تدريباتنا

رياضة ذوي الإعاقة حكايات من المعاناة وعدم المساواة

بواسطة | يوليو 19, 2022

“نحن مظلومات من ناحية الرواتب والمشاركات والتكريم، لا يتم معاملتنا مثل الرياضيين الآخرين” تقول إحدى اللاعبات؛ التي فضلت عدم ذكرها في معرض حديثها عن معاناة رياضيي/ات ذوي/ات الإعاقة في سوريا.

ويصل عدد رياضيي/ات سوريا من ذوي/ات الإعاقة إلى 1500 لاعب/ة تقريباً، حسب تصريح سابقٍ لرئيس اتحاد الرياضات الخاصة، بعد تراجع العدد مؤخراً، نتيجة ابتعاد البعض منهم عن اللعب، أو مغادرتهم/ن البلاد.

ويعاني هؤلاء اللاعبون واللاعبات من صعوبات عدّة تفاقمت في السنوات الأخيرة، منها قلة فرص التدريب والتجهيز، وما يزيد الطين بلة؛ بحسب قولهم هو العقوبات من اتحاد الرياضات الخاصة والاتحاد الرياضي العام في حال الحديث عن أوضاعهم عبر وسائل الإعلام. 

ولهذا طلب كل من تحدثنا إليهم/ن إخفاء أسمائهم/ن خوفاً من العقوبة، وإبعادهم/ن عن المشاركة في البطولات. 

التمييز

يعاني رياضيو ورياضيات ذوي الإعاقة بمختلف الألعاب من عدم المساواة والتعامل بالمثل مع أقرانهم/ن الأصحّاء في العديد من المجالات، رغم أن الكثير منهم/ن يحصد ميداليات عربية وآسيوية.

وتبين لاعبة ألعاب قوى -طلبت عدم ذكر اسمها- أن هناك فرقاً كبيراً قد يصل إلى أكثر من 150 ألف ليرة من ناحية الرواتب، فالأصحاء يحصلون على رواتب أعلى رغم أن إنجاز ذوي الإعاقة قد يكون مماثلاً أو أعلى كالميدالية الذهبية.

وتقول: “من يطالب بحقه تتم مضايقته، نحن مظلومون من ناحية الرواتب والمشاركات والتكريم، لا يتم معاملتنا مثل الرياضيين/ات الاصحاء”.

وتشير اللاعبة إلى أن لاعبي ذوي الإعاقة لم يُستقبلوا أو يكرموا عند عودتهم من أولمبياد طوكيو كما اللاعبين الآخرين.

 وتضيف بحرقة “هذا يحز بقلبنا، هناك تفرقة ونشعر أننا لا نشبه الأصحاء وأنهم أفضل منا”.

نقص بالتجهيزات والتحضير 

تفتقر الرياضة السورية إلى الكثير من التجهيزات والأدوات الخاصة برياضات ذوي الإعاقة، كما أنها غير مصممة لخدمتهم.

كذلك لا يوجد أماكن مخصصة لدخول وخروج لاعبي/ات ذوي/ات الإعاقة في الصالات الرياضية، وأدوات التدريب والمعدات قليلة والصالات تحتاج إلى صيانة.

ويبين أحد اللاعبين أن هناك تقصيراً بتحضير اللاعبين للمنافسات على الرغم من تحقيق البطولات، وعلى سبيل المثال من المفترض إقامة العديد من المعسكرات بشكل مستمر على مدار السنة، لكن هذا لا يحدث بل يقام معسكر بسيط قبل أيام عدة من أي بطولة.

ويوضح أن الأماكن التي يقيم فيها الرياضيين ضمن فنادق الاتحاد الرياضي، تعاني من قلة الاهتمام وخاصة من ناحية النظافة. 

المشكلة في الإدارة

تولى السباح فراس معلا أعلى سلطة رياضية في سوريا وهي رئاسة الاتحاد الرياضي العام واللجنة الأولمبية عام 2020، خلفاً للواء موفق جمعة.

ويبين أحد اللاعبين (رفع أثقال) أنه مع قدوم معلا إلى رئاسة الاتحاد الرياضي لم يحصل أي تغيير على جميع الرياضات، وإنما أصبحت “السلطة للمال والواسطة“ بحسب قوله.

ويذكر أن مشكلة الرياضة هي “برأس الإدارة” فهم يطلبون من الاتحادات أن تسير كما يريدون، والاتحاد القوي يعمل على خدمة لاعبيه، والضعيف يهمه المنصب والكرسي وينفذ ما تطلبه الإدارة حتى وإن كان ضد مصلحة لاعبيه”.

بينما تقول لاعبة أخرى إن: “القيادة الجديدة لاتحاد الرياضات الخاصة هدفها المال وخلفها واسطة كبيرة، ولا أحد يستمع إلى هموم اللاعبين/ات، وإنما يستفيدون من المناصب والكراسي ولا يهمهم الرياضة أو الرياضيين/ات”.

من يطالب بحقه.. يطرد

تتاح العديد من المشاركات لرياضيي ذوي/ات الإعاقة في سوريا، لكن الكثير منها يُرفض أو يتأخر الاتحاد الرياضي العام بالبت بالمشاركة فيه.

وتبين إحدى اللاعبات أن حجج عدم المشاركة باتت معروفة إما ”عدم وجود قطع أجنبي، أو لا نريد أن نفتح باب انتقادات الجمهور في حال عدم تحقيق نتائج جيدة“ وتضيف “الكثير من اللاعبين/ات يحرمون/ن من المشاركات، أو تتم الموافقة على المشاركة قبل أيام من البطولة، وبالتالي لا نستعد بشكل جيد، ورغم ذلك يطالبوننا بتحقيق نتائج وميداليات، ورغم كل هذه الأمور السلبية فإن الانتقاد ممنوع”.

