تدريباتنا

كالضوء، لا أفهم سرّ انكساري

بواسطة | أبريل 4, 2020

ثَمرة ٌ ناضجةٌ

امرأةٌ

بقلبٍ مفتوحٍ

وعينٍ واسعةٍ

،تهزُّ شجرة الروح

:يسقطُ كلُّ شيء أمامها

الحياةُ

العينُ

القلبُ

.الروح

بنظرةٍ طويلةٍ

وابتسامةٍ عميقةٍ

،تُودِّعُ الحياة

تُوَدِّعُ ما رأتْ

.وما سترى

بنظرةٍ عميقةٍ

وابتسامةٍ طويلةٍ

ترى كلَّ ما كانَ

.وما سيكون

ليستْ عرافةً

كانت حدساً

.يضيء

كانت

.ثمرةً ناضجةً

:فهمتْ كلَّ شيء قبل السقوط

عَجْزَ الانسان في أن يكونَ أو لا يكونُ

.عجزَ الطائر في أن يطيرَ أو لا يطير

،يا حياةً

يا تعباً تُتَرْجِمَهُ الصُّورُ

امرأة بقلبٍ مفتوحٍ

وعينٍ واسعةٍ

.رأتْ الحياة صوراً مرسومةً على وجهها


كلما  مرَّ أمل اصطدتهُ

ٍمثل شجرةٍ ميتة

مثل موجةٍ تضرب الشاطئ

مثل غريبةٍ

لا أرى الطفولةَ

ولا ملامحَها

ولا أمراضَها

لا أتذكّر لقاحَ الجُدري

َّولا السل

ولا الحصبةَ

.ولا أيامَ الفِطام

َيائسةٌ مثل ثدي امرأة لم تعرفْ الرضاع

مثل أرملةٍ تنتظُر غبارَ الربيع

.كلما  مرَّ أمل اصطدتهُ


كالضوء، لا أفهمُ سرَّ انكساري

أنا الطالعةُ من رَحِمِ الأرضِ

بدعائي أشقُّ السماء

في سطوعٍ أعلو

.وفي عتمةٍ أغفو

منحتُ الحديقةَ خُضْرتَها

والأشجارَ

،أولادي

.وَرثوا أقوى عظامي

في تصاعدٍ خفيفٍ أقطعُ المسافةَ

،متصالحةً مع نفسي

يتراءى لي

.لكنّني كالضوءِ لا أفهمُ سرَّ انكساري

.أحتاجُ سفراً طويلاً كي أعبرَ المتاهةَ

.من حرير الكلام أرسمُ ألواني

:أسألكَ أيها البحر الصامتُ

لماذا رمتْ أمي ثيابي؟

،لماذا لم تترك سوى صبيةٍ في قلبها يلعبون

حفاة إلا من حبِّها؟

صادقتُ الضياءَ حتى انفجرتْ عيني

صادقتُ البحار فأخذني الموجُ

صادقتُ الصحراء فابتعلني رمْلُها

.صادقتُ البعد فخاطبني: أنت أبعدُ مني


عاريات

يا شجَرةَ الصَّفْصَافِ لماذا تَشْهَقين؟

سألتْها المرأةُ التي تنامُ تحتها

أعاريةٌ أنتِ مثلي بلا أوراق؟

ضحكت الأرض من تحتهما

،وتكوّرت

.سبحان نسائي، خَلَقْتَهُنَّ عارياتٍ


عاشقةً كنت
 

.هبطتُ من القُرَى أجرُّ أحلامي

غيمةٌ مرَّتْ فوق رأسي المجنون

.وأوحت لأقدامي بالهرب

عاشقةً  كنتُ

أرسمُ أحلامي بقَشٍّ

بلا حبرٍ

.ولا قلم

أغيّرُ وجهي مثلَ أوراق الشَّجر

ٍ من خريفٍ إلى ربيع

.إلى مطرٍ

أغيّرُ وجهي

مثل البراري

ٍ من ذئاب

.إلى حجر

بيتي لا يطلُّ على ساحلٍ

بيتي لا يطلّ على غابةٍ

ٍ بيتي ليس في مرتفع

ولا في منخفضٍ

بيتي في مساحة التيه

.تسكنهُ امرأةٌ ضائعةٌ

أعرفُ الحبَّ

يجري كماءِ الجداول

أعرفُ  الحبَّ

.يَعصفُ مثل الرياح

أنامُ مثلَ غيمة ٍفي حُضْنك

تنامُ مثل ريحٍ في عينيَّ

أغرفُ من نَبعِ أيَّامي

ألمُّ الحَصى

.وأشربُ الرمْل

كلَّ يوم أنسجُ امرأةً جديدةً

أقنعها بالحُجَج

أحتال عليها لألف ِغايةٍ

…كي أحيا

سلامٌ على هذه المرأة التي تفتحُ أبوابَ الفجْرِ

وتغلقُ خلفَها أبواب َاللّيل

.وتنتظر أبواب الصَّباح ِكي تمضي إليها

الورودُ التي زرعناها

،تبكي

.يدٌ خائنةٌ مرَّتْ عليها

أخطائي تنام ُعلى كتفي

.كنتُ لها خيرَ صديقٍ

.سأزرع ورداً كثيراً

