك خطوات عليك ترتيبها قبل رحلتك، أولها وجهة السائق، حيث تحددها لتتوافق مع وجهة السائق ثم أجرة الطريق والخلاف بينكما من حيث التسعيرة، حيث تعد المفاصلة أحد أهم الشروط المسبقة لعملية الركوب، إذ يمكن لبعض السائقين أن يرمي أسعاراً خيالية بين منطقتين تفصل بينهما بضعة أمتار لا أكثر. غالبية السائقين يتحكمون بالرُكاب في أوقات الذروة والازدحام المروري، حيث يجري ضمنياً اتفاق فيما بينهم على تسعيرة واحدة، ويجري تطبيق هذه المعاهدة دون أن يخل أحداً بشروطها. أكثر شواهدها حضوراً، اختزلته السنوات الأخيرة بمسمى “التكسي سرفيس” والتي أخذت على عاتقها تخفيف أزمة المواصلات ولكن بشروط السائقين، فجميعهم يمسكون بالخيط وإبرته، ويحيكون أسعار الطرقات وفقاً لمشيئتهم.
يصطف سرب من السيارات المتوجهة إلى جرمانا عند حافة جسر الرئيس، في البداية جرى الاتفاق على 300 ليرة، أصبحت لاحقاً 400 لتنتهي بـ 500، يلحق هذه التسعيرات العديد من المبررات المتعلقة بارتفاع سعر مادة البنزين، وغلاء القطع، حتى أنّ البعض قد يضاعف التسعيرة إلى عشرة أضعاف. وباتت هذه الديباجة مكررة حتى حفظها معظم أفراد الشعب عن ظهر قلب وبات يرددها على مسمع السائقين، إلى أن حلت أزمة الوقود وتمت إزالة بعض الحواجز من الطرقات، عندها واجه بعض الركاب سائقيهم بأنه لم يعد مبرراً لهم إبقاء السعر المرتفع على حاله، إلا أنهم وجدوا تبريرات جديدة كرشوة شرطي المرور حيث يتطلب حفاظ التكسي على مهنته استخدام رشاويٍ يُسكت بها شرطة المرور، إلى جانب الكثير من الأمور التي تجعل الراكب المُحتاج للتوصيلة يصمت ويصعد معه وهو ممتن. و تستطيع هذه “التكسي سرفيس” أن تخبرك عن الكثير من أحوال من يصعد بقربك، فهي كمساحة أصغر من السرفيس أو الباص وقلة عدد الركاب تخلق جواً من الألفة، ورغبة بالشكوى والتحدث مطولاً.
يبدو الجميع محتاجين لمن يتحدثون إليه بعد أن فقدوا قدرتهم على كبت كل هذه المآسي التي لم تعد محتملة، الشعور بالوحدة يترافق مع إدارك بأن كل من حولك يعيش الحال ذاته، مما يساعد على تحطيم الكثير من الحواجز بين الناس، فالكارثة وحدّت الآمهم، وبات الجميع يشعرون بأن الحزن والغضب حالة معممة، لهذا لم يعد مهماً ما يتم التفوه به اتجاه كل هذه الخسائر.
نادراً ما كنت أصمت عند المشاركة بحديث يشمل الحال العام، ولكن في واحدة من المرات التي كانت فيها وجهتي جديدة عرطوز، تشاركت عندها التكسي مع ثلاثة اشخاص، أحدهم يجلس في المقعد الأمامي يحمل موبايله منهاراً وهو يصرخ: “كيف حصل ذلك؟ لقد قلتم لي بأنه قد تجاوز مرحلة الخطر” قبل أن ترتجف أصابعه ويسقط الموبايل من يده، يتفوه ببضعة كلمات:” لقد كنت في حماة لم يعطوني إجازة منذ سنتين، هربت من هناك لأزور ولدي المريض بالسرطان، يالله طفل لا يتجاوز عمره الخامسة يأكله السرطان؟ لقد استدنت من صديقي أجرة القدوم إلى دمشق وعبرت كل هذه المسافة فقط لأراه”.
يسمع سائق التكسي العديد من الحكايات كهذي التي شهدتها، ويُعيد العديد منها على مسامع ركاب سيارته ببعض المبالغة أيضاً، وبإحساس ودقة تبدو جلية في مرآة عينيه أحياناً أخرى.
سائق أنيق تملأ رائحة عطره السيارة، يشيح بوجهه بعيداً ويشارك قصصه الخاصة عن زوجته التي تركته مع ثلاثة أولاد. “لقد تزوجتْ قريبة أحد أصدقائي الذين تطوعوا في الدفاع الوطني، وكانت أكبر منه سناً، لا أعلم لما فعلت ذلك، كنت زوجاً صالحاً، ولتعلمي أنا أعمل في مديرية الشؤون الاجتماعية صباحاً وسائق تكسي بعد الظهر، ولكني رزقت بزوجة ثانية بعد سنة من هجرها لي الحمد لله، هي حنونة تعتني بأولادي، أكبرهم سنة أولى جامعة”.
وفي تكسي أخرى كان ردُّ السائق عند مفاصلتي له أبلغ من أية نقود كنت سأدفعها: “نحن تركنا بيوتنا وأراضينا وقدمنا إلى دمشق لا نحمل شيئاً إلا رائحة دورنا وأهالينا، كان لي معمل في عربين وفيه عمال كثيرون لا علم لي اليوم أين أراضيهم يا ابنتي، فلتهدأي أرجوك لأني لن أتقاضى منك إلا المبلغ الذي تأتين به عادة”.
بين كل القصص اليومية التي أسمعها والأحاديث التي أخوضها في تكاسي البلد، لن أنسى ذاك الحوار مع أحد السائقين الذي كان الأكثر أهمية بالنسبة لي لما يحمله من تناقضات الواقع وبشاعته.
صعدت التكسي بتوتر فشكل السائق بذقنه الطويلة وشعره الحليق أثار قلقي، وعند وصولنا إلى أول حاجز بدأ بالسرد: “البارحة عدتُ من دير الزور، عدت من ساحات المعركة إلى ساحات مشابهة لها، فنحن في معسكراتنا نواجه حرب البقاء، عندما يصمت صوت المدفعية يعلو صوتٌ من الداخل يخبرك كيف كتب لك البقاء وهناك من قاتل وناطح التلال والصحاري إلا أن الموت قد كان سباقاً إليهم، لماذا هم ولست أنا؟ ومن له الأحقية في البقاء؟ بالرغم من أنّ الغد سيكون شبيهاً باليوم، وستذهبين لتخوضين المعركة من جديد ويمكن للوقت أن يلحقك بهم بعد ساعات قليلة. هذه الساعات المسالمة هنا كانت أثقل من كل ساعات القتال الذي انتهت بسرعة قياسية مقارنة بالزمن الذي ستجلسين به لتعددين كل خسائرك التي رحلت قبل دقائق من الآن، خسائرك الماضية”. مضيفاً “المرة الأخيرة التي سمعت فيها صوت الفتاة التي كنت أرتاح لها كانت قبل اتصال العقيد المسؤول عني ليخبرني بأمر الالتحاق بقطعتي التي ستقاتل في دير الزور، كانت تتصل بي لتتلمس تعلقي بها، تطلب مني أن أطمأنها بكلمة عن مصير علاقتنا وعن تمسكي بها، عن طلبي منها بأن تنتظرني حتى الأبد… إلا أنها الآن متزوجة. فلقد أنهيت المحادثة بطلبي منها أن تكمل حياتها بشكل طبيعي وألا توقف حياتها عند شخص مجهول الطريق والإحداثيات، إن جاء أحدهم إليك راغباً فتزوجيه قلت لها وفعلت.”
