بواسطة Syria in a Week Editors | سبتمبر 3, 2018 | Media Roundups, Syria in a Week, غير مصنف
إدلب… سباق الحرب والتسوية
٢٨ آب -٢ أيلول
تعددت المطالبات والتحذيرات من الهجوم المرتقب لقوات النظام على إدلب، حيث ناشد البابا فرنسيس يوم الأحد كل الأطراف التي لها تأثير في سوريا حماية المدنيين في إدلب الخاضعة لسيطرة المعارضة، حيث قال في عظته الأسبوعية: “رياح الحرب تهب ونسمع أنباء مقلقة عن خطر وقوع كارثة إنسانية في سوريا… في محافظة إدلب. وأجدد مناشدتي الحارة للمجتمع الدولي وكل الأطراف الفاعلة للجوء إلى الوسائل الدبلوماسية والحوار والتفاوض لضمان احترام حقوق الإنسان الدولية وحماية أرواح المدنيين.” (رويترز)
ودعت الأمم المتحدة الخميس روسيا وإيران وتركيا إلى الحيلولة دون اندلاع معركة في إدلب ستؤثر على ملايين المدنيين وقد يستخدم فيها المسلحون والحكومة غاز الكلور كسلاح كيماوي.
كما أكدت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) الجمعة أن أكثر من مليون طفل سوري يواجهون خطراً في حال بدء هجوم للجيش السوري على محافظة إدلب الخاضعة لسيطرة المعارضة المسلحة.
وأفدت المنظمة بأنها وضعت خططاً تشمل تزويد حوالي ٧٠٠ ألف نازح محتمل قد يفرون من القتال، بالمياه النظيفة والإمدادات الغذائية. ويعيش نحو ٢.٩ مليون نسمة في منطقة إدلب بشمال البلاد، نصفهم نازحون بالفعل من مناطق أخرى في سوريا فر منها أنصار المعارضة عندما سيطرت قوات الحكومة عليها. (رويترز)
وقالت متحدثة باسم الأمم المتحدة يوم الثلاثاء إن ستافان دي ميستورا مبعوث الأمم المتحدة الخاص لسوريا دعا الولايات المتحدة وبريطانيا والسعودية والأردن وألمانيا وفرنسا ومصر لإجراء محادثات في جنيف يوم ١٤ أيلول/سبتمبر.
وعلى صعيد القوى الكبرى، قال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو يوم الجمعة إن الولايات المتحدة تعتبر هجوم الجيش السوري على محافظة إدلب الخاضعة لسيطرة مقاتلي المعارضة تصعيداً للصراع السوري في حين حذرت وزارة الخارجية من أن واشنطن سترد على أي هجوم كيماوي لدمشق.
وقالت وزارة الخارجية الأمريكية إن ممثل الولايات المتحدة الخاص الجديد بشأن سوريا جيمس جيفري سيسافر إلى الشرق الأوسط ليؤكد “على أن الولايات المتحدة سترد على أي هجوم بالأسلحة الكيماوية يشنه النظام السوري.”
فيما قالت متحدثة باسم الحكومة الألمانية يوم الجمعة إن المستشارة أنجيلا ميركل تتوقع من الكرملين استخدام نفوذه لدى الحكومة السورية للحيلولة دون حدوث كارثة إنسانية في منطقة إدلب التي تسيطر عليها المعارضة في شمال سوريا. وناقشت ميركل المسألة في خلال الأسبوع الماضي مع كل من الرئيسين الأمريكي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين. (رويترز)
كما عبرت تركيا عن قلقها من الهجوم المحتمل على إدلب حيث قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو الأسبوع الماضي إن السعي لحل عسكري في إدلب سيكون كارثياً، والذي قد يؤدي لموجة جديدة من اللاجئين.
وفي سياق متصل أفاد مرسوم صدر عن الرئاسة التركية ونشر يوم الجمعة أن تركيا صنفت هيئة تحرير الشام منظمة إرهابية. فيما يشير إلى اتفاق ضمني بين تركيا وروسيا على استهداف الهيئة في الهجوم المرتقب.
بالمقابل قال وزير الخارجية السوري وليد المعلم يوم الخميس إن قوات الحكومة ستمضي حتى النهاية في إدلب وإن الهدف الرئيسي لدمشق هو متشددو جبهة النصرة. وأضاف أن القوات السورية ستحاول تجنب سقوط قتلى من المدنيين.
وقال وزير الخارجية السوري وليد المعلم بعد محادثات مع لافروف في موسكو يوم الخميس “نحن في الخطوة الأخيرة لإنهاء الأزمة في بلادنا وتحرير كامل أراضينا من الإرهاب.” وقال مصدر مقرب من الحكومة السورية إن القوات الحكومية تستعد لهجوم على مراحل في محافظة إدلب والمناطق المحيطة بها في شمال غرب البلاد.
وتقوم روسيا بالتصعيد العسكري والإعلامي تمهيداً لهجوم إدلب حيث أعلنت وزارة الدفاع الروسية أنها ستجري تدريبات عسكرية كبيرة في البحر المتوسط يوم السبت وقال الكرملين إن الفشل في التعامل مع المتشددين في محافظة إدلب السورية يبرر تلك الخطوة.
وقال ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين إن “بؤرة الإرهابيين (في إدلب) لا تبشر بأي خير إذا استمر هذا الوضع دون تحرك.” وقالت وزارة الدفاع الروسية إن أكثر من ٢٥ سفينة حربية وغواصة و٣٠ طائرة تشمل مقاتلات وقاذفات استراتيجية ستشارك في التدريبات التي تجرى في الفترة من الأول من سبتمبر/أيلول حتى الثامن من الشهر وستتضمن تدريبات مضادة للطائرات والغواصات وإزالة الألغام.
وقال سفير روسيا لدى الولايات المتحدة أناتولي أنتونوف إنه أبلغ مسؤولين أمريكيين هذا الأسبوع بأن موسكو يساورها القلق إزاء مؤشرات على أن الولايات المتحدة تعد لضربات جديدة على سوريا وحذر من “هجوم غير مشروع ولا أساس له على سوريا.”
كما وصف وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يوم الأربعاء مسلحين في منطقة إدلب، وهي آخر جيب كبير يخضع لسيطرة المعارضة السورية، بأنهم “خُراج متقيح” يحتاج تطهيراً. وأضاف للصحفيين أن هناك تفاهماً سياسياً بين تركيا وروسيا بشأن الحاجة للتفريق بين المعارضة السورية وأشخاص وصفهم بأنهم إرهابيون في محافظة إدلب. ونقلت وكالة الإعلام الروسية عن ميخائيل بوجدانوف نائب وزير خارجية روسيا قوله يوم الأربعاء إن موسكو تناقش الوضع في محافظة إدلب ومنطقة عفرين الخاضعتين لسيطرة المعارضة السورية مع إيران وتركيا وكذلك مع الحكومة والمعارضة.
ونقلت وكالة الإعلام الروسية للأنباء عن وزير الدفاع سيرجي شويغو تصريحه يوم الثلاثاء بأن الجيش الروسي يجري محادثات مع جماعات مسلحة في إدلب السورية الواقعة تحت سيطرة المعارضة للتوصل لتسوية سلمية. ونقلت عنه قوله إن هدف محادثات إدلب هو التوصل لحل سلمي مشابه للتسويات التي جرى التوصل إليها في الغوطة الشرقية ودرع
أيُّ تسوية؟
٢٨ – ٣٠ آب/أغسطس
يستمر الحديث عن التسوية السياسية في ظل خطاب الحرب، حيث قالت وزارة الخارجية الروسية في بيان يوم الخميس إن نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف بحث خيارات التسوية السلمية في سوريا مع نصر الحريري رئيس هيئة التفاوض بالمعارضة السورية. وذكر البيان أن الوزارة أكدت ضرورة الحوار بين الحكومة السورية والمعارضة “البناءة”.
وفي سياق التسوية، قال مسؤول بوزارة الخارجية الأمريكية يوم الثلاثاء إن الولايات المتحدة ستشارك في محادثات تقودها الأمم المتحدة في جنيف الشهر القادم لمناقشة المفاوضات بشأن دستور جديد لسوريا. وأضاف المسؤول “الولايات المتحدة قبلت الدعوة من المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا ستافان دي ميستورا للمشاركة في محادثات في جنيف يوم ١٤ سبتمبر.”
أما من الجانب التركي فقد تعهد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يوم الأحد بتحقيق السلام والأمن في العراق ومناطق سورية ليست تحت السيطرة التركية، قائلاً إنه سيتم القضاء على المنظمات الإرهابية في تلك المناطق.
العودة على الشاشة؟
٢٧ – ٢٨ آب /أغسطس
ذكرت وسائل إعلام رسمية أن آلاف السوريين بدأوا العودة إلى داريا يوم الثلاثاء لأول مرة منذ أن استعادتها القوات الحكومية من المعارضة قبل عامين. وكانت المدينة من المراكز الرئيسية للانتفاضة على الرئيس بشار الأسد ولحقت بها أضرار جسيمة أثناء القتال مما اضطر أغلب سكانها للفرار.
وتم نقل المدنيين والمقاتلين الذين يرفضون التسوية مع النظام بالحافلات إلى مناطق تسيطر عليها المعارضة في الشمال في حين نقل آخرون إلى أراض تسيطر عليها الحكومة حول العاصمة، وهؤلاء على الأرجح هم من يعودون للمدينة الآن.
وفي سياق العودة قال مسؤولون في الاتحاد الأوروبي إن الاتحاد لا يعتقد أن سوريا آمنة لعودة اللاجئين إليها وذلك رداً على مساع روسية تهدف إلى عودة اللاجئين إلى البلد الذي يعاني من ويلات الحرب وإلى إسهام المجتمع الدولي في إعادة البناء.
