بواسطة Ward Maamar | سبتمبر 27, 2018 | News, غير مصنف
بعد سبع سنوات من الحرب، تضع الحكومة السورية جلّ جهدها لتدفع بالحياة الاقتصادية قدماً والتسويق لفكرة أن “الحرب على الإرهاب” قد شارفت على الانتهاء، وبأن عجلة إعادة الإعمار انطلقت، وذلك من خلال الترويج لمعرض دمشق الدولي بدورته الستين، حيث يتم تصويره على أنه فرصة ذهبية واعدة للشركات الأجنبية والعربية التي تسعى لتثبيت موطئ قدم لها في سوريا مستقبلاً.
العام الماضي أيضاً، اجتهدت الحكومة لإعادة إحياء المعرض الدولي بدورته الـ ٥٩، وقد حقق -من الناحية الإعلامية والإعلانية -جزءاً من رسالته، حيث شهد حضوراً واسعاً على مستوى الزوار المحليين، أما على صعيد المشاركة الدولية، فكان الحضور ضعيفاً على صعيد عدد الشركات الأجنبية والعربية، وطغى حضور الشركات الروسية والإيرانية على حساب الدول الأخرى، نتيجة عدم استقرار الوضع التجاري والاقتصادي في سوريا.
ساهم بذلك أيضاً، تربصّ دول عدّة بالشركات الأجنبية التي تسعى للاستثمار في سوريا والمشاركة بإعادة إعمارها، لفرض عقوبات دولية عليها، وهذا سبب إضافي يفسر ضعف مشاركة بعض الدول العربية والأجنبية.
رغم هذا، لا يمكن نكران أهمية تظاهرة معرض دمشق الدولي على الصعيد الاقتصادي في بلد أنهكته الحرب، واستخدام مسمى “تظاهرة” يرمز لكون الفعالية أشبه بفقاعة لا نتائج حقيقية لها، وبالتالي لايمكن الاكتفاء بإظهاره إعلامياً والابتعاد عن الواقع الاقتصادي المتردي الذي فرضته الحرب، فنتائج الدورة السابقة للمعرض لم تؤت ثمارها بعد.
روجت وسائل الإعلام أن المعرض شهد توقيع عقود واتفاقيات تجارية بمبالغ كبيرة، ولكن حقيقة الأمر تقول بأن الجناح الذي حقق نتيجة اقتصادية من المعرض بنسبة ضئيلة هو جناح تصدير المنتجات الزراعية السورية.
رغم هذا فإن قضية تصدير المنتجات الزراعية السورية تواجه العديد من التحديات، فقد سبق لروسيا أن رفضت سابقاً استقبال شحنات من الخضار والفواكه السورية لعدم مطابقتها للمواصفات القياسية، إضافة لمشكلة تأمين وسيلة نقل وممرات شحن دائمة قادرة على إيصال البضائع السورية للأسواق المُستهدفة.
إن الترويج الوهمي للتوقيع على اتفاقيات تجارية، لا يمكن أن يؤتي بنتائج سليمة وإيجابية، خاصة في حال غياب انعكاس هذه الاتفاقات على الاقتصاد المحلي، وسهولة اكتشاف حقيقية الأمر من خلال تتبع مؤشرات التصدير والاستيراد، الذي ينعكس أيضاً على سعر صرف العملة السورية والتي تبلغ اليوم قرابة ٤٦٠ ليرة مقابل الدولار في السوق السوداء، أما سعر الصرف الرسمي فمازال ٤٣٠ ليرة وفق نشرة البنك المركزي السوري.
اقتصادياً يمكن إجراء مقارنة بين الأرقام التي تصرح بها الحكومة السورية وبين الأخرى الحقيقية مع الأخذ بالعلم أن لا بيانات اقتصادية متوافرة بشكل دقيق خلال الحرب.
يحتاج المستثمر الأجنبي للاستقرار الاقتصادي ولقوانين وتشريعات استثمارية تحاكي المرحلة الحالية، لكن تأخر إصدار التشريعات -خاصة قانون الاستثمار الجديد- يؤكد أن الرؤية الاقتصادية لسورية يشوبها الغموض، في حين يصر القائمون على الاقتصاد على طرح أفكار ومشاريع اقتصادية تكشف حجم الانفصام عن الواقع المعيشي والمالي لسورية.
وفي ظل الحديث عن ضرورة التوصل لعملية انتقال سياسي متفق عليها من قبل جميع الأطراف الدولية، يصبح الحديث عن تعافي الاقتصاد السوري وانطلاق عملية إعادة الإعمار هو ضرب من الخيال، فالحرب لم تنته بعد ومازال الشمال الشرقي لسورية في حال صراع بين المكونات السورية والكردية وقوات التحالف الموجودة، عدا عن ملف محافظة إدلب التي مازال مصيرها مجهولاً.
بواسطة فدوى العبود | سبتمبر 27, 2018 | Culture, Roundtables, غير مصنف
لم تتزوج أسماء كما أنها لم تُعشق، ورغم جمال وجنتيها وعذوبة نظراتها ورموشها الطويلة لم يستطع أحد أن يلحظ وردة النار في داخلها تلك الوردة الخفية التي ما إن يراها أحدهم حتى يقع في غرامك.
يعبر الشبان من أمام البيت و تثقل خطواتهم وهم ينظرون نحوها بشفقة وفضول. في كل مساء كانت تقف إلى النافذة، تراقب الفتيات الشرهات للحياة وهن عائدات من مواعيدهن السريّة ويحملن بين أيديهن علب الهدايا المغلفة بورق السوليفان البراق تزينه نجوم ذهبية تلمع تحت ضوء المصابيح الخافتة، لم تكن تستطيع سماع ثرثرتهن لكن الشفاه الملونة والباسمة كانت تفوح بالفرح وكان باستطاعتها أن تشم رائحة الفرح عن بعد….
في الليل وحين تتمدد في فراشها تقضي الوقت وهي تحاول أن تخمن ما يوجد بداخل العلب، وبين حين وآخر تحدث لها رؤيا، وهي أن هديتها تأخرت لكنها ستأتي ذات يوم. كان ذلك قبل أن تغلق والدتها النافذة بمسامير ضخمة وقبل أن يثقب رصاص الحرب جدران البيت وقلوب أخوتها الثلاثة….
لكن الحرب لم تستطع برغم شراستها أن تنسيها حلمها، ولم يكن العالم كله ليروي هذه الرغبة السريّة في داخلها بأن تمتد يد محبة، يد قوية حنونة ودافئة إليها ذات يوم بهدية صغيرة، أي هدية.
في طفولتها المبكرة كانت تجلس في أحضان جدتها أمام مسكبة الورد، وتستمع لحكاياتها. الجدة المولعة بفلسفة كل شيء من الألوان حتى براز القطط قالت لها: إذا أهداك الرجل عطراً يعني ذلك أنه سيفارقك، العطر اعتذار يا صغيرتي وعندما يهديك الرجل عطراً فهذا يعني أنه يستعد لمفارقتك.
تتنهد ثم يهيم نظرها في الفراغ: جدك قبل أن يهرب مع تلك الساقطة اشترى لي عطراً. فسكبته في قن الدجاج. كانت الدجاجات نائمات بعدها تركهن الديك وركض نحو دجاجات الجيران فالرجال تجذبهم رائحة العفونة….