في ساعات الذروة يفاصل أحد الركاب كالعادة السائق الصعود في سيارته فيرد عليه: “الطريق هو الحاكم”. يتشاركان حديثاً طويلاً يبدأ بأنّ هذه المهنة صعبة وخطرة لننتهي بأنه من دير الزور، وعندما يتلمس السائق حنيناً من الراكب يسأل “زرتها؟” ويدور الحديث التالي
نعم أثناء مواسم التنقيب الأثري هناك
الله يرحم، لم يعد هناك تنقيب ولا صخام
الكون بجله اشترك بهذه الجريمة ولكن المهربين الحقيرين هم الأسوأ
يغضب ويدير رأسه نحوي قائلاً: “من هم الحقيرين؟ أتعلمين لو أنه يقع بين يدي تحفة لما توانيت ثانية عن بيعها.” أجيبه فوراً: “إنه تاريخ البلد وفيه هويتنا وتراثنا”. يردف قائلاً “عندك ولاد؟” أجبته “لا،” فتابع قائلاً “عندما يطلب ابنك منك جاكيت أو حذاء ولا تملكين سعره ستلعنين أبو التاريخ وأبو البلد، أنا أمّي لكني أعي تماماً ما تقولينه ولكن أولادنا أهم من كل هذا، فكي عني (أي حلّي عني.)!”
في الأيام القليلة الماضية والتي عانينا فيها من موجة الصقيع والبرد صعدت فيها مع شابٍ في مقتبل العمر، يدور حديث بيننا عن المازوت والكهرباء والاتفاقات التي بقيت قائمة حتى مع الدول الأعداء في خصوصهما، يقول بحسرة: ” إني نادم أشد الندم كوني رفضت مرافقة أخي في الوقت الذي سافر فيه، الآن لا أفعل شيئاً سوى إيجاد طريقة هرب وبأسرع وقت ممكن، لو يمكنهم سرقة الهواء الذي نتنفسه لما قصروا ولكنه هواء ملوث طافح بالبشاعة لا يمكن لأحد شراءه.”
إضافة لحكايات الألفة ينعكس غياب الأمان والحوادث على علاقة السائقين بركابهم أيضاً، حيث شهدت السنوات الأخيرة تعرّض الكثير من سائقي التكسي للقتل والنهب، كما اختطف العديد من السائقين مع سياراتهم وتم قتلهم أو اعتقالهم،في الوقت نفسه ملأ الرعب قلوب الراكبين بسبب جهلهم بمن يقود سيارتهم وقلقهم من خطورة الطرقات التي بات يسكنها الرعب والخوف، خوفٌ بات يسكن طرفي العلاقة شأنها شأن بلد كامل بات فيه الجميع يخشى من الجميع.
بواسطة Safi Khattar | يناير 31, 2019 | Cost of War, Reports, غير مصنف
أدى إعلان الحكومة السورية عن مرسوم العفو رقم ١٨ والمتعلق بالمتخلفين عن خدمة العلم الصادر بتاريخ 9/10/2018، لانتشار شائعات في الشارع السوري حول تضمنه لبند شطب أسماء كل من استدعي للاحتياط ولم يلتحق، إضافة لإلغاء كافة قوائم الاحتياط الصادرة سابقاً. وبقيت هذه الإشاعات بين نفيٍ وتأكيد، إلى أن صدر تعميم يُنهي الجدل، ويؤكد شطب كافة دعوات الاحتياط السابقة وإيقاف الدعوات الجديدة.
وتقدر أعداد المطلوبين للخدمة الاحتياطية فقط بنحو 800 ألف مطلوب، إلا أن جهات غير حكومية تقول أنّ الأعداد تفوق ذلك بكثير.

صورة (١) عن التعميم الصادر لشطب كافة الاحتياطيين نقلاً عن صفحة الإعلامي رضا الباشا
أثار هذا التصريح الرسمي ارتياحاً بين العديد من السوريين المتأثرين بخدمة العلم، وبدا لهم وكأنه إذعانٌ ببداية مرحلة ما بعد الحرب، إلا أنّ الشكوك بقيت تساور الكثيرين حول مصداقية العفو، وتحولت مواقع التواصل الاجتماعي إلى منصات للأخبار المتضاربة، ولتداول تجارب الأشخاص المتأثرين بالقرار، فمنهم من كان يؤكد أنه تنقل بحرية دون أن توفقه الحواجز بعد أن كان يخشى الاقتراب منها، ونقل تأكيدات من شعبة التجنيد بصحة العفو وشطب الأسماء. في حين وردت في المقابل العديد من التعليقات من أشخاص نفوا كل ذلك، مؤكدين أن لا شيء تغير على أرض الواقع، ومازالت الحواجز الأمنية توقف الشباب وتسوقهم للخدمة الإلزامية.
في الفترة نفسها، انتقلت معركة التصريحات والتحليلات إلى القنوات الإعلامية، سواءٌ المحسوبة على النظام أو المعارضة، فبُثّت تقارير وندوات على قنوات معارضة كالأورينت وتلفزيون سوريا حول الموضوع مشيرة إلى أنه عبارة عن فخ تستخدمه السلطة للإيقاع بالشباب وخداعهم بغية أخذهم للجيش، وبأنّ النظام لا يمكن أن يؤتمن، ولا يمكن الوثوق بما يصدر عنه، مستشهدين بما يجري في مناطق المصالحات، والتي كان بند التجنيد وخدمة الشباب من الملفات التي تم الاتفاق والتفاوض عليها مسبقا، إلا أن الاعتقالات والمداهمات استمرت، وذهبت الوعود السابقة أدراج الريح.
في الطرف الآخر، أجرت القنوات الرسمية وشبه الرسمية ندواتٍ حول الموضوع، كالحوار الذي أجرته قناة دمشق الآن مع مدير شعبة التجنيد العامة وقاضي الفرد لتوضيح شطب الاحتياط، حيث أوضح المشاركون بنود العفو وأكدوا “إلغاء الدعوات السابقة”، دون إسقاط “واجب أداء الخدمة الاحتياطية”، مشيرين إلى أنّ البلد اليوم تعيش “آخر انتصاراتها”.
