تدريباتنا

“الحاجة أم الاختراع”… بدائل السوريين للعيش المستحيل

بواسطة | سبتمبر 29, 2022

تتردد سيدتين إلى أحد محلات الملابس المستعملة (البالة) لشراء ملابس قطنية ممزقة وخرق مهترئة بأسعار رخيصة لإعادة حياكتها واستعمالها، فالسيدة الأولى تستخدمها كفوط لوالدتها المقعدة، وذلك بعد غلاء سعر فوط الكبار عدة أضعاف، فسعر الكيلو منها وصل إلى 14 ألف ليرة سورية، بينما السيدة الثانية اقتنت كنزتين قطنيتين بسعر ألف ليرة سورية، لصنع فوط لابنها المصاب بالشلل الدماغي، ليقوم البائع بإعطائهما كنزتين إضافيتين مجانا، بعد أن رأف بحال المرأتين حالما علم بأوضاعهما الصعبة.

من جهتها تستخدم سماهر الاقمشة لصنع مفارش أرض مميزة مستعينة بموهبتها بالرسم، عن هذا تقول سماهر: “أشتري من جاري الخياط قطع قماش متناثرة ومجتزئة فاضت عن حاجته بثمن بخيس، أختار منها الألوان التي تناسب أثاث منزلي وأحرص على اختيار السميك منها لتمنحنا بعض الدفء في فصل الشتاء، أقوم  في البداية برسم الشكل، ثم أجمع عدة قطع بألوان مختلفة، وأحيكها جيدا”.

بدائل المشروبات الأساسية

استعانت نهى (28 عاماً) بنواة التمر لصنع القهوة فهي غير قادرة بدء يومها بدون هذا المشروب المنشط وقد ازداد سعره لحد كبير فلم يعد باستطاعتها شراءه، تقول نهى لـ”صالون سوريا”: “استهلك كيلين من البن خلال الشهر، كنت سابقا اخصص ميزانية لهذا المشروب، لكني لم أعد أستطيع تكبد نفقاته بسبب تغير سلم الأولويات، كشراء المازوت للتدفئة في شتاء، إلى جانب أجرة المنزل”، وتتابع حديثها:” كنت قد شاهدت في إحدى المرات على اليوتيوب طريقة تحضير القهوة من نواة التمر، فقررت إتباعها، وأعجبني طعمها، صحيح أن البن أشهى، لكنه لذيذ أيضا ويفي بالغرض، المهم أريد ما يبقيني يقظة خلال العمل والدراسة”.

تشارك الناشطة النسوية سلوى زكزك عبر صفحتها على “الفييس بوك” نصائحها في تأمين البدائل والتحايل على الغلاء بمواد أقل كلفة، فالسيدة استبدلت مع صديقاتها مشروب “المتة” بدزينة من الزهورات والأعشاب الطبيعية، كتبت زكزك في منشورها “اليوم حضرنا تحويجة متة جديدة لأنو ارتفع سعرها وريحتها مو طيبة وعم تمصل، زعتر نوعين، ونعناع نوعين، وميرمية وورق غار، وعطرة وشمرا وزنجبيل وقرنفل مطحون، ويلي ما عندو ضغط يحط أكليل الجبل، نرحب بأية إضافات أو ملاحظات طبية أو تتعلق بالنكهة والطعم”.

سائل الجلي كبديل لمنظف الشعر

نسفت جانسيت مستحضر تنظيف  الشعر “الشامبو” من قائمة المشتريات الشهرية، لتستبدلها بسائل الجلي، حيث حرصت على شرائه مصنوع من مواد طبيعية لتضمن عدم تلف شعرها ، توضح جانسيت” طبيعة شعري دهنية، فأحتاج إلى غسله يوميا، فارتأيت تقليص النفقات وشراء سائل جلي طبيعي غير مضر من سيدة تعمل في صنع المنتجات المنزلية الطبيعية”.

من جهتها تعاني أم نور من سوء المياه في جديدة عرطوز بريف دمشق، فهي غالبا ملوثة ولا تصلح للاستخدام البشري، فاستعانت بالطريقة التقليدية لتنقيتها، تقول :” تسببت المياه بتسمم العديد من السكان هنا، ولا قدرة مادية لي لشراء غالونات مياه معقمة، فأقوم بغلي المياه ليلا عندما تكون الكهرباء متوفرة، ثم أبردها وأقوم بتعبئتها وحفظها في البراد، أخشى على أطفالي من التسمم ودخول المستشفيات الحكومية غير الآمنة”.

الزيت مقابل الدواء

تدخل سيدة أربعينية إلى إحدى الصيدليات ممسكة بيدها ليترين من زيت الزيتون الأصلي، تقدمه للصيدلي، ليناولها علبتين دواء القلب، خاتما حديثه معها “يسلم ايديكي”، سألته عن التفاصيل، فقال لي “السيدة لا تملك المال الكافي لشراء الدواء لزوجها المصاب باحتشاء عضلة القلب، فقايضتني بلترين من زيت الزيتون الصافي حصلت عليه من بستان زوجها الذين اعتادوا زراعته وبيعه كمصدر للدخل، الله يعين الناس”.

أما أم جبير فقد خبأت نصف ليتر من زيت الزيتون منذ العام الماضي بصبر عن أعين طفليها المتطفلة، إيذانا لاستخدامه عند افتتاح المدارس وتحضير السندويشات لطفليها، تقول:” أقوم بخداع ولدي عبر خلط ليتر كامل من المياه مع الزيت ليتماهى العنصرين مع بعضهما البعض، هكذا أحصل على كمية أكبر من الزيت، صحيح أنه سيكون لزجا وخفيفا وغير متماسك، لكن هذا أفضل من استخدام الماء لوحده، كما تفعل جارتي”.