ومن المقرر أن يبحث وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي هذه المسألة في وقت لاحق هذا الأسبوع في النمسا. ويتوقع المسؤولون بالاتحاد الأوروبي أن يتمسك التكتل بموقفه في عدم تقديم أموال لإعادة الإعمار ما دام الرئيس بشار الأسد لا يسمح للمعارضة بالاشتراك في السلطة.
أونروا وسياسة ترمب
٣١ آب/أغسطس
قطعت الولايات المتحدة يوم الجمعة تمويل وكالة إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا) قائلة إن نموذج عملها وممارساتها المالية “عملية معيبة بشكل لا يمكن إصلاحه.” وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية هيذر ناورت في بيان “راجعت الإدارة المسألة بحرص وخلصت إلى أن الولايات المتحدة لن تقدم مساهمات إضافية للأونروا.” وتقول الأونروا إنها تقدم خدمات لنحو خمسة ملايين لاجئ فلسطيني معظمهم أحفاد من أجبروا على مغادرة فلسطين خلال حرب عام ١٩٤٨ التي أدت لقيام دولة “إسرائيل”.
وقالت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا) إن قرار الولايات المتحدة يوم الجمعة وقف التمويل مخيب للآمال ومثير للدهشة ورفضت الإصرار الأمريكي على أن برامجها “معيبة بشكل لا يمكن إصلاحه.”
وقال كريس جانيس المتحدث باسم الأونروا “نرفض بأشد العبارات الممكنة انتقاد مدارس الأونروا ومراكزها الصحية وبرامجها للمساعدة في حالات الطوارئ.
السجال حول الوجود الإيراني
٢٨ – ٣١ آب/أغسطس
قال وزير الدفاع الإسرائيلي إن إيران تبطئ من انتشارها البعيد المدى في سوريا، وهو ما عزاه إلى تدخل الجيش الإسرائيلي وأزمة اقتصادية تحيق بطهران بعد تجديد فرض العقوبات الأمريكية عليها. حيث ذكر أن “الإيرانيين قلصوا نطاق نشاطهم في سوري.” وأضاف أنه ليس “هناك نشاط في هذه المرحلة” في جهود إيران لبناء مصانع لإنتاج الصواريخ على أراضي سوريا.
بالمقابل زار وزير الدفاع الإيراني أمير حاتمي دمشق يوم الثلاثاء الماضي وقال إن بلاده ستبقي على وجودها في سوريا. ووقع البلدان اتفاقا للتعاون الدفاعي تتضمن بنوده إحياء الصناعات العسكرية بسوريا. وقال إن الاتفاق يؤكد على دعم وحدة أراضي واستقلال سوريا، مضيفا أنه دخل حيز التنفيذ في يوم توقيعه. وأضاف “في حرب نحو ثماني سنوات في سوريا، تضررت مصانع وزارة الدفاع وإيران ستساعد في إعادة بناء هذه المصانع.”
ماس كهربائي!
٢ أيلول/سبتمبر
قال مسؤول في تحالف إقليمي يدعم دمشق يوم الأحد إن الانفجارات التي سمعت في مطار المزة العسكري قرب دمشق سببها هجوم صاروخي استهدف القاعدة وإن نظم الدفاعات الجوية السورية رد على الهجوم. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن الانفجارات ناجمة عن ضربات جوية إسرائيلية وإنها أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى.
لكن وسائل إعلام سورية رسمية أوضحت إن الانفجارات التي سمعت في محيط مطار المزة العسكري قرب دمشق في وقت مبكر يوم الأحد نتيجة انفجار في مستودع ذخيرة قرب المطار بسبب ماس كهربائي. وقالت الوكالة العربية السورية للأنباء “مصدر عسكري ينفي تعرض مطار المزة لأي عدوان إسرائيلي.”
بواسطة عامر فياض | أغسطس 31, 2018 | Cost of War, غير مصنف
الجيل الناقم الذي أنتجته الحرب
“لا يمكن حصر العقد والأمراض النفسية والاجتماعية والتشوهات السلوكية التي يعاني منها الأطفال السوريون منذ عدّة سنوات، من الاكتئاب وعدم القدرة على الفرح، والخوف من الآخرين ومؤاثرة العزلة وصعوبات التواصل، الكوابيس اليوميةٌ والهلع والرهاب والسلس البولي، إلى اضطراب الهوية والميل إلى إيذاء النفس”، تقول سعاد العاملة بمجال الدعم النفسي في دمشق و التي فضلت عدم ذكر اسمها.
تضيف سعاد “بعض الأطفالٌ يخافون من رؤية اللون الأحمر لأنه يذكرهم بالدماء التي رأوها، آخرون يعانون خوفاً دائماً من الموت، فأغلب من أعمل معهم جاؤوا من مناطق كانت مسرحاً للمعارك ونسيت شكل الحياة.”
لا يختلف حال الأطفال الذين قابلتهم سعاد عن عموم سوريا والتي صُنِفت خلال السنوات الماضية كإحدى أكثر مناطق العالم خطراً على الاطفال. تقدر منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسيف” إن نحو ٢.٩ مليون طفل تحت سن الخامسة بدؤوا حياتهم في ظل الحرب وتشكل وعيهم في ظروف القتل والدمار، فيما نزح ولجأ أكثر من نصف العدد الإجمالي الذي يقدر بثمانية ملايين ونصف، وهو عدد أطفال سورية عام ٢٠١١.
ويشير التقرير، الذي صدر في آذار/مارس عام ٢٠١٨، إلى أن ستة ملايين سوري، بينهم ٢.٨ مليون طفل، تعرضوا للتهجير أكثر من مرة متنقلين بين عدة أماكن، و خمسة ملايين آخرين لجؤوا إلى دول الجوار وبلدان أخرى، نصفهم من الأطفال، منهم عشرة آلاف طفل غادروا سوريا دون عائلاتهم.
إضافة للنزوح والتهجير والهجرة، تقدر “اليونيسيف” أن ٣.٣ مليون طفل في سوريا اليوم باتوا عرضة لخطر مخلفات الحرب من الذخائر والألغام غير المنفجرة، بالإضافة لإصابة آلاف الأطفال بإعاقاتٍ جسديةٍ دائمة.
وفيما يخص الواقع التعليمي، حُرم أكثر من ثلاثة ملايين طفل من التعليم أو تسربوا من المدارس التي لم تتضرر من الحرب، فقد دمرت حوالي ٧٤٠٠ مدرسة أو خرجت عن الخدمة خلال سنوات الحرب، أي ثلث عدد مدارس سورية، وبهذا أصبح واحد من كل ثلاثة أطفال مهددين بالجهل والأمية.
اليتم والفقدان أيضاً طال نسبة كبيرة من الأطفال السوريين، حيث تشير التقديرات إلى أن قرابة مليون طفل فقدوا أحد والديهم أو كليهما، بالإضافة لفقدانهم لأشقائهم وأصدقائهم وأقربائهم، ما يعني أن ١٠٪ من أطفال سورية باتوا أيتاماً.
إضافة لما سبق، ولد جيل من الأطفال مجهولي النسب، مهددين بفقدان حقوقهم في المواطنة والتعليم والهوية. هم أطفال فقدوا آباءهم قبل أن يتعرفوا إليهم ثم تاهوا في زحمة الحرب والشتات، آخرون وجِدوا في الشوارع وكأنهم خلقوا من العدم دون أي أوراق تثبت هويتهم أو المكان الذي قدموا منه، أما الأكثر تصدراً للمشهد فهم من ولدوا نتيجة حالات الزواج العرفي وزواج المتعة غير المسجل بالمحاكم بالسورية، وخاصة في المناطق التي سيطرت عليها المعارضة وتنظيم داعش.
أمراض أفرزتها الحرب
أفرزت هذه الأهوال التي عاشها لأطفال السوريون أمراضاً نفسية وجسدية عديدة. تقول سعاد، “ما تعرض له بعض الأطفال من صدماتٍ ونكساتٍ أثَّر على نمو الدماغ ونشاطه، فباتوا يعانون من صعوبات التعلم والفقر العقلي، الكسل الذهني واضطرابات النطق. كما أثَّر الهلع والخوف المعششان في قلوبهم على تركيزهم وانتباههم، فهم يشعرون دائماً بأن خطراً ما يتربص بهم…” مضيفة أن “هناك العديد من الأطفال ممن تعرضوا للعنف وتربوا على ثقافته فبات سلوكهم عدوانياً، يفرغون العنف الذي بداخلهم على زملائهم ويلحقون الأذى بهم.”
ويعاني آخرون من نوبات غضبٍ وتوتر ناتجة عن إبعادهم عن عاداتٍ أدمنوا عليها لفتراتٍ طويلةٍ كالتدخين وشم التنر والبنزين و(الشُعلة)، وهي عادات مدمرة للصحة والأعصاب تنتشر بين أطفال الشوارع والمشردين و تُشعرهم بشيءٍ من النشوة والاغتراب عن الواقع كي ينسوا قهرهم وآلامهم.
ومن التشوهات النفسية التي يعاني منها الأطفال أيضاً ما هو ناجم عن التعرض لحالات التحرش الجنسي في مراكز الإيواءٍ المؤقتة أو التجمعات السكنية المكتظة بالنازحين حيث تنام مجموعات كبيرة في غرف صغيرة.
من الأطفال أيضاً من تعرض للتحرش أو تم استغلالهم جنسياً مقابل المال خلال تسولهم في الشوارع ونومهم في الحدائق. تقول سعاد إن “أخطر مافي الأمر أن بعض الضحايا باتوا يتحرشون بأقرانهم من كلا الجنسين، محاولين ممارسة ما تعرضوا له مع الآخرين، كما رصدنا حالات تحرش بين الأشقاء أنفسهم، من بينها مراهق حاول اغتصاب أخته كونه رآها تتعرض لذات الفعل خلال نومهما في الحديقة، كما أن بعض الفتيات اللواتي تعرضن للاغتصاب بتن يخفن من رؤية الرجال ويصبن بحالات ذعرٍ مفاجئة حين يتذكرن ما حل بهن.”
