تتميز الفعاليات الثقافية في المناطق الواقعة تحت سيطرة الأكراد في شمال وشرق سورية بالعديد من المهرجانات الفنية والمسرحية والأدبية وعلى مدار العام، والتي أنعشت ثقافة المنطقة التي أقصيت بصورة شبه كاملة قبل أزمة البلاد.
مهرجان الكتاب ضم سبعة عشر ألف عنوان في حقول “الفكر والأدب والفلسفة، والتاريخ، والسياسة، والترجمة”، إضافة إلى كتب الأطفال، وبمشاركة مختلف مناطق الشمال السوري، واستضاف نتاجات كتاب من “إقليم كردستان العراق، وشنكال، وتركيا، ولبنان، ومصر.”
البلدان والشعوب تحتاج إلى خبز ومسرح، لتنهض وتلحق بركب الحضارة، فكان للمسرح حصة الأسد من تلك المهرجانات.
باللغات الكردية والعربية والسريانية، ألقت المهرجانات بظلالها على القصة، والشعر، والموسيقا، والفلكلور؛ فتلك المهرجانات ليست حدثاً عابراً، بل شاهداً على سلك المسار الصحيح في نهضة المنطقة، وبناء العقول عبر اهتمامها بالثقافة.
لم تؤثر الحرب المستمرة في سوريا على استمرارية التعليم في مناطق سيطرة النظام، إلا أن العملية التعليمية شهدت تدهوراً كبيراً في جميع مراحلها، سواء من ناحية المناهج، وتوفير متطلباتها، أو استمرار الأساليب التقليدية في التعليم، إضافة لارتفاع معدلات التسرب من المدارس، بسبب انعدام الأمن والنزوح واللجوء والفقر، عدا عن انتشار الفوضى في المدارس والجامعات. وضمن أجواء الحرب والعقوبات الثقافية والاقتصادية والدبلوماسية، وجد حليفا النظام السوري -إيران وروسيا- الفرصة سانحة لنشر لغتيهما وثقافتهما في مناطق نفوذهم في سورية.
عن الأساليب التقليدية في التعليم والتي لم تتغير، يقول أحد الموجهين التربويين، الذي فضل عدم الإفصاح عن اسمه لـ”صالون سوريا”: “منذ سيطرة حزب البعث على سوريا، يخصص جزء كبير من العملية التعليمية لتكريس أفكاره، عبر أكثر من مقرر منها القومية والتاريخ في مرحلة التعليم الثانوي، وفي دروس القراءة والتعبير بالنسبة لمرحلتي التعليم الأساسي الأولى والثانية”، ويلفت إلى أن ما ساعد على ذلك هو أن الغالبية العظمى من الكادر التدريسي هم من أعضاء الحزب، عدا عن “اجبار الطلاب على الانتساب للحزب في السنة الأولى من مرحلة التعليم الثانوي” بحسب قوله.
ويوضح الموجه، أن الجزء البسيط من العملية التعليمية في مرحلتي التعليم الأساسي والثانوي يخصص لما تبقى من العملية التعليمية، ويعتمد الكادر التدريسي فيه على الأسلوب النظري وليس العملي “أي التلقين من قبل المدرس والحفظ البصم من قبل الطلاب، الأمر الذي حول الطلاب إلى ببغائات تحفظ ما يقوله المدرس ومن ثم تردده”، لدرجة أن الكثير من المدرسين “تعاقب الطلاب الذين يشذون عن هذه القاعدة، كأن يلجأ الطالب إلى تحليل المعلومات والاستنتاج.”
وتم استغلال إلزامية ومجانية التعليم بعد سيطرة حزب البعث على السلطة في سوريا -عام ١٩٦٣ ووصول الرئيس الراحل حافظ الأسد إلى سدة الحكم عام -١٩٧١ لتكريس السيطرة الإيديولوجية على مؤسسات الدولة ومنها التعليمية، حيث تم العمل على تأطير العملية التربوية ضمن منظمة طلائع البعث، واتحاد شبيبة الثورة، والاتحاد الوطني لطلبة سوريا، وحصر جوهرها في غرس أفكار البعث في عقول الطلاب، وتمجيد الحاكم.
تغيير اعتباطي للمناهج
مع الانتفاضة السورية عام ٢٠١١، ازدادت نمطية وجمود العملية التعليمية في سورية، في كثير من جوانبها وأساليبها (المناهج، الكوادر، أساليب التعليم، طرائق التدريس)، لتزيد الفجوة بينها وبين دول العالم المتقدم التي تعيش ثورة في نظم المعارف والمعلومات وفي أساليب التربية والتعليم، ومناهج البحث العلمي.
وأعلنت الحكومة السورية أنها بصدد إجراء عملية مراجعة وتقييم شاملةللعملية التعليمية، وبدأت العام الماضي بإحداث تغيير في مناهج مرحلتي التعليم الأساسي بشقيها الأولى والثانية ومرحلة التعليم الثانوني، وشملت ٥٢ كتابا. وأحدثت التعديلات الجديدة جدلاً واسعاً برز في وسائل التواصل الاجتماعي والقنوات التلفزيونية المحلية، بسبب ما تضمنته المناهج الجديدة من أخطاء واشكاليات والطريقة والزمن القياسي الذي جرى خلاله إعدادها.
ومن الإشكاليات الناتجة عن التعديلات مثلاً، اعتراض مؤيدي النظام على نشر قصيدة للشاعر ياسر الأطرش في كتاب القراءة للصف الأول، لا بسبب مضمون القصيدة، وانما لأن الشاعر محسوب على المعارضة، فتمّ إلغاء القصيدة بقرار وزاريٍ واستبدالها بأخرى. اعتراضات أخرى طالت عدم تضمين خريطة سوريا لمنطقتي هضبة الجولان ولواء إسكندرون في رسم توضيحي بكتاب مادة “علم الأحياء والبيئة” للصف الأول الثانوي، الأمر الذي دفع وزارة التربية إلى إصدار قرار قضى بإعادة المنطقتين إلى الخريطة السورية (جدل التعليم في زمن الحرب السورية).
لاقت أيضاً قصائد تضمنتها كتب القراءة في مرحلة التعليمي الأساسي اعتراضات وسخرية من قبل الأهالي والمدرسين بسبب كتابتها باللغة العامية، حتى أن الانتقادات طالت تصاميم أغلفة الكتب كصورة نشرت على غلاف كتاب التاريخ لتمثال، فسّره علمانيون بأنه مفزع وذو مضامين دينية واضحة من ذقنٍ طويلة وشاربين حليقين، في حين فسرّه إسلاميون متشددون بأنه استعادة للوثنية، ليتضح بعدها بأنّ التمثال لحاكم مملكة ماري إيكو شاماغان (2453 قبل الميلاد). (جدل التعليم في زمن الحرب السورية).
ويرى موجهون تربويون تحدثوا لـ”صالون سوريا”، أن مسألة وضع مناهج جديدة في أي دولة ليس بالأمر السهل، فهي تحتاج إلى اخصائيين ودراسات كثيرة ومعمقة تمتد لزمن طويل، بحيث يتم تحديد الأهداف، والأخذ بعين الاعتبار القيم الاجتماعية والأخلاقية والإنسانية، ووضع خطط زمنية متسلسة لعملية الانتقال من المناهج القديمة إلى الجديدة.
إلا أن ما حصل بسوريا برأيهم هو “أن عملية التغيير حصلت في وقت حساس للغاية وهو حالة الحرب، وبزمن قياسي، ناهيك عن أن من قام بالعملية أغلبهم لا يتمتع بالكفاءة المطلوبة، فمقياس اختيارهم هو الولاء المطلق للنظام، وبالتالي الأمر تم بشكل اعتباطي، وكانت النتيجة الجدل الكبير الذي حدث ووصله إلى حد – وإن بصورة شكلية- استجواب الوزير تحت قبة مجلس الشعب.”
هذا وعممت الحكومة المناهج الدراسية الجديدة على المراحل الدراسية دون أن تقيم أية دورات تدريبية للكوادر التدريسية عليها، مما وضع هذا الكادر بوضع حرج أمام الطلاب -خصوصا في مرحلة التعليم الثانوي- الذين يطرحون الكثير من الاستفسارات بالنسبة للمواد العلمية.
غياب للمستلزمات
لا يمكن للعملية التعليمية أن تسير دون تأمين مستلزماتها الأساسية، من مدارس تحتوي على بنى تحتية كاملة من أبواب ونوافذ ومقاعد ووسائل تدفئة في فصل الشتاء وغيرها، إضافة إلى توفير الكادر التدريسي والإداري الكافي، ونسخ الكتب، ومناهج صحيحة.
إلا أن قوات النظام وحلفائه تسببوا بخروج آلاف المدارس عن الخدمة إثر قصفها، وأعلن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو أن نحو ٤ آلاف مدرسة في سوريا تحتاج إلى إعادة إعمار بعد تدميرها، وأشار إلى أن الدراسة بدأت في حوالي ١٤ ألف مدرسة، وذلك مع بدء العام الدراسي الجديد في ١ أيلول الماضي، وتوجه نحو اربعة ملايين طالب وطالبة الى المدارس، بحسب ما اعلنت وكالة “سانا” الرسمية.