والدي أهدى أمي قطعة ذهب هل يعني ذلك أنه سيذهب؟ تسأل أسماء
آآآآه الذهب تأخذ العجوز نفساً وترميه بحسرة وتتابع، الذهب يقول: أنت جوهرتي الثمينة.
تبحث الصغيرة بعينيها في المكان، فترى قطة رمادية تخمش بمخالبها جذع شجرة الجوز.
وإذا أهداني قطة؟
ترمقها الجدة بعينيها اللتين تبرزان كخرزتين غرستا في صحن عجين، فتضحك وتسأل: والوشاح؟
آه الوشاح بحد ذاته حكاية يا أسماء، تقول الجدة المولعة بالألعاب اللغوية مستعيرة جملة من نشيد الإنشاد: الوشاح يعني اعقدني على نبضك، والثمني بشفتيك وامسح دموعك بي.
بعد عدة أسابيع ماتت الجدة، لم تحتمل الصغيرة أول فراق، بكت كثيراً ثم أصيبت بالحمىّ، ونامت لأيام طويلة وظن الجميع أنها ميتة، وحين استيقظت أخبرت أمها -التي كانت تنتحب بجانبها وتهزها مثل دمية – بأنها رأت في حلمها الكثير من الهدايا وأن ملكاً وسيماً أهداها قرطين، لكنهما كانا ثقيلين فتمزقت أذناها وسقطتا.
كانت تمضي الليالي الباردة وهي تفكر في أنواع الهدايا تقف قبالة نافذتها وتراقب العابرين بوجوههم الهلعة… يلوح لها البعض طالبين منها أن تدخل رأسها فلا تفعل، تجرها أمها وتغلق الباب، وهي تلعن حظها بعد ذلك أحضرت مطرقة واقفلت النافذة بالمسامير.
في الساعات القليلة التي ترى فيها البلدة الكهرباء يتسمر الناس إلى قنوات تحكي عنهم وعن موتاهم، يبكون سلامهم الماضي، ويتحسرون على شهدائهم. يمتلؤون بغيظ لا يعرفون أين يرمونه. في وجوه الزوجات؟ أم على وجوه من بقي حياً من أبنائهم؟
تقلب أسماء في القنوات، لا تعنيها قصص الموت. جربته مرة وكفى، جربته بقوة ولم تستيقظ من وجعه بعد. لا تعنيها صور الدبابات ولا القنابل فهي غارقة في عالم لا تعكره حروب ولا إطلاق رصاص… تقلب في المحطات ولا تتوقف إلا إذا لمحت هدية أو شاباً وسيماً. فوجه شاب جميل يعني وعد بقصة حب.
حين أطبق الحصار على البلدة، نفذت المؤن ولم تعد ترى في أيدي الفتيات أي هدايا فقط مناديل ملونة يربطنها على أيديهن وهي تذكرهن بحبيب بعيد أو ناكث للعهد فالذي يموت أو يقع أسيراً، هو ناكث لعهده في عرفهن مثله مثل الذي يتخذ حبيبة أخرى. وبينما يفكر الناس في الخبز وفي الطعام، كانت تفكر بهدية.
ذات مساء سمعت طرقات على الباب، حاولت النهوض وسبقتها والدتها، أطلت الأم برأسها ونادت باسمها مرتين وهي تبتسم. منذ زمن لم تسمع اسمها دافئاً في فم والدتها. منذ زمن لم تر ابتسامتها…
تبعت والدتها التي نظرت نحوها بلطف، كانت نظرات أمها أقل شراسة مما هي عليه وأكثر دفئاً، تركت الباب موارباً وغمزت بعينها واختفت، من خلف الباب حياها صوت ذكوري قوي: مرحباً يا أسماء.
أطلت برأسها من الباب الموارب وحدقت في وجهه… لم يستطع الغروب أن يخفي جمال العينين العشبيتين والابتسامة المشرقة، أثارت رؤياه دموعها لكنها حبستها، ودون ان تفتح شفتيها سألته: تعرف اسمي؟ منذ زمن بعيد.
مد يده إلى صندوق ضخم، وأخرج منه علبة ملفوفة بورق أحمر برّاق وقال لها: هذه من الملك.
– من الملك؟
– نعم وأنا حارسه الشخصي.
تناولت الهدية وفي هذه اللحظة عانقته وأخذت تنتحب، أبعد يديها برفق، قبل جبينها ومضى، أغلقت الباب وقرفصت، نزعت الشريط اللامع عندها تبخر كل شيء… كانت أمها تهزها بعنف.
جلست وحدقت حولها، بين يديها ثم نظرت أرضاً فلم تجد أي شيء. شعرت أنها ضحية خدعة كبيرة فالحلم والرائحة كل ذلك كان حقيقياً، وهذه الأصوات والجوع وأمها الهزيلة مجرد حلم… لم تستطع نسيان ذراعي الشاب ولا رائحة صدره الذي يفوح منه أريج خشب الصنوبر.
سالت دموعها المالحة فوق وجنتيها ومرت فوق شفتيها وتابعت حتى ذقنها ورقبتها … كانت الدموع كل ما تبقى من الحلم .
شعرت بعداوة لأمها وظلت ليومين متتاليين تحاول تخمين نوع الهدية.
لو كانت تركتها نائمة ريثما تفتحها.
هل هي علبة عطر؟ أم وشاح؟
ربما ياقوت أو حجر تزين به عنقها؟ ربما حذاء! أو… ورود هذا مستبعد لسببين: الورود لا توضع في علب مغلقة. والثاني أن الملوك لا يهدون وروداً للرعية….
اشتد الحصار ونفذت مؤن الناس، واشتدت أصوات المعارك الدائرة، على أطراف البلدة لكنها كانت في عالم آخر، كانت تأوي للنوم مبكرة علهّا تلتقيه مرة أخرى، أو على الأقل تتابع فتح الهدية، حتى تعرف ماهي. كانت تتمنى أن يكتمل الحلم من حيث توقف، لكن ذلك لم يحدث.
ذات مساء كانت فوق سطح البيت، حين رأت سيارة صغيرة تقف أمام البيت، ويترجل منها الشاب ذاته، عرفته من قميصه الأبيض، نزلت الدرجات مسرعة ووجيب قلبها يصل أذنيها، ثم فتحت الباب .
كان هو بعينيه العشبيتين، وذراعيه اللتين لوحتهما الشمس، ورائحة خشب الصنوبر حدق فيها بغرابة توازي الغرابة التي رمقته بها وقال: كيف حالك يا أسماء؟
-إنك تعرف اسمي.
– منذ زمن.
قالت في سرها: هذه أول مرة أسمع بها اسمي منذ سنوات.
-أرسل لك الملك هدية، قال الشاب
– من الملك؟ انفلتت الكلمات بدهشة وفرح.
أتت والدتها راكضة نحو الباب وهي تنظر لوجه الشاب الممتعض.
قالت معتذرة: إنها صمّاء.
-أحاول سؤالها عن عددكم في البيت لكنها تقول كلاماً غريباً.
– أصابتها حمى في العاشرة، ثم فقدت سمعها لكنها ليست بلهاء. نحن ثلاثة قالت الأم محتسبة القط الهزيل روكي الذي يتمدد فوق السطح بتعب.
حدق الشاب ذو العينين العشبيتين في وجهها، وبانت عليه علامات الأسف.
مضى إلى السيارة ثم عاد وأحضر علبة كبيرة، رماها على الباب مثل جثة وغادر تبسمت الأم وحملت العلبة بفرح، أحضرت سكيناً وفتحتها وكادت تزغرد وهي تنثر محتوياتها. فوق أرضية الغرفة ثم أخذت تحصي علب المرتديلا والمعكرونة والرز الرديء بصوت عال.