أما عن الأمراض الجسدية المنشرة فهي الأمراض الجلدية، و سوء التغذية وفقر الدم وضعف النمو، فايروس التهاب الكبد الوبائي وضعف المناعة وغيرها، فكثيرٌ من الأطفال لم يحظوا بالرعاية الصحية المناسبة ولم يتلقوا لقاحاتهم خلال تواجدهم في المناطق الساخنة ودروب التشرد.
حاضرٌ ينذر بمستقبل قاتم
في أحد مراكز دمشق المجتمعية الذي يستقطب أطفالاً نزحوا من مناطق الحرب والصراعات، أطفالٌ تجاوزا الثانية عشرة ولم يتعلموا القراءة والكتابة، بعضهم لا يعرف شيئاً عن الألعاب وقصص الأطفال، آخرون تعرفوا إلى الكرة وأقلام التلوين لأول مرة، لم يشاهدوا أي فيلمٍ من قبل، وبالكاد يعرفون التلفاز.
في دروس الرسم، حفلت أغلب رسوماتهم بصور الحرب ومشاهدها، يرسمون أسلحةً ودبابات وطائرات، بيوتاً مدمرة وعيوناً باكية وأطفالاً مشردين. أما في دروس الموسيقى فينعدم التفاعل والتناغم ويظهر فقر البديهة والموهبة. معظهم لا يحفظون سوى بضعة مقاطع من أغانٍ تحمل بمعظمها طابعاً دينياً. لم يشاهدوا آلةً موسيقية في حياتهم، ولم يستمعوا من قبل الى موسيقى وأغاني الأطفال.
في هذا السياق تتحدث ميساء المرشدة النفسية الاجتماعية: “تغلغلت الحرب في عالم الأطفال وألعابهم، فأصبحنا نجد أطفالاً في الشوارع والحدائق يحملون أسلحةً خشبيةً أو بلاستيكة ليخوضوا معارك قتالية مفترضة ضد الأعداء، يقتحمون أماكن وهمية باستخدام قاذفاتٍ ورشاشاتٍ صنعت من أنابيب بلاستيكية ومواسير مياه، ترمي حصىً وخرزاً بدل الطلقات، وينصبون حواجز افتراضية ليوقفوا أشخاصاً وهميين.”
كما تحول بعض الأطفال في مناطق الصراعات إلى أدواتٍ للقتل بعد غسل أدمغتهم وشحنها بالإيديولوجيات السياسية والدينية في ظل واقع تحكمه قوانين الحرب، منهم من عايش مظاهر القتل والإجرام حتى بات يراها شكلاً طبيعياً للحياة وممارسة عادية ومألوفة في المجتمع. “ترك هذا آثاره العميقة في سلوكياتهم وأنماط تفكيرهم، فمن رأى عائلته تقتل أمامه ومنزله يدمر فوق رأسه حمل في قلبه حقداً لا يزول ليتربى على ثقافة الثأر والإنتقام والتطرف. هناك أطفال تقمصوا شخصيات الجلادين والمسلحين والقتلة، اتبعوا فكر الجهاديين وعقائدهم الدموية التكفيرية، فحملوا السلاح قبل أن يحملوا كتاب المدرسة” تضيف ميساء.
وتتساءل “كيف يمكن للأطفال وهم أولاد مجتمعهم، والذي نشؤوا في حياة النزوح والفقر والتشرد، أو الذين تربوا على التسول في الشوارع حيث قانون الغاب، كيف سينسون ما حل بهم وإن أصبحوا كهولا؟” وتجيب ميساء بنفسها بأنهم سيكملون بقية حياتهم “كشخصياتٍ مضطربة ومدمَّرة، محملة بالجراح وعقد النقص.”
بواسطة Hazza Al-Hazza | أغسطس 31, 2018 | Reports, غير مصنف
بعد صلاة الجمعة في العاشر من آب/أغسطس ٢٠١٨ توافد عشرات الرجال إلى ساحة الجامع الكبير في مدينة معرة النعمان، حاملين أعلام الثورة وأعلاماَ تركية، وعلى قرع الطبل هتفوا “سوريا بدها تغيير. وبدك ترحل يا بشار”، ونادوا بالحرية لكل السوريين، وطالبوا بالتدخل التركي “بدنا وصاية تركية”.
مدرس اللغة العربية مصطفى زكرى (٣٠ سنة)، وهو أحد منظمي المظاهرة، قال: “نحن هنا للتأكيد على الشعارات الأولى للثورة. نحن مستمرون. ثورتنا لا تعرف الهزيمة.”
أهالي معرة النعمان، ما زالوا يتظاهرون كل يوم جمعة، مطالبين بإسقاط نظام الرئيس بشار الأسد وإسقاط التنظيمات الإسلامية المتشددة، وهم يعتبرون أنفسهم “صوت الحرية” في محافظة إدلب الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة المسلحة، وتحفظ البعض على مطالبتهم بالوصاية التركية في المظاهرة الأخيرة (١٠ آب ٢٠١٨).
يسكن مدينة معرة النعمان حوالى مئة ألف شخص، وهي تخضع حالياً لسيطرة “الجبهة الوطنية للتحرير” الفصيل المشكل حديثاً (١ آب/ أغسطس ٢٠١٨) من فصائل إسلامية توصف بالاعتدال وأخرى محسوبة على الجيش الحر، ولا وجود لـ”هيئة تحرير الشام” (جبهة النصرة سابقاً) في مدينة معرة النعمان منذ شباط ٢٠١٨ بعد خسارتها الصراع على المدينة أمام فصيلي “أحرار الشام” و”صقور الشام” المنضويين حالياً في “الجبهة الوطنية للتحرير.”
ونشر الجيش التركي ١٢ نقطة مراقبة على تخوم محافظة إدلب تنفيذاً لاتفاق خفض التصعيد (أستانة) بين النظام والمعارضة بضمانة روسيا وإيران وتركيا.
وبالرغم من ذلك، تروج في إدلب أخبار مفادها أن النظام سيقوض اتفاق خفض التصعيد ويهاجم إدلب بمساندة الطيران الروسي ليكون مصير إدلب مشابهاً لمصير درعا والغوطة الشرقية وغيرهما من المناطق التي كانت تسيطر عليها المعارضة المسلحة، وتخضع لاتفاق خفض التصعيد، ثم هاجمها النظام بإسناد جوي روسي وسيطر عليها وأجبر مقاتلي المعارضة على المصالحة أو الانتقال إلى مناطق أخرى أهمها إدلب.
الكهربجي زين الشواف (٢٥ سنة)، وهو أحد المتظاهرين، يثق بتركيا ويعتبرها “صديقة” للسوريين ويقول: “تركيا معنا. نحن نطالبها بالتدخل لحماية المحرر. لا خيارات أمامنا. إن لم تتدخل سيدمر النظام إدلب.”
ويبرر رئيس تحرير مجلة “المنطرة” المحلية أحمد الجلل (٣٦ عاماً) المطالبة بالوصاية التركية بـ”الهروب من الموت”، متسائلاً: “ما الحل؟ ما البديل؟ النظام يريد حرق إدلب كما حرق الغوطة ودرعا وداريا وغيرها، والمجتمع الدولي صامت! الناس لا يطالبون بالوصاية حباً بتركيا، وإنما أملاً بالنجاة من المحرقة.”
الجلل يرفض اختزال مطالب الثورة بالوصاية التركية ويقول: “الوصاية إن حصلت فهي ليست سقفاً، وإنما مجرد مرحلة مؤقتة، ولن تتوقف ثورتنا إلا بإعلان سوريا دولة ديمقراطية لكل السوريين.”
ولا يعتبر الجلل تركيا دولة “صديقة” للسوريين، وإنما دولة ضامنة لاتفاق خفض التصعيد، وتعمل لمصالحها، “أحياناً تتقاطع مصالحها معنا وأحياناً تتعارض، في هجومها على عفرين كانت تعمل ضد مصلحتنا، ضد ثورتنا، أما إذا وافقت على حماية إدلب من هجمات النظام والروس فهي تعمل لمصلحتنا.”
الجلل يعتقد أن تركيا “كثيراً ما تاجرت بقضية السوريين، وخاصة في مسألة اللاجئين إلى أوروبا، حيث أغلقت الحدود بوجههم مقابل الحصول على أموال وامتيازات لمواطنيها في أوروبا.”
وهو ما يروق للمزارع محمد طبش (٤٥ عاماً) الذي يرفض الوصاية التركية ويدعو مقاتلي المعارضة في إدلب إلى “الاعتماد على الذات والتصالح والتحالف مع الكرد وقوات سوريا الديموقراطية لأنهم سوريون يناضلون من أجل الحرية، أما تركيا فهي دولة مستبدة وتدخلها في أي بقعة من سوريا يعني احتلالاً.”
وينضم إلى رافضي الوصاية التركية مدرس اللغة الإنكليزية علي الأمين (٥٠ سنة)، وهو أحد أبرز مهندسي لافتات مظاهرات معرة النعمان، وخاصة المكتوبة باللغة الإنكليزية، وهو مقيم في الكويت، وقد تواصلنا معه عبر “الواتس أب.” الأمين يرفض الاستنجاد بتركيا ويقول: “حتى مضمون دعوة تركيا للتدخل غير صحيح، تركيا لا تملك الحق بذلك ولا تستطيع.” ويصف الأمين المطالبة بالوصاية التركية بأنها “فعل خاطئ لا يعبر عن الشارع الثائر ككل وإنما فقط عن جزء منه.”