ويؤكد كثير من المدرسين لـ”صالون سوريا” غياب الكثير من مستلزمات العملية التعليمية في مدارس النظام، خصوصا تلك الواقعة في المناطق التي سيطر عليها حديثا مثل غوطة دمشق الشرقية، ويقول أحد المدرسين: “يطلبون من المدرسين التعليم في الغوطة، ووسائل النقل للذهاب إليها غير متوفرة، يفتتحون مدرسة وأبسط المستلزمات مثل المقاعد غير متوفرة، أين يجلس الطلاب؟ قاعات بلا أبواب ولا نوافذ والضجة تعم الممرات، كيف يفهم الطلاب؟”
بدورها قالت مدرسة في إحدى مدارس ريف دمشق الشمالي وهي من أبناء المنطقة، “أغلب الأحيان عند غياب أحد المدرسين أو المدرسات وبسبب عدم وجود مدرسين احتياط يجري دمج طلاب شعبتين في شعبة واحدة، ليصبح عدد التلاميذ ما بين ٧٠ إلى ٨٠ طالبا، وفي هذه الحالة المدرس لا يتمكن من اعطاء الدروس وإذا اعطاها، فإن الطلاب لا يستوعبون بسبب الاكتظاظ الكبير والفوضى التي تنتج عنه”، مشيرة إلى أنه في هذه الحالة أغلب المدرسين “لا يعطون دروس ويقضي الطلاب فترة الدوام باللعب واللهو والعراك على حين تتحول غرفة المدرسين إلى أشبه بمقهى لتناول المشروبات والأطعمة.”
ويعزى السبب الرئيسي لنقص الكوادر التدريسية لحالة النزوح واللجوء الكبيرة التي شهدتها سوريا خلال الحرب، إذ تشير المفوضية السامية للامم المتحدة لشؤون اللاجئين في موقعها الرسمي إلى أن أكثر من ٥.٦ ملايين شخص اضطروا للفرار من سوريا منذ عام ٢٠١١ بحثاً عن الأمان في لبنان والأردن والعراق، وبلدان أخرى، فيما نزح ملايين الأشخاص الآخرين داخل سوريا.
معاون وزير التربية سعيد خرساني قال في تصريح نقلته وكالة “سانا” الرسمية في أيلول/سبتمبر: “إن العدد الكلي للمعلمين والاداريين في وزارة التربية يبلغ حاليا ٣٠٠ ألف معلم ومعلمة وتم تعيين ٣٠ ألف معلم ومعلمة خلال العام ٢٠١٨.”
وذكرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف” في تقرير أصدرته في نيسان الماضي أن تحديات أخرى تواجه التعليم في سوريا تكمن في تسرب ٢.٨مليون طفل سوري من التعليم في البلاد وبلدان اللجوء، وبحسب المنظمة فإن بعض هؤلاء الأطفال لم يذهبوا إلى المدرسة مطلقًا، بينما فات بعضهم الآخر ما يصل إلى سبع سنوات من التعليم ما صعب عليهم اللحاق بالركب.
أداة فرزٍ طبقي
رغم أن الهدف من اللباس المدرسي الموحد في مدارس النظام كان إلغاء الفوارق بين الطلاب، إلا أنه بات حاليا “أداة فرزٍ وتمايزٍ طبقي” تستهدف أبناء الفقراء، الذين باتوا يشكلون السواد الأعظم في البلاد، وذلك بعد توجيه للمدارس في بداية العام الدراسي الجديد بـ”التقيد” بهذا اللباس.
حيث دفع تراجع الوضع المعيشي للسوريين، المسؤولين في المدارس لغض النظر عن الزي الذي يرتديه الطلاب، وبات الطلاب يذهبون إلى المدرسة بأي لباس يتوفر لديهم، إلا أن النظام، وبعد سيطرته على مزيد من الأراضي خلال العام الجاري، أصدر قراراً توجيهياً للمدارس للتقيد باللباس المدرسي الموحد.
وقال معاون وزير التربية في الحكومة السورية عبد الحكيم حماد “إن الوزارة سوف تراعي إذا ما كان هناك حالات استثنائية لطلاب لم يتمكنوا من التقيد باللباس المدرسي، لكن هذا ليس عذراً لأولياء الأمور بعدم تأمين الأزياء المدرسية لأبنائهم، والتي لا يتجاوز ثمنها فاتورة الهاتف المحمول لأحد الوالدين.”
ومنذ بدء الحرب في البلاد، تضاعفت أسعار الملابس والمواد الغذائية ومختلف الحاجات المنزلية ارتفاعاً تدريجيا، بسبب تراجع مستوى سعر صرف الليرة السورية أمام العملات الأجنبية، وانعكس ذلك سلباً على الحالة المعيشية للمواطنين، مع بقاء سقف المعاشات الشهرية للموظفين على ما هو عليه، فالموظف الذي كان مرتبه ٤٠ ألف ليرة قبل الحرب، أي ما يعادل نحو ٨٠٠ دولار أمريكي، أصبح مرتبه اليوم يساوي أقل من ١٠٠ دولاراً، في حين يقدر اقتصاديون تحدثوا لـ”صالون سوريا“ أنّ حاجة الأسرة المؤلفة من خمسة أفراد تصل إلى ٨٠٠ دولار شهريا ً حتى تتمكن مواصلة حياتها بشكل وسطي، بينما تصل تكلفة لباس ومستلزمات الطالب إلى نحو ١٠٠ دولار بحسب الاسعار المعلنة للملابس والمستلزمات المدرسية في الاسواق.
ويرجع العديد من الباحثين الاجتماعيين، ارتفاع اعداد الأطفال المتسربين من المدارس إلى حالة الفقر الشديد الذي تعاني منه الأسر، حيث باتت تدفع بأطفالها إلى العمل لتأمين رغيف الخبز.
ونشرت صحيفة “قاسيون”، التي يصدرها حزب “الإرادة الشعبية” في سوريا، مقالاً اعتبرت فيه أن اللباس الموحد في المدارس ينحو ليصبح دليلاً فاقعاً على التباين والتمايز الطبقي، فسعره لم يعد يتوافق مع إمكانات الفقراء لتأمينه.
وتقول الصحيفة في المقال: “نظرة واحدة على طابور إحدى المدارس، أو خلال ساعات الدخول والانصراف منها، تكفي لمشاهدة التمايز الطبقي بين الطلاب من خلال لباسهم وحقائبهم وأحذيتهم، ما يعني: أن الغاية المتوخاة منه شكلاً لم تعد متوفرة كما لم تلغ عوامل التباهي بين الطلاب، مع ما تتركه من أثر معنوي في نفوس فقراء الحال من هؤلاء، وهم الغالبية.”
“منصات تشبيح”
بعد انتشار ظاهرة تشكيل المليشيات المسلحة الموالية للنظام، وصلت العسكرة والقمع لداخل المدارس، فلم يعد مستغرباً مشاهدة مدرس يرتدي الزي العسكري أثناء دوامه في المدرسة، وممارسة “التشبيح” بحق الطلاب وزملائه المدرسين أيضا.
كما انسحبت ظاهرة “التشبيح” على الأطفال أنفسهم، بحيث يقوم طالب بتقليد والده بعملية “التشبيح”، وتهديد الطلاب، ويصل الأمر في بعض الأحيان إلى تهديد مدرسة أو مدرس الصف إذا لم يتم تنفيذ ما يرغب به من قبيل إجلاسه في المقعد الأول.
كما يقوم البعض بتوجيه كلمات فاحشة لزملائه وسلبهم ما بحوزتهم من “خرجية” أو مأكولات ومستلزمات دراسية، كما يحدث مع الطالب أحمد الذي تتحدث والدته لـ”صالون سوريا” عن أنها لم تعد تعطيه الخرجية قبل ذاهبه الى المدرسة وإنما بعد عودته لحمايتها من السرقة من قبل زملائه، وتقول “وجدت حلاً للخرجية لكني عاجزة عن حل مسألة سلبه الأقلام وعلب التلوين والأدوات الهندسية.”
كما يقوم “الشبيحة” من الأهالي بزيارات للمدارس للإطلاع على أوضاع أبنائهم، والطلب علنا من المدرسين أن يتم تصنيف أبنائهم من المتفوقين رغم أنهم لا يستحقون ذلك، وتقول إحدى المدرسات لـ “صالون سوريا”: “لا مجال للرفض، فقد يتم الإنتقام منا.”
وأسوأ عمليات “التشبيح” في المدارس، تمارس خلال فترة تقديم الطلاب لامتحانات شهادتي التعليم الأساسي والثانوية العامة، حيث شهد “صالون سوريا” عدة مرات خلال فترة الامتحانات تجمع العديد من “الشبيحة” أمام المراكز الامتحانية، بينما يتحدث طلاب لـ”صالون سوريا”: ان هؤلاء يقومون “بإدخال حلول الأسئلة إلى طلاب معينين إلى قاعات الامتحان، دون أن يجروء رؤوساء المراكز أو المراقبين على التكلم ولو بكلمة واحدة، قد تكلف المراقب حياته” على حد قول أحد المراقبين.
ومع استفحال حالة الفلتان الأخلاقي وتراجع العملية التعليمية في مدارس النظام، يلجأ ميسور الحال الى تسجيل أبنائهم في المدارس الخاصة، لكن هؤلاء باتوا قلة قليلة، ويقول رب أسرة لــ”صالون سوريا”: “الوضع في مدارس الحكومة يرثى له، نخسر مال أفضل من أن نخسر أبنائنا.”
