تدريباتنا

بعض موت

بواسطة | مارس 30, 2018

في كلّ صباح أكتب لك رسالة

أعرف أنها لا تصل باليد

لقد كسر الجليد قلبَ ساعي البريد أيضاً

يا لدماثة الأمس!

كنت أنجذب إليك كما لو كنتَ ناراً متّقدة!

يؤلمني أنك تراني على هذه الحال

وترى بؤسي يتهاطل ويجرف ما كان حبا.ً.

*

الان لديَّ أسى وموتى

وها نحن أولاء ندور في أفلاكنا نبحث عن نهايةٍ ما

نسأل عن إمكانية أن تذرونا الرياح

فننتهي بذرة لا تعرف أمّها ولا أباها

برغم ذلك لا نجرؤ على القفز في الهوة المعتمة.

*

لا تظن أنّ رسالتي يائسة،

إنها بعضُ موتٍ يتنفّس.

الأبدية قطعة من أرضك

ثلج أخرس

وصمت لا يتوقف عن الثرثرة

هناك دائماً عصفور لا يشعر بالبرد

يخفف من جزعنا

عندما أشعر بالعوز أبحث عن فتات الخبز.

*

لم يكن حلماً:

جبل

أصدقاء يرعون تحت الشمس،

واد التقيته صدفة في قرية بعيدة

ساقية تتناوب عليها الحياة بالضفادع واليعاسيب

حب يغمر حقول الأرز.

*

إنما تلك بلاد وهذي بلاد

حياة اليقظة بلاد ثلجها أعمى

والأبدية قطعة من أرضك.

*

تدفعني الريح بهذيان وصفير لايبالي

اتمسك بالشجرة:

كلتانا تسند الحياة

حتى لا تطير في غفلة منا، غباراً

بعض خيال

أنت تراني من الداخل

قلت لي هذا ثم تركت قلبي ينهشني

أنا التي حلمت مراراً بالعذوبة تعصر كل ما أملك تحت جلدي

لم أعش من الحب سوى بعض خيال

لم يزرني الثلج هذه السنة

برغم كل شيئ،

مازلت أفرك يديّ  وأنتظر.

كهفٍ صغير

…..

من مشاكسة المطر لنا

لجأنا إلى كهفٍ صغير،

ماذا لو كنتَ معي،

أيّها البعيد،

أما كنّا وقعنا في حبّ الكهفِ معاً؟

*

الطريق تحتضن مسافرينَ غيري،

وأنا وحيدة بصحبة الأفكار

بعضها أفكارُك،

وبعضها يرفعنا معاً فوق غيمة

*

وأعرفُ كم سأُعاني بعد عودتي

فالفرحُ لا يكون أخضرَ إلّا في أوَّله.

جسارة أولى

ريح هذا الصباح شريدة على آخرها

حمّالة أرواح الأولين

أحياناً تربك اللغة بصفعاتها

وأحياناً تئن مثل عذراوات المعابد

طفل طري الملامح

مذهول الحواس

يدور حول نفسه في الحي   

لا بأس فالريح تعدي

ولابد من جسارة أولى

الشجر ينفخ في خفة وريقاته دونما اتجاه

والصغير

يلاحق هياج قطعانها

محاولاً احتضانها بين ذراعيه

لكنه لا يدرك أنها من روحه ولو بعد حين

وأنه منذ صرخته الأولى، فصل من فصول الخريف.

محاذاة النهر

يصدح النهر بأجمل موسيقاه كلما حاولت الصخور كسره.

*

إن حملت في إحدى يديك رغيفاً ترفق باليد الثانية، ربما تكون باردة.

*

بينما يتهادى نهرٌ ويتباهى فوقه جسرٌ عتيق

أنحني على صفحة الماء،

فأراك.

*

التشبث،

يالها من كلمة مؤلمة.

مواضيع ذات صلة

هاني الراهب متلفعاً بالأخضر 

هاني الراهب متلفعاً بالأخضر 

إحدى وثلاثون سنة من الغياب مضت على انطفاء فارس السرد "هاني الراهب" ومازالت نصوصه تتوهج وتمارس سطوتها وحضورها الآسر على أجيال أتت من بعده تتقرى معانيه وتتلمس خطاه رغم التعتيم والتغييب الذي مورس بحقه على مر الزمن الماضي ومحاصرته في لقمه عيشه بسبب من آرائه ومواقفه،...

الواقعية النقدية لدى ياسين الحافظ

الواقعية النقدية لدى ياسين الحافظ

ياسين الحافظ كاتبٌ ومفكر سياسي سوري من الطراز الرفيع، يعدُّ من المؤسسين والمنظرين للتجربة الحزبية العربية. اشترك في العديد من الأحزاب القومية واليسارية، ويعدُّ الحافظ في طليعة المفكرين التقدميين في العالم العربي، اتسم فكره بالواقعية النقدية، تحت تأثير منشأه الجغرافي...

عبد السلام العجيلي: شيخ الأدباء وأيقونة الفرات

عبد السلام العجيلي: شيخ الأدباء وأيقونة الفرات

يمثل عبد السلام العجيلي ذاكرة تأسيسية في مدونة الأدب السوري، ذاكرة من من ذهب وضياء، ضمت في أعطافها عبق الماضي وأطياف الحاضر، امتازت بقدرته الفائقة في الجمع بين مفهومين متعارضين ظن الكثيرون أنه لا لقاء بينهما، ألا وهو استلهامه واحترامه للتراث وللإرث المعرفي المنقول عمن...

مواضيع أخرى

حول المشروعية في مراسيم العدالة الانتقالية السورية


حول المشروعية في مراسيم العدالة الانتقالية السورية


شكّل سقوط النظام السوري لحظة انعتاق سياسي كبيرة؛ لقد كان بمثابة مرآة عاكسة لانهيارٍ طويل الأمد في معنى الدولة ومفهوم الجماعة. انكشفت البلاد على تيهٍ سياسي لم يصنعه الحدث وحده، بل راكمته سنوات القمع، حتى بات غياب السياسة هو السياسة، وغياب العقد هو قاعدة العيش. انحسرت...

من سوريا إلى برلين: سرديات الحياة والموت في كتابات هنادي زرقة

من سوريا إلى برلين: سرديات الحياة والموت في كتابات هنادي زرقة

صدر للشاعرة السورية هنادي زرقة هذا العام كتابين في فترة متقاربة عن دار أثر وهما ديوان شعر بعنوان "مثل قلب على مدخل البيت" والثاني بعنوان "ماذا تعرف أنت عن الحرب".  جمعت زرقة في كتابها الثاني مقالات كانت قد كتبتها خلال الحرب السورية بعين الشاعرة الحساسة والواعية...

متحوّر البعثية في سورية اليوم

متحوّر البعثية في سورية اليوم

خلّفت الحقبة الأسديّة حُطاماً ثقافيّاً ولغويّاً ثقيلاً، إذ وجد السوريون أنفسهم محاصرين داخل منظومة خطابية مشوّهة، نشأت على مدى عقود من هندسة المعاني وتزييف المفاهيم. لم تكن اللّغة مجرّد وسيلة للتعبير، بل تحوّلت إلى أداة ضبط وهيمنة، تجاوزت دورها الطبيعي، لتُعاد صياغة...

تدريباتنا