وهو ما لا توافق عليه المذيعة في راديو “فرش” المحلية علا الخطيب (٢٠ عاماً) قائلة: “نحن حالياً الطرف الأضعف. نحن شعب محاصر. من حقنا الاستنجاد بتركيا. الغريق بتعلق ولو بقشة.”
وترى علا أن تركيا لا يحق لها أن تتدخل رسمياً لحماية إدلب ما لم يطلب أهالي إدلب ذلك، وتقول: “طبعاً مطالبتنا بالتدخل التركي يجب أن تكون عن طريق المظاهرات والوقفات ورفع الأعلام التركية، ليكون مرحباً بها أمام أنظار العالم، ويكون تدخلها شرعياً، لأن الشرعية تعطى من قبل الشعب وليس من قبل الحكام.”
يفخر مدرس اللغة الإنكليزية علي الأمين بمظاهرات معرة النعمان ويعتقد أنها ساهمت في توحيد الرأي العام في المدينة “ضد التنظيمات المتأسلمة”، ويصفها بأنها مظاهرات مشرفة تجسد تطلعات السوريين للحرية وبناء دولة عصرية مرجعيتها الشعب الذي سيختار للمناصب الحساسة في الدولة أصحاب الخبرة والكفاءة “وليس أصحاب اللحى.” ويرى الأمين في مظاهرات المعرة منبراً مقابلاً لمنابر الخطاب الإسلامي المتطرف المنتشر حالياً في محافظة إدلب والبعيد عن روح الثورة وأهدافها.
الأمين يؤمن بسوريا ديموقراطية علمانية تقف فيها الدولة على مسافة واحدة من جميع الأديان، بل وتحمي التدين والشعائر الدينية، ويؤكد على أن لدى الناس في إدلب “مفهوماً خاطئاً عن العلمانية رسخته التنظيمات الإرهابية من أجل السيطرة على عقولهم وسلبهم إرادتهم وتجييشهم ضد الآخرين.”
وهو ما توافق عليه المذيعة علا الخطيب التي تصف مظاهرات معرة النعمان بأنها “تنعش الثورة وتعطيها دفعات معنوية وتذكر العالم بسلميتها.”
وتلحظ علا “غضباً دفيناً” داخل سكان محافظة إدلب من تصرفات التنظيمات الإسلامية المتشددة، ومعرة النعمان هي “مكان آمن للتعبير عن هذا الغضب. هي المكان الذي يذهب إليه الأحرار من كل نواحي إدلب ليعبروا عن موقفهم مما يجري ويعطوا روحاً جديدة للثورة.”
وهو ما يؤكده المتظاهر حسن (اسم مستعار) قائلاً: “أنا آتي إلى هنا كل يوم جمعة من أجل الهتاف للحرية ورفض الخطاب الديني العنيف. أنا لا أجرؤ على قول ذلك في قريتي” لأن تنظيماً متشدداً يسيطر عليها. حسن ما زال مؤمناً بشعار “الشعب السوري واحد” ولديه أصدقاء “علويون ودروز ومسيحيون وأكراد”، ويقول: “أنا أتواصل معهم من حين لآخر. جميعنا يرفض خطاب الكراهية والحرب الأهلية. جميعنا يتطلع لسوريا لكل السوريين.”
ويتعجب حسن من شعار “الديموقراطية دين الغرب” الذي ترفعه التنظيمات المتشددة ويقول: “الديموقراطية ليست ديناً وإنما نظام حكم علينا أن نطبقه إذا أردنا النهوض.” ويرفض حسن “أسلمة” الثورة واصفاً إياها بأنها “ثورة شعب” ويقول: “أنا لم أثر على آل الأسد لأنهم غير متدينين أو من طائفة أخرى. أنا لم أثر ليحكمني رجال الدين. أنا ثرت من أجل الحرية.”
متظاهرو معرة النعمان رفعوا لافتة مذيلة بـ”هيئة مهجري دمشق وريفها” ومكتوب عليها “دمشق الياسمين سنسري في عروقك فاتحين.” ورحّب شاب من على المنصة بالمهجرين من درعا وقال: “معنا حر من درعا”، وسلمه الميكرفون، ثم غنى ابن درعا عتابا “عواميد البيت” وأنشد “الموت ولا المذلة” وتفاعل معه المتظاهرون. ومن غرفة الاستقبال في مستوصف معرة النعمان، لم يعد يرى عصام الهيثم (٣٧ سنة) “أي فائدة أو تأثير للمظاهرات لأن الثورة فشلت بعد هزائم حلب والغوطة ودرعا.”
يرد على ذلك حسن (صاحب الاسم المستعار) قائلاً: “لا يمكن للثورة أن تنهزم، لأن الثورة هي تطلعنا للحرية، وهذا التطلع بات حقيقة تجري في عروق السوريين، والبندقية يمكنها أن تقتل طفلاً أو امرأة أو رجلاً، ولكن لا يمكنها أن تقتل الحقيقة.”
بواسطة Ghaida Al Oudat | أغسطس 29, 2018 | News, غير مصنف
مرّت سنوات على تحوّل الحراك السوري لحرب باختلاف تسمياتها “أهلية، بالوكالة أو حرب ضد الإرهاب”، مايهم أكثر من التسمية هو أنها جرّت على سوريا الخراب وجعلتها من أخطر دول العالم، بعد أن عرّضت أهلها للموت وشتى أنواع الانتهاكات الإنسانية، مجبرة إياهم على النزوح واللجوء. وحتى من بقي في الداخل السوري أصبحوا يعيشون وضعاً اقتصاديّاً سيئاً وأغلبهم تحت خط الفقر.
هذا كله، لم يعط السوريين الجرأة الكافية لكشف حقيقة ما مروا به دون اعتبارات الاصطفاف لأحد الأطراف، وما يزال الأغلبية جاهلين أو متجاهلين ربما أن تقييم مع وضد من غير مهم.
منذ كارثة تحوّل المطالبة بالحرية والعدالة والديمقراطية إلى مطلب إسقاط الرئيس، بدأ تقزيم الحراك وتفريغه من مضمونه الأساسي الساعي للمواطنة المتساوية والعدالة وحقوق الإنسان، ليحل محله مضامين سطحية لا تخدم أهداف الشعب فحسب وإنما تحقق أهدافاً سلطوية لفئات وأحزاب سعت لخلق الشقاق بين السوريين بكل الطرق الممكنة، ولا يمكن إخلاء مسؤولية أي طرف من مسؤولية تعزيز هذا الشقاق قولاً وفعلاً.
بدأ هذا الشقاق منذ تم الدفع نحو الاستهانة بالجيش ككل، مما ترك تأثيراً سيئاً عند السوريين، فأصبح العديد منهم مستعدين للتهجّم عليه دون وضع استثناءات، حدث هذا منذ البدايات قبل أن يتورط كلياً بتبني سياسة النظام العسكرية، عندها كان الجيش مؤهلاً للانقسام وهذا كان ليُضعف النظام العسكري ويجعله يخسر رهانه على سطوته على الجيش. حتى المنشقون عنه لم ينجوا من التهميش وإساءة التعامل والاستبعاد عن المشاركة في المخططات التي وُضعت لعسكرة الثورة ومزاعم بناء “جيش حر”.
وهكذا نُفذّت الخطوة الأولى لشق السوريين بين لاعن للجيش السوري بمجمله ومدافع مستميت عنه ولو كان قاتلاً مجرماً، وبهذا أصبح الجيش بكليّته موضع شبهة لدى مؤيدي الثورة، وموضع تقديس عند أنصار النظام.
وما إن تمت مهمة تحطيم الجيش كرمز وطني، جاء دور العلم السوري، فأدى استبدال العلم السوري الذي كان رمزاً جامعاً، لزيادة الانقسام السوري السوري، رغم أن النظام سبق له وأن شوهه بوضع صور الأسد الأب عليه، وأهان العلم باستملاكه له، لكن طليعة الحراك تمسكوا به وشدّدوا على قيمته الجامعة، إلى أن طرح علم جديد للثورة وتم التسويق للتمسك به باعتباره رمزاً لهم، من يحمله ثائر ومن يحمل غيره خائن ملعون، من يُقتل تحت رايته شهيد، ومن يموت تحت علم سوريا ليس إلا “فطيسة”، علماً أن أوائل شهداء الحراك جميعاً حملوه وقُتلوا تحت رايته، فهل يلعنونهم؟
تبنى أنصار النظام أيضاً الادّعاءات ذاتها نحو العلم الدخيل، فوسموا كل من يحمله بالخيانة، معتبرين من يموت تحت ظلّه “فطيسة”، لم يستثنوا أو يرحموا أحداً، وهكذا تم هدم رمز ثان كان جامعاً للسوريين.
خلال هذا بدأ مؤيدو الثورة يخفون الأسرار عن ممارسات لا تشبه تلك التي انطلق من أجلها وبها الحراك، ولم يتجرأ العديد منهم على فضح هذه الممارسات اليومية متبنّين مبدأ “الغاية تبرر الوسيلة”.
ورغم أنهم أدركوا بعد سنوات أنهم لم يصلوا للغاية، إلا أنهم ظلّوا يهربون من الحقيقة تحت مزاعم حماية ما اصبح اسمه “ثورة” وعلى رأسهم مثقفوهم.
بعض هؤلاء المثقفين لم يتمكنوا من الخروج من عباءة أحقادهم الدفينة نحو الأسد الأب وانتهاكاته التي قام بها بحقهم، فتغلبت مشاعر الثأر فيهم على المصلحة العامة، بينما تورط بعضهم الآخر بشكل مباشر بعلاقات مشبوهة مع مجموعات ودول تدخلت بالصراع العسكري وساهمت في إيصال سوريا إلى ما آلت إليه. وبالتالي كان المثقفون الثوريون إما أدوات للتخريب أو ساعين للشعبوية، أو باحثين عن موطئ قدم في مستقبل سوريا، إن بقي لها من المستقبل شيء يُذكر.