جامعات بلا تصنيف
وانسحبت حالة التدهور الذي تعاني منه العملية التعليمية في مرحلتي التعليم الأساسي ومرحلة التعليم الثانوي على التعليم الجامعي، واختفت الجامعات السورية من معظم التصنيفات الأكاديمية العالمية.
فمع اندلاع الحراك السلمي، كرس النظام جهده لتجنيد طلاب الجامعات الموالين له بهدف كبح هذا الحراك على حساب دراستهم، كما أوكل إليهم بمهمة الخروج بمسيرات موالية له.
وبلغ عدد الجامعات الحكومية ٨ جامعات في العام الدراسي ٢٠١٤-٢٠١٥، وعدد كلياتها ١٥٠ كلية والمعاهد العليا ٣ والمتوسطة التابعة لوزارة التعليم العالي ٥٨ معهداً، بينما تم إحداث العشرات من المعاهد التي تتبع الوزارات الأخرى، ووصل عدد طلاب الجامعات الحكومية لنحو (٤٦٢.٣٩٣) طالباً وطالبة عام ٢٠١٥، وذلك بحسب دراسة للباحث مدين علي نشرها “مركز دمشق للأبحاث والدراسات – مداد،” ومقره في دمشق.
أما الجامعات الخاصة المرخص لها والتي تزاول عملها حتى نهاية عام ٢٠١٧ فبلغ عددها وفق الدراسة لـ ٢٢ جامعة، وعدد طلابها نحو ٣٥٠٠٠ طالب وطالبة، بينما بلغ نصيب التعليم الموازي في الجامعات الحكومية (٣٥%) من إجمالي المقاعد الجامعية. وتشير البيانات إلى أن عدد برامج التعليم المفتوح الذي أحدثته وزارة التعليم العالي وصل في نهاية العام الدراسي ٢٠١٥ إلى (١٩) برنامجاً.
وبحسب دراسة نشرها المركز ذاته للباحث خليل عجمي بعنوان “تصنيف الجامعات السورية: الفجوة بين الحل الإسعافي والتغيير الاستراتيجي“، فإنّ الجامعات السوريّة الخاصة والعامة كمؤسسات “تفتقد لأي وجود حقيقي على الساحة الدولية، في حين أنَّ خريجيها ينتشرون في الكثير من الجامعات الغربية والشرقية، ويحققون إنجازات فردية مميزة عندما يخرجون منها إلى مؤسسات أكاديمية خارجية، وهو ما يؤكد أن المشكلة الحقيقية تكمن في الواقع الإداريّ والأكاديميّ لجامعاتنا.”
وبحسب عجمي فإن التصنيفات المعتمدة في العالم للجامعات هي “شنغهاي والتايمز وكيو-إس، ويبوميتريكس”، والتصنيف الأخير هو الوحيد الذي تظهر به الجامعات السورية في مراتب تتراوح بين ٥٠٠٠ إلى ١٢٠٠٠. وأعربت الدراسة عن الأسف لأن الجامعات السوريّة حالياً “لا تمتلك أي قدرة على المنافسة في التصنيفات الأكثر أهميّة في العالم، بسبب ضعف الانفتاح على العالم الخارجيّ، وتراجع الظهور على شبكة الإنترنت، وضعف البحث العلمي فيها، وندرة تعاونها مع الجامعات الكبرى، وانحسار عملية النشر باللغة الإنكليزية خاصةً، وعدم وجود باحثين أصحاب جوائز عالمية مرموقة، ناهيك عن ارتفاع أعداد طلاب الجامعات السورية، تحديداً في مدّة الحرب، مقابل انخفاض عدد الأساتذة بسبب النزيف المستمر في كوادر هذه الجامعات على نحو يمنع الحصول على أي نسبة أستاذ/طالب مقبولة.”
ويضيف عجمي أنّ “وجود كليات هندسية بأعداد طلاب تتجاوز ٦٠٠٠ طالب وبكادر تدريسي لا يتجاوز ٢٠ عضو هيئة تعليمية، أو وجود أكثر من ٥٠ ألف طالب في كلية واحدة ضمن جامعة هو أمر يتجاوز كل معايير الاعتمادية المقبولة.”
وعمدت بعض الجامعات الخاصة إلى مضاعفة أقساطها السنوية ما بين ٥-٦ أضعاف عما كانت عليه في بداية افتتاحها، فبعد أن كان قسط السنة الدراسة للكليات الطبية يتراوح ما بين ٥٠٠ – ٨٠٠ ألف ليرة سورية، يصل حاليا ما بين مليونين ونصف وثلاثة ملايين ونصف ليرة، بحسب مصادر طلابية واعضاء هيئة تدريسية تحدثوا لـ”صالون سوريا”.
وأحدثت مشكلة نقص الكادر التدريسي الأكاديمي حرباً باردة بين الجامعات الحكومية والخاصة، حيث منعت الحكومية كادرها من التدريس في الثانية خلال أيام الدوام الرسمية، وسمحت لهم بالتدريس في تلك الجامعات خلال أيام العطل الرسمية فقط، فيما عمدت الخاصة إلى اغرائهم براتب ضخمة تقدر بثلاث إلى أربع أضعاف ما يتقاضونه في الحكومة.
تغلغل للفارسية والروسية
بدأت المراكز الثقافية الإيرانية بالانتشار في سوريا منذ عام ٢٠٠٦ بهدف الترويج للغة والثقافة الفارسية، وأنشأت مدارس ثانوية شرعية انتشرت في قرى الساحل منذ عام ٢٠٠٨ وريفي إدلب وحلب. وبحسب تقرير نشرته صحيفة الشرق الأوسط شهدت المدارس الإيرانية إقبالاً متزايدًا في القرى الفقيرة كون تلك المدارس تمنح رواتب شهرية للطلاب، كما تقدم لهم كافة التسهيلات لمتابعة الدراسة بإيران وإيجاد فرص عمل، في مساعٍ لمدّ نفوذها من خلال تشييد مؤسسات مثل “مجمع الرسول الأعظم” الذي افتتح في اللاذقية عام ٢٠١٤ والذي تولى مهمة الترويج والدعاية للثقافة الفارسية كما أشرف على المدارس والمعاهد الخاصة لتعليم اللغة وأقسام اللغة الفارسية في الجامعات الحكومية دمشق وحلب وتشرين في اللاذقية والبعث في حمص.
وكانت الحكومة السورية قد أمرت بإغلاق المدارس الشرعية الإيرانية في قرى الساحل مع بداية العام الدراسي الماضي، كمدرسة عين شقاق، ومدرسة رأس العين، ومدرسة القرداحة، ومدرسة كرسانا، ومدرسة سطامو، والثانوية المركزية ومدرسة البهلولية وغيرها، بزعم أنها لا تلتزم بتدريس المناهج المعتمدة من وزارتي الأوقاف والتربية.
أما الجانب الإيراني فاتجه نحو زيادة نشاطه في دعم تعليم اللغة في الملحقية الثقافية التابعة للسفارة الإيرانية بدورات على أربع مراحل و٨ مستويات، في مراكز تعليم الفارسية في اللاذقية، ومركز تعليم اللغات الأجنبية التابع لجامعة دمشق، ومركز جامعة المصطفى لتعليم اللغة الفارسية، وحوزة الإمام الخميني والمدرسة المحسنية في دمشق، وحسينية الإمام المهدي في منطقة زين العابدين في دمشق، والكلية العسكرية السورية، وجامعة السيدة رقية ومركز الحجة في محافظة طرطوس والعديد من المراكز الأخرى.
كما تم توقيع اتفاقيات تتضمن منحاً دراسية متبادلة للمراحل الجامعية، والدراسات العليا، وكذلك مراحل الدكتوراه والماجستير بين الحكومتين، حيث تقدم إيران ٢٠٠ منحة دراسية سنوياً للطلاب السوريين، مقابل ٦٠ منحة يقدمها الجانب السوري للطلاب الإيرانيين، بحسب صحيفة الشرق الأوسط.
وذكرت الصحيفة ان “هيئة إعادة الإعمار الإيرانية” نشطت في حلب بإعادة تأهيل نحو خمسين مدرسة، منها ٣٥ مدرسة في ريف حلب، وأعيد تشغيل عشرين مدرسة ويجري العمل على المدارس الثلاثين الباقية.
ووجدت إيران نفسها في تنافس محموم مع روسيا التي تمكنت فور دخولها سوريا من فرض تعليم لغتها بالمناهج الدراسية لمراحل التعليم الأساسي إلى جانب اللغتين الإنكليزية والفرنسية، حيث تتولى وزارة الدفاع الروسية مهمة الإشراف على تدريس اللغة الروسية عبر كادر روسي خاص بوزارة التربية التابعة لحكومة النظام.
وأعلنت وزارة التعليم العالي التابعة للنظام العام الماضي عن ١٨ بعثة علمية في روسيا للحصول على درجة الإجازة في اللغة الروسية وآدابها لصالح وزارة التربية.
