نصيحة للسوريين من مهرب ليبي

نصيحة للسوريين من مهرب ليبي

جمعتني الصدفة منذ بضعة أيام بصديق أيام الدراسة الجامعية وهو في طريقه إلى الإدارة العامة للهجرة والجوازات في دمشق لتجديد جواز سفره، فبادرت بسؤاله: “أين تنوي الرحيل والعالم كله أقفل أبوابه بوجهنا باستثناء الدول الفقيرة والمعدمة؟”. فأجاب وهو مزهو بنفسه: ” لا هناك طريق مضمون إلى أوروبا عن طريق ليبيا. يمكنني السفر عبر “أجنحة الشام ” من مطار دمشق إلى مطار بنغازي ومن هناك إلى طرابلس حيث ينتظرني أحد المهربين وهو سيتكفل بوصولي إلى ليبيا.
تابع صديقي أن صديقا مشتركا بيننا سافر بنفس الطريقة وهو حاليا في ايطاليا سعيدا مع عائلته، وان صديقا أخر سينطلق الأسبوع القادم بنفس الوجهة ، وبحرقة قلب تابع: “أوربا بأسرها لاتعني لي شيئا، ولكن أبحث عن مستقبل يشعر فيه أبنائي بالأمان والحياة الكريمة ففي هذه البلاد يبدو أن الأفق مسدودا على كافة الأصعدة ،والأمور تزداد تعقيدا يوما بعد يوم”.
ودعت صديقي على أمل أن يكون القادم أفضل.

عصة القبر
رغم توقف الحرب في أغلب المناطق السورية، لاتزال غالبية الناس يفكرون بالهجرة بحثا عن ظروف اقتصادية ومعيشية أفضل في ظل انعدام أبسط مقومات الحياة. يختارون ليبيا كجسر عبور إلى أوروبا، ذلك بسبب موقعها الجغرافي وقربها من القارة العجوز، كما شكل الصراع المسلح فيها وغياب القانون وضعف حراسة الشواطىء عامل جذب للمهربين لاستخدامها كنقطة انطلاق.
مصطفى شاب سوري من محافظة درعا وصل ليبيا بداية العام الحالي هربا من الخدمة الإلزامية، لكن لم يحالفه الحظ حتى الآن بالوصول إلى أوروبا. في المرة الأولى، عثر على سمسار للهجرة غير الشرعية من خلال مواقع التواصل الاجتماعي. وعده بضمان الوصول إلى أوروبا، لكن تم اصطياد المركب بمن فيه من قبل خفر السواحل، وتم الإفراج عنه بعد دفعه فدية بقيمة الف دولار اميركي.
رغم ذلك، لم يعلن توبته، بل اتصل بذويه في سوريا، مجددا وطلب منهم بيع السيارة العائدة ملكيتها لوالده ليعيد الكرة، مؤكدا لهم أن المهرب السابق “ابن حرام ” وأنه تعرف على أخر “يخاف الله”.
أما ليلى التي تعيش في ضواحي مدينة دمشق، ودعت أخاها منذ أشهر متوجها إلى أوروبا عبر ليبيا لكن أخباره انقطعت ولا تعلم حتى اللحظة هل هو في عداد الأموات أم الأحياء. تقول والألم بعتصر قلبها: “لا أخ لنا سواه. والدي توفي في الحرب، ووالدتي مريضة قلب، ونحن أربع بنات. بعد تخرجه من الجامعة عمل في إحدى الشركات ولكن الأجور المتدنية في البلاد لاتكفي لسد احتياجاتنا مع الارتفاع المخيف للأسعار، لذلك قرر الهجرة بحثا عن واقع معيشي أفضل له ولعائلته. حاولت الاتصال مع مهاجرين ولاجئين في ليبيا لأعرف عنه شيئا ولكن دون جدوى”.

مهرب 5 نجوم
” أبو بكر”، هو أسم مستعار لسوري الجنسية مقيم في ليبيا يصنف نفسه في مواقع التواصل الاجتماعي كأحد أبرز المهربين في الساحة الليبية من حيث السعر المقبول وضمانات الوصول. يقول لـ “صالون سوريا”: “أتكفل بالمهاجر من لحظة وصوله لمطار بنغازي حيث يكون بانتظاره سائق ينقله سواء كان وحده أو مع عائلته، إلى طرابلس وعندما يكون الوقت مناسبا سيبحر المركب من مدينة زوارة التي تبعد عن العاصمة طرابلس حوالي 100 كلم ، ثم إلى ايطاليا وتستغرق الرحلة حوالي 12 ساعة في البحر وتكلفة الراكب 2500 دولار”.
لا يخلو حديث ” أبو بكر” من إطلاق تطمينات لجهة أنه لايغامر بالمهاجرين، فهو لن يسير المركب إن كان البحر هائجا حتى لو استدعى الأمر بقاء المهاجرين بضيافته لأشهر في طرابلس، موضحا أن مسافة الخطر تتراوح بين 3 و4 ساعات حيث يتمركز خفر السواحل وبعد اجتيازهم هذه المسافة سيكون المركب بأمان، مؤكدا أنه سيرافق الركاب حتى اجتيازهم منطقة الخطر وبأن في المركب سائقا ماهرا ومعه “جي بي اس ” وجهاز اتصال ثريا.
ومن باب الدعاية أكد أن بضيافته حاليا في طرابلس ثلاث عائلات سورية إضافة إلى شباب وأرامل وأطفال يريدون الهجرة، وهو بانتظار الوقت المناسب للانطلاق بهم. وفي نهاية الحديث أرسل فيديو لمهاجرين ادعى أنهم وصلوا بلد المقصد عن طريقه، مطالبا بحذفه بعد المشاهدة. ولدى السؤال إن كان يقوم بدفع رشاوى لخفر السواحل حتى يغض النظر عن المركب رفض الإجابة، باعتبار أن عمله كمهرب يقتضي السرية التامة حول خطط الهروب.