وعلى التوازي مع كل ما يجري، أقيمت حملات تشويه سمعة وتنمر ضد كل من يعترض على العسكرة أو يحاول قول الحقيقة بهدف التنبيه والتصحيح. وتم استثمار ميول السوريين الدينية التّي اشتدت باشتداد وطأة القتل، فلم يبق لدى كثير منهم حل سوى بالبحث عن الله واللجوء إليه، وصحت طائفيتهم ليتم صبغ الحراك بصبغة دينية و يتحوّل أخيراً “جهاداً لإعلاء كلمة الله”.
ساهم في هذا موقف سياسيي ومثقفي ما أصبح اسمه “الثورة”، حين مدوا حبال الود والتآخي مع حملة شعار “هي لله” آملين بسرعة إسقاط النظام بمساعدتهم، ومنكرين لأسلمة الحراك، كما أنهم أيضاً ادعّوا أن الكارثة عبارة عن مرحلة مؤقتة ستنتهي بانتهاء النظام الديكتاتوري.
ليس خافياً أن للسلطة الاستبدادية اليد الطولى في تجريد الشعب من انتمائه للوطن، واعتباره ملكية خاصة للسلطة الحاكمة، وبهذا يعتقد المواطن أن كل ممتلكات الدولة العامة هي للسلطة، لا يعنيه منها شيء وبالتالي عبء دمارها يضر بالسلطة المافيوية وحدها وليس خسارة وطنية للشعب السوري.
وأصبح استهداف ممتلكات الدولة يعني استهداف السلطة، وبهذا تمت استباحة الممتلكات العامة ولم يتوان أي أحد عن عن تخريبها وتدميرها وسرقتها، كالمتاحف والآثار والمشافي والمؤسسات والمدارس وغيرها.
ويشهد كثيرون منذ البدايات، على عمليات نهب وتدمير طالت ما تصل له اليد، ودوما المبرر لذلك هو “رد الفعل على همجية النظام”، وكأن الدولة هي النظام والنظام هو الدولة، وهذا لا يختلف بشيء عن تبرير البعض لغض طرفهم عن إجرام السلطة وتاريخها الطويل في تدمير الدولة بحجة أنهم يواجهون معركة مع الإرهاب، فالحراك بالنسبة لهم هو مجموعة من “الإرهابيين والقتلة”.
بهذا المنطق تم تحويل السوريين جميعاً لقتلة، وهو منطق مشوّه قائم على جهل الطرفين بما كان يجري حقيقة في الطرف الآخر، أو صمتهم عند علمهم بهذا، فمواجهة الجرائم وإدانة أصحابها سيجرد الجميع من حججهم للتستر على جرائم الطرف الذي يدعمون وفضح جرائم خصومهم.
بعد قطع آخر حبال الانتماء للوطن، واعتبار الدولة عدواً يحلّ تدميره، ربما يجب الانتقال إلى المهمة الأخطر التي نواجهها اليوم بشراسة رغم أنها بدأت منذ زمن، وهي تخريب الذاكرة السورية المشتركة.
لماذا يريد أي شخص تشويه كل من مر بالتاريخ السوري من سياسيين وكتاب وأدباء وفنانين ووسمهم بالخيانة والعمالة والاصطفاف مع الديكتاتور، وتشويه إرثهم وسحب المصداقية من تاريخهم وآثارهم بمن فيهم الموتى؟ لماذا يتم تدمير الهوية الثقافية للسوريين كاملة ، لمصلحة من وما الهدف؟
قد نفهم هذا الموقف ممن اصطف علناً مع همجية النظام وآلته العسكرية وأيد قتل الشعب واعتقاله وتهجيره، لكن لا يمكن أن نفهمه من المعتدلين الذين لم يعلنوا اصطفافهم مع “الثورة” “بعجرها وبجرها”، ولا أولئك الذين لا يرون فيها وبمن يمثلها ما يشبههم.
ليس من حقنا أن نطالب أي كان أن يكون مع “الثورة” التي لا تحمل أهدافه ولا قيمه ولا أخلاقه أو أن نتهمه بالخيانة والعمالة، كثيرون ممن يتم لعنهم علناً أو ممن يتوارون عن الأنظار، يحملون قيماً وأخلاقاً ثورية أكثر بكثير من زبد السطح الظاهر على ضفة “الثورة”، لكنها لا تمثلهم. هم يعرفون ما ننكره ونخفيه وعليه بنوا مواقفهم، كما نعرف نحن ما ينكرونه ويخفونه وعليه بنينا مواقفنا.
لم يسلم أحد من طوفان الرجم واللعن من كل الأطراف، الطوفان يأخد الجميع، وإن بقي الطريق مفتوحاً له، سيلتهم ذاكرتنا كاملة ثم يلفظها مشوهة وقميئة، دافناً إياها مع كل ما أنجزه او كتبه أو أبدعه السوريون، لنصبح بلا هوية ثقافية، وبهذا يَسهُل إحلال بديل مسخ لها.
ما يؤسف هنا، هو ردة فعل نخبة السوريين وصمتهم أو تأييدهم لما يجري، ولو بمواربة وقليل من الاستحياء، إما إرضاء للجمهور أوحرصاً على المريدين أوحفاظاً على مكانة “ثورية”.
قاربنا ثماني السنوات من الحرب، وما زال سياسيو ومثقفو الثورة يدورون في نفس الدائرة، دون أن يتعلموا من التجربة أو يتجنبوا الوقوع في الوحل مرة تلو أخرى. هذا الوحل الذي سيشهد عليهم أنهم شهود زور وشياطين خُرس، لم يحترموا أن جلّ من يتم تشويههم ساهموا في تكوينهم شخصياً، أو كانوا رفاق درب تشاركوا الحلو والمر عبر سنوات طويلة من الاستبداد والقهر.
ويبقى سؤال، هل يوجد سوريون آخرون؟ نعم هناك من يحمل قيم الحق ويسعى للعدالة ويأمل ببناء دولة المواطنة المتساوية داخل سوريا وخارجها، من يُصدقون القول ويحسنون الحكم، يعرفون موضع الخطأ ويعترفون به بأمانة، دون تمييز أو تحيّز، هؤلاء السوريون، يواجهون الكارثة ويعلمون حجمها ساعين لوقفها، وآملين بأن يستطيعوا بناء سوريا كما يجب أن تكون، دون استبداد ولا استعمار، دولة ديمقراطية قائمة على العدالة والمساواة.
بواسطة Abdullah Al Hassan | أغسطس 27, 2018 | Reports, غير مصنف
الجزء الثانى
دخلت تركيا بعد حادثة الانقلاب الفاشلة في ١٥ تموز/يونيو ٢٠١٦، في عملية تنسيق مع روسيا لأجل فرض الحل في سوريا، بداية من معركة حلب وسيطرة الجيش السوري على المدينة، ثم وقف القتال واتفاق مناطق خفض التصعيد في أستانا، وأيضاً في مؤتمر الحوار الذي انعقد في سوتشي. مكّن هذا التعاون تركيا من تحقيق رغباتها المتعلقة بحماية أمنها القومي من تهديد حزب العمال الكردستاني PKK وذراعه في سوريا حزب الإتحاد الديمقراطي PYD، بحسب زعمها، مع ملاحظة أن حجة الأمن القومي التركي تُخفي الكثير من المطامع التركية للتوسع في الشمال السوري، أو ربما قضم بعضه، كما حدث في لواء إسكندرون سابقاً.
لم يظهر أي تعارض على مسار التنسيق بين تركيا وروسيا لفرض الحل الروسي في سوريا، إلى أن وصل الأمر إلى محافظة إدلب والشمال السوري، فروسيا تعلم بأنها لم تكن لتحصّل موقعها الحالي في سوريا لولا دعم وتنسيق الحليف التركي، وتركيا تعلم بأنها لم تكن لتدخل بجيشها في سوريا وتُبعد خطر حزب الاتحاد الديمقراطي إلى شرق الفرات لولا دعم وتنسيق الحليف الروسي، وهو ما كان ممنوعاً عنها في السابق أثناء تعاونها وتنسيقها مع الولايات المتحدة الأمريكية في الشمال السوري.
لكن بالنسبة إلى روسيا، لا يمكن أن يبقى الشمال السوري بعيداً عن الحل، خاصة بعد أن مكّنت روسيا النظام من استعادة السيطرة على كافة المناطق الخارجة عن سيطرته في الغوطة الشرقية وجبال القلمون الشرقي، ثم جنوب دمشق ومخيم اليرموك، وبعدها في ريف حمص الشمالي، وأخيراً في درعا والقنيطرة، ولم يتبق أمامها إلا معضلة إدلب والشمال، ومناطق الإدارة الذاتية بما فيها من وجود أمريكي وفرنسي.
تعلم روسيا بأن حل إدلب يجب أن يسبقه إيجاد حل لشرق الفرات، و تدرك بأن الضغط لأجل حل في الشمال السوري قبل مناطق شرق الفرات سوف يهدد مصالح وأمن حلفائها الأتراك، وربما يقود ذلك إلى مواجهة تخلط جميع الأوراق وتعيد الوضع في سوريا إلى ما كان عليه قبل التنسيق الروسيـالتركي.