أسماء تابعت التحديق في الكرتونة الكبيرة المرمية ، كانت هناك ورقة زرقاء كبيرة كتب فوقها بخط بارز: مخصص للاجئين السوريين.
بواسطة Syria in a Week Editors | سبتمبر 24, 2018 | Media Roundups, Syria in a Week, غير مصنف
إدلب…”الجهاد” في التفاصيل
(تحليل صالون سوريا)
٢٤ أيلول/ سبتمبر
تضمن الاتفاق الروسي – التركي حول إدلب تحديات وعقداً أمام تنفيذه؛ وإن كانت فيه إيجابيات، ما يدفع إلى الاعتقاد بأن اتفاق سوتشي لن يسهم سوى في استقرار الوضع في إدلب لبضعة أشهر لأنه لا يعدو كونه تأجيلاً للمعركة وليس منعها.
الاتفاق الذي أعلن بعد لقاء الرئيسين فلاديمير بوتين ورجب طيب إردوغان في سوتشي في ١٧ سبتمبر/أيلول الحالي، تضمن ١٠ نقاط بينها: إبقاء منطقة خفض التصعيد بموجب اتفاق آستانة في مايو (أيار) الماضي، وتحصين نقاط المراقبة التركية الـ١٢، ومنطقة منزوعة السلاح بعمق ١٥ – ٢٠ كيلومتراً، والتخلص من جميع الجماعات الإرهابية في هذه المنطقة في ١٥ من الشهر المقبل بعد سحب السلاح الثقيل من هذه المنطقة قبل ١٠ من الشهر المقبل. كما نص على قيام الجيشين الروسي والتركي بتسيير دوريات مشتركة في المنطقة الآمنة، إضافة إلى “ضمان حرية حركة السكان المحليين والبضائع، واستعادة الصلات التجارية والاقتصادية”، وفتح طريقي حلب – اللاذقية وحلب – حماة قبل نهاية العام.
لكنه تضمن كثيرا من النقاط الغامضة، لذلك فإن هناك اعتقادا بأن “الشيطان لا يزال في التفاصيل”:
١- كيفية “التخلص” من المتطرفين من المنطقة الآمنة، خصوصاً أن هذا يجب أن يتم خلال أسبوعين أو ثلاثة أسابيع. هل هذا سيتم بـ”الفصل” أم بـ”التهجير” أم بـ”العمل العسكري” ومن سيقوم به؟
٣- صعوبة الفصل بين “هيئة تحرير الشام” التي تضم “فتح الشام” (النصرة سابقا) التي تضم نحو ١٠ آلاف عنصر و«”لجبهة الوطنية للتحرير” التي تضم ٣٠ ألفا، إضافة إلى أن “هيئة التحرير” رفضت الاتفاق وانتقدت تركيا وشبهت موقف أنقرة في إدلب بموقف الأمم المتحدة في سريبرينيتشا التي تعرضت لمجزرة في التسعينات. وهناك صعوبة في الفصل بين المقاتلين الأجانب المحسوبين على “القاعدة” الذين يزيد عددهم على ألفين، وباقي المقاتلين السوريين.
٣- إحدى الأفكار المطروحة نقل رافضي التسوية من “المنطقة الآمنة” إلى مناطق النفوذ التركي شمال سوريا واحتمال نقل آخرين إلى مناطق كانت ذات أغلبية كردية، لكن كيف سيتم تنفيذ هذا عمليا خلال فترة قصيرة؟
٤- تضمنت الخطة فتح الطريقين الرئيسيين بين حلب وحماة وبين حلب واللاذقية. من سيحمي الطريقين؟ من سينشر نقاط التفتيش؟ ينطبق هذا على نقاط “التجارة” بين مناطق المعارضة في إدلب ومناطق الحكومة.
٥- ستعود السيادة السورية رمزيا إلى الشمال بما في ذلك العلم وبعض المؤسسات، لكن ماذا عن الوجود العسكري لدمشق؟
٦- يعتقد باحتمال شن الجيشين التركي والروسي ودول أخرى معارك ضد المتطرفين في حال رفضوا التسوية، خصوصاً أن موسكو لديها خطة للقضاء على ألفي مقاتل أجنبي، كيف سينعكس ذلك على وضع باقي الفصائل المعارضة؟ ما رد الفصائل الإسلامية؟
الجيشان الروسي والتركي واصلا التشاور وتبادل المعلومات الأمنية. كما أرسلت تركيا تعزيزات ووحدات خاصة الى نقاط المراقبة الـ ١٢ شمال سوريا، إضافة الى احتمال تنفيذ اغتيالات غامضة.
تنفيذ الاتفاق يشكل اختبارا دائما بين موسكو وأنقرة، لكن في الوقت نفسه فإن دمشق وطهران تراهنان على فشل خيار التسوية للعودة إلى الحل العسكري وجر موسكو إلى الحسم العسكري كما حدث في تجارب سابقة… والعودة إلى معركة إدلب المؤجلة.
وقال يان إيغلاند، رئيس بعثة الأمم المتحدة للعمل الإنساني في سوريا بجنيف: “هذا ليس اتفاق سلام. إنها صفقة تبعد حرباً شاملة”. وتابع: “أرى احتمالاً كبيراً لاندلاع كثير من المعارك. نشعر بالقلق حيال المدنيين في هذه المناطق، لذا، فإن الأمر لم ينته بعد.”
شرعنة دولية لصفقة سوتشي
٢١ أيلول/سبتمبر
قال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان إن تركيا طلبت من فرنسا “دعم” الاتفاق الروسي – التركي حول محافظة إدلب السورية في مجلس الأمن، ذلك بحسب مقابلة مع صحيفة “لوموند” نشرت السبت.
واعتبر وزير الخارجية الفرنسي الذي تشغل بلاده مقعدا دائما في مجلس الأمن أن “التحذيرات والضغوط التي مارسناها في مواجهة خطر حصول كارثة إنسانية وأمنية (في إدلب) كانت مفيدة.”
وشدد على أهمية الدور الذي لعبته فرنسا خصوصا بعد فشل الدول الراعية لمحادثات أستانة في التوصل لاتفاق في قمة طهران وأشار إلى “مطالبة تركيا فرنسا بالتحرك في مجلس الأمن لدعم الاتفاق (الذي توصل إليه الرئيس التركي رجب طيب اردوغان) مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حول إدلب.”
وكان الرئيسان الروسي والتركي أعلنا، عقب قمة في منتجع سوتشي الاثنين الماضي، الاتفاق على إقامة “منطقة منزوعة السلاح” في إدلب اعتبارا من ١٥من تشرين الأول/أكتوبر، ما من شأنه إبعاد شبح هجوم النظام السوري على المحافظة التي يسكنها نحو ثلاثة ملايين نسمة.
وكان النظام السوري استقدم في الأسابيع الأخيرة تعزيزات إلى تخوم إدلب المحاذية لتركيا في حين قُتل عشرات المدنيين جراء قصف القوات السورية للمنطقة وغارات سلاح الجو الروسي، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان. وتحذّر منظمات أممية وإنسانية من أن هجوم النظام السوري سيتسبب بـ”حمام دم” في إدلب وبـ”أسوأ كارثة إنسانية” في القرن الحالي.