صبغة شعر ببقايا القهوة

وجدت مها في بقايا القهوة حلا بديلاً لصبغ شعرها، فشعرها طويل وقد أصبحت العناية به مكلفة، حتى أنها تخلت عن قصّه بين الفينة والآخرى، وقررت الاعتماد على دقة ملاحظتها في قص شعرها بنفسها، تقول مها :” سمعت سيدة في البزورية تتحدث عن طريقة استعمال رواسب القهوة والشاي الأسود لصبغ الشعر، فاستفسرت منها أكثر عن الطريقة وجربتها، صنعت نقيع من العنصرين إلى جانب قشر الجوز وملعقة من زيت الزيتون ووضعته على شعري لساعات طويلة، أعجبتني النتيجة وهي غير مكلفة، فسأواظب عليها”.

استثمار في الفوارغ البلاستيكية

تتبنى أم طارق قاعدة ذهبية “لا ترم الأشياء، فسيأتي أوانها وتحتاجها لاحقاً”،  فالفوارغ البلاستيكية والعلب المصنوعة من الورق المقوى لا تفلت من يدها وتدبيرها المنزلي الماهر، تقول لـ”صالون سوريا” :”استعمل فوارغ المنظفات وأعبئها بالزيت بعد تنظيفها جيدا، كما أقوم بإعادة تدوير الكراتين (الورق المقوى) وجمعها سوية لاستعملها كتعليقة للأقلام الجامعية والمدرسية لأطفالي”.

أما ريهانا فتقوم بإعادة تدوير الصناديق البلاستيكية، فراتبها يكفي فقط لأجرة الغرفة ونفقات الطعام ولا مجال للكماليات حسب قولها، “تقول:” أطلب من صاحب البقالية الاحتفاظ ببعض السحارات، لأغلفها بقطع قماش ملونة من ملابسي التي لم تعد تصلح للاستخدام، وأضع مستلزماتي الخاصة ومستحضرات التجميل وطلاء الأظافر”.

مواضيع ذات صلة

من الثورة إلى النهضة: إضاءة على فكر طيب تيزيني

من الثورة إلى النهضة: إضاءة على فكر طيب تيزيني

طيب تيزيني اسم أكبر وأهم من أن نُعرِّفه عبر سطور أو صفحات قليلة؛ لأنه جسَّد أفكاره تجسيداً عملياً، فكانت مؤلفاته تفيض من تفاصيل حياته ومواقفه الإنسانية والسياسية، وكانت حياته ومواقفه وبحق تعبيراً صادقاً عن أفكاره وفلسته، فكان فيلسوفاً بل حكيماً بكل ما تعنيه هذه...

 محمد مُحسن: صانع النجوم ومبدع الألحان الخالدة

 محمد مُحسن: صانع النجوم ومبدع الألحان الخالدة

 خلال مسيرته الفنية الحافلة بالعطاء، والتي استمرت لأكثر من نصف قرن، أبدَعَ مدرسة لحنية وغنائية متفردة وغنية ومتكاملة، تركت بصمتها المؤثرة في تاريخ الموسيقى العربية، وقد ساعدته موهبته في الغناء في فهم طبيعة الأصوات التي لَحَّن لها، فكان يُفصِّل اللحن على مساحة...

جُرح في الزوبعة

جُرح في الزوبعة

كانت حياة أنطون سعادة القصيرة (1904-1949 م) أشبه بدورة الإله بعل في الميثولوجيا الكنعانيّة القديمة، فبعل الذي يموت ويولد على نحوٍ أبديٍّ، وفقاً لـ"ألواح أوغاريت"، يرمز إلى "بلاد كنعان" أو "فينيقيا" تبعاً لتسميتها اليونانيّة القديمة، هذه البلاد التي مهما حاقَ بها من...

مواضيع أخرى

الشّتات يطارد اللاجئين السوريين مجدداً في قبرص!

الشّتات يطارد اللاجئين السوريين مجدداً في قبرص!

يعيشُ اليوم آلاف السوريين في قبرص خوفاً اجتماعياً من فقدان فرصة العيش في الجزيرة، بسبب التحريض الذي يتعرض له المهاجرون السوريون الواصلون حديثاً إلى قبرص، والذين أعُيد معظمهم إلى لبنان بعد قرار مفاجئ اتخذته قبرص بخصوصهم. "خلال الثلاثة أشهر الماضية، كان السوريون يصلون...

مثل الماء لا يُمكن كسرها

مثل الماء لا يُمكن كسرها

لم أستطع أن أخفي دهشتي حين قرأت المجموعة الشعرية "مثل الماء لا يُمكن كسرها" للشاعرة السورية فرات إسبر، فالنص مدهش وغني بالتجربة الإنسانية للمرأة في علاقتها بذاتها وبالعالم حولها، ويعبر عن صوت المرأة الحرة الشجاعة والمبدعة، صوت الأم والعانس والأرملة والعاشقة. أعتقد أن...

سوريا: كسوة العيد للأطفال محكومة بالأزمة الاقتصادية الحادة

سوريا: كسوة العيد للأطفال محكومة بالأزمة الاقتصادية الحادة

حرصت عائلات سورية -في أعوام خلت- على شراء الملابس الجديدة قبيل عيد الفطر، وبخاصة للأطفال كي يشعروا بالبهجة والسرور، غير أن التضخم وتراجع القدرة الشرائية، إلى جانب تدني دخل الأسرة بفعل الأزمة الاقتصادية الحادة أثر بشكل سلبي على هذه العادة. في جولة لنا على عدد من...

تدريباتنا