لا موسم للهجرة حاليا
جهاد البراغيثي، وهو سائق ليبي الجنسية، يقوم في كثير من الأحيان بإيصال قادمين من سوريا إلى طرابلس حيث الوجهة الرئيسية إلى “الفردوس الأوروبي”. يبدي استغرابه عن السبب الذي يدفع السوريين للموت المجاني بالبحار، تاركين حياتهم رهينة لسماسرة ومهربين رغم الكثير من التحذيرات والكوارث التي لحقت بمن سبقهم، مؤكدا انه كل من حاول السفر بشكل غير شرعي، إما لقي حتفه في البحر أو تم احتجازه من قبل خفر السواحل ومنهم من عاد لبلده أو استقر وعمل في ليبيا خاصة أصحاب الحرف والمهن الحرة وان نسبة قليلة ممن حالفهم الحظ ووصلوا إلى الشواطئ الأوروربية.
وأشار البراغيثي الى أن موسم الهجرة ينشط في الصيف وحاليا هناك خطورة كبيرة من البحر. ورغم ذلك يستمر المهربين بنشاطهم الدعائي للهجرة لان مايهمهم هو الحصول على المال غير أبهين بحياة البشر، ملمحا إلى أن من يخدع السوري هو أخوه السوري،ناصحا بأن ليبيا بلد يمكن العمل فيها وتأمين حياة كريمة لعائلة المهاجر دون أن يعرض حياته للمخاطرة فالأجور تتراوح بين 300 و500 دولار للعمال، بينما أصحاب الحرف يتقاضون مبالغ أكبر.

خيبة… ولاتوبة
لايتوقف المغتربون السوريون في ليبيا الذين هم على دراية تامة بخفايا الأمور من إطلاق التحذيرات لكل سوري يفكر بالسفر في رحلات المقامرة ومنهم سعيد درويش وهو صاحب مطعم يعيش منذ فترة طويلة في ليبيا. يقول: “نحن السوريين أصبحنا سلعة للبيع عن طريق سماسرة سوريين يعملون لصالح المهربين. نركب البحر وفي نهاية المطاف يتم تسليمنا لخفر السواحل الذين ينهالون علينا ضربا حتى ندفع لهم المال مقابل الإفراج عنا”. يتابع: “هناك سوريون يعملون بتهريب البشر قاموا بشراء مراكب بقيمة 30 ألف دولار للمركب الواحد وسعته حوالي 500 راكب وعلى سبيل المثال إذا كان المهرب يتقاضى من الراكب 2500 دولار ويعطي للسمسار500 دولار مايعني انه في كل نقلة يربح المهرب (صاحب المركب ) مليون دولار والسمسار250 ألف دولار ، وفي حال كان هناك أكثر من نقلة يقوم المهرب برمي المهاجرين على أقرب شاطئ أو يسلمهم لخفر السواحل بالتواطؤ المسبق بينهما، ويعود ليأخذ النقلة الثانية”، مؤكدا أن المهرب والسمسار لن يتوقفا عن الترويج للهجرة غير الشرعية لأن الأرباح تفوق الخيال، و لتستمر اللعبة يقوم خفر السواحل بغض النظر عن مركب واحد من بين 100 راكب، وعند الوصول إلى الشواطىء الايطالية يصورون الركاب على أنهم سعداء بالوصول والنجاة ويتم بث الفيديو عبر صفحات التواصل الاجتماعي للترويج وتشجيع الناس لارتكاب نفس الحماقة.