وأعلن مصدر دبلوماسي فرنسي أن الاتفاق التركي – الروسي قد يتم تبنيه “بواسطة قرار في مجلس الأمن أو بيان” صادر عنه، مضيفا أن الأمر “قيد” البحث في نيويورك. وتعقد الأمم المتحدة الأسبوع المقبل جمعيتها العامة الثالثة والسبعين في نيويورك حيث يتوقع أن يطغى موضوع إدلب على النقاشات.
الأسد بين برقيتين للتعزية
١٩ أيلول/سبتمبر
وجه الرئيس السوري بشار الأسد الأربعاء برقية تعزية لنظيره الروسي فلاديمير بوتين بعد يومين من إسقاط الطائرة الروسية في البحر المتوسط، لكن بعث برقية تعزية للرئيس الإيراني حسن روحاني بعد ساعتين من هجوم مسلح في الأحواز.
وجاء في البرقية الأولى التي نشرتها وكالة الأنباء السورية (سانا) “أتوجه باسمي وباسم الشعب السوري إليكم وإلى الشعب الروسي الصديق بأحر التعازي في حادثة سقوط الطائرة العسكرية الروسية من طراز (أل20) في مياه البحر المتوسط، ما أدى الى مقتل العسكريين الروس الأبطال الذين كانوا يقومون بمهامهم النبيلة، مع رفاقهم في القوات العسكرية الروسية في مكافحة الاٍرهاب في سورية.”
وأضاف “أن هذه الحادثة المؤسفة هي نتيجة للصلف والعربدة الإسرائيلية المعهودة، والتي دائما ما تستخدم أقذر الوسائل لتحقيق أهدافها الدنيئة وتنفيذ عدوانها في منطقتنا”. وتابع الأسد “نحن على أتم الثقة أن مثل هذه الأحداث المفجعة لن تثنيكم وتثنينا عن مواصلة مكافحة الإرهاب.”
وكانت الدفاعات الجوية السورية أسقطت طائرة عسكرية روسية على متنها ١٥ عسكريا روسيا خلال التصدي للقصف الجوي الاسرائيلي ليل الاثنين الماضي قبالة مدينة اللاذقية على الساحل السوري. وفي ٢٢ أيلول، جاء في برقية تعزية لنظيره الإيراني “إنني إذ أعبر لكم وللشعب الإيراني الصديق باسمي شخصياً وباسم شعب الجمهورية العربية السورية عن أحر التعازي بوقوع ضحايا أبرياء فإننا أيضاً ندين وبأشد العبارات هذا العمل الإرهابي المجرم والجبان. “وأشاد الأسد بوقوف إيران “ضد الإرهاب في سوريا.” وأعرب عن أمله في أن “يفهم داعمو الإرهاب وممولوه ومشجعوه أن هذا الخطر يهدد الأسرة الانسانية جمعاء في كل مكان ونهيب بهم أن يراجعوا مواقفهم.”
وأوقع الهجوم، الذي تبناه “داعش” وتجمع أحوازي عربي واستهدف عرضاً عسكرياً في مدينة الأهواز في جنوب غرب إيران، ٢٩ قتيلاً بينهم نساء وأطفال فضلاً عن أكثر من ٥٠ جريحاً، وفق حصيلة رسمية. ووقع الهجوم في اليوم الوطني للقوات المسلحة التي تحيي في ٢٢ أيلول من كل عام ذكرى إعلان بغداد الحرب على طهران (١٩٨٠-١٩٨٨).
“حرية التحرك” بمظلة روسية
٢١ أيلول/سبتمبر
أكد مسؤول عسكري إسرائيلي الجمعة أن القواعد العملانية المتفق عليها مع روسيا في سوريا لا تزال كما هي بعد مقتل ١٥ جنديا روسيا أسقطت طائرتهم مساء الاثنين، ملمحا إلى أن إسرائيل تحتفظ بحرية التحرك في الدولة المجاورة.
وقام وفد إسرائيلي برئاسة قائد سلاح الجو الجنرال أميكام نوركين الخميس بزيارة إلى موسكو في محاولة للتهدئة وتوضيح ملابسات إسقاط الدفاعات الجوية السورية عن طريق الخطأ طائرة حربية روسية أثناء تصدّي القوات السورية لغارة جوية إسرائيلية.
وأفاد بيان للجيش”شدد الجانبان على أهمية المصالح الوطنية والإقامة الدائمة لنظام عدم التصادم”، في إشارة إلى المعلومات المتبادلة بين البلدين للحد من مخاطر الحوادث الجوية. من جهته، صرح رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتانياهو أنه أرسل الجنرال نوركين إلى موسكو من أجل “الإبقاء على التعاون بين بلدينا” بين أمور أخرى.
وأعلنت وزارة الدفاع الروسية الثلاثاء أن الدفاعات الجوية السورية أسقطت مساء الاثنين طائرة روسية من طراز “إيل-20 بينما كانت تحلّق فوق البحر الأبيض المتوسط على بعد ٣٥ كلم من الساحل السوري في طريق عودتها إلى قاعدة حميميم في محافظة اللاذقية. وأفاد الجيش الإسرائيلي في بيان أن الجنرال نوركين عرض “تقرير الحالة لتلك الليلة (…) بما يتعلّق بكل جوانبها.”
وكانت وزارة الدفاع الروسية اتهمت الطيارين الإسرائيليين في مرحلة أولى بأنهم “جعلوا من الطائرة الروسية غطاء لهم، ووضعوها بالتالي في مرمى نيران الدفاع الجوي السوري.” لكن إسرائيل نفت ذلك وأكد الجيش أن الطائرة الروسية كانت بعيدة عن مواقع القوات السورية المستهدفة بالغارات الإسرائيلية، مشيرا إلى أنه “عندما أطلق الجيش السوري الصواريخ التي أصابت الطائرة، كانت المقاتلات (الإسرائيلية) عادت إلى المجال الجوي الإسرائيلي.”
وخفض بوتين من جانبه من حدة النبرة فأعلن وفق بيان صادر عن الكرملين أن “الأمر مرده على الأرجح سلسلة ظروف عرضية مأسوية” و”حض الجانب الإسرائيلي على عدم السماح بحدوث مثل هذا الأمر مرة أخرى.” وتعدّ روسيا من أبرز حلفاء الأسد، وتقدّم له منذ بدء النزاع في العام ٢٠١١ دعماً دبلوماسياً وسياسياً واقتصادياً واسعاً. كما ساهم تدخّلها العسكري منذ ثلاثة أعوام في استعادة دمشق زمام المبادرة ميدانياً على جبهات عدة.
وفي بادرة نادرة، أقر الجيش الإسرائيلي في بيان بتنفيذ الغارة مؤكدا استهداف منشأة للجيش السوري بينما كان يتم منها تسليم أنظمة تدخل في صناعة أسلحة دقيقة إلى حزب الله اللبناني. ورد حزب الله فأعلن أمينه العام حسن نصر الله في خطاب متلفز ليل الأربعاء “ليس صحيحاً أن ما يُقصف في سوريا هو ما يراد نقله إلى حزب الله في لبنان” متّهماً إسرائيل بـ”الكذب” و”العمل على منع سوريا من امتلاك قدرات صاروخية.”
وأقرّت إسرائيل هذا الشهر بأنّها شنّت مئتي غارة في سوريا في الأشهر الـ١٨ الأخيرة ضدّ أهداف غالبيتها إيرانية، في تأكيد نادر لعمليات عسكرية من هذا النوع. وقصفت مراراً منذ بدء النزاع في سوريا عام ٢٠١١، أهدافاً للجيش السوري وأخرى لإيران وحزب الله.