كما تعمل على تقديم منح لدراسة الأدب الروسي في موسكو ضمن خطط تأهيل كوادر سورية لتدريسه، إلا أن أربع سنوات من إدخال اللغة الروسية على المناهج السورية، لم تحل مشكلة بعد مشكلة نقص الكوادر التدريسية، فهي ماتزال العقبة الأهم في وجه نجاح هذه التجربة، إذ يتم الاعتماد على نساء روسيات متزوجات من سوريين.
“مدينة اللصوص الصغار، الذين يقبض عليهم اللصوص الكبار ويتم ذبحهم في طقوس احتفالية تضج بتصفيقنا ونحن نبكي ونقذف بدموعنا إلى الداخل”، بهذه الكلمات وصفت الكاتبة غادة السمان حال بيروت إبان الحرب الأهلية.
تصلح كلمات الأديبة السورية لوصف حال دمشق اليوم، بعد تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي لفيديو يظهر فيه وزير الداخلية محمد الشعار، وهو يقوم بجولة مفاجئة في إحدى الدوائر الحكومية، آمراً بإحالة موظف إلى القضاء المختص بعد اكتشاف أنه يرتشي بمبلغ ٥٠ ل.س، أي ما يعادل ١٠ سنتات أمريكية.
يسأل الوزير إحدى المراجعات عن المبلغ الذي تقاضاه الموظف، فتجيبه الفتاة أنه طلب ٦٠٠ ل.س بدلاً من الـ ٥٥٠ ليرة المقررة للتقرير الطبي، لكنها تسامحه بهذه الـ٥٠ الزائدة، إلا أن الوزير يرد قائلا: “إذا أنت سامحتيه فنحن لن نسامحه.”
وأطلق الرئيس السوري بشار الأسد في شهر حزيران – يونيو ٢٠١٧ المشروع الوطني للإصلاح الإداري خلال ترؤسه لإحدى جلسات مجلس الوزراء بمقر الحكومة في دمشق، لكن هل كان يُقصد بهذا المشروع “أصحاب الخمسين ليرة؟”
لا تعتقد الخبيرة الاقتصادية د. نسرين زريق بذلك، وتقول إن “الأحكام والمعايير القانونية وُضعت لضبط الحيتان الكبيرة من الفاسدين، لا لتجريم من يأخذ خمسين أو مئة ليرة”، مؤكدة أن كلامها ليس دفاعا عن المرتشين “فلا شيء يبرر السرقة أو الرشوة لكن إذا أردنا تطبيق القانون، فحبذا لو يطبق على الجميع لنخرج بمظهر الشخص العادل لا المستقوي على الفقير.”
وتعليقاً على التعاطف الكبير الذي ناله الموظف من قبل الجمهور السوري، قال المحامي كمال سليمان إن “تعاطي السوريين مع موضوع الفساد والعلاقة بين الفاعل والضحية يذكرني بمتلازمة ستوكهولم، وهي ظاهرة نفسية تصيب الفرد عندما يتعاطف أو يتعاون مع عدوه أو من أساء إليه، و يظهر بعض علامات الولاء له” مشيرا إلى أن “إحدى الفرضيات التي تفسر هذا السلوك، هو أن هذا الارتباط بمثابة استجابة الفرد للصدمة وتحوله لضحية.”
وعن تفسير التعاطف الجماهيري مع الموظف، اعتبر الصحفي طارق ميري أن “الجمهور السوري لم يتمكن من المشاركة في مسرحية بطلها مسؤول كبير، والشخص السيء فيها مواطن يشبههم، لذلك امتلأ الفيسبوك بعبارات التضامن مع الموظف المسكين حتى لو كان مرتشيا فهو ضحية للحرب والفقر، وهو أيضا بحاجة إلى دفع أقساط وفواتير وخبز ودواء لعائلته.”
بدوره كتب الصحفي صدام حسين في صفحته على فيسبوك أن على المسؤولين القيام بواجباتهم قبل يحاسبوا الناس، موضحا أن “راتب الموظف بأحسن الأحوال يصل إلى ٤٠ ألف ل.س، وفي حال كان لديه ثلاثة أولاد وبيته بالأجار سيحتاج إلى ٣٠٠ ألف ليرة شهريا ليعيش كإنسان طبيعي، وإذا أخد رشوة ٥٠ ليرة من كل مراجع سيحتاج إلى إنجاز ٥٠٠٠ معاملة بالشهر ليعوّض النقص في راتبه وهذا من حقه.”
المثال الذي طرحه حسين يكاد ينطبق على الموظف الذي ظهر في فيديو “الخمسين ليرة” حيث كشف موقع “هاشتاغ سورية” أن الشخص الذي أمر وزير الداخلية بتحرير ضبط بحقه هو “محمد رياض بطل” – ٥٩ عاما – مندوب نقابة الأطباء في فرع مرور حلب، وهو يتقاضى راتباً شهرياً قدره ٣٨ ألف ل.س، ولديه أربعة أولاد، ويقطن مع عائلته في منزل بالأجار.
ولم يتوقف الحظ السيء لوزير الداخلية عند التعاطف الكبير الذي تلقاه الموظف من قبل السوريين، إذ تبين لاحقاً وجود قانون يسمح لمندوبي النقابة بتقاضي نسبة لا تزيد عن ١٥% أي ٦٣٢ ل.س من التسعيرة الرسمية، وبالتالي فإن ما تقاضاه معتمد النقابة هو ضمن الحد المسموح به من قبل نقابة الأطباء المركزية، فالسؤال هنا هل يعتذر الوزير الشعار من المواطن الـ “بطل” أمام الكاميرات أيضا كما أهانه أمامها سابقا؟
والجولات التفقدية للمسؤولين عادة قديمة، فثاني الخلفاء الراشدين عمر بن الخطاب كان يخرج إلى شعبه ليرى كيف يعيش، لكن دون حاشية حيث كان يتجول بينهم “متخفيا”، وفي عام الرمادة “المجاعة” جمّد الفاروق عقوبة قطع يد السارق من مبدأ “إذا جاءني سارق قطعت يده، وإن جاءني جائع قطعت يد ولي الأمر أو رفعت الحد عنه لتغير الظرف.”
وحال السوريين اليوم ليس بأفضل من حال المسلمين عام “المجاعة”، حيث كشف تقرير أعدته كل من اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا التابعة للأمم المتحدة (الأسكوا) وجامعة سانت أندروز عام ٢٠١٦ إلى أن نحو ٨٣،٤ بالمئة من السوريين يعيشون تحت خط الفقر مقارنة بـ ٢٨ بالمئة عام ٢٠١٠.
في النهاية نُذكّر بالقصة الشعبية التي تقول: “عندما تبدأ زوجة الناطور بتنظيف المبنى من الطابق الأرضي صعودا نحو الأعلى كانت توصف بالمجنونة لأن الأصح أن تبدأ عملها من الطابق الأخير نزولا”، فهل الحكومة السورية مجنونة؟
فورين بوليسي تتردد في الأوساط الدبلوماسية الخيارات المطروحة أمام المبعوث الدولي الجديد إلى سوريا غير بيدرسن، ويطرح جوليان بارنز-داسي في مقاله في الفورين بولسي ضرورة تغيير استراتيجية العملية السياسية التي وصلت إلى طريق مسدود. ويتلخص الطرح بتجميد العملية السياسية للضغط على الفاعلين الدوليين والسوريين للانخراط في عملية أكثر جدية.
ويعتمد الضغط على حاجة مختلف الأطراف لموافقة الأمم المتحدة على المخرج لإضفاء شرعية عليه. لقد حرف الأطراف الفاعلة العملية السياسية لغايات خاصة بهم بعيدة عن مصلحة السوريين، فأمريكا تريد مواجهة إيران في سوريا، وتركيا تواجه الطموح الكردي، وروسيا تسعى لتعزيز حضورها الجيوسياسي في المتوسط. ويلخص جوليان قد يكون قتل المسار السياسي الحالي فرصة لإيجاد مسار جديد أكثر جدية.
عودة الى جيب “داعش” ١٠-١١ تشرين الثاني/نوفمبر
رويترز قالت قوات سوريا الديمقراطية الأحد إنها استأنفت هجوماً برياً ضد تنظيم داعش في آخر جيوبه له قرب الحدود مع العراق بعد تعليق الهجوم الشهر الماضي في أعقاب قصف تركي لشمال سوريا. وأضافت القوات أنها استأنفت عملياتها في منطقة دير الزور “نتيجة الاتصالات المكثفة بين القيادة العامة لقواتنا وقادة التحالف الدولي وكذلك الحركة الدبلوماسية النشطة التي استهدفت نزع فتيل الأزمة على الحدود.”
وواصل التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضرباته الجوية على دير الزور رغم توقف عمليات قوات سوريا الديمقراطية. وتعتبر تركيا النفوذ الكردي في شمال سوريا تهديداً لأمنها القومي. وتمثل وحدات حماية الشعب الكردية رأس الحربة في قوات سوريا الديمقراطية. وتعتبر أنقرة وحدات حماية الشعب امتدادا لحزب العمال الكردستاني الذي يقود تمرداً في تركيا منذ ثلاثة عقود.