إحصاءات القهر
لاتوجد أرقام دقيقة للأعداد الحقيقية للمهاجرين السوريين الذين وصلوا فعليا إلى أوربا عبر ليبيا، غير أن وسائل إعلام تحدثت في أب (اغسطس) الماضي عن سبعة عشر سوريا لقوا حتفهم نتيجة غرق قارب لاجئين في البحر المتوسط أثناء توجهه من شواطئ ليبيا نحو الأراضي الإيطالية، وأن سبب الغرق هو الحمولة الزائدة، حيث كان على متن القارب الذي لا يتجاوز طوله الـ9 أمتار نحو 86 شخصاً لاجئاً ، واعترف المسؤولين عن الحادثة بتقاضيهم مبلغ 5آلاف يورو من كل شخص مقابل نقلهم تهريب من ليبيا إلى إيطاليا.
واستنكر المرصد الأورومتوسطي الممارسات غير الإنسانية التي ترتكبها السلطات الليبية بحق مئات من المهاجرين السوريين المحتجزين في سجونها، وبحسب المرصد، فإنّ قوات خفر السواحل الليبية ألقت القبض خلال الصيف الماضي 800 شاب سوري أثناء محاولتهم الهجرة إلى أوروبا عبر البحر المتوسط انطلاقًا من الشواطئ الليبية، واقتادتهم إلى أربعة مراكز احتجاز في العاصمة طرابلس. وأشار المرصد أن محتجزين سابقون أبلغوا عن تعرّضهم لمعاملة مهينة شملت الضرب بأنابيب بلاستيكية، وعدم توفير طعام مناسب سواء من حيث الكمية أو الجودة، إضافة إلى توفير مياه غير صالحة للشرب ولمرتين يوميًا فقط. ويضطر المحتجزون لدفع مبالغ مالية تصل إلى أكثر من 1000 دولار أميركي، لقاء إخلاء سبيلهم عبر من يعرفون بـ”السماسرة” الذين يتلقون تلك الأموال باتفاق يبرم بينهم وبين مدراء السجون ومراكز الاحتجاز.
سارعت للاتصال بصديقي الذي تدور برأسه الفكرة، لأحدثه بما جمعته من معلومات حول مخاطر الهجرة إلى “الفردوس الأوروبي” عبر ليبيا، محاولة إقناعه بالعدول عن الفكرة…لعل هناك احتمال مستقبل أفضل في هذه البلاد.

.