وقال مسؤول إسرائيلي: “ليس هناك تغيير في آلية عدم الاشتباك (بين إسرائيل وروسيا) إثر هذا الحادث المؤسف. إن آلية عدم الاشتباك والإجراءات العملانية بيننا وبين الجيش الروسي تبقى قائمة ولم تتغير.” يرمز مصطلح “عدم الاشتباك” إلى تبادل المعلومات بين البلدين وخفض مخاطر التصادم.
وكانت هذه الالية تقررت بين إسرائيل وروسيا عام ٢٠١٥ مع بدء تدخل القوات الروسية إلى جانب القوات السورية لتجنب الصدام بين الجيشين الروسي والإسرائيلي في سوريا. لكن هذا التنسيق شهد أخطر حادث ليل الاثنين عندما أطلقت الدفاعات السورية إثر غارة إسرائيلية على منشأة عسكرية النار وأصابت طائرة استطلاع روسية عن طريق الخطأ ما أدى الى مقتل أفراد طاقمها الخمسة عشر.
حزب الله باق “حتى إشعار آخر”
١٩ سبتمبر/أيلول
أكد الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله الأربعاء أن مقاتليه باقون في سوريا “حتى إشعار آخر”، رغم هدوء الجبهات بعد التوصل الى الاتفاق الروسي- التركي بشأن محافظة إدلب، المعقل الأخير للفصائل المعارضة. ونفى نصرالله، من جهة ثانية، ما أعلنته اسرائيل عن استهدافها قبل يومين في مدينة اللاذقية منشأة للجيش السوري أثناء نقل أنظمة أسلحة الى حزبه في لبنان، متهماً إياها بـ”الكذب”.
وفي خطاب متلفز أمام الآلاف من مناصريه في الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل حزبه، عشية إحياء ذكرى عاشوراء، قال نصرالله “نحن باقون هناك حتى بعد التسوية في إدلب والهدوء في إدلب (…) باقون هناك حتى إشعار آخر.”
وأوضح أن “هدوء الجبهات وتراجع التهديدات سيؤثر بطبيعة الحال على الأعداد (المقاتلون) الموجودة” لافتاً في الوقت ذاته الى أن ارتفاع العدد أو انخفاضه مرتبط “بالمسؤوليات وبحجم التهديدات والتحديات.” ويقاتل حزب الله المدعوم من إيران، بشكل علني منذ العام ٢٠١٣ إلى جانب الجيش السوري. وساهم تدخله في حسم العديد من المعارك لصالح دمشق. ويقدّر المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل ١٦٦٥ عنصراً من حزب الله في سوريا.
تأتي تصريحات نصرالله بعد يومين من اتفاق روسي تركي على إقامة منطقة “منزوعة السلاح” في محافظة إدلب في شمال غرب سوريا، في خطوة ستجنّب المنطقة هجوماً واسعاً لوحت به دمشق منذ أسابيع. وقال نصرالله تعليقاً على الاتفاق “ما جرى خطوة على إمكانية الحل السياسي وهذا بحد ذاته أمر جيد ومقبول ومرهون بالنتائج والتطبيق الدقيق لبنود الاتفاق.”
وأضاف “بناء على تسوية إدلب، إذا سارت الأمور ونُفذت بالشكل المناسب، نستطيع أن نفترض أن سوريا ستذهب الى هدوء كبير ولن تكون هناك عملياً جبهات قتال فعلية.” واستعادت قوات النظام السوري بدعم من حلفائها مناطق واسعة في سوريا خلال العامين الأخيرين، وباتت تسيطر على نحو ثلثي مساحة البلاد.
من جهة ثانية، اتهم الأمين العام لحزب الله إسرائيل بأنها “تعمل على منع سوريا من امتلاك قدرات صاروخية” على خلفية القصف على مدينة اللاذقية الساحلية ليل الاثنين. وقال “ليس صحيحاً أن ما يُقصف في سوريا هو ما يراد نقله إلى حزب الله في لبنان” رداً على إعلان الجيش الإسرائيلي الثلاثاء أن مقاتلاته هاجمت منشأة للجيش السوري في اللاذقية أثناء تسليمها أنظمة تدخل في صناعة أسلحة دقيقة الى حزب الله.
وأقرّ نصرالله في خطابه الأربعاء بأن الضربات الإسرائيلية “في بعض الأماكن لها علاقة بنقل السلاح”. لكنه قال إن “العديد” منها “لا علاقة لها بهذا الموضوع نهائياً”، مؤكداً أن إسرائيل “تمنع قيام جيش سوري وقوة حقيقية عسكرية” في سوريا.
بواسطة Arwa Ghassan | سبتمبر 21, 2018 | Cost of War, غير مصنف
“لا تعيدوني إلى وطني” يقول ملايين اللاجئين السوريين، ممن يرفضون العودة إلى بلدهم، أو يخافون إجبارهم عليها، وخاصة مع إصرار موسكو وسعيها لإقامة ما تسميه “بمراكز إيواء النازحين واللاجئين”، يترافق ذلك مع إحراز النظام السوري تقدما عسكريا كبيرا، واليأس من التوصل إلى أي حل سياسي. طرحت روسيا-في محاولة لتثبيت انتصارها وحلفائها في سوريا ورقة العودة خلال قمة “هلسنكي” الثنائية التي جمعت ولأول مرة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع نظيره الأمريكي دونالد ترامب.
واستمرت المحاولات بعد “هلسنكي”، فموسكو تبذل كل ما بوسعها لحث الدول المستضيفة للاجئين على إعادتهم إلى سوريا، مما بات مصدر قلق للكثير من السوريين، خصوصاً مع تجاوب لبنان والأردن، وعزم كل من موسكو وباريس وبرلين وأنقرة على تشكيل تحالف جديد يضع نقاش إعادة اللاجئين السوريين كأولوية انطلاقه.
ورغم أن سوريا ترأست هذا العام قائمة الدول الأخطر في العالم وفق مؤشر السلام العالمي، إلا أن روسيا مازالت تكرر تصريحات الأمن والأمان المنتشرين في سوريا، وفق رؤيتها. فإلى أي وطن يطلبون من الناس العودة؟
المُهّجرون السوريون يكتبون قصائد الشوق والحنين لمدنهم وبلداتهم، مستذكرين أجمل ذكرياتهم فيها ولكن هل يكون السوري شاعرياً لهذه الدرجة ويخاطر بمستقبله لأجل حنينه؟
الناشطة مي الحمصي التي تعيش حالياً في ولاية غازي عينتاب على الحدود السورية التركية تقول: “أشتاق جداً لمدينتي حمص وأتمنى العودة لها، ولكن طالما النظام موجود، فالأمر مستحيل، لأن ذلك يخالف مبادئي الثورية، لماذا أعود لحكم الديكتاتور وأنا التي خرجت في المظاهرات ضده، مشينا خطوة كبيرة للأمام ولا نستطيع العودة؟” وتضيف الحمصي “النظام عزز الانقسام بين أبناء الشعب السوري، لا أعتقد أني أستطيع العيش أو التعامل مع أشخاص مؤيدين للنظام.”