وكانت الحكومة السورية قد احتجت لدى الأمم المتحدة يوم السبت بشأن هجوم جوي شنه التحالف بقيادة الولايات المتحدة ضد تنظيم داعش وأسفر عن مقتل ٢٥ مدنياً في قرية هجين بمنطقة دير الزور الشرقية. وحين سئل المتحدث باسم التحالف عن الأنباء التي تحدثت عن شن غارات جوية في تلك المنطقة يوم الجمعة قال إن التحالف “قصف بنجاح ودمر مركز مراقبة لداعش ومنطقة تجمع للمسلحين في هجين التي كانت خالية من المدنيين في ذلك الوقت.”
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن ٤١ شخصاً بينهم ١٧ طفلاً قتلوا في موجتين من الضربات الجوية التي شنها التحالف يوم الجمعة في هجين وقرية الشعفة القريبة على الضفة الشرقية لنهر الفرات. وأضاف أن غالبية القتلى عراقيون من أفراد عائلات عناصر في داعش.
حقوق المرتزقة! ١٠ تشرين الثاني/نوفمبر
رويترز قال قائد مجموعة روسية شبه عسكرية يوم الجمعة إن جماعات تمثل قدامى المحاربين في الجيش الروسي تعتزم مطالبة المحكمة الجنائية الدولية بالتحقيق في نشر روسيا لمتعاقدين مدنيين سراً في سوريا وأوكرانيا وأفريقيا. وتجنيد المدنيين للقتال في الخارج غير قانوني في روسيا ونفى الكرملين مراراً تقارير عن مشاركة آلاف المتعاقدين الروس في القتال إلى جانب القوات الحكومية في سوريا. وقال أشخاص مطلعون على المهمة في سوريا إن أكثر من ١٠٠ مدني روسي قتلوا خلال الحملة.
لكن المحكمة الجنائية الدولية ليس لها سلطة قضائية على سوريا ولم تتعامل قط مع أي قضايا مماثلة من قبل. وقال يفجيني شاباييف قائد مجموعة القوزاق شبه العسكرية إن ما يربو على ١٢ منظمة روسية لقدامى المحاربين تخطط لأن ترسل إلى فاتو بنسودا المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية ومقرها لاهاي للتحقيق في جرائم الحرب. وقال إنه يعرف بصفة شخصية عشرات الأشخاص الذين شاركوا في مثل هذه المهام.
وقال شاباييف الذي عمل في الماضي ممثلاً لواحدة من الجمهوريات الانفصالية الموالية لروسيا في شرق أوكرانيا “الروس يقاتلون في الخارج كمتطوعين دون اعتراف رسمي من الحكومة الروسية.” ويقول قدامى المحاربين في الرسالة إنهم غير راضين عن حقيقة أن المتعاقدين الخاصين يعملون بشكل غير قانوني ولا يتمتعون بأي منافع اجتماعية أو حماية بعد ذلك.
ولا تتمتع المحكمة الجنائية الدولية بالولاية القضائية إلا عندما تكون حكومة بلد ما غير راغبة أو غير قادرة على التحقيق في جريمة بالغة الخطورة، وفقط فيما يتعلق بالجرائم التي ترتكب في أراضي الدول الأعضاء. وروسيا ليست عضوا في المحكمة.
اشتباكات ومعابر ٩ تشرين الثاني/نوفمبر
رويترز قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن القوات الحكومية اشتبكت مع مقاتلي المعارضة في محافظة حماة يوم الجمعة في إحدى أعنف المعارك بشمال غرب سوريا منذ عام. وأضاف المرصد أن الجيش والقوات المتحالفة معه هاجموا مقاتلي المعارضة بالقرب من قرية حلفايا خلال الليل وسيطروا على بعض المواقع.
وقالت وكالة الأنباء العربية السورية الرسمية (سانا) إن جنوداً قتلوا متشددين في كمين في حماة رداً على هجمات شنوها على موقع عسكري بالبنادق الآلية الثقيلة. وقال المرصد إنه لم يتضح إن كان هناك قتلى في صفوف القوات الموالية للحكومة. وذكر المرصد أن ما لا يقل عن ٢٢ من جماعة جيش العزة لقوا مصرعهم بينما أصيب العشرات في أكبر خسائر بشرية في صفوف المعارضة في شمال غرب سوريا منذ شهور عديدة.
ويقع تبادل لإطلاق النار من آن لآخر في شمال غرب سوريا منذ إبرام اتفاق في أيلول/سبتمبر بين روسيا، الحليف الرئيسي لدمشق، وتركيا التي تدعم المعارضة. ونجح الاتفاق الذي نص على إنشاء منطقة منزوعة السلاح في منع هجوم للجيش على إدلب الخاضعة لسيطرة المعارضة وأجزاء قريبة من محافظتي حماة وحلب.
وفي الوقت الذي تتجدد الاشتباكات المتفرقة يتم فتح معبر مورك الذي يصل بين مناطق سيطرة النظام ومناطق سيطرة المعارضة في شمال حماة. مما يشير إلى دور اقتصاديات الحرب الذي لا تعكسه الاشتباكات العسكرية بالضرورة. وفي نموذج آخر على اقتصاديات الحرب قامت تركيا يوم الخميس بفتح معبر حدودي مع عفرين بعد أن قامت بالسيطرة عليها عبر عملية عسكرية ضد القوات الكردية أطلقت عليها اسم “غصن الزيتون” وهو الاسم الذي سيطلق على المعبر.
تركيا و”الوحدات”: توتر ٦-٧ تشرين الثاني/نوفمبر
رويترز قال متحدث باسم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يوم الأربعاء إن تركيا لن تخفف موقفها من وحدات حماية الشعب في سوريا لتحقيق تطلعات الولايات المتحدة وذلك بعدما عرضت واشنطن مكافآت للإدلاء بمعلومات عن قادة كبار لمسلحي حزب العمال الكردستاني. وعرضت الولايات المتحدة يوم الثلاثاء مكافآت للإدلاء بمعلومات تؤدي لاعتقال ثلاثة من قيادات الحزب الذي يشن تمرداً ضد الدولة التركية منذ عقود. وقال إبراهيم كالين المتحدث باسم أردوغان في مؤتمر صحفي بعد اجتماع لمجلس الوزراء إن تركيا تعتبر خطوة واشنطن إيجابية ولكن متأخرة.
قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يوم الثلاثاء إن الدوريات الأمريكية الكردية المشتركة قرب الحدود التركية السورية أمر غير مقبول وإنه يتوقع من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن يوقفها.
وكانت قوات سوريا الديمقراطية قد قالت يوم الجمعة إن القوات الأمريكية بدأت دوريات على الحدود في محاولة لتهدئة التوتر مع أنقرة، وإن كانت لم تذكر هل انضمت قواتها إلى هذه الدوريات. وقال التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في سوريا إن الدوريات لم تشهد زيادة.
وفي سياق متصل قال مصدر أمني تركي يوم الأربعاء إن القوات التركية قتلت مسلحاً كردياً من وحدات حماية الشعب بعد أن أطلق النار من سوريا باتجاه تركيا، وذلك في أحدث اشتباك عبر الحدود مع المسلحين الأكراد شرقي نهر الفرات. وأضاف المصدر أن المسلح أطلق النار من منطقة رأس العين على إقليم شانلي أورفة بتركيا.
وأشار الرئيس رجب طيب أردوغان إلى عملية وشيكة تستهدف قوات وحدات حماية الشعب الكردية شرقي النهر، وأصدر الشهر الماضي ما وصفه بأنه “الإنذار الأخير” لمن يهددون حدود بلاده الجنوبية مع سوريا. وذكرت وكالة أنباء الأناضول أن القوات التركية قصفت الشهر الماضي مواقع لوحدات حماية الشعب الكردية قرب عين العرب. وذكرت مؤسسة الإذاعة والتلفزيون التركية أن القوات التركية قتلت أربعة مسلحين أكراد الأسبوع الماضي في اشتباك منفصل عبر الحدود في نفس المنطقة.
مخيم الركبان قيد التفاوض ٧-٨ تشرين الثاني/نوفمبر
رويترز قال الأردن يوم الخميس إن محادثات جرت مع واشنطن وموسكو لإخلاء مخيم الركبان الذي يقطنه نحو ٥٠ ألف نازح سوري في خطوة تهدف إلى تهدئة توتر أمني قرب منطقة قد تشهد مواجهات عسكرية وتقع قرب حدودها الشمالية الشرقية مع سوريا. وذكرت وزارة الخارجية الأردنية أن المملكة تدعم خطة روسية لترتيب عودة طوعية لساكني المخيم لمنازلهم في مناطق بشرق سوريا بعد أن استعادت الحكومة السورية السيطرة عليها من يد تنظيم داعش.
وتقول مصادر في المخابرات إن الخطة الروسية تتضمن التفاوض مع زعماء العشائر السورية ومقاتلين من المعارضة، دعمهم الغرب ولجأوا للمخيم من أجل توفير ممر آمن للعودة لمناطق تسيطر عليها المعارضة في شمال سوريا ومساعدة من يريدون العودة لمنازلهم في مناطق تسيطر عليها الحكومة السورية. ويقول أفراد بارزون من العشائر في المخيم إن الكثير من قاطنيه ليسوا مستعدين للعودة لمنازلهم في مناطق تسيطر عليها الحكومة لأنهم يخشون من التجنيد الإجباري.