وكذلك تدرك روسيا ـ التي تمسك عصا التوازن داخل سوريا بحذر شديد ـ بأن تركيا تملك أوراقاً رابحة في مناطق سيطرة المعارضة في الشمال السوري، خاصة بعد أن تم ترحيل فصائل المعارضة من أغلب المناطق نحو محافظة إدلب ومناطق درع الفرات، في الوقت نفسه تتطلع موسكو إلى حل توافقي بين الأكراد وحلفائهم في الإدارة الذاتية مع دمشق، بحيث لا تتكرر مأساة عفرين مرة أخرى، كما أن تفاهمات موسكو مع واشنطن لأجل سوريا هي في أفضل حالاتها، كما أظهرت نتائج لقاء بوتين ـ ترامب الأخير في هلسنكي. فما هي الرؤية الروسية للحل إذا؟
بالعودة إلى تركيا التي استشعرت الخطر الذي يهدد توجهها في المنطقة، فسارعت لضم الفصائل المعارضة المتواجدة في منطقة إدلب تحت مسمى ”الجبهة الوطنية للتحرير“، يهدف التجمع الجديد لصد أي تقدم لقوات النظام السوري في محافظة إدلب، وتهديد غير مباشر لهيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) والتي تطالب روسيا بالقضاء عليها تحت مسمى “مكافحة الإرهاب”، تركيا قامت أيضاً بالدعوة إلى عقد قمة طارئة في السابع من أيلول/سبتمبر في إسطنبول بحضور كل من روسيا وفرنسا وألمانيا، ولكن لماذا فرنسا وألمانيا بالتحديد؟
في موجة النزوح الكبيرة إلى أوروبا خلال عام ٢٠١٥ ـوالتي يسرّتها الحكومة التركية في محاولة منها للضغط على أوروبا لتحقيق مصالح خاصة بهاـ تضرّر الاتحاد الأوروبي فتداعى نحو تركيا لمساعدتها بتحمل أعباء النازحين مقابل ضبط الحدود وتشديد الرقابة على موجات الهجرة غير الشرعية منها إلى أوروبا، راضخاً بشكل جزئي للإرادة التركية.
واليوم تستدعي تركيا كلاً من فرنسا وألمانيا طالبة الدعم لموقفها، ملوحة بموجة النزوح المُنتظرة في حال أرادت روسيا وحلفاؤها اجتياح إدلب عسكرياً، وفي هذا الشأن قال منسق الأمم المتحدة الإقليمي للشؤون الإنسانية في سوريا بانوس مومتزيس إنه ”ما من حل عسكري في إدلب” وأضاف في تصريحات صحفية له في جنيف ”مع هذا التصعيد وهذا التدهور نحن قلقون حقيقة من نزوح ٢.٥ مليون شخص صوب تركيا إذا استمر هذا الوضع، نحن قلقون كذلك على سكان إدلب … ليس هناك مكان آخر ينتقلون إليه.. هذا فعلياً هو آخر مكان“، وبما أنه لا يوجد “إدلب ثانية” ينقل النظام السوري معارضيه إليها فلن يكون هناك مهرب لهم سوى تركيا، وهي التي لا ترغب بأي لاجئ سوري جديد على أراضيها، مما يجعلها جسراً للعبور نحو أوروبا القلقة هي أيضاً من موجات هجرة جديدة، قد تطيح باتحادها الأوروبي إن حصلت.
يشعر الرئيس أردوغان بخوف أوروبا من هذا، فهو يضرب على وترها الحسّاس محاولاً كسب تأييدها أمام حليفه الروسي، وتدرك روسيا ذلك جيداً وكذلك فرنسا وألمانيا.
أما النظام السوري، فبات منتشياً بإنجازاته التي حققها في مناطق و جيوب المعارضة خلال الأشهر السابقة، وأصبحت إدلب والشمال نقطة نهاية لا بد له من الوصول إليها، ليسحب بذلك كل أوراق الضغط على نظامه السياسي والأمني، بما في ذلك اللجنة الدستورية التي يعارض آلية تشكيلها.
لا يرى النظام في الإدارة الذاتية حملاً ثقيلاً عليه، ففي ٢٦ تموز/يوليو ٢٠١٨ التقى وفد الإدارة الذاتية رئيس مكتب الأمن الوطني علي مملوك في دمشق ، ولم تصدر الحكومة السورية أي بيان توضيحي حول نتائج اللقاء. ويبدو أنها تدرك موقع القوة الذي تفاوض الأكراد من خلاله، فالانسحاب الأمريكي من الشمال السوري يبدو أمراً واقعاً بحسب ما يصدر عن الإدارة الأمريكية الحالية، ناهيك عن تطابق موقف روسيا وإيران وتركيا (بصورة أشد) تجاه الإدارة الذاتية، مع ضغوط مشتركة لهذه الدول على الولايات المتحدة الأمريكية لتسحب قواتها من شرق الفرات، والأهم أن العلاقة بين حزب الاتحاد الديمقراطي والحكومة السورية لم تنقطع رغم مرورها بالكثير من المطبّات.
فالحكومة السورية زوّدت وحدات حماية الشعب الكردي (الذراع العسكري لحزب الاتحاد الديمقراطي) بالسلاح في وجه تنظيم الدولة الإسلامية، بحسب تصريحات سفير سوريا لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري في لقاء موسكو٢، حتى أنه أظهر قائمة بكميات وأنواع الأسلحة الذي منحتها الحكومة السورية لهم، كما أن أهداف ”حزب الاتحاد الديمقراطي“ تتمحور حول تطبيق ”اللامركزية والإدارات المحلية“ في سوريا، ولا وجود لكلمة ”الانفصال“ في بياناته أو أدبياته أسوة ببعض الأحزاب الكردية، وهذا ما تلتقي معه دمشق التي تتكلم عن لا مركزية إدارية محدودة بحسب المرسوم التشريعي رقم ١٠٧ لعام ٢٠١١ الخاص بقانون الإدارة المحلية في سوريا، والذي أصدره النظام السوري في ٢٣ آب/أغسطس ٢٠١١ في محاولة لاستمالة الأكراد، على الرغم أنه لم يطبّق حتى الآن.
إضافة لذلك أعربت قوات سوريا الديمقراطية عن استعدادها للقتال إلى جانب قوات النظام السوري لأجل استعادة السيطرة على محافظة إدلب واستعادة عفرين من الفصائل المدعومة من تركيا، كما أبدت استعدادها لقتال داعش في بادية السويداء، وذلك بعد أن قامت في السابع من حزيران/يونيو ٢٠١٨ بتشكيل فصيل تابع لقوات سوريا الديمقراطية أطلقت عليه اسم “لواء تحرير إدلب وعفرين.”
يدرك حزب الاتحاد الديمقراطي وحلفاؤه في مجلس سوريا الديمقراطية بأن لروسيا الكلمة العليا وهي القادرة على فرض رؤيتها للحل في سوريا، غير متناسين الدرس الموجع الذي تلقّوه في مدينة عفرين، ويبدو ذلك جليّاً من خلال تصريح الرئيس المشترك السابق لحزب الاتحاد الديمقراطي صالح مسلم، المنشور في جريدة الشرق الأوسط بتاريخ ٨ حزيران/يونيو ٢٠١٨، حين أكد بأن علاقة التعاون مع الولايات المتحدة ليست أبدية وإنما من الوارد أن تتغير، مشدداً على أن”المصالح هي التي تحكم تحالفات الأكراد في سوريا، وأن الأبواب مفتوحة للجميع بما ذلك النظام السوري.”
ولمّح مسلم إلى وجود مرونة وانفتاح في المفاوضات مع النظام السوري، بما في ذلك إمكانية التنازل عن اسم الكيان الفيدرالي الذي أسسه الأكراد بمناطقهم في الشمال السوري، وقال: “الحوار سيكون دون شروط مسبقة… ونحن لم نرد أن نكون بعيدين عن سوريا… نريد سوريا ديمقراطية لكل أبنائها، والمسميات غير مهمة. وأي شيء يمنحنا وكل المكونات الأخرى كامل الحقوق الديمقراطية فسنسعى له.”
من هنا نستنتج بأن النظام السوري ليس مستعجلاً لحل شرق الفرات بقدر تلهّفه نحو إدلب والشمال السوري، فهو يدرك منذ البداية بأن دعم تركيا للمعارضة المسلحة وتهديدها له من الشمال هو الذي أضعف سلطته وأوصلها إلى ما آلت إليه، وهذا ما تدركه أيضاً روسيا، رغم تعاطيها الإيجابي مع مخاوف أنقرة. ولكن ماذا لو دخل النظام السوري بدعم من الروس لمناطق ريف حلب الغربي، أو قضم الريف الجنوبي لمحافظة إدلب بعد اختراقه من الوسط، تطبيقاً لاستراتيجيته العسكرية الناجحة في الآونة الأخيرة؟
يبدو ذلك ممكناً، ولكنه سوف يصل في النهاية إلى حل توافقي حقيقي مع المعارضة السورية بعد توافق روسي ـ تركي، وهذا الأهم، فلا ”إدلب ثانية“ يذهب إليها المُهجَّرون.
بواسطة Syria in a Week Editors | أغسطس 27, 2018 | Media Roundups, Syria in a Week, غير مصنف
“كارثة” و “كيماوي” في إدلب؟
٢٤ آب/أغسطس
أعلن الناطق الرسمي باسم وزارة الدفاع الروسية، الميجور الجنرال إيجور كوناشينكوف، السبت، أن هناك تأكيدات غير مباشرة أن أمريكا تعد مع حلفائها لهجوم عدواني جديد على سوريا.
وأشار إلى أن مدمرة أميركية وصلت إلى الخليج، فيما تستعد قاذفات القنابل “بي 1 – بي” للتحرك من القاعدة الأميركية في قطر لضرب أهداف في سورية، بحسب وكالة سبوتنيك. ولفت إلى أن المدمرة “يو إس إس سوليفان” التابعة للبحرية الأمريكية مزودة بـ٥٦ صاروخ كروز، فيما تستعد قاذفة القنابل الاستراتيجية “بي 1 – بي” للتحرك من قاعدة العديد مع ٢٤ صاروخ جو – أرض.
وكانت تركيا حذرت الجمعة موسكو، التي تدعم نظام الرئيس بشار عسكريا، من “كارثة” محتملة في سوريا في حال اللجوء إلى “حل عسكري” في محافظة إدلب، آخر معاقل الفصائل المعارضة والجهاديين في البلاد.