وتوافقها بالرأي الصحفية السورية زينة إبراهيم التي تعيش أيضاً في تركيا، تقول إبراهيم “التجاوزات الحاصلة في سوريا عززت موضوع رفض العودة لدى الكثيرين وخاصة في ظل التغيير الديموغرافي الذي دخل باللعبة، فسكان المناطق الأصلية نزحوا وتم توطين أناس جدد.”
وتؤكد ابراهيم “لا أفكر بالعودة على الإطلاق، قبل أن يتم التوصل إلى حل نهائي للحرب السورية، في الوقت الحالي الأمان الجسدي غير موجود فمن الممكن أن يتم تهديد المواطن بالاعتقال أو القتل، كذلك الأمان المادي غير موجود بسبب انهيار الليرة السورية ما أثر بشكل سلبي على المعيشة، فضلاً عن ندرة فرص العمل.”
اختلفت الأولويات اليوم بالنسبة للاجئين، فبينما كان أغلبهم يحلم بالعودة، خلال السنوات الأولى من انطلاقة الثورة، غيّر الكثيرون رأيهم اليوم، ساهم بهذا الانتظار الطويل، والدمار والتعقيدات التي جعلت الحياة الطبيعية في سوريا شبه مستحيلة، فتحول حلم العودة في أذهان الكثيرين لكابوس.
مفتاح المنزل الذي نقله كثيرون في رحلة لجوئهم الصعبة مع أثمن ممتلكاتهم، بات رمزاً ليس إلا، يعلقه العديدون اليوم على أبواب خيبتهم، وخاصة بعدما شاهد معظمهم ركام بيوتهم، وتأكدوا بأم أعينهم عبر الفيديوهات المنتشرة على اليوتيوب ومواقع التواصل الاجتماعي، أن لا باب لهم هناك ولا بيت.
إذا أين سيقيم العائد إلى الوطن؟ غرفة مستأجرة قد تكلفه أكثر من مائة ألف ليرة سورية، فيما تبلغ قيمة راتبه الشهري ثلاثين ألف ليرة سورية، فإلى ماذا يعود؟
تعاني البلاد اليوم من أوضاع معيشية متدهورة، تفتقر إلى مقومات الحياة الأساسية من كهرباء وماء، بالإضافة إلى غلاء الأسعار وتدني متوسط دخل الفرد لحوالي ستين دولار شهرياً فقط، وذلك حسب تقارير عالمية أشارت أيضاً إلى أن القدرة الشرائية في سوريا شهدت انهياراً كارثياً، حيث وصلت العام الماضي إلى ١٤ بالمئة فقط.
حسام زكية الذي يعمل حالياً كمترجم في برلين قال إنّ موضوع العودة إلى سوريا غير مطروح ضمن خياراته في الوقت الحالي، لاسيما أنه قام بتأسيس شبكة تقوم بأعمال الترجمة من اللغة العربية إلى الألمانية، وهو مندمج بالمجتمع الجديد، أما إذا عاد إلى سوريا، في ظل استمرار النظام، فإنه مُعرّض للبطالة، والخطر في ظل عدم استقرار الأوضاع أمنياً، هذا فضلاً عن أن بيته الذي كان يقع في حي التضامن في دمشق، تعرّض للقصف، ونزح أغلب سكان الحي من المنطقة.
وأدى استمرار السطوة الأمنية على سوريا، لجعل التفكير في زيارتها حتى أمراً خطيراً على الكثير من الراغبين بذلك، فقوائم المطلوبين للفروع الأمنية والتي تُسرب للإنترنت تضم مئات الآلاف من الأسماء عدا عن قوائم المطلوبين لأداء الخدمة العسكرية.
أيمن مسلم الذي يعمل في مجال الإعلام في هولندا يقول إن “العودة أمر غير وارد حالياً بسبب الأوضاع الأمنية غير المستقرة، والأهم من ذلك لا يوجد ضامن حقيقي يؤكد عدم التعرّض للاعتقال حين العودة، خاصة مع تواجدي في أوروبا كصحفي منذ ما يزيد عن أربع سنوات، النظام لن يغض الطرف عن هذا الموضوع واحتمالية الاعتقال ستكون كبيرة.”
المعتقلة السابقة أميرة طيار والتي تعيش حالياً في ولاية قيصري التركية، تقول أيضاً أنها لا تفكر بالرجوع إلى سوريا “أبدا”، مضيفة “لم يتبق أحد من عائلتي، ابني شهيد تحت التعذيب، وزوجي كذلك الأمر، هل سأعود لوطن لم يتبق لي أحد به؟ كما أن النظام حاقد على جميع المعتقلين السابقين الذين يعارضونه الرأي، ولن يوفر الفرصة لاعتقالهم من جديد.”
يوافقها وائل المصري الذي يعمل في مجال الاتصالات خارج سوريا بقوله “الكل يعلم بأن نظام الأسد لا عهد له ولا ميثاق، وقد شهدنا حملات الاعتقالات التي شنّها على المناطق التي استعادها مستهدفاً الشبان الذين تم تسوية أوضاعهم وزجهم في المعتقلات.”
وأضاف المصري “إذن القبضة الأمنية ماتزال مستمرة، ولايزال النظام يهين الناس ويذلهم، فأي عاقل سيعود إلى بلد مدمر ومُنته اقتصاديًا وخدميًا؟ ومهما حاول النظام فبركة أن سوريا بخير فهذا غير حقيقي، وحتى الأن الأمم المتحدة لم تعلن أن سوريا منطقة آمنة.”
في هذا الوقت، تتصدر قصص نجاح السوريين في أوروبا اليوم عناوين أبرز وسائل الإعلام العالمية، ممن بدؤوا من الصفر وأسسوا مشاريعهم الخاصة بأرباح تعود عليهم بآلاف الدولارات، وتحولت بلدان اللجوء لأوطان بديلة.
بواسطة الحسناء عدرا | سبتمبر 20, 2018 | Cost of War, غير مصنف
تترقب عيناها وصول “الغنيمة” المالية في مستهل كل شهر، تنتظر قدومها وهي تمسك بيدها ورقة مجعدة مزدحمة بنفقات أساسيات العيش اليومي. تقول الشابة هند: “أنتظر بفارغ الصبر حلول أول كل شهر لتصلني حوالة مالية بقيمة ٤٠ ديناراً (أي ما يعادل ٦٤ ألف ليرة سورية) من شقيقتي التي تقطن في الكويت.” وفي الوقت الذي لا يشكل فيه هذا المبلغ إلا حوالى ٣% فقط من دخل الشقيقة المغتربة الشهري، يعد هذا المبلغ ثروة في يد الأخرى التي اختارت البقاء في سوريا.
تضيف هند “إن الحوالة لا تسبب ضائقة مالية لشقيقتي، بل هي فراطة مقابل دخلها الشهري، لكنها مصدر حيوي ووحيد بالنسبة لي، خاصة أنني بدون عمل وليس لدي أي مصدر دخل آخر، فهذه النقود تنقذني من الغرق في الديون وتجيرني من ذل السؤال ومنة الناس.”
تتوجه هند بعد قبض الحوالة فوراً للدويلعة لدفع أجار منزلها والتخلص من صاحبه المرابط أمامه للحصول على الأجار. تروي هند: “فور حصولي على الحوالة أقتطع ٣٠ ألف ليرة سورية لأجار منزلي حتى لا أعرض نفسي لمصير الطرد ناهيك عن مزاج المؤجر الجشع برفع الأجرة أسوة بأسعار المنازل الأخرى.”
