تدريباتنا

ثورة لم يكتمل نضوجها

بواسطة | نوفمبر 29, 2017

-I-

برأيي إنها ثورة قامت دون اكتمال نضوجها وجاهزيتها وهذا ما حوّل الوضع إلى استنزاف طويل الأمد ولكن التخاذل الدولي واللامبالاة ساهمتا في بقاء الحال الذي نراه  بسورية.

لا أرى أي أفق واضح المعالم أبداً، بل أخشى أن تصبح حالة العراق مثالاً ونموذجاً. لقد دفع الشعب السوري ثمنا كبيراً من القتل والدمار والتهجير والمنافي هروباً من جحيم القتال والموت الهمجي والمنظم الذي يجري هناك. إنه تطهير البلاد من كل من ينادي بالحرية والكرامة.

لا أنفي أسوأ الأدوار  هناك وهو الدور الإيراني وعوالقه، إلا أن الدور الروسي المفضوح  والذي ينفذ مهمة أمريكية بالوكالة دور واضح ومعروف، وهناك من طرف آخر التخاذل والتدخل السلبي العربي، كل ذلك مؤشر كارثي  لمستقبل  سيء للبلاد.

-II-

إن الحل هو الوحدة الوطنية، وهذا يتمثل على الأرض بتمثيل أطياف الشعب في إدارة للبلاد تزيح القيادة الحالية  وتبدأ بإعادة هيكلة مؤسسات الدولة، لا يمكن الحل بوجود من يقف بالحكم الآن والمسؤول الأول عن جر البلد إلى هذه الهاوية.

أما قوى الظلام الأخرى ما أن تنقطع أسباب تغذيتها حتى تبدأ بالزوال وهذا مع عمل كبير على اجتثاثها.

-III-

أتمنى أن يكون هناك استقرار في المدى المنظور، لكن أرى أن البلاد ستبقى تمر بأطوار معقدة  وصيغ غريبة في القتال والمعارك، وإن تداعى جزء كبير منها من طرف المعارضة الآن إن السطوة والجبروت الروسيين سيعملان على مزيد من القتل والتفظيع لوأد كل من يخالفهم مع موافقة ضمنية غربية  أو عدم اكتراث.

 أظن أنه لو توفرت رغبة وإرادة أمريكية  لوضع حل في سورية سيحصل ذلك، لكن ليست هناك رؤية واضحة أو ربما رغبة أو اهتمام في ذلك. وأيضا لا أرى تعارضاً في الدورين الروسي والأمريكي بل هي أدوار مقسمة، وأكرر أنني أخشى من تكرار تجربة العراق وبالتالي فكرة التقسيم ستكون واقعاً، فالكرد سيقتطعون جزءاً من سورية بمباركة أمريكية. إن تجربتهم بالعراق تنم عن انتهازية، وليست المسألة مسألة حرية و ديمقراطية، كل ذلك مسرحية لتمزيق البلاد.

لست ممن يعتقدون بنظرية المؤامرة لكن هناك مؤشرات كبيرة على توافق أمريكي كردي وبالتالي إسرائيلي  ولو إلى حين.

-IV-

ربما يلعب المثقفون في الغرب ويمارسون دوراً في التوعية حول معاناة السوريين. وقد شهدت وساهمت في أماكن كثيرة في الغرب شخصياً وخصوصا في ألمانيا في أنشطة كثيرة لشرح معاناة الشعب و مشاكل الهجرة وفكرة المواطنة  والمشاركة، وآخرها كان في kuntlerforum bonn  حيث قمت بعمل جداري كبير عن الاندماج والتفاهم في المجتمعات الجديدة والخلافات الثقافية والاجتماعية، كل ذلك أراه مهماً لكن على صعيد السوريين أنفسهم يجب أن يكون الجهد أكبر لأن الهوة كبيرة  وهناك مسألة الدم والخسارات الكبيرة من جهة والخلافات الفكرية والدينية والثقافية تعمقت من هنا يجب القيام بعمل كبير على إعادة اللحمة بين أطياف الشعب.

مواضيع ذات صلة

هاني الراهب متلفعاً بالأخضر 

هاني الراهب متلفعاً بالأخضر 

إحدى وثلاثون سنة من الغياب مضت على انطفاء فارس السرد "هاني الراهب" ومازالت نصوصه تتوهج وتمارس سطوتها وحضورها الآسر على أجيال أتت من بعده تتقرى معانيه وتتلمس خطاه رغم التعتيم والتغييب الذي مورس بحقه على مر الزمن الماضي ومحاصرته في لقمه عيشه بسبب من آرائه ومواقفه،...

الواقعية النقدية لدى ياسين الحافظ

الواقعية النقدية لدى ياسين الحافظ

ياسين الحافظ كاتبٌ ومفكر سياسي سوري من الطراز الرفيع، يعدُّ من المؤسسين والمنظرين للتجربة الحزبية العربية. اشترك في العديد من الأحزاب القومية واليسارية، ويعدُّ الحافظ في طليعة المفكرين التقدميين في العالم العربي، اتسم فكره بالواقعية النقدية، تحت تأثير منشأه الجغرافي...

عبد السلام العجيلي: شيخ الأدباء وأيقونة الفرات

عبد السلام العجيلي: شيخ الأدباء وأيقونة الفرات

يمثل عبد السلام العجيلي ذاكرة تأسيسية في مدونة الأدب السوري، ذاكرة من من ذهب وضياء، ضمت في أعطافها عبق الماضي وأطياف الحاضر، امتازت بقدرته الفائقة في الجمع بين مفهومين متعارضين ظن الكثيرون أنه لا لقاء بينهما، ألا وهو استلهامه واحترامه للتراث وللإرث المعرفي المنقول عمن...

مواضيع أخرى

حول المشروعية في مراسيم العدالة الانتقالية السورية


حول المشروعية في مراسيم العدالة الانتقالية السورية


شكّل سقوط النظام السوري لحظة انعتاق سياسي كبيرة؛ لقد كان بمثابة مرآة عاكسة لانهيارٍ طويل الأمد في معنى الدولة ومفهوم الجماعة. انكشفت البلاد على تيهٍ سياسي لم يصنعه الحدث وحده، بل راكمته سنوات القمع، حتى بات غياب السياسة هو السياسة، وغياب العقد هو قاعدة العيش. انحسرت...

من سوريا إلى برلين: سرديات الحياة والموت في كتابات هنادي زرقة

من سوريا إلى برلين: سرديات الحياة والموت في كتابات هنادي زرقة

صدر للشاعرة السورية هنادي زرقة هذا العام كتابين في فترة متقاربة عن دار أثر وهما ديوان شعر بعنوان "مثل قلب على مدخل البيت" والثاني بعنوان "ماذا تعرف أنت عن الحرب".  جمعت زرقة في كتابها الثاني مقالات كانت قد كتبتها خلال الحرب السورية بعين الشاعرة الحساسة والواعية...

متحوّر البعثية في سورية اليوم

متحوّر البعثية في سورية اليوم

خلّفت الحقبة الأسديّة حُطاماً ثقافيّاً ولغويّاً ثقيلاً، إذ وجد السوريون أنفسهم محاصرين داخل منظومة خطابية مشوّهة، نشأت على مدى عقود من هندسة المعاني وتزييف المفاهيم. لم تكن اللّغة مجرّد وسيلة للتعبير، بل تحوّلت إلى أداة ضبط وهيمنة، تجاوزت دورها الطبيعي، لتُعاد صياغة...

تدريباتنا