ولم تفلح كل التأكيدات المعلنة والرسمية في تبديد حالة الشك والخوف وعدم الثقة بالقرارات والتعميمات الحكومية، فبعد أن تصاعدت الآمال والأحلام بحياة جديدة، وملأت التهاني صفحات وبيوت الشباب الذين سيشملهم العفو، والذين قضت الحرب على أهم سنوات عمرهم في ظل واقع معيشي كارثي على الجميع، عاد كابوس الخدمة ليطاردهم من جديد. فما هي إلا أيام قليلة لا تتجاوز العشرة حتى تفاجأ الجميع بعودة طلبات الاحتياط جميعها، لتقوَض القرارات السابقة الصادرة، دون أن يكون هناك أي تصريح رسمي من الحكومة حول ذلك.
عمار شاب في الخامسة والثلاثين من عمره، اضطر في السنوات السابقة للعمل في الورشات وأعمال البناء رغم توفر فرص للعمل له في البرازيل حيث يقيم أقاربه، إلا انه لم يستطع السفر بحكم كونه متخلفاً عن الخدمة الاحتياطية، وما أن صدر قرار العفو حتى ذهب عمار لتجديد جواز سفره والمباشرة بإجراءات السفر، يروي عمار ما حدث معه: “كنت من أكثر المشككين بالعفو وبقيت حتى اللحظة الأخيرة وأنا غير مصدق، وأكثر ما أثار قلقي وخوفي أن تتعرقل أوراقي وأفقد حماسي ولهفتي للسفر، ذهبت لدائرة الهجرة و كان الازدحام غير مسبوق، وكأنّ الجميع يرغب بمغادرة البلد على وجه السرعة، أعطوني موعداً لاستلام جواز السفر بعد أسبوع بعد أن أنهيت تقديم جميع الأوراق المطلوبة. ومن ضمنها كفالة مالية لإذن السفر تقدر بخمسين ألف ليرة، عدا عن باقي التكاليف بحيث يقدر مجموعها بسبعين ألف ليرة. وأخيراً تواصلت مع أقاربي وأخبرتهم أنني قادم، وبدأنا نتصور كيف ستكون الأمور في البرازيل، عشت ما يشبه الأحلام وأحسست بنفسي وكأنني أودع المكان هنا وبأنني قد أصبحت هناك فعلاً”.
إلا أن فرحة عمار لم تطل، فبعد أسبوع فقط سمع خبر عودة طلبات الإحتياط، وعن هذا يقول “في البداية لم أصدق أو بالأحرى لم أود أن أصدق، استلمت الجواز ولكن موظف الهجرة أخبرني بأنه لم يعد ينفعني بشيء. وبأنني لن أستطيع مغادرة البلد وحتى الكفالة المالية لا يمكنني استرجاعها، وقال لي ساخراً بنبرة لا تخلو من شماتة: عندما تنتهي من الخدمة تعود إليك الكفالة، الدولة لا يضيع عندها شيء.” يعاني عمار اليوم من اضطرابات نفسية عنيفة، أدت به إلى الانعزال عن محيطه بعد أن خسر “ترف الحلم بغد أفضل وسدّت كل الطرق في وجهه” بحسب تعبيره.
العديد من الشبان يعانون يومياً كما عمار من التحديات التي تفرضها قرارات كهذه، سواءٌ من ناحية حرية التنقل والحركة والعمل أو من ناحية الإحباطات الكبيرة، والانكسارات النفسية التي أصابتهم بعدما تأملوا بتغيير واقعهم وحياتهم.
ولم يصدر أي تصريح أو توضيح من أي جهة حكومية لما جرى بل بالعكس قوبلت كل الأصوات المطالبة بالتفسير بتجاهلٍ كامل، وزاد عليها توسيع طلبات الاحتياط إلى فئات عمرية تعتبر خارج نطاق السن القانوني المحدد للخدمة.
خرجت العديد من التفسيرات لما جرى، إلا أنها بقيت في دائرة التحليل والتكهن، يعتبر مثلاً محمود (40عاماً) وهو صاحب محل لبيع الملابس “بأن المرسوم ثم القرار، فخ نصبته الحكومة للإيقاع بالمطلوبين، وخصوصاً أن قسماً ليس بالقليل منهم كانوا خارج البلد في دول الجوار (لبنان بالأخص)”، ويتوقع محمود ” بأنّ قرار العفو صدر لإعفاء فئة محددة من أبناء المسؤولين والأغنياء، وتسهيل خروجهم بشكل رسمي وقانوني من البلد. “
بينما يرى أيمن (55سنة) مدرس لغة عربية بأنّ ما جرى “عبارة عن تصارع تيارين نقيضين داخل الحكومة نفسها، فصدور العفو وشطب أسماء الاحتياط جاء نتيجة الضغوطات الخارجية الكبيرة على الحكومة السورية لسنّ قوانين جديدة بخصوص أكثر من ملف، وعلى رأسها ملف الخدمة والمتخلفين عنها، إلا أنّ ما يحدث على أرض الواقع نقيض لذلك تماماً، ويتم وفقاً لتعليمات غير رسمية بحيث يبقى العفو حبراً على ورق، فمسألة الخدمة بالجيش لا يمكن أن تفرّط بها الحكومة بهذه السهولة، وخصوصا أن الحرب في سوريا لا تزال قائمة رغم اختلافها عما مضى.”
ليوسف وهو صحفي (45 سنة ) رأيٌ آخر، حيث يرى بأنّ القرار كان خاطئاً منذ البداية وأنّ الحكومة تراجعت عنه وإن لم يكن بشكل رسمي، ويوضح يوسف “الانتقادات الشديدة وحالة الاستياء التي عمت داخل المؤسسة العسكرية كانت غير مسبوقة، وكادت أن تشكل أزمة حقيقية في صفوف الجيش، الأمر الذي دفع الحكومة للتراجع الفوري عن القرار، فإعفاء المتخلفين عن الاحتياط ليس عادلاً في ظل بقاء الجنود في الجيش دون تسريح، وأغلبهم لديه خدمة طويلة قد تتجاوز سبع سنوات، فكيف يكون العفو عمن لم يلتحق ونسيان الموجودين داخل الجيش، وهم الأولى بالتسريح أولاً!”.
وبالفعل فقد انتشرت كثير من الدعوات، وأنشئت أيضا صفحات على الفيس بوك للمطالبة بالتسريح الفوري للمجندين أو بإلغاء القرار، كونه غير عادل ومجحقفاً بحق من لايزال في الخدمة.
و بين مرحبٍ ورافضٍ للقرار، يبقى موضوع الخدمة والقرارات المتناقضة حوله قضية مربكة تؤرق حياة السوريين وتتحكم بمصائرهم.