أما عن بقية مكونات قائمة المشتريات، فتشطب منها هند أية مطالب توحي بالترف أو الرفاهية منها ارتياد المطاعم والمقاهي والمسابح لتقتصر على قسائم شراء الطعام من الرز والبرغل والمعكرونة وإتباع حمية شبه نباتية، فهي تقتصر فعلياً على كفاف اليوم، بالإضافة إلى مصاريف المواصلات وتكاليف الجامعة، “وأحيانا عند الضرورة، أرتاد معهداً لتدريس اللغة الإنكليزية”، تشير هند.
فهل تشمل إحصائيات السوريين الذين يعيشون تحت خط الفقر هند التي تعيش على الحوالة؟
يُعرّف خط الفقر بأنه أدنى مستوى من الدخل يحتاجه المرء ليتمكن من توفير مستوى معيشة ملائم في بلد ما. ويتمثل هذا الخط بالعجز عن تأمين المتطلبات الدنيا للعيش من حيث المأكل والمشرب والملبس والرعاية الصحية. ووفقاً لهذا التعريف يتصدر السوريين من ذوي الدخل المحدود خط الفقر فهم يحتاجون لثلاثة أضعاف معدل مرتبهم الهزيل الذي لايتجاوز (١٠٠ دولار ـ ٤٥ ألف ليرة سورية) لتغطية المدفوعات، خاصة في ظل حرب كشرت عن أنياب الفقر والبطالة والغلاء الفاحش والنزوح والتهجير القسري.
دفعت الحرب وما نتج عنها من إمعان في التفقير العديد من محدودي الدخل للبحث عن مصدر دخل ثان يقيهم شر العوز، ووجد أغلبهم هذا المصدر في الفتات الذي يرسله لهم الأقرباء المغتربون، اللاجئون منهم والمهاجرون، فأصبحت حوالاتهم الدورية المصدر شبه رسمي لدخل ذويهم، ومعيلاً أساسياً لمساعدتهم على تحمل نفقات الحياة التي باتت مكلفة جداً.
أما ماهر، اسم مستعار، فيعيش ببحبوحة بالنسبة لشاب عاطل عن العمل، إذ يعتاش من عرق جبين شقيقيه اللاجئين في هولندا وألمانيا فيتناوب الأخيران على اقتطاع حفنات من النقود التي تمنحها حكوماتهما لتأمين مصروف الشاب المقيم في الحسكة.
يقول ماهر: “تصلني حوالة مالية كل شهر، حوالى ٢٠٠ يورو أي مايقارب ١١٠ آلاف ليرة سورية، أنفقها على مصروفي الشخصي والدخان وفاتورة الخليوي، وشراء الملابس والأهم من ذلك أنني حققت حلمي في صنع فيلم قصير بإمكانيات متواضعة بعد توفير جزء من الحوالة على مدار عدة أشهر وادخارها من أجل استئجار الكاميرا ومعداتها اللازمة.” وبالإضافة لتأمين مستلزمات الحياة اليومية، قد تتحول الحوالة أحيانا لمدخرات تؤمن المستقبل ويحتمي بها صاحبها من نوائب الدهر.
يقول ماهر:” والدتي تشتري بعض الحلى والليرات الذهبية بالحوالة المخصصة لها من شقيقي الثالث في تركيا، لتحتفظ بها كمدخرات يمكن الاعتماد عليها في وجه غدرات الزمان.”
كما يمكن أن تتخذ الحوالة دور “الملاك المخلص”، يقول محمد الذي عمل بتركيا وفضل عدم ذكر كنيته: “أرسلت لشقيقي مبلغاً وفيراً كنت أدخره خلال سنوات عملي هنا، ليسد نفقات علاجه من سرطان الدم خاصة أن تكاليفه باهظة جداَ ولا يمكن أبداً الانتظار في طوابير المستشفيات الحكومية داخل سوريا والتي تستغرق وقتا طويلاً إن حالفه الحظ.”
المعونة المالية التي تصل عائلة أحمد المصري على شكل حوالة، تشكل شريان حياة للراتب التقاعدي الذي يلفظ أنفاسه الأخيرة في الأسبوع الأول من الشهر، يقول أحمد الذي يعمل في مجال السياحة التجميلية في إسطنبول:
“يشكل مبلغ ١٠٠ دولار قرابة ١٠% من دخلي، لكنه يعد مصدراً حيوياً لعائلتي، إذ يصرف على الطعام والشراب ويمكنهم من العيش بكرامة لاسيما أن راتب والدي التقاعدي الذي لا يتجاوز ٤٠ ألف ليرة سورية لا يصمد إلا لعدة أيام.” ويتابع أحمد “ناهيك عن نفقات إضافية طارئة كالعلاج والتحاليل والصور الشعاعية المكلفة، فمنذ فترة علمت أن والدي يعاني من آلام مبرحة في الأسنان أفقدته قدرته على تناول الطعام منذ شهر ولا يستطيع تكبد مصاريف العلاج فأرسلت له على الفور حوالة إضافية لتكاليف العلاج.”
صديق أحمد أيضاً الذي فضل عدم ذكر اسمه ساعد بحوالته المالية التي يرسلها لدفع أجار منزلين في حلب من إرساء هدنة لفض النزاع بين زوجته ووالدته وفصلهما في منزلين مختلفين، يقول الشاب: “وصلت المشاكل بين زوجتي وأمي إلى طريق مسدود، ولكي لا أخسر إحداهما استأجرت لكل منهما شقة لتعيش بمفردها، برقبتي ثلاثة بيوت مع بيتي في تركيا.”
أما أكثم، اللاجئ في هولندا، فأخذ على عاتقه مسؤولية دفع أقساط المدرسة الخاصة لشقيقته، يقول أكثم: “أرسل لأمي ٢٠٠ يورو كل شهرين تدخرهما من أجل أقساط المدرسة الخاصة لشقيقتي الصغرى بعد أن صنفت من الأوائل في سورية”، إضافة لتكاليف أخته، تكفّل الشاب بعمته بعد أن فقدت زوجها في الحرب وأصبحت تعيش على راتبه التقاعدي وحصص المعونات القليلة.
في ضوء كل هذا، هل يرغب السوريون الذين اختاروا البقاء في سوريا فعلاً بعودة أشقائهم وأبنائهم إلى الوطن بعدما أًصبحت حوالاتهم ستر نجاة تحميهم من الغرق في العوز والفقر؟
بواسطة Ibrahim Hamidi | سبتمبر 19, 2018 | News, غير مصنف
الطريق إلى «خريطة الطريق» بين الرئيسين فلاديمير بوتين ورجب طيب إردوغان حول مستقبل إدلب، تضمن الكثير من تبادل الحشد العسكري والتهديدات الدبلوماسية والحملات الإعلامية بين موسكو وحلفائها من جهة وواشنطن وحلفائها من جهة ثانية. لذلك، لم يكن مفاجئاً أن تعقب الصفقة خطوات عسكرية تصعيدية: ضربات إسرائيلية على مواقع إيرانية قرب قاعدة روسية ردت عليها مضادات سورية وأصابت طائرة روسية.
هنا أهم عشر خطوات سبقت الوصول إلى صفقة سوتشي وضربة اللاذقية:
1 – في 12 الشهر الجاري، جمدت القوات الروسية غاراتها على ريف إدلب وأمرت قوات الحكومة السورية بتجميد خطة التقدم البري لتنفيذ المرحلة الأولى من الخطة التي كانت تتضمن السيطرة على مناطق شمال حماة وغرب حلب وجسر الشغور شرق اللاذقية. في المقابل، اتجه تركيز دمشق وموسكو إلى محاربة «داعش» شرق السويداء وقرب قاعدة التنف الأميركية في زاوية الحدود السورية – العراقية – الأردنية.