جندي ذواق في غرفة منسية

جندي ذواق في غرفة منسية

حان وقت تدخين سيجارة على الشرفة المطلّة على قطعة عسكرية قريبة من المنزل. أغنية للياس خضر تصدر في كل مرة من ذات الغرفة المحصّنة التي نجت من أثار الحرب خلال سنوات مضت. ليس مستغرباً أن تسمع نغمة حزينة قادمة من نقطة عسكرية، فيها جنود منسيون لا يعزّيهم سوى الألحان الحزينة التي تؤنس وحدتهم، ومن يجيد العزف على تلك الأوتار أكثر من ياس خضر.
ساعات مرت على موعد السيجارة التالية، لا يزال صوت خضر يصدح في المكان، وكأنه يقيم حفلاً في تلك الغرفة الإسمنتية ذات المظهر الباهت. فضولٌ يلازمني على مدى أيام، من هو ذا صاحب الذوق الرفيع المشبع بالأحزان الذي يُطرب ليالي هذه المنطقة المهجورة؟
مضت أيام. أشتري بعض رُزم “الخبيّزة” والبصل؛ لأعد غداء اليوم. يقف إلى جواري شاب يبدو وأن وجهه اسمرّ مؤخراً، لا تتناسب البدلة العسكرية التي يرتديها مع معالمه الطفولية التي تدعوك للصراخ في وجهه “اخشوشن يا فتى!”.
يشتري ذاك الفتى البرتقال وبقايا عنب تتواجد لدى البائع، رغم أننا دخلنا في أوائل أيام الشتاء. يقول البائع إن هذا الصنف من العنب الأحمر يبقى “على أمّه” حتى وقت متقدم من السنة، إذ يلتقي مع موسم النبيذ. يتحدث الجندي عن النبيذ بحسرة “فمن من الممنوع شرب الخمور في القطعة العسكرية”، وتبدو في حديثه رغبة في ثمالة تُذهب عقله لساعات فينسى قيود البدلة التي يرتديها والحُجرة التي يمكث فيها.
“يبدو أنه جندي غرّ مبتدئ” -يهمس البائع في أذني-. لكن ما بدا لي أن صدفةً ما، جمعتني بذاك الذي يستمع إلى ياس خضر دوماً، لحقتُ به، وناديته، ولم يخذلني حدسي.
تُخفي تلك الغرفة الإسمنتية الباهتة خلف جدرانها قصة جندي لم يتبقَ له من الذاكرة سوى شريط “كاسيت” يضم 23 أغنية للمطرب العراقي الياس خضر، يشغّله عبر آلة عفى عليها الزمن، لكنها لا زالت تستطيع تشغيل ذاك الشريط الذي يحتفظ به الجندي من منزله الذي دمرته الحرب فوق رؤوس عائلته.
نجا من المنزل القليل من الأثاث غير المهم، وذاكرة حزينة انتشلها من تحت الأنقاض وقرر الهروب بها إلى حيث لا خراب ولا دماء، لكنها كانت بمثابة لعنة وسوء طالع، أحبط آماله بالسفر لاستكمال دراسته واستعادة حياته السليبة.
الشاب الطري الرقيق، الذي اشتد عوده واسمرّ جبينه بفعل القسوة التي تجرّع كأسها حتى التخمة، ابتداء من خسارة عائلته إلى ضياع أحلامه، وليس انتهاءً باستبدال الآلة التي كانت تلامسها أصابعه، فبغضون سنوات بات زناد البندقية هو الشيء الوحيد القريب من ملمس يديه، بعد أن كان معتاداً على مداعبة أوتار العود في سهرات الطرب مع أصحابه وعائلته.
“وضعتني هذي السنوات في حجرة منسية، لا أجني منها سوى الوحدة والحزن والعجز، لم أتخيل يوماً أنني سأخدم بهذي الطريقة، بأن أكون عاجزاً إلا عن البكاء والاستماع لشريط الياس خضر، كل ما تبقى لي من أبي”.
يقول “صاحب الذوق الرفيع” بأنه لم يرغب منذ بداية الحرب بأن يُحسَب على أي طرف أو حتى يوضع بمواجهة أيّ منهم، معتبراً أنه يقضي مع رفاقه الجنود سنوات الخدمة دون أي جدوى، بل وتأخذ “نوبات الحرس” من عمرهم ربيعه. وفوق هذا كله “نُحسب لدى شريحة واسعة من أبناء البلد على أننا أعداء ومجرمون، فماذا اقترفنا لنحاسب بكل هذه القسوة؟”.
يقول “صاحب الذوق الرفيع” بأنه لم يرغب منذ بداية الحرب السورية بأن يُحسَب على أي طرف أو حتى يوضع بمواجهة أيّ منهم. معتبراً أنه يقضي مع رفاقه الجنود سنوات الخدمة دون أي جدوى، بل وتأخذ “نوبات الحرس” من عمرهم ربيعه. وفوق هذا كله “نُحسب لدى شريحة واسعة من أبناء البلد على أننا أعداء ومجرمون، فماذا اقترفنا لنحاسب بكل هذه القسوة؟”.
شريطٌ قديم حزين، “تعلكه” آلة التسجيل كل يوم، تماماً كما نجترّ أيامنا هنا -يصف الجندي حاله-.. ويتابع: “تذهب بنا ذاكرتنا برحلة يومية طويلة، تأخذني هذه الآلة إلى حيث أبي كان يُغذّينا بمخزونه الموسيقي الرهيب.. أستذكر كل تلك المشاهد فتستيقظ الأبوّة في داخلي. تدفعني لتسجيل شريطي الخاص عندما أهدم جدران هذه الحجرة الكئيبة.”
يتوجه لي بالكلام: ” لن أورث لابني شريطاً حزيناً كهذا، هو العهد الذي أحيا لأجله، ولكن إن حدث وسردتَ قصتي لأحد ف “احكي لهم يا صاحبي.. ما ظل صبر عندي”.
وهاج عزام