ويبدو أن هجوم النظام السوري لاستعادة المحافظة الواقعة عند الحدود مع تركيا، وشيك لكن من غير المرجح أن تشنه دمشق من دون ضوء أخضر من أنقرة، الداعمة للفصائل المعارضة. وفي الأسابيع الأخيرة شهدت العلاقات الروسية التركية تنسيقا متزايدا وقد أجرى وفد تركي الجمعة زيارة إلى موسكو.
وأعلن وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الروسي سيرغي لافروف في موسكو أن “الحل العسكري سيسبب كارثة ليس فقط لمنطقة إدلب وإنما أيضا لمستقبل سوريا. المعارك يمكن أن تستمر لفترة طويلة، ويمكن أن تطال المدنيين.”
ويستكمل النظام السوري، الذي يلقى دعما من موسكو، استعداداته العسكرية لاستعادة منطقة إدلب الواقعة في شمال غرب سوريا.
وقال تشاوش أوغلو: “لكن من المهم جدا أن تصبح هذه الجماعات المتطرفة، والإرهابية، غير قادرة على أن تشكل تهديدا. إنه أمر مهم جدا أيضا بالنسبة لتركيا لأنهم يتواجدون على الجانب الآخر لحدودنا. إنهم يشكلون في المقام الأول تهديدا بالنسبة إلينا.”
ولمحافظة إدلب، آخر معاقل الفصائل المعارضة والجهاديين، أهمية استراتيجية بسبب موقعها عند الحدود مع تركيا الداعمة للفصائل المعارضة، وعلى مقربة من محافظة اللاذقية، معقل الطائفة العلوية التي ينتمي إليها الرئيس السوري بشار الأسد.
وتقع المحافظة ضمن نطاق “مناطق خفض التوتر” التي أقيمت في سوريا في ختام مفاوضات سلام جرت في أستانا برعاية روسيا وتركيا وإيران.
وشكلت إدلب خلال السنوات الأخيرة وجهة لعشرات الآلاف من المقاتلين الذين رفضوا اتفاقات تسوية مع النظام.
وأقر وزير الخارجية الروسي بأن الوضع في إدلب “صعب جدا”. وقال لافروف “لكن حينما أقمنا منطقة خفض التوتر في إدلب، لم يقترح أحد أن تستخدم هذه المنطقة لكي يختبئ فيها مقاتلون وخصوصا هؤلاء التابعين لجبهة النصرة عبر استخدام مدنيين دروعا بشرية.”
وأضاف لافروف “بالإضافة إلى وجودهم هناك تقع هجمات ويحصل إطلاق نار بشكل دائم مصدره تلك المنطقة على مواقع للجيش السوري”، مؤكدا أن القوات الروسية أسقطت نحو خمسين طائرة من دون طيار أطلقت من تلك المنطقة لاستهداف قاعدة حميميم.
وفي تموز/يوليو أكد الرئيس السوري في مقابلة مع وسائل إعلام روسية أن الأولوية الحالية للنظام هي استعادة السيطرة على محافظة إدلب التي تقع بغالبيتها خارج سيطرته. وقال الأسد في المقابلة إن “هدفنا الآن هو إدلب على الرغم من أنها ليست الهدف الوحيد.”
وفي ٩ آب/أغسطس ألقت قوات النظام فوق إدلب مناشير تدعو للانضمام الى اتفاقات “المصالحة”.
ويقول محللون إن النظام غير قادر على التحرك في إدلب من دون الحصول على ضوء أخضر من تركيا التي أقامت في المحافظة نقاط مراقبة ونشرت فيها قوات تابعة لها.
واستقبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الكرملين وزير الخارجية التركي ووزير الدفاع هاكان فيدان منوها بتعاون “وثيق أكثر فأكثر” مع تركيا في تسوية ملفات “شائكة” مثل الأزمة السورية.
وقال بوتين “بفضل جهود بلدينا ومشاركة دول أخرى معنية وبخاصة إيران (…) نجحنا في تحقيق تقدم واضح نحو تسوية الأزمة السورية.”
الجولاني بين إدلب واللاذقية
٢٢ آب/اغسطس
حذر القائد العام لهيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً) أبو محمد الجولاني الثلاثاء الفصائل المقاتلة في محافظة إدلب من التفاوض مع النظام السوري والدخول في اتفاقات تسوية كما حصل في مناطق أخرى.
وتأتي كلمة الجولاني في وقت تتجه فيه الأنظار إلى إدلب في ظل استعدادات عسكرية تقوم بها قوات النظام لشن هجوم ضد آخر أبرز معاقل الفصائل وهيئة تحرير الشام.
وقال الجولاني في تسجيل مصور نشرته الهيئة على أحد حساباتها على تطبيق “تلغرام”: “إن المرحلة تحتاج منا كفصائل للتعاهد بأن سلاح الثورة (….) هو خط أحمر لا يقبل المساومة أبداً، ولن يوضع يوماً ما على طاولة المفاوضات.”
وأضاف: “في اللحظة الأولى التي يفكر فيها أحدنا أن يفاوض على سلاحه يكون قد خسره بالفعل، وأن مجرد التفكير في الاستسلام للعدو وتسليم السلاح له لهو خيانة.”
وتسيطر هيئة تحرير الشام على الجزء الأكبر من محافظة إدلب، بينما تتواجد فصائل إسلامية ينضوي معظمها في إطار “الجبهة الوطنية للتحرير” وبينها حركة أحرار الشام، في بقية المناطق. وتنتشر قوات النظام في الريف الجنوب الشرقي.
وشدد الجولاني على أن اتفاقات التسوية، التي حصلت في مناطق عدة في سوريا كانت تسيطر عليها الفصائل المعارضة وآخرها في درعا والقنيطرة جنوباً، لن تتكرر في إدلب. وقال إن “ما جرى في الجنوب لن يسمح أبناء الشمال الشرفاء بأن يمرر في الشمال.”
ونفذت الهيئة وفصائل أخرى خلال الأيام الماضية مداهمات في إدلب اعتقلت خلالها عشرات الأشخاص بتهمة التواصل مع النظام من أجل التوصل إلى اتفاقات تسوية، عادة ما تنص على دخول قوات النظام وتسليم الفصائل لسلاحها.
وقال الجولاني: “على أهلنا أن يدركوا أن نقاط المراقبة التركية في الشمال لا يمكن الاعتماد عليها في مواجهة العدو، ولا يغركن وعود هنا أو تصريحات إعلامية هناك، فالمواقف السياسية قد تتغير بين التو واللحظة.”
وتطلب روسيا من أنقرة إيجاد حل لإنهاء وجود هيئة تحرير الشام المصنفة “إرهابية” لتفادي عملية واسعة في إدلب. ويرى محللون أن تركيا تعمل على توحيد صفوف الفصائل لأي مواجهة محتملة مع الهيئة.
“درون” على حميميم
٢٤ آب/أغسطس
ارتفع خلال الشهرين الماضيين عدد الهجمات التي شنتها الفصائل المقاتلة بالطائرات المسيرة، على قاعدة حميميم الروسية في غرب سوريا، وإن كانت لا تشكل تهديداً كبيراً عليها، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان ومسؤولين روس الذين قالوا إن موسكو حصنت القاعدة بمنظومة صواريخ جديدة.
ومنذ بدء تدخلها العسكري في سوريا في عام ٢٠١٥، اتخذت روسيا من قاعدة حميميم الجوية مقراً لقواتها في محافظة اللاذقية الساحلية، التي بقيت منذ بدء النزاع في ٢٠١١، بمنأى عن المعارك العنيفة، وتوجد الفصائل المقاتلة في أجزاء محدودة من ريفها الشمالي المحاذي لمحافظة إدلب (شمال غرب).
وقال المرصد: “ارتفعت الهجمات بالطائرات المسيرة على قاعدة حميميم خلال الشهرين الماضيين”، مشيراً إلى ٢٣ هجوماً منذ بداية العام الحالي، بينها خمسة في شهر أغسطس (آب) و١٣ في يوليو (تموز) وحده.
وأوضح أن “الدفاع الجوي الروسي أو السوري أسقط غالبية تلك الطائرات” التي تطلقها الفصائل الإسلامية ومجموعات جهادية في محافظة إدلب.
وقال الباحث في مجموعة الأزمات الدولية سام هيلر في وقت سابق، إن “الروس مقتنعون بأن الطائرات من دون طيار التي تستهدف قاعدتهم الجوية (في حميميم) في اللاذقية، تنطلق من هذه المنطقة حول جسر الشغور.”
واتهمت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زخاروفا الخميس “الإرهابيين”، في إشارة إلى الفصائل في إدلب، باستهداف قاعدة حميميم.
وفي منتصف أغسطس، أكد المتحدث باسم الجيش الروسي إيغور كوناشنكوف، أن “خلال الشهر الماضي، شهدنا على ازدياد محاولات الهجوم بالطائرات المسيرة”، مؤكداً التصدي لها “بنسبة مائة في المائة.”
أميركا باقية!
٢٣ آب/أغسطس
بات ملف إخراج القوات الإيرانية النظامية وغير النظامية من سوريا، مكوناً رئيسياً في “السياسة الأميركية” في التعامل مع الملف السوري؛ حيث تتمسك واشنطن بأوراق ضغط على موسكو للوصول تدريجياً إلى هذا الهدف.
وأكدت مصادر دبلوماسية غربية لـ”الشرق الأوسط” أمس، أن إدارة الرئيس دونالد ترمب حسمت قرارها، وقررت الإبقاء على جنودها شمال شرقي سوريا، ومنطقة الحظر الجوي التي أقامها التحالف الدولي ضد “داعش”؛ لاستعمال ذلك و”ورقتي” تمويل إعمار سوريا وإعادة اللاجئين، للضغط على روسيا لإخراج إيران.