وكرر المسؤولون الأردنيون القول إنه يشتبهون بأن المخيم تسللت إليه خلايا نائمة من تنظيم داعش، وهو هاجس أمني يسيطر على عمان منذ اقتحم متشدد من التنظيم بسيارته موقعا حدوديا عسكريا أردنيا عام ٢٠١٦ وقتل سبعة حراس.
تقول مصادر في المخابرات إن حصاراً فرضته القوات الحكومية السورية على المخيم الشهر الماضي وأدى إلى نفاد مخزون الغذاء في المخيم وأثار شبح المجاعة استهدف زيادة الضغط على واشنطن.
وانتهت الأمم المتحدة مؤخراً من توزيع المساعدات على آلاف السوريين في المخيم، حيث وصلت قافلة بقيادة الأمم المتحدة تضم أكثر من ٧٠ شاحنة يوم السبت تحت حماية الجيش الروسي بعد شهور من التأخير لنقل أول شحنة من مساعدات الإغاثة من داخل سوريا إلى المخيم الواقع تحت سيطرة المعارضة.
وقالت فدوى عبد ربه بارود مسؤولة الأمم المتحدة “انتهينا من توزيع جميع المواد، الإمدادات الغذائية والصحية ومواد الإغاثة الأساسية.” وأضافت “الوضع الإنساني بأكمله في مخيم الركبان ما زال مؤلماً إذ هناك نقص في السلع الأساسية وقلق بخصوص توافر الحماية ووفاة عدد من الأطفال قيل إنهم لم يتمكنوا من الحصول على العلاج الطبي.”
تحرير رهائن السويداء ٨ تشرين الثاني/نوفمبر
رويترز ذكر التلفزيون الرسمي يوم الخميس أن القوات الحكومية السورية أنقذت مجموعة تضم ١٩ امرأة وطفلاً خطفها تنظيم داعش خلال هجوم على مدينة السويداء السورية وقرى مجاورة في تموز/يوليو. واحتجز التنظيم المتشدد نحو ٣٠ شخصاً عندما اجتاح السويداء انطلاقاً من جيب صحراوي خارج المدينة وقتل أكثر من مئتي شخص ونفذ تفجيرات انتحارية بسترات ناسفة. وأضاف التلفزيون أن القوات الحكومية حررت المجموعة في منطقة تقع إلى الشمال الشرقي من صحراء مدينة تدمر بعد قتال مع متشددي تنظيم داعش. وجرى تحرير ست رهائن آخرين من نفس المجموعة في تشرين الأول/ أكتوبر. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان في آب/أغسطس إن متشددي التنظيم قطعوا رأس أحد الرهائن.
الحق في القصف! ٧ تشرين الثاني/نوفمبر
رويترز عبرت الولايات المتحدة يوم الأربعاء عن أملها أن تواصل روسيا السماح لإسرائيل بضرب الأهداف الإيرانية في سوريا على الرغم من تزويد موسكو الحكومة السورية بمنظومة الدفاع الجوي (إس-300).
وقال السفير جيمس جيفري، مبعوث واشنطن إلى سوريا، في مؤتمر عبر الهاتف للصحفيين “كانت روسيا متساهلة في مشاوراتها مع الإسرائيليين بشأن الضربات الإسرائيلية للأهداف الإيرانية داخل سوريا. نأمل بالطبع أن يستمر هذا النهج المتساهل.”
وذكرت موسكو في تشرين الأول/ أكتوبر أنها سلمت صواريخ (إس-300) أرض جو لسوريا بعدما اتهمت إسرائيل بالتسبب بصورة غير مباشرة في إسقاط الدفاعات الجوية السورية طائرة عسكرية روسية في أعقاب ضربة جوية نفذتها إسرائيل في مكان قريب.
وقال جيفري “إسرائيل لديها مصلحة وجودية في منع إيران من نشر منظومات قوى (أسلحة) طويلة المدى داخل سوريا كي تستخدم ضد إسرائيل، ندرك المصلحة الوجودية وندعم إسرائيل.” وأضاف أن إسقاط الطائرة الروسية المقاتلة في سبتمبر أيلول أبرز المخاطر المرتبطة بوجود جيوش أجنبية عديدة تعمل على مقربة من بعضها البعض في سوريا. ونسعى حالياً إلى تهدئة الوضع ثم الانتقال إلى حل طويل الأمد.
كما قال جيفري “الروس لن ينسحبوا في حقيقة الأمر نظرا لوجودهم هناك من قبل (الصراع)، لكن لديك أربع قوى عسكرية خارجية أخرى، الإسرائيليون والأتراك والإيرانيون والأمريكيون، جميعهم يعملون داخل سوريا حالياً، إنه وضع خطير.”
تعديل طفيف للقانون ١٠ ١١ تشرين الثاني/نوفمبر
سانا أقر مجلس الشعب تعديلاً للقانون ١٠ ليصدر القانون ٤٢ تاريخ ١١-١١-٢٠١٨ الذي تضمن تعديلاً للقانون رقم ١٠ الذي أثار جدلاً واسعاً كونه يهدد حقوق السوريين في ملكياتهم في ظل مشاريع التنظيم العقاري الجديدة. وتركز التعديل على تمديد فترة تقديم الوثائق التي تثبت الملكية من شهر إلى سنة.
أوضح وزير الإدارة المحلية والبيئة حسين مخلوف لسانا أن التعديل يتيح الفرصة الكافية أمام المواطنين لتقديم طلباتهم بشأن ملكياتهم وحقوقهم العينية العقارية عند إحداث منطقة تنظيمية ويكرس المبادئ الدستورية في صون الملكية ويعطي الضمانات الكافية للمواطنين ولا سيما في ظل وجود مالكين خارج البلاد. وبين مخلوف أن التعديل يهدف لصون الملكيات واعتماد السجلات العقارية الرسمية كأساس في عمل لجان التقدير وحل الخلافات والتوزيع المشكلة بموجبه ويفسح المجال أمام أصحاب الحقوق ليقدموا اعتراضاتهم أمام القضاء العادي بعد انتهاء أعمال اللجان القضائية في حال عدم تمكنهم من تقديمها أمام لجنة حل الخلافات.
ترافقت الحرب العسكرية في سوريا مع أخرى اقتصادية شملت العقوبات الاقتصادية الدولية المصرفية والتجارية، وإغلاق المعابر الحدودية مع دول الجوار، وانعكست على السوريين على عدة أصعدة كتسليم الحوالات المالية بالعملة المحلية حصراً ومنع تداول الدولار سواء للبيع أو الشراء. وأدى إغلاق المعابر الحدودية إلى ضرر اقتصادي كبير على سوريا، كما شكلت تلك المعابر عاملاً بارزاً في ميزان الحرب السورية، من ناحية تأمين السلاح، ونزوح السوريين إلى دول الجوار، وإدخال المساعدات الإنسانية إلى سوريا.
ومن المعابر التي تربط سوريا مع تركيا معبر كسب في محافظة اللاذقية، معبر باب الهوى في محافظة ادلب، معبر جرابلس ومعبر باب السلامة في منطقة اعزاز في محافظة حلب، معبر تل ابيض شمال محافظة الرقة، ومعبر راس العين ومعبر نصيبين ومعبر عين ديوار في محافظة الحسكة. في حين تربط سوريا مع لبنان خمسة معابر وهي: جديدة يابوس، والدبوسية، وجوسية، وتلكلخ والعريضة في طرطوس. أما المعابر التي تربطها مع العراق فهي: معبر اليعربية في محافظة الحسكة ومعبر البوكمال في محافظة دير الزور ومعبر التنف جنوب دير الزور. كما لدى سوريا مع الأردن معبران هما: معبر نصيب الحدودي الذي يسمى جابر من الجهة الأردنية في محافظة درعا، ومعبر الجمرك القديم في درعا (الرمثا).
ومع انحسار مظاهر الاقتتال العسكري على الأراضي السورية، بدأت بعض المعابر تفتح أبوابها مع سوريا، أولها معبر نصيب الحدودي بين سوريا والأردن. وكانت قوات المعارضة سيطرت على هذا المعبر في نيسان/أبريل عام ٢٠١٥، لتستعيده قوات النظام بدعم روسي في ٧ تموز/يوليو هذا العام، مما شكل متنفساُ جديداً للحياة الاقتصادية بين سوريا والأردن نظراً لأهمية المعبر، الذي يصنف بأنه من أهم وأبرز المعابر الحدودية في الشرق الأوسط. ونص اتفاق فتح المعبر على أن يكون عمل الحدود بكلا الدولتين من الساعة الثامنة صباحاً حتى الرابعة مساءً، ويسمح للمواطن الأردني بدخول سوريا بسيارته الخاصة أو كمسافر عادي. ويسمح للأردني المقيم في سوريا بالدخول للأردن عبر المركز الحدودي، كما يسمح للسوري المقيم بالأردن أو دولة ثالثة بالسفر لسوريا عبر المركز الحدودي. أما بالنسبة للسوري القادم للأردن من سوريا، فيسمح له بالدخول بعد حصوله على موافقة أمنية مسبقة، مثلما يسمح للسوري القادم للأردن ترانزيت بالمرور، على أن يكون حاصلاً على إقامة او تأشيرة دخول للدولة المسافر إليها او القادم منها.