ينامون بين الاثار ويشربون من التوابيت

ينامون بين الاثار ويشربون من التوابيت

بين ما تبقى من حجارة وأعمدة وجدران أثرية تعود لمعابد اثرية تم بناؤها في القرن الثاني الميلادي، في منطقة بابسقا شمال إدلب 40 كلم، شيد أبو مصطفى وعائلته خيمتهم الصغيرة، فاراً من ويلات الحرب التي نالت من بلدته الصغيرة معر شمارين جنوب شرقي إدلب، قبل نحو 3 سنوات، وفضل الإقامة والكثير من العائلات بين هذه الأبنية التاريخية، ولكل منها أسبابها في إختيار هذه الأماكن التي هجرت ودمرت قبل أكثر من ألف عام.
ويقول أبو مصطفى (48 عاما)، أنه أجبر في نهاية العام 2019 على النزوح وأسرته من قريته، اثر عملية عسكرية برية وقصف جوي، دفعه وأسرته إلى مغادرة قريته ليلاً، نحو المجهول، ليجد نفسه وأطفاله وزوجته، بالقرب من الحدود السورية التركية دون مأوى، وسط عاصفة مطرية ورياح عالية، ما دفعه وأسرته إلى الإحتماء بجدران وأحجار ضخمة تعود لأبنية تاريخية”.
ويضيف، ” كانت تلك الفترة هي من أصعب الفترات التي عايشنا فيها ظروف صعبة للغاية (نزوح وتشرد وبرد وخوف)، يصعب على الإنسان تحملها، و وجدنا من هذه الجدران والأبنية التاريخية ذات الأحجار القوية والعالية مكاناً يوفر لنا الحماية من العواصف والرياح والأمطار، فبادرنا إلى الإقامة بينها والتعامل مع صعوباتها”.
ويروي “أبو زيد، وهو نازح آخر من ريف حماة، سبب اختياره الإقامة بخيمته، وسط أعمدة وحجارة مدمرة ضخمة تعود لمعبد روماني في منطقة البردقلي شمال إدلب، ويقول “إن إقامتي وسط هذه الزحمة من الأعمدة
والحجارة والقناطر الأثرية، أفضل بكثير من العيش في زحمة المخيمات وإكتظاظها بالبشر، فضلاً عن أننا نستغل توفر التوابيت والأحواض الحجرية التاريخية التي يمكن أن نخزن فيها مياه الشرب والإستعمالات المنزلية”.
ويضيف، “بالرغم من أنني وأسرتي نعيش حياة هادئة وسط المباني الأثرية، إلا أن هناك ثمة صعوبات، ومع مرور الوقت، تكيفنا معها، فبعدها عن المدارس تشكل صعوبة بالغة على الأطفال في الذهاب والعودة إلى المدرسة، فضلاً عن إنتشار العقارب والأفاعي التي كانت تخرج علينا في العام الأول بأعداد كبيرة، إلا أنه مؤخراً تقلصت أعدادها، بعد أن تحول المكان من مهجور إلى مكان مسكون بالبشر”.
بينما وجد “أبو خالد”، نازح من ريف حلب الجنوبي، من الحجارة تعود لمعبد بيزنطي في منطقة رأس الحصن على الحدود السورية-التركية، فرصة يمكنه إعادة بنائها مجدداً وتحويلها لمسكن. وقال “في عمل استمر على مدار شهر متواصل أستطعنا أن وأفراد أسرتي صغاراً وكباراً تجميع الأحجار المبعثرة هنا وهناك وبناء غرفة إلى جانب جدار قائم، وقمنا بإملاء الشقوق والفواصل بالتراب المخلوط بالقش، لمنع دخول الحشرات والأفاعي والعقارب إلى داخل الغرفة، وبعد ذلك أنشأنا ممراً مرصوفاً بالحجارة من باب الغرفة إلى الطريق العام، لتفادي مياه الأمطار والوحل أثناء ذهاب الأطفال إلى المدارس”.
ويضيف، بغصة وحسرة: ” كنا سابقاً (قبل2011)، نقوم بجولات ونزهات سياحية في فصل الربيع مع الأهل والأقارب إلى هذه الأماكن الأثرية، ولم يخطر على عقولنا حينها أنه سيأتي يوم ونقيم فيها وتكون هذه الأطلال موطناً جديداً نلجأ له بعد سنوات من المعاناة والتنقل “.
وقال بكار الحميدي وهو ناشط في محافظة حماة، “الحرب السورية وضعتالسوريين أمام خيارات صعبة في السكن والإقامة أثناء النزوح، فعدد كبير من النازحين وجدوا من الأبنية التاريخية التي تعود للعهود الوثنية والرومانية والبيزنطية، في محافظة إدلب، أماكن إقامة مؤقتة، فمنهم من جدد مبنى حجري مدمر وآخر إستغل مدفناً أثرياً ليكون مكاناً أمناً لبضع رؤوس من الماشية يمتلكها، وآخرين وجدوا من التوابيت الأحواض الحجرية وسائل لتعبئة مياه الأمطار وإستعمالها لاحقاً”.
ويضيف، “هناك ثمة رغبة من قبل البعض، في الإقامة بين المعالم الأثرية، لإعتبارها مصدر رزق بالنسبة لهم، حيث يقومون بالتنقيب والبحث بين الأعمدة والحجارة عن لقى وكنوز وعملات أثرية، تعود لحقب
تاريخية قديمة، منها الرومانية والبيزنطية، وبيعها للإستفادة من ثمنها في تلبية متطلباتهم وأحتياجاتهم في الحياة”. وأوضح، “ربما التنقيب والبحث عن اللقى الأثرية من قبل البعض يشكل تهديداً على المعالم الأثرية، إلا أن قصف قوات النظام والطيران الروسي سابقاً، دمر الكثير من المعالم والأبنية الأثرية على إمتداد البلاد، حيث عمد النظام خلال الأعوام السابقة على قصف مدينة أفاميا التاريخية 60 كلم غربي حماة، وأدى القصف حينها إلى تغيير كبير في المعالم وتدمير عدد كبير من الأعمدة الحجرية والتيجان والقناطر وإحداث حفر كبيرة في وسط سوق أفاميا الشهير، وكما هو معروف أن لأفاميا تاريخ عريق يعود إلى سنة 333 قبل الميلاد، وتأسست فعلياً على يد الملك سلوقس الأول نيكاتور (أحد خلفاء القائد المقدوني الإسكندر الأكبر)، بعد سلسلة من المعارك مع الإمبراطورية الفارسية، وقد حازت في تلك المرحلة اسم أفاميا، الذي أطلقه عليها الملك سلوقس تكريماً لزوجته أباميا (حُرِّفَ الاسم لاحقاً إلى حرف الفاء بدلاً من الباء). وأصبحت المدينة مركزاً حضارياً بارزاً في العصر السلوقي، وباتت\ العاصمة العسكرية للدولة السلوقية”.
وأشار، إلى أن قوات دمشق عمدت أيضاً إلى قصف صوامع ومعالم أثرية في منطقة البارة وتل مرديخ في جنوب إدلب، كما وأنه في عام 2016، ألحقت الغارات الجوية أضراراً جسيمة بكنيسة القديس سمعان، وحطمت بقايا الأعمدة التي يقال إن القديس الذي حملت هذه الكنيسة اسمه عاش فوقها لما يقرب من 40 عاماً قبل موته في عام 459 ميلادية.
وتُعد كنيسة القديس سمعان العمودي أحد مواقع التراث العالمي لليونسكو لعام 2011م، وهي أقدم ما بناه البيزنطيون من الكنائس. وتوجد في شمال غرب مدينة حلب، وقد بُنيت هذه الكنيسة تخليداً لذكرى الراهب القديس سمعان، وهي تحتوي على العمود الذي تنسك فوقه القديس، وهو بطول 15 متراً