بواسطة Syria in a Week Editors | يناير 28, 2019 | Syria in a Week
حرب إيرانية -اسرائيلية
21، 23، 26 كانون الثاني/ يناير
قال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله يوم السبت إن “محور المقاومة” الذي يضم إيران وسوريا وحزب الله قد يرد على الضربات الإسرائيلية على إيران وحزب الله في سوريا بقصف تل أبيب. قال نصر الله في مقابلة مع قناة “لميادين” إنهم يتداولون رد الفعل الذي يجب القيام به رداً على تصعيد الهجمات الإسرائيلية.
وكانت روسيا طالبت إسرائيل يوم الأربعاء بضرورة التوقف عن تنفيذ “الضربات الجوية العشوائية” على سوريا، وذلك بعد أيام من استهداف سلاح الجو الإسرائيلي “قوات إيرانية”.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زخاروفا أن مثل هذه الضربات تزيد التوتر في المنطقة و”لا يصب على المدى الطويل في مصلحة أي دولة هناك، بما في ذلك إسرائيل”. ونقلت وكالة تاس عنها قولها “ينبغي ألا نسمح مطلقاً بأن تتحول سوريا، التي تعاني من صراع مسلح منذ سنوات، إلى ساحة لتسوية الحسابات الجيوسياسية”. وتأتي تعليقاتها عقب ضربات نفذتها إسرائيل في سوريا الاثنين.
وذكرت وكالة الإعلام الروسية أن الضربات الجوية الإسرائيلية استهدفت مطاراً في جنوب شرق دمشق وقتلت أربعة جنود سوريين وأصابت ستة.
وذكرت وسائل الإعلام الرسمية السورية نقلا عن مصدر عسكري أن البلاد واجهت “هجوماً مكثفاً وعبر موجات متتالية بالصواريخ الموجهة.
ولم تعلن دمشق حجم الضرر أو عدد الضحايا الذين سقطوا في الضربات، لكن المرصد السوري لحقوق الإنسان قال إن 11 شخصاً لقوا حتفهم وقالت روسيا حليفة سوريا إن أربعة جنود سوريين قتلوا وأصيب ستة آخرون.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن الغارة الجوية استهدفت أساساً قوات إيرانية، واستهدفت أيضاً سوريين يساعدونهم.
مناورات “المنطقة الآمنة”
24، 25 كانون الثاني/ يناير
قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الجمعة إن بلاده تتوقع من الحلفاء المساعدة في إقامة “منطقة آمنة” في سوريا على الحدود مع تركيا في غضون بضعة أشهر وإلا ستضطر لإقامتها بمفردها.
وكان أردوغان قد قال في وقت سابق إنه والرئيس الأمريكي دونالد ترامب ناقشا إقامة أنقرة لمنطقة آمنة بعمق 20 ميلاً في سوريا على الحدود وذلك بعد قرار ترامب سحب جميع القوات الأمريكية من سوريا والبالغ قوامها 2000 جندي.
كما قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو يوم الخميس إن بلاده لديها القدرة على إقامة “منطقة آمنة” في سوريا بمفردها لكنها لن تستبعد الولايات المتحدة أو روسيا أو أي دول أخرى تريد أن تتعاون في هذه المسألة. وفي تصريحاته التي تأتي بعد لقاء أردوغان بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو يوم الأربعاء، قال جاويش أوغلو إن أنقرة وموسكو لديهما نفس التوجه فيما يتصل بالحل السياسي في سوريا باستثناء مسألة بقاء الرئيس بشار الأسد في منصبه. وأضاف أن تركيا تجري اتصالات غير مباشرة مع الحكومة السورية.
دمشق تعترف باتفاق أضنة
27 كانون الثاني/ يناير
قالت سوريا يوم السبت في بيان لوزارة الخارجية إنها مستعدة لإحياء معاهدة أمنية تاريخية مع تركيا أدت إلى تطبيع العلاقات لمدة 20 عاماً قبل الحرب التي اندلعت في 2011 إذا سحبت تركيا قواتها من سوريا وتوقفت عن دعم مقاتلي المعارضة. وأكدت سوريا أنها ملتزمة باتفاقية أضنة المبرمة عام 1998 والتي أجبرت دمشق على الكف عن إيواء حزب العمال الكردستاني.
وقال البيان “تؤكد الجمهورية العربية السورية أنها مازالت ملتزمة بهذا الاتفاق والاتفاقيات المتعلقة بمكافحة الإرهاب بأشكاله كافة من قبل الدولتين”. لكن دمشق قالت إن احياء اتفاقية أضنة والذي أثاره الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماعه مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الأسبوع الماضي يعتمد على وقف أنقرة دعمها لمقاتلي المعارضة وسحب قواتها من شمال غرب سوريا.
مفخخات في المدن
22، 24 كانون الثاني/ يناير
ذكرت وسائل إعلام سورية رسمية أن سيارة ملغومة انفجرت في دمشق الخميس مسببة أضراراً مادية دون وقوع إصابات في ثالث تفجير تشهده المدينة الواقعة تحت سيطرة الحكومة هذا الأسبوع. وقالت الوكالة العربية السورية للأنباء إن التفجير وقع في حي العدوي إلى الشمال من الحي القديم في وسط دمشق. وقال شاهد إن الانفجار وقع قرب مستشفى.
كانت وسائل إعلام رسمية ذكرت أن سيارة ملغومة انفجرت في مدينة اللاذقية مما أسفر عن مقتل شخص وإصابة 14 شخص يوم الثلاثاء.
ويوم الأحد انفجرت عبوة ناسفة قرب طريق سريع على مشارف دمشق واعتقلت السلطات المهاجم.
من جهة أخرى ذكر شهود أن ما لا يقل عن ثلاثة مدنيين قتلوا وأصيب العشرات في انفجار عدة دراجات نارية ملغومة ببلدات سورية تسيطر عليها المعارضة التي تساندها تركيا. وقالوا إن امرأة وطفلاً وشاباً قتلوا وإن ثمانية آخرين على الأقل أصيبوا عندما انفجرت دراجة نارية قرب حديقة عامة في قلب مدينة الباب في شمال حلب. وأفاد مصدر بالشرطة في المدينة إنها قامت بالإشراف على تفجير دراجة نارية أخرى في بلدة الراعي شمال الباب وألقت القبض على مشتبه به.
وفي واقعة مماثلة، أصيب ثلاثة أشخاص في بلدتي قباسين والغندورة القريبتين في انفجارين نتيجة زرع مواد ناسفة في دراجتين ناريتين متوقفتين في مكانين عامين.
وانفجرت عبوات ناسفة يوم الأربعاء في مدينة عفرين، وهي منطقة يغلب الأكراد على سكانها وتسيطر عليها تركيا وحلفاؤها السوريون بعد عملية “غصن الزيتون”.
استقرار إدلب!
رويترز
23 كانون الثاني/ يناير
نقلت وكالة إنترفاكس للأنباء عن متحدث باسم الكرملين قوله يوم الأحد إن اتفاقاً مع تركيا بشأن إدلب لم ينفذ بالكامل مما يزيد من قلق موسكو ودمشق.
وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بعد محادثات أجراها مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان يوم الأربعاء، إنهما ناقشا الخطوات التي يمكن لهما اتخاذها للحفاظ على استقرار الوضع في محافظة إدلب السورية.
وكانت وزارة الخارجية الروسية ذكرت في وقت سابق يوم الأربعاء أن الوضع في هذه المحافظة، التي حاولت موسكو وأنقرة إنشاء منطقة عدم تصعيد فيها، يتدهور بسرعة وأنها كادت أن تصبح تحت السيطرة الكاملة لجبهة النصرة المتشددة.
وأضاف بوتين، متحدثاً إلى جوار أردوغان: “لسوء الحظ هناك مشكلات كثيرة هناك، ونحن ندركها”. كما أضاف بوتين إنه وافق على استضافة قمة قريباً لتناقش فيها روسيا وتركيا وإيران الوضع في سوريا. ولم يحدد موعداً للقمة لكنه قال إنه اتفق على موعد مبدئي مع أردوغان.
جيب “داعش”
21، 24 كانون الثاني/ يناير
قال سكان وأعضاء بفصائل مسلحة الأربعاء إن القوات التي يقودها الأكراد وتدعمها الولايات المتحدة توشك أن تقضي على آخر جيب لتنظيم داعش في سوريا قرب الحدود مع العراق بعد حملة قصف مدمرة على مدى أربعة أشهر خلفت مئات القتلى والجرحى من المدنيين.
تأتي السيطرة على قرية الباغوز بعد سقوط سلسلة من القرى في الأيام الماضية في يد قوات سوريا الديمقراطية. ويقول سكان غادروا المنطقة وأعضاء فصائل مسلحة إن قوات سوريا الديمقراطية لم يعد يفصلها عن السيطرة على منطقة شرق نهر الفرات بأكملها سوى شريط بطول سبعة كيلومترات.
في سياق متصل ذكر سكان محليون أن انتحارياً اقتحم بسيارته نقطة تفتيش أمنية في شمال شرق سوريا يوم الاثنين فأصاب عدداً من المقاتلين الذين يقودهم الأكراد كانوا في قافلة مشتركة مع حلفاء أمريكيين.
دمشق تضيّق على الأوروبيين!
24 كانون الثاني/ يناير
قالت المفوضية الأوروبية يوم الخميس إن الرئيس السوري بشار الأسد أوقف إصدار تأشيرات خاصة لدخول دبلوماسيي الاتحاد الأوروبي إلى دمشق.
وقالت متحدثة في إفادة صحفية دورية للمفوضية “أوقف نظام بشار الأسد منح تأشيرات الدخول المتعدد” وتابعت “نواصل بصفتنا الاتحاد الأوروبي… بذل كل ما في وسعنا لتجنب أن يؤثر هذا على العمل المهم الذي نقوم به على الأرض”.
العرب يتفقون على اللاجئين
20، 21 كانون الثاني/ يناير
دعت الدول العربية في قمة اقتصادية عقدت في بيروت الأحد المجتمع الدولي إلى تكثيف جهوده لتمكين السوريين من العودة إلى ديارهم. ودعا مسؤولون لبنانيون النازحين إلى العودة لديارهم بعد نجاح النظام في استعادة سيطرته على معظم أراضي بلاده بمساعدة روسية وإيرانية.
وقال وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل وهو يلقي بياناً وافقت عليه القمة “إزاء استفحال أزمة النزوح واللجوء السوري علاوة على استمرار وتفاقم أزمة اللاجئين الفلسطينيين المزمنة.. ندعو المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته للحد من مأساة النزوح واللجوء ووضع كل الإمكانيات المتاحة لإيجاد الحلول الجذرية والناجعة”.
كما دعا البيان المجتمع الدولي إلى “مضاعفة الجهود الدولية الجماعية لتعزيز الظروف المواتية لعودة النازحين واللاجئين إلى أوطانهم بما ينسجم مع الشرعية الدولية ذات الصلة ويكفل احترام سيادة الدولة المضيفة وقوانينها النافذة”.
وقبيل انعقاد القمة تركزت نقطة الخلاف الرئيسية في المنطقة على ما إذا كانت عودة سوريا إلى الجامعة العربية موضع ترحيب وذلك بعد أكثر من سبع سنوات على تعليق عضويتها.
كما دعا الرئيس اللبناني ميشال عون إلى “عودة آمنة للاجئين”، وقال عون في كلمته “إن لبنان يدعو من هذا المنبر المجتمع الدولي إلى بذل كل جهود ممكنة وتوفير شروط ملائمة لعودة آمنة للنازحين السوريين إلى بلدهم ولا سيما إلى المناطق المستقرة التي يمكن الوصول إليها أو تلك المنخفضة التوتر من دون أن يتم ربط ذلك بالتوصل إلى الحل السياسي، وعلى تقديم حوافز العودة لكي يساهموا في إعادة إعمار بلادهم والاستقرار فيها”.
وتقول الأمم المتحدة إنه لا يزال من السابق لأوانه تحقيق العودة الآمنة للنازحين السوريين. وحذرت جماعات حقوق الإنسان من العودة القسرية إلى سوريا حيث لا تزال التسوية السلمية بعيدة المنال.
بواسطة Syria in a Week Editors | يناير 14, 2019 | Syria in a Week
ثلج ولجوء
8-9 كانون الثاني
أغرقت العواصف في لبنان مخيمات اللاجئين بمياه الأمطار وزادت من بؤس سكانها الذين يجدون صعوبة في تحمل رياح الشتاء القوية والبرد القارس.
وقالت مفوضية اللاجئين إن العاصفة أغرقت أو دمرت بشكل كامل 15 مخيماً غير رسمي من بين 66 مخيماً تضرر بشدة، وفي سهل البقاع ومناطق أخرى ترافق البرد بهطول الثلج. ليضيف البرد فصلاً جديداً إلى معاناة اللاجئين السوريين.
تناقض أميركي إزاء الانسحاب
12 و13 كانون الثاني
قال مصطفى بالي المتحدث الاعلامي باسم قوات سوريا الديمقراطية يوم الأحد أن مقاتلي تنظيم داعش “يعيشون لحظاتهم الأخيرة” في آخر جيب لهم في سوريا قرب الحدود العراقية. حيث تقوم هذه القوات بحملة عل التنظيم بدعم من الولايات المتحدة. وأضاف “ازدادت وتيرة الهجمات في آخر يومين. بعض قواتنا اتخذ تدابير خاصة في المناطق التي يتواجد فيها داعش حتى لا يتمكنوا من الهروب من ممرات آمنة لينظموا أنفسهم مرة أخرى.. وتمت السيطرة على الحدود ومحاصرة داعش”.
وأكد المتحدث باسم التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة على التقدم المحرز لكنه أشار إلى أن القتال لم ينته بعد.