وعن عدم رغبتها بذكر اسمها تقول هذه اللاعبة إنها تخشى إبعادها عن المشاركات أكثر بعد أن تحدثت سابقاً، وتوضح أن أغلب اللاعبين/ات الذين ينتقدون/ن الوضع السيء تعرضوا/ن للإبعاد عن الرياضة.

كما تشير اللاعبة عن وجود إعلاميين يجملون الواقع رغم كل الأخطاء التي ترتكب من قبل الاتحاد الرياضي العام.

وتقول: “الصحفيون يجملون الواقع الرياضي المزري، ولا يستمعون لنا مهما تحدثنا لن نستفيد لأن هناك أناساً تطبل وتزمر، وعندما نفضح الفساد نُتهم بأننا نهاجم المنظمة الرياضية“.

وفعلاً فقبل مدة تحدث بعض لاعبي الملاكمة عن أوضاعهم السيئة عبر أحد البرامج التلفزيونية المحلية، ليتم ابتعادهم عن المشاركات.

لاحلول.. والباب مغلق

يقول معظم اللاعبين واللاعبات اللواتي تحدثنا إليهم/ن إنهم/ن حاولوا/ن الاجتماع مع معلا لمناقشة الأمور السلبية التي تواجههم، لكنهم/ن فشلوا /نبالدخول إلى مكتبه بسبب منعهم/ن من قبل مدير مكتبه.

وتقول إحدى اللاعبات: “لا نستطيع الوصول إلى معلا والحديث معه، ومن حوله لا يوصلون له شيئاً مما نتعرض له، ومدير مكتبه يمنعنا من الاجتماع معه”.

وأغلب اللاعبين واللاعبات اللواتي تحدثنا معهن/م يشعرون/ن باليأس، ولا يأملون/ن بأية حلول ممكنة.

تنتهي إحدى اللاعبات حديثها بالقول: “كل كلامنا لن يغير شيءً.. فقدنا الأمل.. ونشعر أننا غير قادرات على عمل شيء”.

مواضيع ذات صلة

من الثورة إلى النهضة: إضاءة على فكر طيب تيزيني

من الثورة إلى النهضة: إضاءة على فكر طيب تيزيني

طيب تيزيني اسم أكبر وأهم من أن نُعرِّفه عبر سطور أو صفحات قليلة؛ لأنه جسَّد أفكاره تجسيداً عملياً، فكانت مؤلفاته تفيض من تفاصيل حياته ومواقفه الإنسانية والسياسية، وكانت حياته ومواقفه وبحق تعبيراً صادقاً عن أفكاره وفلسته، فكان فيلسوفاً بل حكيماً بكل ما تعنيه هذه...

 محمد مُحسن: صانع النجوم ومبدع الألحان الخالدة

 محمد مُحسن: صانع النجوم ومبدع الألحان الخالدة

 خلال مسيرته الفنية الحافلة بالعطاء، والتي استمرت لأكثر من نصف قرن، أبدَعَ مدرسة لحنية وغنائية متفردة وغنية ومتكاملة، تركت بصمتها المؤثرة في تاريخ الموسيقى العربية، وقد ساعدته موهبته في الغناء في فهم طبيعة الأصوات التي لَحَّن لها، فكان يُفصِّل اللحن على مساحة...

جُرح في الزوبعة

جُرح في الزوبعة

كانت حياة أنطون سعادة القصيرة (1904-1949 م) أشبه بدورة الإله بعل في الميثولوجيا الكنعانيّة القديمة، فبعل الذي يموت ويولد على نحوٍ أبديٍّ، وفقاً لـ"ألواح أوغاريت"، يرمز إلى "بلاد كنعان" أو "فينيقيا" تبعاً لتسميتها اليونانيّة القديمة، هذه البلاد التي مهما حاقَ بها من...

مواضيع أخرى

الشّتات يطارد اللاجئين السوريين مجدداً في قبرص!

الشّتات يطارد اللاجئين السوريين مجدداً في قبرص!

يعيشُ اليوم آلاف السوريين في قبرص خوفاً اجتماعياً من فقدان فرصة العيش في الجزيرة، بسبب التحريض الذي يتعرض له المهاجرون السوريون الواصلون حديثاً إلى قبرص، والذين أعُيد معظمهم إلى لبنان بعد قرار مفاجئ اتخذته قبرص بخصوصهم. "خلال الثلاثة أشهر الماضية، كان السوريون يصلون...

مثل الماء لا يُمكن كسرها

مثل الماء لا يُمكن كسرها

لم أستطع أن أخفي دهشتي حين قرأت المجموعة الشعرية "مثل الماء لا يُمكن كسرها" للشاعرة السورية فرات إسبر، فالنص مدهش وغني بالتجربة الإنسانية للمرأة في علاقتها بذاتها وبالعالم حولها، ويعبر عن صوت المرأة الحرة الشجاعة والمبدعة، صوت الأم والعانس والأرملة والعاشقة. أعتقد أن...

سوريا: كسوة العيد للأطفال محكومة بالأزمة الاقتصادية الحادة

سوريا: كسوة العيد للأطفال محكومة بالأزمة الاقتصادية الحادة

حرصت عائلات سورية -في أعوام خلت- على شراء الملابس الجديدة قبيل عيد الفطر، وبخاصة للأطفال كي يشعروا بالبهجة والسرور، غير أن التضخم وتراجع القدرة الشرائية، إلى جانب تدني دخل الأسرة بفعل الأزمة الاقتصادية الحادة أثر بشكل سلبي على هذه العادة. في جولة لنا على عدد من...

تدريباتنا