زيت الزيتون… بالقطارة

زيت الزيتون… بالقطارة

في سوريا تبدلت عادات الناس الشرائية خلال سنوات الحرب، إذ أفقد الانهيار المستمر لقيمة الليرة الكثير من السوريين أمنهم الغذائي وسط أزمات اقتصادية ومعيشية وضعتهم تحت نار اللجوء للاستدانة أو الاقتراض مما توفره مؤسسات الحكومة من قروض حياتية. 

“لم نشتر زيت الزيتون هذا العام” تقول هدى صافي، الخمسينية التي تعيش مع عائلتها في العاصمة دمشق.  “وصل سعر صحيفة الزيت لحوالي الــ 300 ألف ليرة (88 دولار أمريكي) وهو ما يفوق دخل أي موظف في سوريا سواء كان عاملاً في القطاع الحكومي أو الخاص”، تضيف هدى. خصوصاً في ظل انفلات الأسواق المحلية من أية ضوابط حكومية وتدهور الوضع المعيشي للسكان.

يلاحظ سكان مدينة دمشق أن سعر زيت الزيتون لهذا العام ارتفع أضعافاً عن العام الماضي، ما يحرم الكثير من الأسر القدرة على شرائه، إذ سجل السعر حوالي 100 ألف ليرة للصحيفة السنة الماضية بحسب عدد من السكان التقاهم “صالون سوريا”. وكشف “خطار عماد” رئيس مكتب التسويق في الاتحاد العام للفلاحين أن إنتاج الزيتون للعام الحالي أقل من العام الماضي، لافتاً إلى وجود انخفاض في الإنتاج لا يقل عن 20 % عن الموسم الماضي.

وقدرت وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي في الحكومة السورية إنتاج سوريا من الزيتون بأكثر من 645 ألف طن لهذا الموسم مقابل أكثر من 850 ألف طن إنتاج الموسم الماضي. أما كمية إنتاج الزيت فقدرت بــ 103 آلاف طن علماً أن مردود الزيت يمكن أن ينخفض في حال استمرت درجات الحرارة بالارتفاع عن معدلاتها الطبيعية.

أسعار مرتفعة 

تشهد مناطق سيطرة الحكومة السورية ارتفاعاً في أسعار السلع والمنتجات الغذائية ومنها زيت الزيتون الذي وصل سعر الصحيفة منه (16 ليتراً) لحوالي الـ 300 ألف ليرة للنوع الممتاز، وبحدود 250 إلى 200 ألف للنوع العادي.

وفيما اعتاد السوريون على أن يكون زيت الزيتون من أهم المواد الغذائية على موائدهم، قررت هدى وعائلتها الاستغناء عنه لهذا العام والاستعاضة  بالزيت النباتي الذي تحصل عليه من إحدى الجمعيات الخيرية التي تؤمن لها كرتونة مساعدات شهرية تتضمن مادة الزيت النباتي.  وتقول لــ “صالون سوريا”: حتى الزيت النباتي لم نعد نستطيع شراءه نظراً لسعره المرتفع، إذ يبلغ سعر العبوة واحد ليتر 8500 ليرة.

أما عائلة أبو خالد التي كانت تشتري زيت الزيتون بكميات كبيرة في السنوات السابقة، فقررت هذا العام اقتصار الشراء على 16 لتراً فقط، وتقنين استهلاكها بالحد الأدنى، واستخدام الزيت لصنع سندوتشات الزعتر للأولاد في المدرسة.

يقول لــ “صالون سوريا”: كتر خير الله استطعنا شراء بيدون واحد هذا العام بعد استدانة ثمنه من عدة أقارب. مضيفاً أنَّ أسعار الزيت لهذا العام غير منطقية نهائياً.