.سأزرعُ ورداً بعددِ أخطائي

سأحفرُ الأرضَ

أحاول أن أصلَ إلى العمقِ

.ربما أجدُ نَفْسيِ

تتفتحُ الأزهار حولي

بيضاءَ بيضاء

إنّه الربيعُ

سأغنّي أغاني الحب

سأغني أغاني الفقراءِ

سأغنّي أغاني المغدورات

:وأردّدُ

.كل نفس ذائقة الحُبّ

،تعبتِ المرأة التي تسكنُ الأرض

.تعب َنعاسها من الصُّراخ

عندما أستيقظُ أرفع ُستائرَ السَّماء

ألوِّح ُلها من الأرض البعيدة

هي تطل على مَدَاري

.وأنا أدورُ مع كواكبها

يا إلهَ الغَابات

احرسْني من الضوء

.لقد سرقوا عينّي

مواضيع ذات صلة

هاني الراهب متلفعاً بالأخضر 

هاني الراهب متلفعاً بالأخضر 

إحدى وثلاثون سنة من الغياب مضت على انطفاء فارس السرد "هاني الراهب" ومازالت نصوصه تتوهج وتمارس سطوتها وحضورها الآسر على أجيال أتت من بعده تتقرى معانيه وتتلمس خطاه رغم التعتيم والتغييب الذي مورس بحقه على مر الزمن الماضي ومحاصرته في لقمه عيشه بسبب من آرائه ومواقفه،...

الواقعية النقدية لدى ياسين الحافظ

الواقعية النقدية لدى ياسين الحافظ

ياسين الحافظ كاتبٌ ومفكر سياسي سوري من الطراز الرفيع، يعدُّ من المؤسسين والمنظرين للتجربة الحزبية العربية. اشترك في العديد من الأحزاب القومية واليسارية، ويعدُّ الحافظ في طليعة المفكرين التقدميين في العالم العربي، اتسم فكره بالواقعية النقدية، تحت تأثير منشأه الجغرافي...

عبد السلام العجيلي: شيخ الأدباء وأيقونة الفرات

عبد السلام العجيلي: شيخ الأدباء وأيقونة الفرات

يمثل عبد السلام العجيلي ذاكرة تأسيسية في مدونة الأدب السوري، ذاكرة من من ذهب وضياء، ضمت في أعطافها عبق الماضي وأطياف الحاضر، امتازت بقدرته الفائقة في الجمع بين مفهومين متعارضين ظن الكثيرون أنه لا لقاء بينهما، ألا وهو استلهامه واحترامه للتراث وللإرث المعرفي المنقول عمن...

مواضيع أخرى

من سوريا إلى برلين: سرديات الحياة والموت في كتابات هنادي زرقة

من سوريا إلى برلين: سرديات الحياة والموت في كتابات هنادي زرقة

صدر للشاعرة السورية هنادي زرقة هذا العام كتابين في فترة متقاربة عن دار أثر وهما ديوان شعر بعنوان "مثل قلب على مدخل البيت" والثاني بعنوان "ماذا تعرف أنت عن الحرب".  جمعت زرقة في كتابها الثاني مقالات كانت قد كتبتها خلال الحرب السورية بعين الشاعرة الحساسة والواعية...

متحوّر البعثية في سورية اليوم

متحوّر البعثية في سورية اليوم

خلّفت الحقبة الأسديّة حُطاماً ثقافيّاً ولغويّاً ثقيلاً، إذ وجد السوريون أنفسهم محاصرين داخل منظومة خطابية مشوّهة، نشأت على مدى عقود من هندسة المعاني وتزييف المفاهيم. لم تكن اللّغة مجرّد وسيلة للتعبير، بل تحوّلت إلى أداة ضبط وهيمنة، تجاوزت دورها الطبيعي، لتُعاد صياغة...

الطائفيّة وصراع الهويّة في سورية

الطائفيّة وصراع الهويّة في سورية

إذا كانت طائفتُنا هي الجذر الوحيد الذي يربطُنا بأرضِنا، فربما نحنُ أشجارٌ ميّتة، كي نعشقَ هذه الأرضَ لا بدّ أن نعرفها، وكي نعرفَها، يجبُ أن ننبشَ عميقاً في التراب، لا أبالغُ إن قلتُ إنّ الحقيقةَ تكمنُ هناك، بين رفاتِ الأجداد، فأن نعرفَ تاريخنا يعني أن نعرفَ من نحن،...

تدريباتنا