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد أعلن الشهر الماضي سحب قوات بلاده من سوريا قائلاً إن مهمة هزيمة تنظيم داعش أنجزت ولا حاجة لبقاء القوات الأمريكية هناك. وترتب على هذا الاعلان تباينات كبيرة بين المسؤولين الأمريكيين، آخرها إعلان التحالف عن بدء سحب قواته يوم الجمعة لكن مسؤولين أمريكيين قالوا في وقت لاحق إنه سحب معدات فقط!.
وكان ترامب قد ناقش مع الرئيس الفرنسي ايمانيول ماكرون خطط الانسحاب الأمريكي من سوريا خلال اتصال هاتفي يوم الاثنين الماضي، بعد أن أبدت فرسنا تحفظها على القرار الأمريكي بسحب القوات من سوريا دون تنيسق مع الشركاء.
دمشق تفاجئ الدبلوماسيين الأجانب
١٢ كانون الثاني
فاجأت الخارجية السورية عددا من الدبلوماسيين الأجانب المقيمين في بيروت بقرار إلغاء إقاماتهم لـ«الضغط» على حكوماتهم باتجاه قرار بإعادة فتح سفاراتها في العاصمة السورية.
في نهاية 2011 وبداية 2012، قررت الدول الغربية إغلاق سفاراتها في دمشق، باستثناء التشيك التي حافظت على علاقاتها الدبلوماسية بمستوى سفير ورعت مصالح أميركا. وتمركز عدد من الدبلوماسيين في بيروت بالتوازي مع تفعيل عمل الدبلوماسيين في الدول المجاورة، خصوصاً تركيا والأردن لـ«تغطية الملف السوري».
وتدريجياً، بدأ بعض الدبلوماسيين الغربيين بزيارة دمشق بحسب المزاج السياسي العام والوضع الأمني في دمشق. وحافظوا على إقاماتهم الدبلوماسية في العاصمة السورية المعطاة من الخارجية. واقتصرت اللقاءات خلال زيارات متقطعة على إدارة البروتوكول في الخارجية مع لقاءات سياسية علنية بمستوى منخفض أو زيارة سرية، تضمنت جلسات سياسية حذرة مع مدير إدارة أوروبا في الخارجية.
لكن الخارجية التي كانت حصرت تأشيرات العمل للأمم المتحدة وضغطت لنقل عمل المؤسسات الدولية من دول الجوار إلى دمشق، أبلغت دبلوماسيين مقيمين في بيروت، بما في ذلك تشيلي، بإلغاء إقاماتهم. وقال دبلوماسيون أن القرار يرمي إلى «الضغط لإعادة فتح السفارات والعلاقات الدبلوماسية في سوريا».
وإذ بدأ التنسيق بين الدول للقيام بجهد جماعي أو عبر الأمم المتحدة، أشار بعض الدبلوماسيين إلى إمكانية أن يؤثر ذلك في المساعدات التي تقدم عبر الأمم المتحدة إلى سوريا.
الأتراك يتوعدون
11-12 كانون الثاني
تعهد وزير الدفاع التركي خلوصي أكار يوم الجمعة بشن حملة ضد الفصائل الكردية السورية التي تدعمها الولايات المتحدة مما يزيد التركيز على نزاع محتمل كانت الولايات المتحدة تسعى لتجنبه. وهناك خلاف عميق بين تركيا والولايات المتحدة، برغم أنهما حليفتان في حلف شمال الأطلسي، بشأن تطبيق خطة الرئيس دونالد ترامب لسحب نحو ألفي جندي متمركزين في سوريا. وهذه الخطة مرهونة بالتعاون التركي لتأمين شمال شرق سوريا في ظل الانسحاب الأمريكي.
وعلى الرغم من أن الانسحاب الأمريكي شابته رسائل متضاربة من ترامب وإدارته فإن المتحدث باسم التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة لمحاربة تنظيم داعش قال إن الانسحاب بدأ يوم الجمعة.
وحاول مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون في الأسبوع الحالي الحصول على ضمانات بأن تركيا لن تلحق الضرر بوحدات حماية الشعب الكردية بعد الانسحاب لكن ذلك قوبل بتوبيخ شديد من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وقال أكار في كلمة للجنود في مركز قيادة بإقليم شانلي أورفة “عندما يكون الوقت والمكان ملائمين سندفن جميع الإرهابيين في الخنادق التي حفروها كما فعلنا في عمليات سابقة” في إشارة إلى حملتين سابقتين نفذتهما تركيا عبر الحدود في سوريا.
من جهة أخرى قال بومبيو في تصريحات للصحفيين “نقر بحق الشعب التركي في الدفاع عن بلاده ضد الإرهابيين، لكننا أيضاً نعلم أن هؤلاء… الذين هم ليسوا إرهابيين ويقاتلون إلى جانبنا طوال تلك المدة يستحقون الحماية”. وأضاف “هناك الكثير من التفاصيل التي يتعين العمل على حلها لكني متفائل إزاء قدرتنا على تحقيق نتيجة جيدة”.
دمشق وتكثيف الحوار مع الجماعات الكردية
11-13 كانون الثاني
قال أيمن سوسان معاون وزير الخارجية السوري يوم الأحد إن الحكومة تأمل في “تكثيف” الحوار مع الجماعات الكردية السورية، مشيراً إلى دعم المحادثات التي يأمل الأكراد أن تؤدي إلى اتفاق سياسي بين طرفين رئيسيين في الصراع. وسعى الأكراد إلى وساطة روسية في المحادثات مع الحكومة السورية وذلك في إطار استراتيجيتهم لملء الفراغ الذي سيخلفه انسحاب القوات الأمريكية من البلاد تنفيذاً لقرار الرئيس دونالد ترامب. وهدف الأكراد هو الحيلولة دون وقوع غزو من قبل تركيا المجاورة، التي تعتبر وحدات حماية الشعب، وهي الجماعة الكردية السورية الرئيسية، تهديداً لأمنها القومي، فضلاً عن الحفاظ على الحكم الذاتي في شمال سوريا.
وقال سوسان “نتمنى تكثيف هذا الحوار. الكثير من تصريحات الأكراد كانت إيجابية فيما يتعلق بالحرص على وحدة سوريا”. وأضاف “نحن واثقون أنه بالحوار نستطيع معالجة بعض المطالب… وهذا الحوار يضمن ذلك ما دام أنه يستند إلى الالتزام بوحدة سوريا أرضاً وشعباً”.
وكانت روسيا قد أكدت على أهمية الحوار بين الأكراد ودمشق حيث قالت ماريا زخاروفا المتحدثة باسم الخارجية الروسية إنه يتعين نقل السيطرة في الأراضي التي كانت نتنشر بها الولايات المتحدة إلى الحكومة السورية وأضافت ” في هذا الشأن يكون لبدء الحوار بين الأكراد ودمشق أهمية خاصة فبرغم كل شيء الأكراد جزء لا يتجزأ من المجتمع السوري”.