قروض لشراء الزيت

فيما استدان أبو خالد ثمن صحيفة زيت الزيتون، قررت سامية (44عاماً) الموظفة الحكومية الحصول على قرض لشراء 16 ليتراً من زيت الزيتون.  صرّح رئيس مكتب التسويق في الاتحاد العام للفلاحين في الثامن عشر من شهر تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، أن الاتحاد سيقوم باستجرار زيت الزيتون من المحافظات المنتجة خلال مدة شهر تقريباً بعد الانتهاء من عصر الزيتون بهدف بيعه لموظفي القطاع العام بالتقسيط.

تقول سامية لــ “صالون سوريا”: قررت التوجه نحو القرض الحكومي كي أستطيع تأمين زيت الزيتون لأسرتي وقمت بإجراء معاملة القرض بضمانة راتبي للحصول على 16 ليتر من زيت زيتون بثمن 150 ألف ليرة.  وتضيف أن قرض شراء الزيت مدته ثلاثة سنوات مع فوائد. “تخيل صرنا نقترض لحتى نشتري زيت زيتون!”.

أما سامر (33عاماً) وهو موظف حكومي أيضاً فقرر وعائلته شراء زيت الزيتون لهذا العام حسب حاجته الشهرية وحسب ما يتوفر لديه من نقود، ويقول لــ “صالون سوريا”: نشتري نصف كيلو من الزيت وأحياناً نشتري بــ ألفين ليرة فقط. ويرفض سامر التقدّم بطلب قرض من مؤسسته لشراء زيت الزيتون، معتبراً أن هذا القرض “مسخرة”، إذ يحتاج لمعاملة طويلة كي يحصل عليه وإحدى شروطه هو رهن الراتب لمدة ثلاث سنوات. “ناهيك عن أنك لا يمكن أن تثق بأن يكون هذا الزيت غير مغشوش”.

المزارع غير راضٍ

يشتكي مزارعو الزيتون من ارتفاع التكاليف السنوية للعناية بحقولهم، إذ تصل كلفة الهكتار الواحد سنوياً إلى ثلاثة ملايين ليرة، إضافة إلى تكاليف السقاية ومواد مكافحة الحشرات والأسمدة والأدوية الزراعية الأخرى التي أصبحت تكاليفها عشرات الأضعاف عما كانت عليه قبل الحرب.

يقول خالد (55عاماً) وهو مزارع من ريف دمشق لــ “صالون سوريا”: إنَّ موسم هذا العام تعرض لآفة الذبابة البيضاء ما أدّى لإسقاط زهر الشجر قبل أن تنتقل لمرحلة النمو التالية.  ويضيف أن الظروف المناخية كالجفاف ساهمت في تخفيض نسبة نضج ثمار الزيتون.

ويشرح لــ “صالون سوريا” أن أجور اليد العاملة في الزيتون وأجور عصره، كلها ارتفعت بشكل كبير ما ساهم في رفع سعره. ويشير إلى أنه رغم ذلك لا زالت أسعار بيع الزيت لا تغطي كافة مستلزمات إنتاجه  وفي بعض الأحيان لا تغطي التكاليف التي ينفقها المزارع في حقله.