يصف رائد حمود مهندس معماري من محافظة درعا معاناته خلال السنوات الماضية بمغادرة سوريا عبر معبر نصيب قائلاً: “فشلت محاولاتي خلال سنوات الحرب لدخول الأردن بشكل نظامي، فالعوائق كانت كبيرة، ومع إعادة افتتاح المعبر تفاءلت بأن تعود الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل الحرب، لكن الاتفاق كان واضحاً بأن إعادة افتتاح المعبر لا نصيب لنا فيه، حيث لم يتضمن الاتفاق عودة العلاقات السياسية، وبالتالي يحتاج سفر السوريين لموافقات أمنية تحتاج الكثير من الوقت لإصدارها”.
ويسمح للسوري الحاصل على بطاقة مستثمر بالدخول، بدون موافقة مسبقة ويسمح له بإدخال سيارته الخاصة، كما يسمح لسائقي السيارات السورية العمومي بالدخول للأردن لنقل المسافرين دون موافقة مسبقة. وبالنسبة لحركة الشحن، يسمح للشحن الأردني بالدخول لسوريا حسب الاتفاقية الأردنية -السورية، كذلك يجيز الاتفاق للشحن السوري القادم للأردن بالدخول، بعد اتخاذ إجراءات التفتيش المطبقة.
يقول مازن علوان الذي يعمل بالتجارة: “منذ اليوم الأول لافتتاح المعبر، دخلت عدة شاحنات أردنية إلى سوريا، قامت بنقل البضائع إلى الأردن، واتجهت إلى السعودية محملة بالمواد والسلع الغذائية والحمضيات وبمواد تنظيف والكيماويات، وهذا العمل التجاري يشكل متنفساُ للتجار السوريين الذين عانوا من الحصار خلال الحرب، حيث أصاب البضائع والمنتجات السورية حالة كساد، تسببت بخسائر اقتصادية جمة دفع ثمنها التجار السوريون”.
أهمية المعبر للاقتصاد السوري
شكل إغلاق المعبر ضربة قوية لاقتصاد سوريا حيث قدرت خسائر إغلاقه بحوالى ١٠-١٥ مليون دولار يومياً، وبحسب البيانات الرسمية المتعلقة بالحركة التجارية للمعبر، قدر عدد الشاحنات التي غادرت سورية إلى الأردن خلال عام ٢٠١٠- عدا شاحنات الترانزيت- نحو ٤٤٢٥ شاحنة، فيما سجلت الصادرات السورية في العام نفسه ١١٠٠ مليون طن بقيمة قاربت ٣٥ مليار ليرة، ووصل حجم المستوردات ١١٤١ مليون طن بقيمة ٤٧ مليار ليرة. أي أن قيمة المبادلات التجارية للمعبر قاربت ملياري دولار وفقاً لسعر الصرف المعمول به في عام ٢٠١٠ الذي كان يعادل قرابة ٥٠ ليرة سورية. أما في عام ٢٠١٤ حتى تاريخ إغلاق المعبر في نهاية شهر آذار/مارس عام ٢٠١٥ فقد انخفض حجم الصادرات إلى ٣٤٠ ألف طن بقيمة ٢٧ مليار ليرة سورية، أي إلى الثلث تقريباً عن عام ٢٠١٠، كما هبط حجم الواردات إلى ٤٦٠ ألف طن بقيمة ٧٨ مليار ليرة، علما أن سعر صرف الدولار أصبح يعادل ٣٠٠ ليرة.
أما عن حركة المسافرين، فوصل عدد المسافرين عبره إلى سورية في فصل الصيف إلى ١٥ ألف مسافر يومياً من السوريين القادمين بقصد الزيارة ومن الخليجيين والأردنيين بقصد السياحة في سورية، إضافة إلى عبور حوالي ٤ آلاف تكسي تعمل بتحميل ونقل الخضار والفواكه وغيرها من سورية إلى الأردن. وللمعبر قيمة مضافة تتمثل بوجوده قرب المنطقة الحرة السورية-الأردنية المشتركة، والتي تشكل منطقة تجارية وصناعية للشراكة بين الحكومتين وهي تضم عشرات المعامل ومعارض السيارات ومكاتب لخدمة العابرين، ويتم تنزيل البضائع في المنطقة الحرة لإعادة تصديرها للعراق والأردن والخليج.
من الناحية اللوجستية، أدى إغلاق المعبر للبحث عن طرق بديلة لتصدير المنتج السوري عبر البحر والجو، مما حمل الاقتصاد السوري كلفاً مادية باهظة إضافة للوقت، حيث يستغرق طريق البحر لنقل الصادرات إلى الأردن عبر مرفأ اللاذقية وطرابلس اللبنانية إلى العقبة ثم عمان قرابة ٤٠ يوماً، أما النقل جواً فإن الوقت المقدر لوصول السلع إلى الأردن بعد المرور من بيروت يقدر بقرابة ٤ أيام، في حين يستغرق النقل يوماً واحداً من خلال معبر نصيب. وبشكل عام أدت الحرب لتناقص الصادرات السورية لدول العالم بنسبة ٧١٪ عام ٢٠١٢، من ٨ مليارات دولار إلى نحو ٢ مليار دولار، وبعد إغلاق المعبر عام ٢٠١٥ زاد الإنخفاض من مليار دولار إلى نحو ٨٤٣ مليون دولار، لتصبح ٦٨٦ مليون فقط عام ٢٠١٧. واتسم الميزان التجاري بالعجز كسمة عامة طوال الأعوام الماضية، نتيجة لانخفاض حجم الصادرات والواردات عمّا كانت عليه قبل عام ٢٠١١ وبلغ الميزان التجاري حده الأدنى في عام ٢٠١٦ لحوالي ٤ مليارات دولار.
الوضع المعيشي بعد المعبر
اعتبر بعض السوريين إعادة فتح المعبر خطوة نحو التعافي الاقتصادي، فيما رأى آخرون أنه رصيد جديد من المال يضاف لحسابات التجار الذين أثقلوا كاهل المواطن السوري برفع الأسعار خلال سنوات الحرب. يرى سعد عتمة الطالب في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق بأن إعادة فتح معبر نصيب الحدودي “خطوة اقتصادية جيدة للبلدين، لكن الفائدة الأولى هي للتجار ورجال الأعمال الذين سيتمكنون من تصدير بضائعهم وتوريد احتياجاتهم، في حين أن المواطن السوري لن يشعر بالفرق ولن ينعم بفوائد هذا الانفتاح”، ويضيف عتمة “على العكس، مع مضي الوقت ستعاود الأسعار ارتفاعها، نتيجة تصدير البضائع السورية إلى الأسواق العربية عبر الأردن، مما سيساهم بانخفاض القدرة الشرائية لليرة السورية”.
أما سناء ملحم المحامية والناشطة بالعمل الإنساني فوقع خبر إعادة فتح المعبر عليها “كالصاعقة” بحسب وصفها، وتشرح السبب بقولها “إعادة افتتاح المعبر لن يحسن من الوضع المعيشي والإنساني للسوريين المتواجدين في مخيم الركبان، والذي يعد مأساة وكارثة إنسانية لا يمكن السكوت عنها، لا قيمة ولا منفعة لأي اتفاق اقتصادي مع أي دولة، طالما هناك سوري يعاني الجوع والفقر والمرض والبرد في مخيم تابع لدولة لا تملك أدنى مقاييس الإنسانية بحق من لجؤوا إليها”، وتتساءل ملحم “هل يعقل أن يدخل الأردني دون فيزا بعكس دخول السوري إلى الأردن؟ لذلك لا بد أن يكون القرار السياسي في خدمة المصالح الاقتصادية وليس العكس”.
ويرى عمر الرفاعي وهو سائق شاحنة، بأن المعبر مكسب للأردنيين على حساب السوريين، فالكثير من الأردنيين يتبضعون احتياجاتهم من سوريا بأسعار منخفضة مقارنة بأسعار السلع في الأردن، فيما لا يستطيع السوريون شراء احتياجاتهم الأساسية بسبب الغلاء الفاحش والأجور المنخفضة التي يتقاضونها مقارنة بالموظف الأردني. على سبيل المثال راتب الموظف الأردني حوالي ٦٧٠ دولار شهرياً، في حين أن متوسط دخل الموظف السوري ٧٠-٨٠ دولاراً فقط. ويضيف الرفاعي ” إن مشهد تواجد رجال الأعمال برعاية رجل الأعمال السوري محمد حمشو أمين سر غرفة تجارة دمشق، يؤكد أن مكاسب إعادة افتتاح المعبر تعرف طريقها إلى جيوب وأرصدة تجار الأزمات، ولن يكسب المواطن السوري منها سوى المزيد من الفقر والغلاء”.
من جهة ثانية، حاول النظام السوري امتصاص غضب السوريين، والتبرير بأن إعادة افتتاح معبر نصيب الحدودي يعد حدثاً مهماً يوازي بأهميته إعادة سيطرته العسكرية على أي منطقة، وهذا ما قامت بترويجه وسائل الإعلام السورية المحلية بتغطيتها، كما وجه النظام السوري رسالة عبر موقع الكتروني يعمل لحسابه بضرورة معاقبة من يتحدث عن الجانب السلبي لقرار إعادة افتتاح المعبر، وتصنيفه ضمن خانة التخوين.