“هيئة تحرير الشام” تهيمن على إدلب
10 كانون الثاني
أحكمت هيئة تحرير الشام “النصرة سابقاً” المدرجة على قوائم المنظمات الإرهابية في أمريكا، سيطرتها على معظم أجزاء إدلب خلال حملة عسكرية ضد الفصائل المدعومة تركياً، وأجبرت بعض الفصائل على حل نفسها وأخرى على توقيع اتفاقيات تسوية بتسليم السيطرة المدنية على المنطقة لإدارة مدعومة من الهيئة فيما يسمى حكومة الإنقاذ”.
ولم تتدخل تركيا أو روسيا خلال حملة هيئة تحرير الشام، حيث قال جاويش أوغلو “نحن نتخذ الإجراءات الاحترازية الضرورية”.
وقال مسؤول من المعارضة بحسب رويترز أن أنقرة قامت بدور رئيسي في الحد من انتشار القتال بالضغط على المعارضين لقبول الاتفاق.
وبحسب موقع عنب بلدي خرج ألف مقاتل من “حركة أحرار الشام الإسلامية” وعناصر كانوا يتبعون لفصيل “جيش النصر” من ريف حماة إلى عفرين يوم الأحد، بموجب اتفاق مع “هيئة تحرير الشام” بعد دخولها إلى المنطقة وفرض سيطرتها. وأن العدد المذكور يأتي من أصل 2700 مقاتل يتجهزون للخروج إلى مناطق ريف حلب الشمالي، بسبب عدم ثقتهم بـ”تحرير الشام” بعد فرض سيطرتها على المنطقة بشكل كامل. وأوضح مراسل عنب بلدي أن الدفعة الأخرى من المقاتلين ستخرج من ريف حماة يوم غد الاثنين، إذ خرجت منذ ساعات واستقرت في أريحا استعدادًا لخروجها من المنطقة.
وتركيا تحشد قبالة إدلب
12 كانون الثاني
ذكرت وسائل إعلام رسمية أن قوات تركية ودبابات أجرت تدريبات عسكرية على الحدود مع سوريا يوم السبت بينما قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن قافلة تركية عبرت الحدود إلى شمال سوريا. وأرسل الجيش التركي دبابات وعربات مدرعة إلى الحدود في اليوم الثاني من التعزيزات قرب محافظة إدلب التي تعد آخر معقل كبير للمعارضة السورية.
وكان مصدر عسكري تركي قال يوم الجمعة إن الجيش التركي يقوم بعملية تناوب للقوات بالمنطقة ورفض توضيح ما إذا كان ذلك يأتي استعدادا لعملية داخل محافظة إدلب ذاتها.
يأتي هذا التحرك في ظل تعزيز هيئة تحرير الشام سيطرتها على إدلب بعد قتال استمر لأكثر من أسبوع مع مسلحين سوريين تدعمهم تركيا. وتثير نجاحات المتشددين في الفترة الأخيرة الشكوك بشأن مستقبل اتفاق أبرم في سبتمبر أيلول بين تركيا وروسيا لتجنب هجوم للجيش السوري. ويقضي الاتفاق بطرد الجماعات المتشددة المحظورة من منطقة عازلة تمثل خطا للمواجهة. يأتي التصعيد في الوقت الذي تستعد فيه القوات الأمريكية للانسحاب من منطقة شمال شرق سوريا.
إسرائيل تقصف وتعترف
11-13 كانون الثاني
قالت وكالة الأنباء السورية سانا إن طائرات حربية اسرائيلية أطلقت عدة صواريخ باتجاه محيط دمشق يوم الجمعة وأن الدفاعات الجوية أسقطت معظمها. واقتصرت الخسائر على إصابة مستودع في مطار دمشق الدولي. ويأتي هذا الهجوم في إطار سلسلة اعتداءات اسرائيلية كان آخر هجوم 25 كانون الأول والذي أدى لإصابة 3 جنود سوريين بحسب التصريحات الرسمية السورية.
لكن في هذه المرة أقر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم الأحد بقيام إسرائيل بشن غارة جوية نهاية الأسبوع الماضي على ما وصفه بمستودع أسلحة إيرانية في سوريا. وقال تساحي هنجبي، وهو مراقب في مجلس الوزراء الأمني المصغر، الأسبوع الماضي إنه جرى تنفيذ “أكثر من 220” عملية إسرائيلية ضد أهداف إيرانية في سوريا. (رويترز)
أزمة محروقات حادة
13 كانون الثاني
تعيش سوريا منذ شهر، أسوأ الأزمات التي مرت عليها من ناحية المحروقات والكهرباء وحليب الأطفال الرضع، حتى وصفها البعض بأنها أصعب المراحل التي مرت على البلاد على مر سنوات الحرب الماضية. وتختلف الأزمات اليوم عن سابقاتها بأن مبرراتها غير واضحة وسط ارتباك لدى الحكومة.
ومنذ أكثر من شهر، والسوريون لا يعلمون ما هو سبب أزمة الغاز، وسط تضارب في تصريحات الحكومة،بدأتها وزارة النفط بنفي وجود الأزمة من أساسها وأنها تضخ ما تحتاج البلاد، ليتبعها تصريح من نقابة عمال النفط تتهم فيه وزارة التجارة الداخلية بعدم ضبط الأسواق، مؤكدة أن الأزمة سببها تجار السوق السوداء.
لتعود بعدها وزارة النفط وتقول إن العقوبات على سوريا وإيران وروسيا أخرت وصول نواقل الغاز، وتتبعها بعدة تصريحات أخرى بأن الغاز سيتوفر خلال أيام، ثم تعود من جديد لتقول إن الأحوال الجوية هي من أعاقت وصول النواقل، حتى تصل إلى تصريح أخير صدر يوم الخميس الماضي، تشير فيه إلى وجود مشكلة بالتوريد بخصوص العقود الموقعة سابقاً. ووصلت أسعار الغاز المنزلي في السوق السوداء إلى حوالي ثمانية أضعاف السعر الرسمي في بعض المناطق.
بواسطة الحسناء عدرا | نوفمبر 26, 2018 | News, غير مصنف
في قلب باب شرقي، على يمين كنيسة حنانيا، يطل المقهى القديم المعروف بمقهى أبو جوزيف، في آخر حارة ضيقة بسقوف منازل قديمة تصدعت جدرانها بفعل الزمن وبعض القذائف التي سقطت على دمشق القديمة. على بعض النوافذ عُلّقت ثياب بمقاييس مختلفة لتجف بفعل الريح الخفيفة. وقبل أن تصل للمقهى، يستوقفك جدار “الحب” الذي كتب عليه مجهول “بحبك لعند الله”، تخليداً لمشاعره في مقاومة النسيان.
“ما إن وقعت عيناي على المقهى قبل عام، حتى سحرتني بساطته، وتحولت لزبون مواظب في الصباح والمساء، دون أن أصاب بالملل أو الضجر”، يقول نبيل واصفاً علاقته بالمقهى القديم الذي يلوذ إليه بحثاً عن “ألفة مفقودة و رائحة العائلة الغائبة وأنفاس المنزل المغيب قهراً جراء الحرب” بحسب وصفه.