2 – جاء هذا بعد فشل القمة الروسية – التركية – الإيرانية في طهران في 7 من الشهر الحالي في التوصل إلى خطة لحل معضلة إدلب بين اقتراح أنقرة خيار التسوية و«الفصل» بين المتطرفين والمعتدلين ورغبة موسكو باعتماد الخيار العسكري ورفض اقتراح أنقرة لوقف النار في شمال سوريا.
3 – أبلغ البيت الأبيض الكرملين بأن إدارة الرئيس دونالد ترمب مستعدة لـ«المحاسبة» على أي عمل عسكري تقوم به دمشق في إدلب وليس فقط ردا على استخدام الكيماوي. كما أبلغ المبعوث الأميركي الجديد جيمس جيفري خلال جولته في المنطقة بين 1 و4 الشهر الجاري الجانب التركي بأن واشنطن تدعم أنقرة بالوصول إلى حل وترتيبات في شمال سوريا وعدم اعتماد الحل العسكري ومنع حصول «كارثة إنسانية» هناك بسبب وجود حوالي ثلاثة ملايين شخص نصفهم من النازحين. وتضمن الموقف الأميركي تحميل موسكو مسؤولية حصول «الكارثة» المحتملة الناجمة عن العمل العسكري.
4. بالتوازي مع إرسال دمشق تعزيزات عسكرية إلى ريف إدلب، ضاعف إردوغان عدد الجنود الأتراك ونوعية السلاح الثقيل في الشمال السوري. وجرى الحديث عن وجود 23 ألف جندي. وهناك من تحدث عن 30 ألفا من فصائل المعارضة والوحدات التركية الخاصة. كما أفيد بتسليم أنقرة السلاح النوعي بينه مضادات جوية وعربات إلى فصائل المعارضة التي تشكلت في نهاية يوليو (تموز) الماضي. وأعلن مسؤولون أتراك أن إدلب «جزء من الأمن القومي التركي».
5 – تحركات مدنية وسياسية في إدلب تضمنت مظاهرات بأكثر من 100 نقطة، فيها لافتات وشعارات رافضة لعودة النظام إلى الشمال ورافضة لـ«جبهة النصرة»، إضافة إلى إرسال جمعيات مدنية رسائل إلى الأمم المتحدة تركز على الجانب المدني في الشمال.
6 – توتر عسكري أميركي – روسي، إذ إن الناطق باسم القيادة المركزية الأميركية إيرل براون قال في 9 سبتمبر (أيلول) إن الروس أبلغوا الأميركيين في مذكرة خطية عبر قناة «منع الصدام» عزمهم الدخول إلى قاعدة التنف، لكنه قال إن واشنطن لا تريد التصعيد مع موسكو أو دمشق لكنها «لن تتردد في استخدام القوة الضرورية والمتناسبة للدفاع عن القوات الأميركية أو قوات التحالف وفصائل حليفة، كما أثبتنا بوضوح في الحالات السابقة»، في إشارة إلى قصف واشنطن عناصر موالية لدمشق.
7 – تزامن هذا التصريح مع تسريب القيادة المركزية فيديو عن تدريبات لقوات التحالف وأميركا في التنف. كما أفيد بوصول معدات عسكرية إلى القوات الأميركية و«قوات سوريا الديمقراطية» الكردية – العربية الحليفة لواشنطن. وجرى بين موسكو وواشنطن تبادل الاتهامات حول «سيناريو كيماوي» في إدلب يمهد لضربات لمواقع الحكومة من البحر المتوسط.
8 – أطلع رئيس هيئة الأركان الأميركية جوزيف دانفورد الرئيس دونالد ترمب على خطط العمليات في سوريا. وقال في طريقه إلى الهند في 8 سبتمبر: «ينبغي ألا ينظروا إلى التنف كهدف سهل». ردت موسكو على ذلك في اليوم التالي، عندما قال الجنرال فلاديمير سافتشينكو من المركز الروسي للمصالحة في 9 سبتمبر إن طائرتين أميركيتين من طراز «F – 15» استخدمتا الفوسفور في قصف دير الزور، الأمر الذي نفته واشنطن.
9 – حشدت واشنطن بالتواصل مع لندن وباريس وبرلين للاستعداد عسكريا للرد على استعمال الكيماوي في إدلب. كما تم حشد قطع بحرية أميركية وبريطانية وفرنسية في البحر المتوسط مقابل السواحل السورية. وقيل أن الضربة المقبلة ستكون «أقوى وأعنف» مما حصل في أبريل (نيسان) عامي 2017 على الشعيرات وسط سوريا و2018 قرب دمشق ووسط سوريا.
10 – بالتوازي مع الحملة العسكرية، قادت واشنطن حملة دبلوماسية في مجلس الأمن بالدعوة إلى اجتماعات مخصصة لملف إدلب تضمن تحذيرات من المندوبة الأميركية نيكي هيلي وتحذيرها برد عسكري، تواصل مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون ووزير الخارجية مايك بومبيو مع الكرملين والخارجية الروسية لـ«ردع» دمشق من الهجوم على إدلب. كما أن المبعوث الأميركي جيفري أبلغ المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا في جنيف في 14 الشهر، بتمسك واشنطن برفض الوجود الإيراني في سوريا وتأكيده أن القوات الأميركية باقية شرق نهر الفرات وفي قاعدة التنف.
في ظهر يوم 17 سبتمبر، توصل بوتين وإردوغان في سوتشي إلى خريطة طريق لحل معضلة إدلب، تضمنت عناصر رئيسية بينها: إقامة منطقة عازلة بين قوات الحكومة وفصائل المعارضة بعرض بين 15 و20 كيلومترا، على أن تشكل المنطقة قبل منتصف الشهر المقبل وتنتشر الشرطة الروسية بخطوط التماس مع قوات الحكومة والجيش التركي من جهة المعارضة، إضافة إلى نزع السلاح الثقيل من هذه المنطقة مع بقاء المدنيين.
وتضمنت خريطة الطريق إعادة فتح طريقي حمص – حلب واللاذقية – حلب بحماية الجيشين الروسي والتركي، وأيضا محاربة الإرهابيين وإعطاءهم المجال للانسحاب إلى مناطق أخرى، إضافة إلى عودة رمزية للدولة السورية قبل منتصف ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
ومساء 17 سبتمبر، شنت طائرات إسرائيلية غارات على مواقع عسكرية سورية غرب سوريا وقرب قاعدة حميميم الروسية. أعلنت موسكو عن إسقاط طائرة استطلاع روسية ومقتل 14 شخصا كانوا فيها فوق البحر المتوسط. وقالت لاحقا إن مضادات سورية مسؤولة عن إسقاط الطائرة الروسية، لكنها انتقدت «استفزازات» إسرائيل التي أبلغت الجانب الروسي قبل دقيقة فقط من بدء الغارات.
أمام كل ذلك، ترددت أنباء عن غضب في دمشق أول بسبب توصل بوتين وإردوغان إلى تسوية في شأن إدلب وغضب ثان بعد الغارات الإسرائيلية على غرب سوريا وغضب ثالث بعد إصابة طائرة روسية.