“هام جداً للسوريين الراغبين في الحصول على الجنسية التركية”، و”هذا ما عليك معرفته للحصول على الجنسية”، “كل ما تحتاج معرفته عن الجنسية التركية”، تبدو هذه العناوين الرنانة هي الأكثر جذباً اليوم للسوريين المقيمين في تركيا والذين يُقدر عددهم بثلاثة ملايين ونصف المليون، حصل نحو ٥٥ ألف منهم على الجنسية التركية حسب تقرير اللجنة الفرعية للاجئين في تركيا. ويسعى أغلب الباقين للحصول عليها أيضاً، وخاصة أن الدولة التركية تفتح المجال أمامهم لذلك مع إمكانية حفاظهم على الجنسية السورية.
وأصبح حلم المواطنة التركية أكبر الأحلام للسوريين المقيمين فيها، وخاصة في ظل الصعوبات والتعقيدات التي يواجهونها لاستخراج الوثائق الثبوتية، من إصدار جواز سفر جديد، أو تثبيت زواج أو تسجيل مولود، وما إلى ذلك، وقد أصبحت هذه الأوراق عبئاً ثقيلاً ومكلفاً ولعنة تلاحقهم أينما حلّوا.
“أرغب بالحصول على الجنسية لأن ذلك يساويني بالمواطنين الأتراك، وبالتالي أتخلّص من جملة من القوانين المعيقة لحرية التنقل والتملّك وغير ذلك”، هذا ما قالته الصحفية السورية سوزان محمد، والتي تقيم في مدينة بورصة التركية منذ حوالي الأربع سنوات، وتضيف سوزان “في المدى المنظور لا أمل لدي بالعودة إلى سوريا، وغالبية السوريين الموجودين هنا يرغبون بالحصول على الجنسية لأنها تمنحهم حقوق المواطن التركي وتضمن لهم الدخول لعشرات الدول بلا تأشيرة، فضلاً عن تخلّصهم من عبء القوانين الخاصة بالإقامات وأذونات العمل.”
ويمنح الجواز التركي حامله إمكانية السفر لـ ٧٠ دولة في العالم دون الحاجة للحصول على الفيزا، كما أن الحصول على تأشيرات الدخول لحامله لا تقارن بصعوبة حامل الجواز السوري.
وأثرت معيقات السفر هذه على العلاقات الاجتماعية بين السوريين المُهجّرين، إذ تقام كثير من الزيجات دون وجود الأهل، بسبب عدم مقدرة الأبناء على إقامة مناسباتهم في سوريا لأسباب أبرزها أمنية ومادية، وعدم قدرة الأهل على السفر بسبب التأشيرات الصعبة، كذلك لا يتمكن معظم الأهالي من رؤية أحفادهم من المواليد الجدد، سوى عبر برامج الاتصال المجانية مثل السكايب والواتساب التي تنقل الصوت والصورة وتسهم بتقريب المسافات.
أما عن الحياة في تركيا، فبعد خروج ملايين السوريين نحوها، بات الاندماج في المجتمع الجديد أمراً حتمياً عليهم سواء من حيث اللغة، أو الزواج، أو العادات والتقاليد، والبعض وصل به الأمر “حد التجانس والتطبع الكامل بطباعهم” بحسب الشاب محمد الحمصي الذي يقيم في اسطنبول، ويعمل في مجال تجارة العقارات، ويضيف محمد “بالفعل انجذب الكثير من الشبان للحياة في تركيا، وكان لكل واحد منهم سبب يخصه فمنهم من أعجبته مجالات العمل، وآخرون انبهروا بالحرية الشخصية، أو نمط الحياة المنتظمة، ناهيك عن الرفاهية التي شعروا بها سواء على مستوى تنظيم الشوارع أو وسائل النقل العامة، ووسائل الراحة الأخرى.”
ويتابع الحمصي “بالنسبة لي كشاب سوري حالي كحال الغالبية العظمى من المهجّرين من الوطن، نحبّه ونتعلق به لأننا لم نغادره طواعية بل مُكرهين، ولكن من الضروري لنا الحصول على جنسية أخرى لأن الكثير من الأمور حُرّمت علينا بسبب جنسيتنا كسوريين، الكثير من أصدقائي حصلوا على الجنسية التركية غالبهم طلاب لقد كانوا سعداء واستفادوا كثيرا منها، وآخرون من أصدقائي كان لديهم رأس مال بسيط واستطاعوا أن يشتروا بيتاً صغيراً يخلّصهم من أعباء الإيجار، وقسم منهم قام ببعض المشاريع دون أن يتم تسجيلهم كأجانب.”
العديد من السوريين حصلوا على الجنسية بالبحث عن أصول تركية ضمن أشجار عائلاتهم كما حدث مع السيدة نور والتي غيّرت كنيتها لتصبح أوغلو، بعد حصولها على الجنسية التركية منذ سنة. تقول نور إن جدّتها من طرف والدها تركية الأصل، ولدى العائلة أوراق تثبت ذلك، “قدمنا هذه الأوراق للحكومة التركية في ولاية غازي عينتاب حيث أُقيم، وبعد التحقق والتأكد من قِبلهم تمّ قبول الطلب، ولكن الموضوع أخذ طبعاً فترة ليست بالقليلة وقمنا بتوكيل محامي من أجل ذلك” تروي نور.
وتشير أوغلو إلى أن حياتها اختلفت كُلياً بعد حصولها على الجنسية، وخاصة أنها حرصت على تعلّم اللغة، وهي تعمل اليوم في إحدى المؤسسات التركية الثقافية، وبدأت فعلاً بالاندماج الحقيقي مع المجتمع الجديد غير مخفية إعجابها الشديد بالحقوق الواسعة التي يمنحها القانون للمرأة التركية.
ويتمتع السوري المجنس حديثاً، بجميع الحقوق السياسية والمدنية والاجتماعية والاقتصادية التي يكفلها الدستور التركي للمواطنين الأتراك، من حق الانتخاب والترشح وتقلد الوظائف العامة والعمل وحق التملك، هذا إلى جانب إمكانية تعديل الشهادات وممارسة مهن محظورة على الأجانب مثل المحاماة، الصيدلة، البيطرة، القبالة، الأمن الخاص والعام للمنشآت، المهن البحرية، والتخليص الجمركي.
الصحفي عبد الحميد سلات والذي وصل الآن للمرحلة الرابعة في الجنسية التركية قال: “أنا مقيم في ولاية هاتاي منذ أربع سنوات وحصولي على إقامة العمل ساعدني كثيراً للحصول على الجنسية، حيث اتصلت دائرة الهجرة بي منذ سنة تقريباً، وطلبت مني تقديم أوراقي للحصول على الجنسية، أجريت مقابلة وتم إقرار منح عائلتي أيضاً الجنسية التركية كوني متزوجاً .
وينوّه سلات إلى أن أي سوري حاصل على إقامة العمل منذ أكثر من خمس سنوات يحق له قانونياً التقديم للجنسية، ولكنه يشير إلى أن الحظ حالفه واتصلوا به قبل إتمامه المدة المطلوبة، وهو ينتظر في الوقت الحالي الحصول على الجنسية التركية الاستثنائية.
أما الشاب حسين بصبوص الذي يقيم في اسطنبول فيقول “لو سألتني هذا السؤال قبل ست سنوات، عندما كانت الثورة في أوجها، لكانت الإجابة لا، لكن بعد الانكسارات التي حدثت والحالة السياسية والوضع المبهم الذي وصلت إليه البلاد، أصبحت أسعى فعلاً للحصول على الجنسية التركية، فكلمة لاجئ تحرم الكثير الإنسان من الحقوق، أهمها الضمان الصحي، حيث يضطر السوريون لدفع مبالغ كبيرة لقاء علاج بعض الحالات الصحية، لأن الدولة لاتتكفل بها.” ويضيف بصبوص “نحن كسوريين لا نعلم ماذا ينتظرنا، وبالنسبة لي فسأنتمي إلى أي منطقة تعطيني الأمان والعمل والحياة الكريمة، سوريا حرمتني كل شيء للأسف.”
وحول فتح باب التجنيس للسوريين من قبل الدولة التركية، يقول رئيس تجمع المحامين السوريين الأحرار، المحامي علي رشيد الحسن: “تقوم تركيا بالانتقال تدريجياً من مرحلة الضيافة للسوريين إلى مرحلة الدمج المستدام، وخاصة بالنسبة لهؤلاء الذين يملكون شهادات علمية عليا وخبرات ومؤهلات مهمة في سوق العمل، لأن ذلك يؤدي بالضرورة للتأثير إيجاباً على الاقتصاد التركي وخاصة بعد دخول السوريين في الأسواق التجارية والصناعية، وضخ رؤوس أموال كبيرة من قِبل التجار، ما جعل تركيا تسرع في تجنيس السوريين.”
ويشير الرشيد إلى أن موضوع تحديث البيانات الذي طلبته دائرة الهجرة من السوريين مؤخراً، كان بهدف معرفة حملة الشهادات ومعرفة الأشخاص والعائلات من أجل ترشيحهم للحصول على الجنسية الاستثنائية، لافتاً إلى أن أكثر الأشخاص المؤهلين للجنسية هم أصحاب الشهادات وإقامات العمل، وإضافة الى معيار التزكية الجديد، هذا بالنسبة للأشخاص العاديين.