فالمقهى يعطي لنبيل شعوراً وكأنه “بغرفة المعيشة في بيتي بحلب فهو يمنحني إحساس العائلة، ويخفف من شعوري بالوحدة ووطأة غربتهم عني، لا مكان هنا للرسمية والتكلف، فبإمكاني مثلاً صنع قهوتي بنفسي عندما يكون العم أبو جوزيف مشغولاً، حتى أنني أحياناً أساعده في تنظيف المكان”، ويجزم نبيل أن “جميع من يزور هذا المقهى يقصدونه من أجل إحساسهم بحنين ودفء البيت الذي يمدهم به.”
تشاطر نبال نبيل مشاعره تجاه مقهى أبو جوزيف “الاستثنائي” كما تقول وتروي “أرتاد المقهى القديم بشكل شبه يومي، فهذا المكان لا يشبه أبداً الأماكن التي زرتها، وأعود إليه دائماً مهما كانت ظروفي، فهو ملاذي في فرحي وكآبتي و خلوتي وهروبي من الضجيج”، وعن أسباب تعلقها بالمقهى تشرح نبال “ارتباطي به يمدني بشعور جميل، أعتقد أن المعاملة اللطيفة التي أتلقاها هنا هي ما يشدني إليه، فهم يستقبلوننا بكلمة أهلين حبيباتي وكأننا من أفراد العائلة، وهذا الترحيب فريد لا تجده في المقاهي الأخرى، حتى أنني أفتقدهم إذا أطلت الغياب عنهم.”
المشاعر العائلية والراحة أيضاً هي ما دفع جميلة لتختار مقهى أبو جوزف دون سواه لقضاء الوقت مع أصحابها لتمضية الوقت أو لعب طاولة النرد، تقول جميلة “أُفَضل هذا المكان لشعوري بالراحة دون أي تكلف، فأنا أحب هذا الجو الذي يشبه العائلة والزمن القديم، لا أشعر أنني غريبة، وأستطيع التصرف بعفوية دون تصنع، وما أقل الأماكن التي تمنحك الراحة والطمأنينة!”
فكيف استطاع أبو جوزيف أن يصنع من مقهاه منزلاً مألوفا ً وحميمياً للسوريين على اختلاف مشاربهم؟
عمل الياس، أبو جوزيف، كنجار موزاييك وهي مهنة ورثها عن جده وأبيه قبل أن يعتزلها مرغماً منذ أربع سنوات بفعل الحرب. يقول أبو جوزيف “أجهزت الحرب على مهنتي التي ورثتها عن جدي وأبي، فالقسط الأكبر من مصدر رزقي كان يأتي من السائحين الأجانب الذين أفلوا منذ السنة الأولى للحرب، كما أن معظم أشغالي اليدوية التي أودعتها في مستودع بمعلولا تعرضت للسرقة والتدمير والحرق، ولم ينج إلا جزء بسيط مازلت أحتفظ به.”
غامر عندها أبو جوزيف بفتح هذا المقهى الذي يتسع لعشرين طاولة إذ لم يكن أمامه من خيار آخر لكسب عيشه. يقول أبو جوزيف ساخراً “أن أعمل قهوجياً خير من الجلوس مكتوف اليدين، فصندوق خشبي مركون على الرفوف لن يمكنني من شراء علبة سمنة أو ربطة خبز.”
دشن أبو جوزيف مقهاه بالخدمة الذاتية، إلا أنه تعلم أصول المهنة بمساعدة زبائنه، وعن أسلوب الخدمة غير المألوف في دمشق يقول أبو جوزيف “في البداية كانت الخدمة ذاتية، حيث يقوم الزبائن بتحضير مشروباتهم بأنفسهم، بينما كنت أقف أراقبهم كيف يفعلون هذا، كما تعلمت طريقة تحضير النارجيلة فأنا لم أجربها قبلاً ولست مدخناً حتى.”
ومع المشروبات والنرجيلة، ابتكر الياس وصفة ناجعة لجذب الزبائن، قائمة على مقادير متساوية من الكرم والألفة والابتسامة، وعن ذلك يقول “يحتاج الناس إلى من يشعرهم بالراحة والألفة واستقبالهم بوجه باسم وكلمة طيبة، فالزبون كثيراً ما يأتي إلينا لابتغاء الراحة، والترويح عن النفس المثقلة بالتعب والهموم.” يخجل أبو جوزيف أيضاً من تقاضي ثمن عبوات المياه من زبائنه، ولذا ينهض منذ الصباح الباكر لتأمين حاجته منها، وتعبئتها في قوارير فارغة ليتمكن من تقديمها لزبائنه مجاناً.
تتقاسم تيريز العمل مع الياس منذ ثلاث سنوات ونصف، حين قررت تمضية أوقات الفراغ الطويلة بمساعدة صديق الطفولة، تقول تيريز “لم أفكر يوماً بالعمل في مقهى، إلى أن قرر الياس افتتاح مقهاه، فعرضت عليه بدوري المساعدة في خدمة الزبائن، كان الأمر جديداً بالنسبة لي، وبدأت بتعلم صنع المشروبات على الإنترنت.” وطورت تيريز علاقاتها مع زبائن المقهى من الخدمة وكسب العيش لتصبح علاقة ألفة ومحبة فقدهما العديد من السوريين خلال سنوات الحرب. تروي تيريز “أنا أؤمن أن الكلمة الجميلة تدخل إلى قلب المرء، فنحن أحوج في هذه الأوقات إلى التفاهم والمحبة فيما بيننا بعد سنوات من الموت والدمار، لقد بدأت علاقة عفوية متميزة بيني وبين العديد من الزبونات، فأحياناً يسمعونني عبارات الإطراء مما يشعرني بالسعادة، ويشجعني على العمل رغم الإنهاك والتعب طوال اليوم.”
وكأي مهنة أخرى لا يخلو العمل في المقهى من المنغصات، التي يواجهها أبو جوزيف “بروح رياضية” حسب وصفه، ومن هذه المنغصات يعدد “تحمل المزاج السيئ لعاشقين متخاصمين، وأن أكون شاهداً حياً على الوعود والعهود ومحاولات الاسترضاء من قبل أحدهما للآخر، ومحاولاتي البسيطة بترطيب الأجواء من أجل تخفيف التوتر بينهما دون التدخل بشؤونهم الخاصة.”
ولا تنتهي كل قصص العاشقين هنا بالخصام، إذ يذكر أبو جوزيف علاقة ربطت بين شاب يرتاد مقاه على الدوام مع صبية تعرف عليها فيه، فتحابا وتزوجا وأصرا في يوم زفافهما على المرور بسيارتهما من جانب المقهى، لإلقاء التحية عليه كتعبير عن حبهما للمكان الذي التقيا فيه.