وكان هذا أحد الملفات التي طرحها مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون، خلال لقائه سكرتير مجلس الأمن الروسي نيكولاي باتروشيف في جنيف الخميس. وقال بولتون إن نظيره اقترح إلغاء الحظر النفطي على إيران، مقابل كبح إيران في سوريا، و”هذا اقتراح رفضناه مجدداً اليوم.”
كما أبلغ بولتون أنه حذر باتروشيف من التدخل في انتخابات الكونغرس النصفية في نوفمبر (تشرين الثاني)، وحال ذلك دون التوافق على بيان مشترك، سعى وزيرا الخارجية سيرغي لافروف ومايك بومبيو هاتفياً لإنجازه؛ لكنهما اتفقا على استعادة الاتصالات بين وزارتي الدفاع في البلدين.
عودة إلى جنيف
٢٣ آب/أغسطس
أعلنت متحدثة باسم الأمم المتحدة الجمعة أن الموفد الخاص لسوريا سيلتقي ممثلين عن إيران وروسيا وتركيا في ١١ و١٢ الشهر المقبل في جنيف لبحث مسألة وضع دستور جديد لسوريا.
والموفد الخاص لسوريا ستيفان دي ميستورا مكلف بتشكيل لجنة تكون مهمتها صياغة دستور جديد للدولة التي تشهد نزاعا. والدول الخارجية الرئيسية الداعمة للمشروع هي حاليا دمشق وروسيا وإيران، إضافة إلى تركيا التي تدعم بعض فصائل المعارضة.
ويلتقي ممثلون عن الدول الثلاث مع دي ميستورا ليومين في جنيف. وأعلن دي ميستورا أنه يرغب في أن تكون اللجنة الدستورية جاهزة قبل اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك أواخر سبتمبر (أيلول).
وقد يتطلب ذلك مزيدا من المحادثات ولا سيما مع حكومة الرئيس السوري بشار الأسد، لكن فيلوتشي قالت إنه ليس لديها تفاصيل حول اجتماعات أخرى الشهر المقبل. ولم تسفر جهود سابقة بذلها دي ميستورا لوقف النزاع السوري عن نتيجة تذكر.
بريطانيا تترك المعارضة
٢٠ آب/أغسطس
أعلنت الحكومة البريطانية أنها أوقفت تمويل بعض برامج المساعدات في مناطق يسيطر عليها مقاتلو المعارضة في سوريا.
وقالت متحدثة باسم الحكومة لـ”رويترز”: “بعد أن أصبح الوضع على الأرض في بعض المناطق صعباً على نحو متزايد قلصنا دعم بعض برامجنا غير الإنسانية ولكن سنواصل تقديم الدعم المهم لمساعدة الذين هم في أمس الحاجة للدعم ولتحسين الأمن والاستقرار في هذا البلد.”
وكانت صحيفة “تايمز” قد ذكرت في وقت سابق أن محاولة تشكيل قوة شرطة مستقلة ستلغى في الشهر المقبل، في الوقت الذي تجري فيه مراجعة مشروعات تمويل المجالس المحلية، ومن المرجح وقفها بحلول نهاية السنة المالية.
وأضاف التقرير أن وزارة الخارجية وإدارة التنمية الدولية قررتا أن برامج المساعدات في المناطق الشمالية الغربية من سوريا “يتعذر استمرارها.”
وقالت الحكومة البريطانية إنها أنفقت ١٥٢ مليون جنيه إسترليني (193.85 مليون دولار) على البرامج الإنسانية في سوريا خلال السنة المالية ٢٠١٧ – ٢٠١٨.
وزادت بريطانيا مساعداتها بالإضافة إلى تزويد المعارضة السورية بالمركبات المدرعة والتدريب في ٢٠١٣.
وفي عام ٢٠١١ تبنت الولايات المتحدة سياسة تقضي بضرورة ترك الرئيس السوري بشار الأسد السلطة ولكن واشنطن وحلفائها الغربيين ومن بينهم بريطانيا عدّلوا موقفهم بعدما رأوا استعادة القوات الحكومية السورية المدعومة من إيران وروسيا الأراضي التي كانت فقدتها.
“خط أحمر” ثلاثي
٢١ آب/أغسطس
هددت الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا الثلاثاء بالرد في حال استخدم الرئيس السوري بشار الأسد الأسلحة الكيماوية في أي هجوم يشنه لاستعادة السيطرة على محافظة إدلب.
وفي بيان مشترك، أعربت هذه القوى عن “قلقها الكبير” إزاء هجوم عسكري في إدلب والعواقب الإنسانية التي ستنتج عنه.
وقالت الدول الثلاث في البيان: “إننا نؤكد أيضاً على قلقنا من احتمال استخدام آخر وغير قانوني للأسلحة الكيماوية.” وأضافت: “نبقى مصممين على التحرك في حال استخدم نظام الأسد الأسلحة الكيماوية مرة أخرى.”
وأصدرت القوى الكبرى الثلاث في مجلس الأمن الدولي هذا البيان بمناسبة مرور خمس سنوات على هجوم بغاز السارين في الغوطة، أسفر عن مقتل أكثر من ٣٠٠ شخص.
وأدى ذلك الهجوم الذي حمل الغرب قوات الأسد مسؤوليته إلى اتفاق أميركي – روسي تتخلص دمشق بموجبه من مخزونها من الأسلحة الكيماوية ووسائل إنتاج هذه المواد القاتلة.
وشنت الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا في أبريل (نيسان) غارات جوية على أهداف في سوريا رداً على هجوم بالأسلحة الكيماوية في بلدة دوما في غوطة دمشق أسفر عن عدد كبير من الضحايا. ومن المقرر أن يناقش مجلس الأمن الدولي الوضع الإنساني في سوريا الأسبوع المقبل.
روسيا “عالقة”؟
٢٢ آب/أغسطس
قال مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون إن روسيا “عالقة” في سوريا وتتطلع إلى آخرين لتمويل إعادة الإعمار بعد الحرب، واصفاً ذلك بأنه فرصة أمام واشنطن للضغط في سبيل انسحاب القوات الإيرانية من سوريا.
وتسعى الولايات المتحدة منذ تولي دونالد ترمب الرئاسة إلى فك ارتباطها بقضية سوريا حيث نشرت الإدارة السابقة بعض القوات وقدمت دعماً محدوداً لقوى كردية معارضة رغم اعتراضات من تركيا شريكة الولايات المتحدة في حلف شمال الأطلسي (ناتو).
وتفادى بولتون الرد على سؤال ما إذا كانت هذه الإجراءات ستستمر، وتصور الوجود الأميركي في سوريا على أنه يستند إلى أهداف. وقال في المقابلة: “مصالحنا في سوريا هي استكمال تدمير (داعش) والتصدي لتهديد إرهابه المستمر والقلق من وجود الفصائل والقوات الإيرانية وهذا هو ما يبقينا هناك.”
وقال بولتون إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي التقى بترمب في هلسنكي في ١٦ يوليو (تموز) أبلغ الولايات المتحدة بأن موسكو لا يمكنها إجبار الإيرانيين على مغادرة سوريا.
وأضاف بولتون : “لكنه أبلغنا أيضا بأن مصالحه ومصالح إيران ليست متطابقة تماما. لذا فمن الواضح أننا نتحدث معه بخصوص الدور الذي يمكنهم لعبه وسنرى ما يمكن لنا وللآخرين الاتفاق بشأنه فيما يتعلق بحل الصراع في سوريا. لكن الشرط المسبق الوحيد هو سحب كل القوات الإيرانية إلى إيران.”
وقال بولتون إن واشنطن تملك أوراق الضغط في محادثاتها مع موسكو لأن “الروس عالقون هناك في الوقت الحالي.” وأضاف: “ولا أعتقد أنهم يريدون أن يظلوا عالقين هناك. أرى أن نشاطهم الدبلوماسي المحموم في أوروبا يشير إلى أنهم يودون إيجاد آخرين مثلاً لتحمل تكلفة إعادة إعمار سوريا وهو ما قد ينجحون أو لا ينجحون في فعله.”
٦٣ ألف روسي حاربوا في سوريا
٢٢ آب/أغسطس
أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن روسيا أرسلت أكثر من ٦٣ ألف جندي إلى سوريا خلال مشاركتها في النزاع في ذلك البلد.
وقالت الوزارة في تسجيل فيديو عن الحملة الروسية لدعم نظام الرئيس السوري بشار الأسد منذ ٢٠١٥ أن مجموع ٦٣,٠١٢ جندياً روسياً “حصلوا على خبرة قتالية” في سوريا.
ويشمل هذا الرقم ٢٥,٧٣٨ ضابطا و٤٣٤ جنرالاً إضافة إلى ٤,٣٢٩ مختصا في المدفعية والصواريخ، بحسب الوزارة.
وصرح وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو نهاية ٢٠١٧ أن أكثر من ٤٨ ألف عسكري روسي شاركوا في الحملة في سوريا.
وفي كانون الأول الماضي أمر الرئيس فلاديمير بوتين بسحب معظم القوات الروسية من سوريا. لكن أوضح لاحقاً أن الجيش سيبقى في سوريا “طالما كان ذلك مفيدا” ولا يخطط للانسحاب بعد.
وقالت الوزارة الأربعاء إن قوات الجو الروسية قامت بأكثر من ٣٩ ألف طلعة وقتلت “أكثر من ٨٦ ألف مسلح” ودمرت ١٢١,٤٦٦ “هدفاً إرهابياً”.
وأضافت أن قواتها اختبرت ٢٣١ نوعاً من الأسلحة الحديثة في سوريا ومن بينها طائرات وأنظمة أرض جو، وصواريخ كروز وغيرها. ولم يشر تسجيل الفيديو إلى الخسائر المدنية أو العسكرية الروسية.