شتاء درعا…شهر البرد والمعاناة

شتاء درعا…شهر البرد والمعاناة

يرتبط فصل الشتاء في أذهان معظم سكّان العالم بالحميمية والدفء والملابس الشتوية الأنيقة، باستثناء السوريين في جميع أنحاء سوريا. مع بدء فصل الشتاء لا تعبر مخيّلاتهم وهواجسهم سوى أفكار مرتبطة بالبرد القارس وبكيفية الحصول على أكبر قدر من الوقود للتدفئة من خلال مخصصات حكومية أو عبر جمع بعض انواع الحطب والملابس المهترئة والتي لا تغطّي غالباً سوى بضعة أسابيع من فصل الشتاء الطويل.
كما هو الحال في الأعوام الماضية، لا تستطيع حكومة النظام أن تؤمن لهذا الـعام مادة الديزل للتدفئة إلا بكميات شحيحة تكاد لا تكفي لأكثر من 20 يوماً حيث تقلصت مخصصات العائلة الواحدة إلى 50 لتراً من مادة الديزل بعد أن كانت 200 لتراً في سابقها من الأعوام.
في محافظة درعا جنوب سوريا يحدثنا خالد المسالمة (مالك محطة وقود) بعد سؤالنا له عن إمكانية توزيع دفعة ثانية من مادة الديزل : “حتى الآن لم يتم توزيع نصف الكميات المطلوبة لتغطية عدد العائلات (٥٠ لتراً لكل عائلة) فمن غير الممكن الحديث عن توزيع دفعة ثانية من مادة الديزل ما لم نستطع توزيع الدفعة الأولى على كافة العائلات وبرأيي هذا سيكون أفضل الخيارات الممكن توفيرها من قبل الحكومة فهي عاجزة عن تأمين الوقود للدوائر الحكومية والمستشفيات والمدارس، ما البال لو تحدّثنا عن تأمين دفعات أخرى من مادة الديزل على العائلات”.
يُذكر أن وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك في حكومة النظام قد رفعت سعر لتر الديزل المدعوم من 180 إلى 500 ليرة، وغير المدعوم من 2400 إلى 3500 ليرة في يوليو/تموز من هذا العام بينما تجاوز سعر السوق السوداء عتبة الـ 4000 ليرة سورية لليتر الواحد.
لا تُعتبر مادة الديزل مادة رئيسة للتدفئة في محافظة درعا حيث يعتمد معظم السكان على الحطب للتدفئة نتيجة الشح الكبير في المحروقات وغلاء سعرها. إلا أن الحطب تحول مع اقتراب شتاء هذا العام إلى ترف حيث بات الحصول عليه بالنسبة للكثير من العائلات أمراً شبه مستحيل نتيجة الارتفاع الجنوني بأسعاره. بات الحطب نادراً بسبب ندرة الأشجار بعد سنوات من التحطيب المستمر ونتيجة فرض حواجز النظام العسكرية الاتاوات على نقل الحطب فبلغ ثمن طن الحطب 650 الليرة (200$) ويبلغ متوسط استهلاك العائلة طنّين خلال فصل الشتاء! أي أن العائلة تحتاج إلى مليون وثلاثمئة ألف ليرة سورية للتدفئة خلال فصل الشتاء! أي ما يعادل (400$) وهذا ما يصعب توفيره لدى الغالبية العظمى من أهالي درعا في ظل حياتهم في بلد يعتبر اقتصاده من أسوأ الاقتصادات على مستوى العالم.
أبو محمد أحد سكان مدينة صيدا في ريف درعا الشرقي يحكي لنا عن معاناته في تأمين الحطب هذا العام : “أنا أعمل في محل حدادة وأتقاضى راتباً شهرياً يبلغ ثلاثمئة ألف ليرة وهذا الراتب لا يغطي احتياجاتنا من الطعام ناهيك عن باقي مستلزمات الحياة التي لم نعد نفكر بها أساساً فكيف سأستطيع تأمين مبلغ مليون ونصف ليرة لشراء الحطب؟ مستحيل. أقوم حالياً بجمع بعض الأقمشة المهترئة والأخشاب المتناثرة على جوانب الطرقات وأقوم بتكسير بعض اللوازم القديمة من منزلي للتدفئة خلال الأيام الأشد برداً. وأعتمد في معظم هذه الأيام على تغطية الأولاد بلحف النوم المصنوعة من الصوف عوضاً عن تشغيل مدفئة الحطب في الأيام الأقل برودة”.
لا تنتهي معاناة الأهالي عند توفير الحطب ومواد التدفئة المختلفة فتأمين اللباس الشتوي للأطفال يشكّل هاجساً كبيراً لمعظم السكان. حيث بلغ سعر المعطف لطفل في عمر ٨ سنوات 90 ألف ليرة. تقول أم محمد من أهالي مدينة درعا البلد: “لا نعلم كيف سيمرّ علينا الشتاء هذا العام فبعد عودتنا إلى منزلنا عام 2019 وجدناه مدمراً نسبياً وقد نُهب بشكل كامل. كان خاوياً تماماً، حتى النوافذ والأبواب اقتلعت. قمنا بسدّ النوافذ بأكياس من النايلون وبعض الأقمشة وهذا العام لا يوجد مازوت ولا حطب. كنت ألجأ في الأعوام السابقة إلى شراء معاطف جيدة لأطفالي تقيهم برودة الطقس في المنزل ولدى خروجهم منه. إلا أنني عاجزة هذا العام عن شراء الألبسة الشتوية فسعر المعطف الرديء تجاوز عتبة ال100 الف ليرة فكيف لي أن أشتري ملابس شتوية جيدة لستة أطفال! زوجي يعمل سائق سرفيس على خط درعا دمشق لا يكاد دخله يكفي لسدّ الرمق فلا نقول إلا حسبنا الله ونعم الوكيل”.
فقدان القدرة الشرائية لمواد التدفئة لدى الغالبية العظمى من السوريين في ظل الارتفاع الكبير في أسعار الحطب والديزل وحتى البدائل الأقل نجاعة في التدفئة كالغاز والكهرباء لم تعد متوفرة حيث بلغ سعر جرة الغاز في السوق السوداء 110 آلاف ليرة والكهرباء لا تتوفر إلا ثلاث ساعات على مدار الـ24 ساعة.
لا يبدو أن شتاء هذا العام سيكون ضيفاً عادياً على الشعب السوري وسط ظروف اقتصادية هي الأصعب على مستوى العالم ووسط حالة فقر مدقع بين أوساط السكان وانعدام الحلول المادية لدى غالبية الناس ناهيك عن جائحة كورونا التي تفاقم من سوء معاناة السوريين على امتداد جغرافيتهم.